البداية

23.9K 307 14
                                    

لم يكن التقاءًا بل كان اصطداما..بل حتى كان انفجارا كانفجار الكون العظيم في بداية الخلق، انفجارا ستنتج بعده حياة و لكنها حياة تعاني و تتألم لتخلق !

###
اذا اجتمع الأبيض و الأسود ينتج الرمادي ذلك اللون الذي يحمل فخامة الأسود و حيادية الأبيض و لكن عندما يجتمع الأسود و الأحمر سويا فإن القرمزي ينتج ذلك الأحمر القاتم..فهل سينجوا عشق ما قد صبغ بذلك اللون ؟ هل سينجوا عشق فرحات و ميرا الذي صبغ بلون الدم ؟!
###
الساعة التاسعة صباحا في مستشفى السيد نامق :
موظفة الاستقبال تنظر لتجد الطبيبة ميرا قادمة اليها ركضا " صباح الخير " قالت ميرا بأنفاس متقطعة من الجري
" صباح النور " ردت موظفة الاستقبال بابتسامة تلقائية ردا على بشاشة ميرا
" انت تعلمين انا هنا لأجل عملية علي سوف يأتي من الميتم الْيَوْمَ و سوف.." قاطعتها الموظفة قبل أن تكمل " لتأخذي نفسا أولا أيتها الطبيبة أنت تعلمين هذه ليست أول مرة نأخذ بها عملية بهذا الشكل لذلك لا تقلقي و لكن برأيي لتقابلي السيد نامق أولا فأنا اعتقد أنه سيكون جيدا لو تفعلين..هو طلب لقاءك لأمر مهم " أنهت موظفة الاستقبال كلامها و ملامح ميرا التي كانت تحولت الى الارتياح عادت متوترة من جديد و تلك الأنفاس التي زفرتها حبست أخرى مكانها مرة أخرى في عدم ارتياح قاتل . شردت قليلا ثم ابتسمت ابتسامة صغيرة للموظفة ثم انطلقت إلى مكتب نامق و هي تفكر : ( في أي أمر قد يريدني هذا الرجل يا ترى ؟ )
###
كان اختلاط ميرا محدوداً جداً بالجميع رغم أنها طبيبة ، شيء ما لا تفصح عنه قد جعلها هكذا لذلك قد استغربت جدا عندما طلبها نامق في غرفته شخصياً فعلاقتهما لم تكن تتعدى بضعة كلمات شكر تقولها له في الرواق بعد كل عملية تتطوع المشفى بالقيام بها لأحد الأيتام..
سارت ميرا شاردة حتى وصلت إلى بابه نظرت إلى عبائتها ذات اللون البيج للتأكد من شكلها ثم عدلت حجابها المشجر باللونين القرمزي و الأسود و قبل أن تطرق الباب فاجأها أحدهم بفتحة بقسوة ثم مر من جانبها كأنه سراب قد تلاشى سريعا ، لم تلمح منه سوا بعض من ذلك السواد الذي كان يرتديه..قد ذهب ذلك الغامض تاركا إيها في حيرة مع ذلك الشعور المقبض الذي خلفه سواده .

وقفت ميرا شاردة أمام الباب تنظر خلف ذلك الرجل الذي انطلق سريعا كان يروادها شعور غريب بأنها لن تنسى ذلك المغطى بالسواد على الإطلاق كان يبدو لها الأمر و كأن تلك النظرة الجانبية التي منحها إيها هي علامة ارتباط أقدارهما ببعضهما البعض .
سحبها من ذلك الشرود صوت نامق الذي انتبه اليها بعد ان انتهى من متابعة فرحات هو أيضا " تفضلي أيتها الطبيبة كنت في انتظارك و اعتذر عن التأخير و لكن كان لدي مسألة مهمة.." قال نامق و هو يرافقها إلى الداخل و يشير لها بالجلوس
ما ان جلست ميرا حتى بدأت بالحديث " أخبروني في الاستقبال انك تريدني عساه خيرا ! " ميرا سألت مباشرة بتوتر
" تمهلي قليلا أيتها الطبيبة . ماذا تشربين أولا ؟ " سأل نامق بهدوء شديد و كأن الدنيا لم تكن تهدم فوق رأسه قبل قليل بعد أن علم بسرقة حاسبه المحمول الذي يحتوي على كل بيانات أعماله غير الشرعية
" حقا لا داعي فكما تعلم أنا هنا لأخذ معلومات عن متى و كيف سيتم اجراء عملية (عليّ) و من المشارك معي و هكذا لذلك أنا لا أمتلك وقتا حقا.." تعدلت ميرا في جلستها لتجلس على حافة الكرسي و انتظرت رده
" انت تهتمين بذلك الطفل كثيرا فحتى قبل ان تحدث له تلك الحادثة كنت أسمعك تتحدثين عنه كثيرا .." أضاف نامق وهو يرفع سماعة الهاتف ليطلب كوبا من القهوة له و كوبا من الشاي لها " لا تشربين القهوة أليس كذلك ؟ أتمنى ان أكون متذكرًا بشكل صحيح " سأل نامق بابتسامة صغيرة
" نعم ما تتذكره صحيح.." كانت تريد أن تقول لا داعي مجددا و لكن كانت تعلم ان تفوز ضد تسلطه فبشكل او بآخر لم تكن ترتاح له
" حسنا.." قالها مع تنهيدة طويلة اما هي فتحفزت و أصبحت منصتة إليه أكثر
" إنني أعرضع عَلَيْكِ العمل معنا هنا في المشفى..انظري و قبل ان تقولي اَي شيء انا اعلم انك صاحبة ارتباطات كثيرة و ان مستواك المادي جيد و لا تحتاجين إلى المزيد من الأموال فلم يكن هذا همك أبداً و أنا أتفهم ذلك و لكن انت حقا ستكونين اضافة عظيمة إلى هذا المشفى كما سيكون لك الحق في التصرف في كل العمليات الخاصة بالأيتام حتى أننا يمكن أن نقيم مؤتمر صحفي و نجمع التبرعات و بذلك نستطيع أن ننقذ عدد أطفال أكبر.." قاطع كلام نامق وصول المشروبات مما أعطاها فرصة للتفكير . ارتشف نامق رشفة صغيرة من قهوته وهو ينظر بخبث يعلم جيدا أنها لن ترفض عرضا في مصلحة الأطفال على الإطلاق وبعد فترة مرت و كأنها دهر أخيرا قالت " إذا كان لمصلحة الأطفال فأنا أوافق و لكن.." قاطعها نامق " أعلم بالفعل عن شروطك و حدودك أعلم كم أنتِ جادة في العمل و كيف أن لك طبع خاص لا تقلقِ أيتها الطبيبة أنا قد ذاكرت الدرس جيدا فلا يعقل أن أعمل مع أحدهم دون أن أعرفه تماما فكما ترين هذا صرح كبير و له أسمه نحن لا نعرض هذا العرض على أي أحد..حتى أنه يمكنك العمل من الآن ان أحببتِ لأنادي دكتور كمال و ليساعدك أساسا لن تحتاجِ لمساعدة كبيرة فأنت تعتبرين منا" و مجددا وضعها نامق أمام الأمر الواقع فما كان منها إلا أن قبلت فقط لمصلحة الأطفال
###

حب ابيض اسود...(الحب القرمزي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن