الفصل 22

3.5K 294 52
                                    


إن الثلوج تنهمر بغزارة هذا اليوم... و الطقس بارد للغاية... فرش ذلك الغطاء الأبيض على الأرض كأنه سجادة ذات لون نقي لا تشوبه شائبة... السيارة التي كان يركبها كانت تسير بحذر في تلك الشوارع الزلقة خوفا من أي حادث مفاجئ... حافظ ذلك الشخصان على صمتهما طوال الطريق... من يقود السيارة و من يجلس بجانبه و الذي لم يفارق نظره زجاج السيارة للحظة منذ غادرا المستشفى... بدأ كل شيء بالتغير منذ اللحظة التي أتى فيها إلى منزله و أمره بالعودة إلى القصر و صار له الآن ألف سبب يجعله حبيس الظلم و الأسى ليس وعده فحسب بل و أيضا شدة إرتباطه بذلك الشخص الحقود... رأى فيه يوما الأخ الذي تمنى أن يكون له و رأى فيه حنان والديه الذي فقده قبل أن يتجرع منه قطرة واحدة و رأى فيه دفء الأم و لطفها... كان كل هذا قبل أن يعود إليه شعوره بالرغبة في الثأر من والده على تخليه عنه و قبل أن تعود إليه غيرته التي كانت في غير محلها... يرى روبرت في ألكس الشخص الذي عانى بقدر ما عاش في الحياة بسبب شعوره بالألم و الحزن على خسارة الأب ليست أي خسارة بل تخلي أحدهما عن الآخر لذا شعر بالشفقة عليه و صار يصنع له ألف عذر و عذر لأفعاله و المشاكل التي يورطه فيها... و هذا جعله يسامحه على إرساله لأولائك الفتية لإبراحه ضربا.

بلغت أخيرا السيارة أسوار ذلك القصر الحديدية و كأنها بوابة قفص تسجن فيه العصافير... حالما تعرف الحراس على سائق السيارة فتحوا البوابة على مصراعيها ليدخلها و يظل يقودها على تلك الطريق الحجرية حتى بلغ باب القصر... خرج من السيارة و إنتظر خروج روبرت أيضا الذي ظل مكانه يحدق في القصر بعينين جاحظتين و لكنه سرعان ما فتح الباب و خرج أيضا... فتقدم أحد الخدم من ألكس و أخذ من بين يديه مفاتيح السيارة ليعيدها... أما ألكس فلم يتكلم أو ينطق بحرف بل سار إلى الداخل و خلفه روبرت.

دخل كلاهما و قد كان الجميع في غرفة الجلوس التي تطل على الباب و قد لمحوا ألكس عندما عاد فحياه جوان الجالس يقرأ صحيفة اليوم التي لم يتسنى له قراءتها هذا الصباح بسبب إنشغاله بالعمل

_" أهلا بعودتك يا ألكس... "

و لكنه إستوقف كلامه مباشرة عندما لمح روبرت يدخل خلفه على تلك الهيئة المخيفة... ضمادات تحيط بذراعه اليسرى التي كسرت في الشجار و أخرى على رأسه و ضمادة صغيرة قرب فمه. فوقف من كرسيه و على ملامحه علامات التفاجئ و الحيرة

_" روبرت ما الذي أصابك؟ "

حدق روبرت في أرضية القصر ثم أجابه بعد صمت قصير:

_" إنه مجرد حادث بسيط "

فأسرعت نحوه آليس بخوف لتضع يديها على كتفيه و تقول بحيرة:

_" حادث بسيط أنظر إلى وجهك... أوه يا إلهي و ذراعك... كيف حدث معك هذا "

و بطرف عينيه حدق في ألكس الذي لم يبدي أي رد فعل بل ظل متسمرا مكانه ينتظر أي جواب سيجيب به روبرت هذه المرة... إن كان يريد التخلص من إستعباد ألكس له فهو قادر على الإعتراف بما حصل و هذا سينهي كل معاناته... و كالعادة فاجأه روبرت بأن أخفى حقيقة أن لألكس يد فيما حصل و أجاب بكذبة فكر مليا قبل النطق بها:

نوتة الحياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن