بداية جديدة

1.6K 49 0
                                    

بالأشعار و الأغاني
صوتكَ يتابعُ أثري
أينما أكون، تكون أنت هناك
( سيزن أكسو - لم أتمسك)
                                            ###
الانتظار..الرغبة..الخوف..الحماس..كل ذلك من علامات العودة للحياة ! من علامات البدايات الجديدة..
###
انتظرت ميرا كل ذلك الوقت بقلق ، انها لا تعلم حقا كم من الوقت مر و لكن الدقائق في ذهاب فرحات أصبحت تمر دهرا ، البرودة أصبحت تزداد أضعافا في غيابه و كل مت هو سئ يتضاعف ، كل ما يجعلها صبورة بعض الشئ هو طفلهما الجميل الذي انضم لهما سريعا ، وجوده هو الشئ الوحيد الذي يخفف من وطأة ألم هذا العشق بل و يجعله عشقا أجمل
" صغيري..هل اشتقت لوالدك أنت أيضا ؟ أنا أيضا اشتقت كثيرا كثيرا ! هل تعلم ؟ أنا أشتاق له حتى و أنا بين يديه..إنني أحبه كثيرا..أحبه حد الموت..لا بل انني أحبه حد الحياة..حد احتمال ما لا يحتمل لأجل البقاء معه..حد الفناء في كيانه و الاندماج.." قالت و هي تضم طفلها إليها ليدخل فرحات على عجل و يسمع كلامها ليتوقف قليلا و يسند رأسه على الحائط ، إنه لا يعلم حقا ماذا يفعل ! هل يخاف ، أم يحزن أم يسعد أم يستسلم أم ماذا ؟ لماذا عليها أن تكون هي المتعبة و المتأذية دائما ! لماذا يتم خيانتها و القسوة عليها هكذا ؟ لماذا تلد طفلها على الطريق كالمشردين ؟ لماذا لماذا ؟
عاتب فرحات نفسه آلالاف المرات و لكن صوتها أخرجه مِم كان فيه " فرحات ؟! " سألت بقلق و تأمل
" جئت . لا تقلقِ" قال بحنو و هو يدخل و الأشياء معه
" ماذا حدث ؟ لماذا تأخرت ؟ " سألت و هي تمد يدها ليأتي و يمسكها و يجلس بجوارها
" يعني أقرب مكان للشراء بعيد بعض الشئ لهذا السبب يعني.." قال و لكنه كان يحتاج لإكمال جملته
داعبت هي وجهه لتجعله يرتاح فاسترخى جسده قليلا " أيضا تكلمت مع كرم و هو قال يتكلم مع يغيت و يحلون هذا الأمر و يرسلون أحدا ليأخذنا غدا.." قال و ألم جراحه يزداد و هو يحاول إخفاءه
" لا يوجد أهمية لكل هذا الآن..دعني أداوي جروحك فقط " قالت و هي تضع جبهتها على كتفه
" و ان تركتك ماذا سيحدث يعني ؟ تقولين لا تمسكين المشرط مجددا و أنا لا أسمح للآخرين تعرفين ذلك.." قال في محاولة ليجعلها لا تفني نفسها فيه و في كيانه ، هو لا يريدها أن تتخلى عن حلمها فقط لأجل عقبة كاصابتها او كل ذلك الإجهاد الذي هي فيه ، هي جعلته يُؤْمِن بنفسه و هو يُؤْمِن بها حتى النهاية
" فرحات..انت تعلم أنا لا أعز عليك شيئا..لا أعز عليك دواءا و إن كان موتي لك دواء..اذا كنت تقول أنتِ فأنا أفعل و لكن الناس يا فرحات..الناس ليس لهم ذنب ليتحملوا نوبات حزني و جنوني و ضعفي و ارتعاشة يدي..هم يدخلون هناك و يضعون أنفسهم أمانة لدي بعد الله ماذا تريدني أن أفعل ؟ لا يمكنني يا فرحات..لا يمكنني.." قالت و هي تدفن رأسها فيه فيضمها إليه أكثر " أنا أعرفك جيدا..أنت لا تؤذين أحدا و لكنك تؤدين نفسك ! تتخلين لأنك لا تريدين التأذي مرة أخرى ! لا تريدين أن يتم انتظارك في الخارج و توصلي خبرا ما و لا أن يلقي الجميع بأعمالهم على عاتقك لأنهم يثقون بك أو لا يريدون العمل..انك مثالية و في النهاية يعني نحن بشر انت تكوني مثالية بنسبة ٩٩ في المائة هو أمر سئ أيضا..يعني تخطئين و تتعلمين لا توجد مشكلة..تقعين و تقولين تألمت و تنتظرين المساعدة لا توجد مشكلة أيضا..يعني أفهم لم يكن بإمكانك كذلك قبلا و لكنني موجود الآن..سليم موجد بعد الآن لا تنسِ هذا" قال في محاولة لتحفيزها و تشجيعها فهو يعلم كم هي متعبة فهو على الأقل متعب بقدرها ان لم يكن يزيد
" اذا كنت أنت تصدق يا فرحات فلا يهمني أحد آخر ! اذا كنت أنت و طفلي موجودان أنا أهدم العالم يا فرحات..بجواركما قوتي تكفي لهذا.." قالت و هي تدمع بعض الشئ و تقيم جسدها لترى جروحه " الان دعني أداويك.." قالت و هي تحاول أن تجعله يخلع سترته بهدوء و حنو
" أساسا لم يبق بي شئ.." قال ليطمئنها و أكمل في داخله ( وجودك قد داواني منذ زمن بعيد و الان وصل سليم ! لا يوجد ما هو قبلهما و لا هو بعدكما ! بالنسبة لي لا يوجد عالم غيركما ليهدم أو ليبنى..أنا و أنتم و جولسوم و يغيت..حتى يتار..نحن فقط )
تاه في عينيها و وجهها للحظات و لكنه استفاق مع ذلك الألم الذي صاحب رفعها لملابسه " امّم " خرجت منه آهه مكتومة ، كان ألما لا يصدق لدرجة أنه لم يكن يحتمل حتى ملابسه عليه " فرحات.." قالت بهلع " لا تقلقِ أنا بخير يعني يمضي الآن..لا توجد مشكلة " قال و هو يعلم جيدا أنه يكذب
" فرحات..أنت لن تحتمل حتى تحريك جسدك حتى نخلع عنك ملابسك ، ربما تكون تعاني من كسر و قد تكون تعاني من نزيف داخلي ! لا يمكننا الانتظار للغد علينا أن نذهب الآن للمشفى " قالت و هي تبكي فقاوم ألمه و أغمض عينيه و أمسك وجهها بين يديه " اسمعيني الآن قلتها و أعيدها ألف مرة أنا أثق بك..يعني تفعلينها هنا و لكن لا يمكننا الخروج و أنت أيضا تعلمين ذلك لا يمكننا..اننا لا نعرف اذا كانوا سيأتون مرة أخرى أم لا أنا أحضرت ما استطعت و أنت ستعالجينني هنا بدون مسكنات أو مخدرات أنا أحتاج أن أبقى مستيقظا..لأجلك و لأجل سليم و لأجلنا.." قال في محاولة لإقناعها و ابقائهم على قيد الحياة
" لا يمكن يا فرحات..لا يمكن ! انا لا أعرف كيف احتملت حتى الآن و انظر هناك جرح في خلف رأسك أيضا! لا يمكن..أنت تحتاج للراحة ، تحتاج للمشفى.." قالت و هي التي تتمسك به هذه المرة
" لأجل سليم..نفعلها لأجله.." كان يعلم جيدا ماذا تعني لها هذه الكلمة ، فسليم هو قرة عينهما و لكنه أيضا كجرح مكشوف أيا ما كان يريد الأضرار بهما يضربه
حاولت تمالك نفسها و أفسحت له مجالا بجوارهما على السرير و ساعدته في رفع نفسه ، لأول مرة تلاحظ أن آذاى قدمه أيضا فساعدته على رفعها و خلع حذائه و خلعت وشاحها القصير الذي كانت تلفه حول عنقها " الألم سيكون لا يُطاق يا فرحات..عليك أن تعض على هذا.." قالت و هي التي تحاول ان تكون صامدة و لكنها تشعر بألمه في جسدها هي و ترتعش بسببه
" لا يحدث لي شئ.." حاول أن يعاند و لكنها أوقفته " لأجلنا يا فرحات.." فأخذ منها الوشاح على مضض و بدأت هي في رفع ملابسه و جسده هو ينتفض و يسحب نفسه منها قسرا كرد فعل طبيعي للألم ، لم يعض على الوشاح كما قالت له فقد كان بالنسبة له هذا كله محتملا
خلعت عنه ثيابه بعد عناء لكل منهما فهو قد تعرق و أصبحت عروقه بارزة و هي قد تحطم قلبها لأشلاء و جفت دموعها عليه
فعلت ما بمكانها حتى تجعله صامدا لأكبر فترة ممكنة و بعد ذلك مررت يدها حتى وصلت إلى قدمه فارتعش جسده الذي كان يحاول الاسترخاء مرة أخرى و حينها بكى سليم و كأنه يشعر بألم والديه و كأنه يقول أيضا بأنه اكتفى " ابني.." نادى فرحات تلقائيا و بدون وعي فذلك الذي خرج من داخله في هذه اللحظة و التفت ميرا إلى صغيرها و ضمته و لكنه لم يتوقف " أعتقد أنه يحزن لأجل والده ، ربما رائحتك تطمئنه قليلا.." قالت و هي تضعه بين يدي فرحات الذي مازال مغمض العينين من الألم ليأخذه فرحات إلى صدره و يقبل رأسه و يتمسك به " أنا بخير يا صغيري..يعني لا توجد مشكلة عند والدك و أمك تقوم باللازم ! أساسا اذا كانت أمك موجودة أنت لا تَخْشَ شيئا ، هي تداويك و تدافع عنك و لا تدع شيئا في هذه الحياة تؤذيك لذلك لا تخف.." قال و ميرا تستمع و ما تزال يدها على قدمه فقبلت مكان الجرح في قدمه فمد يده ليرفعها هي و طفله إلى صدره " نحن بخير..لا تقلق " دارت ميرا ما تبقى من جروحه و نام فرحات و ميرا و طفله على صدره في انتظار الغد و ما يحمله من مفاجآت

حب ابيض اسود...(الحب القرمزي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن