جلس خلف مكتبه منذ الصباح ليس للعمل بل لأنه يكاد يجن من شدة التفكير فيما يجب أن يقوم به... من جهة يرى من الواجب إرضاء جده المريض و تنفيذ رغبته فكما قال قد تكون وصيته الأخيرة و من جهة يرى نفسه و شدة الألم الذي سيشعر به إن عاش في نفس المكان مع إبن المرأة التي سرقت والده منه و بسببها خسر حنانه منذ الطفولة... ساعات و ساعات و هو يفكر و لا يتوقف عن التفكير تشتت أفكاره و صار من الصعب عليه إستيعاب أي شيء من حوله ... فجأة طرق أحدهم باب مكتبه فنادى محاولا التظاهر بالهدوء:
_" ليس الآن أنا مشغول "
و لكن الباب طرق مجددا ففقد أعصابه و وقف و صرخ:
_" قلت بأنني مشغول "
ففتح الباب و دخل من كان يطرقه و قد كان شابا يقارب ألكس في العمر ذا شعر أصفر قصير لا يتعدى رقبته و عيناه زرقاوتان و من لكنته التي أخذ يتحدث بها مع ألكس ظهر بأنه فرنسي
__" ما بال صديقي؟ لم أرك منذ وقت طويل و ها أنت تصرخ في وجهي "
تفاجئ ألكس من تلك المفاجأة السارة التي كانت في وقتها فوقف من مجلسه و تقدم من صديقه يعانقه:
_" لوران؟؟ مر وقت طويل أعتذر على الصراخ في وجهك كيف حالك؟ و متى عدت؟ "
فإبتعد عنه و لكنه ظل ممسكا بكتف صديقه ليجيبه:
_" قبل ساعتين فقط نزلت طائرتي على أراضي لندن و أول شيء فكرت فيه هو زيارتك حتى أن حقائبي لا تزال في سيارة الأجرة في الأسفل تنتظرني"
_" و إلى أين تفكر في الذهاب؟ "
_" طبعا إلى أحد الفنادق سؤالك غريب "
_" أتريد الذهاب إلى فندق بينما بيت صديقك في خدمتك لا تكن أحمقا؟ "
فضحك لوران و قال:
_" حسنا كما تشاء أنا لن أرفض عرضك "
_" هيا تعال و إجلس لا بد من أنك متعب "
فجلس كلاهما و رفع ألكس السماعة ليطلب من السكريتارة كوبين من القهوة ثم عاد للحديث مع صديقه:
_" لا أضن بأنك غيرت عادتك في شرب القهوة؟ "
_" طبعا لا فعشقي لها لا ينتهي... أخبرني يا صديقي ما الذي حدث معك طوال هذه المدة لقد مر وقت طويل لم نلتقي أو نتحدث فيه و أضن بأن الكثير من الأمور قد حدثت معك"
_" لا بد من أنك سمعت ما جاء في الأخبار شركتنا في حالة صعبة إنهارت أسعار أسهمنا في البورصة...و إنهالت علي المشاكل كوابل من النيازك و لا أعلم كيف أتصرف معها "
_" أهذا كل شيء؟ "
فرفع ألكس رأسه بتعجب يحدق في عيني لوران الذي بدى من خلال نظراته جادا في سؤاله فكاد يسأله عن سبب سؤاله ذاك لولا أن السكريتارة طرقت الباب و دخلت و معها كوبي القهوة... وضعتهما على الطاولة أمامهما ثم إستأذنتهما و غادرت. حالما خرجت نظر لوران لألكس و قال معنيا السكريتارة بكلامه:
أنت تقرأ
نوتة الحياة
Historia Cortaحياة تعب فقر و حرمان ... حياة رفاه غنى و راحة ... حياتان مختلفتان يعيشانها أخوان لم يتقابلا بتاتا إلا عندما قرر شخص ما التكلم أخيرا و الإفصاح عن الأسرار المخفية ... يلتقيان و لكن بدل أن يعيشا برابطة الحب و الأخوة يعيشان حياة عداوة كره و حقد ... فكيف...