الفصل 17

3.6K 297 23
                                    

خرج في الصباح الباكر يرتدي معطفا أسود يصل إلى ركبته و وشاح أصفر على لون شعره... أخذ دراجته النارية و غادر ذلك البيت الكبير دون أن يخبر أحدا حتى صديقه المقرب... خاط الشوارع ذهابا و إيابا على دراجته بسبب سوء حاله و تفكيره المفرط فيما يمكن أن يحصل في المستقبل... والده صار مثل القفص الذي يمنعه من القيام باي شيء حتى التنفس... صار يدير حياته كما يشاء كما لو أنه لا يقدر على القيام بأي شيء أو لا يمكنه أن يتخذ قرارته بنفسه... الآن صار مجبرا على الزواج من أجل إرضاء والده و هذا أصابه بالجنون و الغضب الشديد... لا أحد في العالم يقبل أن بأن يتزوج إمرأة لم يقابلها يوما لا يعرف تصرفاتها لا عاداتها و لا حتى وجهها... حتى و إن كان خطط لموعد بينهما في ساعة ما فهذا الموعد لن يكشف كل شيء فالوقت غير كاف ليتعرفا على بعضهما بشكل معمق ... أوقف دراجته أخيرا أعلى الجسر الكبير الذي يربط ضفتي نهر التايمز و وقف عند حافته يحدق في ذلك النهر الكبير بعينين شاردتين... كان هذا لوران المرح الذي لم يعهد أحد في عينيه تلك النظرات الضائعة... لا يريد أن يتم التخطيط لحياته من قبل شخص آخر حتى و إن كان والده نفسه يريد أن يرسم هو المستقبل الذي يريده مهما كان الثمن و لكن والده لا يسمح له... مر وقت و هو على تلك الحالة حتى سمع صوتا قادما من خلف صاحبه بدت لهجته غريبة عن البلاد (إنجلترا) بدت فرنسية مما جعل لوران يلتفت مباشرة لصاحبها

_" مسيو لوران "

نظر له لوران بعينين حائرتين إذ أنه لم يتعرف عليه فقال ذلك الرجل صاحب البدلة السوداء ليبعد عنه حيرته تلك:

_" لقد أرسلني مسيو فرنسوا لأصطحبك إلى فرنسا "

تفاجئ كثيرا مما جاء به هذا الرجل ليقول بإستنفار:

_" عما تتكلم يا هذا؟ "

فأخرج ذلك الرجل الغريب هاتفا من جيبه وأجرى إتصالا سريعا ثم قدم الهاتف للوران ليقرب السماعة من أذنه و يسمع ذلك الصوت الذي جعل نبضات قلبه تتزايد:

_" لوران... لقد إنتظرت عودتك إلى فرنسا طويلا و يبدو بأنه بمفردك لن تأتي في الأصل لهذا أرسلت لك مرافقا ليتأكد من قدومك في أقرب وقت... جهز حقائبك و عد حالا إلى فرنسا و لا تجعلني أستعمل معك العنف "

صدم لوران مما جاء من والده ليهم بالصراخ في السماعة:

_" ما هذا يا أبي لقد أخبرتك بأنني سأعود إلى فرنسا و لكن أمهلني بعض الوقت "

فأجابه والده ببرود و جفاء:

_" لقد أمهلتك كثيرا من الوقت و الآن كن مطيعا و عد و لا تجعلني آمره بإختطافك "

فأغلق والد لوران السماعة ليأخذ صاحب البدلة الهاتف من بين يدي لوران أعاده إلى جيب سترته ثم قال:

_" حسنا مسيو لوران هل نذهب؟ "

فطأطأ لوران رأسه بإستسلام إذ لا يوجد خيار آخر فلن يستغرب من والده بالفعل أن ينفذ تهديده و يجل هذا الرجل يختطفه... فألقى نظرة أخيرا على النهر ثم إلتفت إلى ذلك الرجل و قال:

نوتة الحياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن