أصوات صاخبة و ضجيج يصم الآذان... الجميع يستمتع بتلك الموسيقى الصاخبة و يرقصون جماعات في حلبة الرقص... إلا هذان الإثنان اللذان جلسا على طاولة يشربان بلا توقف إلى حد الثمالة و يراقبان أولائك الشباب كيف يتمايلون و يرقصون بشكل جنوني... أوقف صمتهما ذاك أحدهما يوجه السؤال للآخر و هو يرفع كأسه عن الطاولة:
_" هيي ألكس أخبرني لما ذهبت إلى مدرسة روبرت بالأمس فأنت لم تخبرني للآن؟ "
فشرب كأسه ينتظر أن يجيبه صديقه الذي وضع كأسه و نظر له بعينين شبه مفتوحتين و أجابه:
_" لقد ذهبت لأتحقق من كاميرات المراقبة في المدرسة حتى أعرف ما حصل بالضبط في ذلك اليوم و يا ليتني لم أرها فكلما تذكرت ذلك أشعر بأنه يجب أن ألقي بنفسي من أعلى الجسر الكبير فأنا أشعر بأنني قد تحولت إلى وحش "
_" ما الذي رأيته؟ أتعني شجار الأولاد مع روبرت؟؟ "
_" أجل "
فملئ الكأس من جديد شربه دفعة واحدة ثم تابع قائلا:
_" أنا أحاول أن أعتذر منه في كل مرة ألتقي فيها به و لكنني لا أستطيع أشعر بأنه يتحاشى النظر إلي... أظنه لا يزال غاضبا مني "
فضحك لوران ضحكة طويلة ساخرة مما قاله ألكس ثم رد عليه:
_" تظنه؟؟؟ أنت مجنون بالفعل؟ هل رأيت وجهه جيدا عندما عاد إلى البيت في تلك الهيئة شعرت و كأن شاحنة قد دهسته... و إن سامحك بالفعل على ذلك فإنني لن أعده إنسانا طبيعيا "
فأخذ لوران القنينة و ملئ لنفسه كأسا ثم ملئ كأس ألكس و قال مغيرا من نبرة صوته:
_" ألهذا طلبت مني أن نأتي إلى هنا؟ "
فشرب ألكس رشفة من كأسه و رد:
_" أجل فأنا أريد أن أنسى ما شاهدت و أريد أن أنسى و لو للحظة واحدة هذا الشعور الذي أخذ يأكل من كياني و يصعب علي التنفس... في لحظة سيطر علي غضبي و أعمى بصيرتي لدرجة جعلت مني أتحول إلى وحش لا يعرف الرحمة و سمح لمجموعة من الأولاد الطائشين بضرب فتى لا ذنب له فقط لأنني شعرت بالغيرة "
فتغيرت نظرات لوران إلى التعجب و كرر:
_" الغيرة؟؟ "
فتابع ألكس شرب الكأس ثم قال:
_" أجل الغيرة... شعرت بأن حياتي كانت متلخصة حول شيء واحد و هو غضبي الشديد من والدي و عدم مقدرتي على مسامحته على تخليه عني في طفولتي و لم أهتم لأي شيء آخر حتى أنني رفضت أن أبادل الأشخاص الذين أحبوني و حاول حمايتي نفس تلك المشاعر و الرغبات... عندما رأيت روبرت ذلك اليوم يبكي أمام غرفة جده إكتشفت الحب في عينيه... لقد إستطاع أن يحب بينما بقيت أنا مثل الصنم طوال فترة حياتي لهذا شعرت بالغيرة منه رغم أننا كنا من نفس الأب... كرهته و غرت منه لأنه حظي بالحب و أحب و عاش وسط عائلة تمنيت أن أعيش فيها لهذا غرت منه... تبا لي من شخص بائس "
أنت تقرأ
نوتة الحياة
Short Storyحياة تعب فقر و حرمان ... حياة رفاه غنى و راحة ... حياتان مختلفتان يعيشانها أخوان لم يتقابلا بتاتا إلا عندما قرر شخص ما التكلم أخيرا و الإفصاح عن الأسرار المخفية ... يلتقيان و لكن بدل أن يعيشا برابطة الحب و الأخوة يعيشان حياة عداوة كره و حقد ... فكيف...