القوة هي أن يقف المرء على اختياراته و لا يتزحزح أبدا ، فحتى إن كنّا بشرا و نخطئ على الجميع أن يتحمل مسئوولية اختياره و هذا ما قررت ميرا فعله..
###
تبعت ميرا فرحات في صمت حتى هو قد اندهش منه ، كيف أن كل انهيارها و بكاؤها ذاك قد اختفى فجأة ، كيف لم يبقى سوى انكسار في عينيها لن يدركه أحد على الإطلاق سوى الذين يحبونها فقط..
" هل يمكن أن نمر على بيتي ؟" خرج صوتها بالكاد بعد أن ركبت بجواره في السيارة
" على الأرجح أيتها الطبيبة أنت تظنينها رحلة أو ما شابه نحن نذهب إلى المكان الذي أقرر أنا الذهاب إليه منذ هذه اللحظة هذا هو الثمن الذي ستدفعينه لتظلي على قيد الحياة.." قال بعد أن نظر إليها نظرة مطولة بعد أن تكلمت أخيرا فقد قلق عليها مع كل هذا الصمت ، صحيح أنه قاومها ، جرحها و لم يستسلم و لكن جزء صغير مخفي بداخله كان سعيدا بسماع صوتها ، جزء منه كان يدفعه لأن يقاومها أشد فترد عليه فيعرف أنها بخير و أنها ستستطيع أن تكمل معه هذه الحياة " إنني أحتاج بعض الأشياء من هناك ، كما أنه علي أن أغلق الشقة فلا أحد سيهتم بالمكان في غيابي " قالت دون أن تنظر إليه فهي لم تكن تحب أن تعيش انكساراها أمامه هي لم تكن غاضبة منه على الإطلاق فهي كانت تنظر إلى قلبه منذ اللحظة الأولى التي نظرت فيها إليه و لكن مع ذلك استسلامها و حبها لقاتل - أيا كان ما جعله ذلك - هو غير مبرر لذلك كانت تكره نفسها لأنها تشعر بأنها انجذاب تجاهه رغم كل شئ
كانت تشعر بأن أغنية سيزين أكسو - أنت تعلم - تتردد في ذهنها دون توقف # الحياة غير منصفةأحياناً
تُمسكك من فراغ صغير
لا تدعك تشعر في أضعف لحظة لك
تجرحك من قلبك تماماًحتى ولو تتقيّد يديك وذراعيك
حتى ولو تهب الأعاصير في رأسك
حتى ولو تعارض بكامل قوّتك
تتركك لحُب لايرحم #
كانت تنظر إليه و هي تتمتم لنفسها ( يبدو أن هذا الحب سيعيش و سيموت من طرف واحد ، يبدو أن هذا هو الحب الذي لا يرحم ، أنت أقسمت على قتلي و منذ هذه اللحظة أقسم بأنني سأنقذك ، هكذا سأدفع هذا الدين أيضا ، سأدفع مقابل هذا الشعور الذي تخمده أنت و لكن بعض قليل منه يهرب من قلبك إلى عينيك ، أنت تخاطر الآن و أنا لا مانع لدي أن أدفع ثمن هذا أيضا ، لآخر يوم في حياتي سأحاول حتى و إن دفعتني بعيدا و تركتني خائبة الأمل ، سأحاول أن أنقذك حتى و إن قتلتني ، أيا كان ما أشعر به في هذه اللحظة سواء شفقة ، فطرة أو تجنبا للماضي أو حتى..بداية حب فما سأجمعه من ذكريات حتى ما سأجمعه من ألم سيكفيني بقية هذه الحياة )
" ايه أيتها الطبيبة أين ذهبت ؟ " صاح فرحات محاولا جذب انتباها بعد أن غرقت قي شرودوها " أعتذر شردت قليلا " نظر إليها نظرة طويلة و هي تعتصر ذراعهيا بيديها في وضعية دفاعية ، لن يستطع حقا مجابهتها و هي في هذه الحالة " أين نذهب لنعثر على منزلك ؟ " سأل مغيرا للموضوع و الفضول يقتله أن يعرف ماذا بعقلها و هناك تذكر كلمات نجاد كيف أنه سيعاني من أنها متفردة و للحق فهو بدأ في تصديقه منذ أن نظر إليها
أرشدته ووصلوا قبل الفجر بساعتين أو أقل " المفاتيح " طلب فرحات قبل أن يصعدوا
" تفضل " كانت تعلم جيدا شكه و تحكمه لذلك رغم أنها كانت متعبة كثيرا و ظهر ذلك من تنهيدتها و ابتسامتها الساخرة المتهاونة و في هذه اللحظة كانت قد أسرت قلب فرحات و تملكته بالفعل رغم أن كليهما لم يكن ليعترف بذلك بهذه السهولة
فتح فرحات الباب ليصدم بالظلام التام و يبدو أيضا أن المكان مرتب أكثر من الازم فيبدو أنها لم تكن تأتي إلى قليلا و تدفن نفسها في العمل
" تفضلوا بالجلوس ! أوضب أشيائي و آتي " دخلت إلى المطبخ أولا و صنعت بعضا من شطائر اللحم و الخضروات و قدمتها لهم
" شكرًا يا زوجة أخي و الله كنّا قد متنا " أخبرا نطق الأخرس
" ايه والله سلمتِ " قال عابدين بابتسامة
" أرى أيها الأخرس أنك جائع لدرجة أن عليك أن تبتلع لسانك و أنت يا عابدين خيرا..ماذا هناك يا أخي منذ متى نلهث عند رؤيتنا الطعام " قال فرحات متظاهرا بأنه يشك فيما قدمته
ابتسمت ميرا " لا تقلق لا يوجد به شئ ! لو كنت أريد أن أقتلك كنت فعلت و أنا أداوي هذا الجرح و إذا أردت آكل من حصتك لترى " عرضت ميرا مبالغة كثيرا في فكرتها عن سبب رفض فرحات كانت تعيش في جو العصابات أكثر مما تتوقع
" ايه والله أيتها الطبيبة " هو كان يريدها أن تأكل فقط فقد كان يعلم جيدا أنها لن تأكل أمامهم و ستعذبهم حتى تأكل من طعامهم -هذا إن أكلت - و لم تعترض على مصدر الأموال التي جلب بها الطعام ، كان يفهمها أكثر من نفسها
قضمت قضمة و رشفت بعضا من العصير " هل ارتحت ؟ لتأكل الآن و لتدع المساكين الذين تجرهم خلفك يطعمون و إلا هم سيقتلونك ليأكلوا.." يبدو أن مزاجها اعتدل فقط بلقمة الطعام التي كانت تحتاجها كثيرا
رد فرحات بابتسامة صغيرة ظهرت و كأنها ساخرة و لكنها كانت نابعة عن تلك السعادة التي بدأت تنير في أعماق قلبه
دخلت ميرا ووضبت جميع أشيائها و لكن الدموع انهمرت من جديد ! مشاعرها مختلطة كثيرا و لا تستطيع تخيل الأمر .. لا تستطيع أن تتخيل أنها ستترك كل شئ ورائها لأجل رجل طهر في طريقها صدفة و تشعر هي بالانجذاب إليه برغم أنه مغطى بالدماء و لكن جزء من قلبها كان يخبرها أنه لا ضير في ذلك فلون الدماء لونها . صلت ميرا الفجر و تضرعت إلى الله ليهديها الطريق الصحيح و لينقذها من هذا العذاب و من ثم خرجت إليهم " أنا جاهزة " أشار فرحات للأخرس بأن يحمل حقيبتها فتركتها ميرا له و ذهب الجميع في صمت .
###
في بيت نامق :
" هذا ما كان يتوجب يا خال " قالها فرحات متحاولا الحفاظ على بروده أمام تلك العاصفة التي أقامه خاله
" فرحات ! أنت كشفتنا أماهما ! إنها أصبحت تعرف عني الآن و البارحة فقط كانت أمضت عقد عمل في المشفى يا فرحات " أعاد نامق بغضب
" يا خال ألم تنظر كيف دخلت ! دخلت كالهرة..لا تؤذي أحدا و لا تفعل شيئا ، ايه قد رأتك و ماذا حدث ؟ ألم تصمت ؟! ألم تومأ برأسها عندما دعيتها إلى الداخل ؟ ألم تدخل في أحضان نساء البيت و قبلتهم يا خال ؟ ماذا تريدها أن تفعل ؟ " قال فرحات بحنق و نفاذ صبر
" انت لماذا تدافع عنها يا فرحات ؟ " سأل نامق محاولا نبش أعماق فرحات
" اسمعني يا خالي لا تثر جنوني ! إنني لا أدافع و ما شابه ذلك ! أخذناها لأنها كانت شاهدة و لأنها تضمن صمت نجاد و إلا لم نكن لنخرج من هناك على أقدامنا ! كان يقتلنا لولا وجودها ووجود ابنه ، كما ان أشيائك معك لا يحق لك أن تتذمر ، العرس الليلة الأولاد قد أنهوا الإجراءات بالفعل " أنهى فرحات كلامه و خرج كالعاصفة من عند خاله
" فرحات " نادت يتار ، أغمض فرحات عينيه و لسانه يتحرك في فمه مع نفاذ صبره و انتظرها للتكلم
" بني ان العروس لا تريد أن نشتري لها فستان زفاف تقول أن معاها فستان يليق و هكذا ..و كما تعلم هذا لا يصح يا بني كما انها لم تعجبني أبدا في موضوع العادات و التقاليد و لكن ليكن لنعودها " قالت يتار في نفس واحد و هي ما تزال تحاول أن تفهم هذه المفجأة
" أي تعويد هاه ؟ يبدو ان اللعبة أعجبتك و لكن لعبة الحماة لا تليق بك ! أنت تفهمين و أنا أفهم لذلك لا داعي لكثير من الثرثرة ! إذا كانت تقول أن لديها ما يناسب اذا ايه والله لما لا ؟ لا تقلقي إنها لن تفضحنا لو أرادت لفعلت ذلك من البداية كما أنني لا أريد أحدا بالقرب منها..لن يلمسها أحد أو يكلمها أحد هل فهمت ؟ و انسِ أمر التعويد هذا ! إن لزمها تعويد أنا أعودها.." همس في أذن يتار بغلظة ثم اتجه نحو الباب و هو يتمتم لنفسه " رأسها مثل الحجر أساسا تبدوا هكذا و لكن ما خفي كان أعظم .." انطلق فرحات بالسيارة ليتأكد أن تبعات أخرى لن تأني من وراء هذا الأمر
###
بيت نامق مساء :
" ما الأخبار عابدين ؟ " سأل فرحات و هو يدخل على عجل بعد أن ركن السيارة
" بخير والله يا أخي لا يوجد شئ سئ ، زوجة أخي لم تحاول فعل أي شئ حتى أن هاتفها - الذي أخذناه - لم يرن على الإطلاق و منذ قليل أخبرناها أن تتجهز و قد قبلت يعني لا يوجد شئ غريب " شرح عابدين بابتسامة ساذجة بعض الشئ فقد كان هذا الوضع غريبا بالنسبة للجميع
" هذا في حد ذاته غريب يا عابدين ! هذا في حد ذاته غريب.." رمى هذه الكلمات غير آبه حقا لعلامات الاستفهام التي ظهرت على وجه عابدين و صعد سريعا إلى الغرفة و فتح الباب ليجد هدوءا تاما و كاد أن يقتلهم من أجل ذلك فقد ظن أنها هربت - و هذا كان منطقيا أكثر- فصمتها و قبولها هذا كان عجيبا و قاتلا
دخل بهدوء ليسمع حركة في الحمام و ليجدها هناك ، وقف في زاوية جانبية يراقبها من فتحة الباب الذي تركته مردودا
كانت قد خلعت حجابها لترتدِ الآخر كانت تبدو مرهقة جدا كما أنها كانت تمسح على رقبتها مثل المجانين فقد اختنقت كثيرا لطول المدة التي ظلت فيها بحاجبها لم تخلعه و كيف أنها غسلت وجهها آلاف المرات و كأن الأكسجين الموجود في الهواء لا يكفيها فتحاول - يائسة - أن تستمد أي مساعدة من الماء
نسى نفسه و هو يراقبها ، كان قلبه ينبض بشدة رغم أنه كان يتجاهله ، كان يتجاهل ذلك الاحتمال أيضا بأنها قد تلتفت في أي لحظة لتراه واقفا هناك و هو يعلم جيدا عواقب ذلك ، كان يعلم أنها ستتغاضى عن السلاح الذي صوبه على رأسها و أنه قلب حياتها رأسا على عقب و لكنها ستقيم القيامة لأنه رأى خصلة من خصلات شعرها
ضاقت عيناه في إعجاب و شبح ابتسامة مر على شفتيه و هي تجمع شعرها ذاك الذي هو لا بالطويل و لا بالقصير و لا بالثقيل و لا بالخفيف الذي يحمل لمعانا بنيا و ملمسا كالحرير و حلقها ذاك الذي تأرجح يميناً و يسارا و هي تجمع شعرها ، بشرتها التي كانت تتلألأ تحت الضوء رغم كل هذا الإجهاد و البكاء و التعب و السهر ، انفاسها و حركاتها و كل شئ..كان يتخلله رويدا رويدا ليسكن فيه ليأسره و ربما ليقتله و هو في هذه اللحظة فقط كان راضيا مستسلما
أضيقت عيناه أكثر عندما لاحظ أنها تفعل كل شئ بسرعة كما أنها لا تنظر للمرآة ترى لماذا تفعل ذلك ؟ هل لنفس سببه ؟
سمع فرحات صوتهم وهم ينادون فخرج سريعا قبل أن تنتبه هي لوجوده
" ماذا هناك " قال محاولا تصنع البرود و لكن شبح الابتسامة ذاك بقى أثر منه على شفتيه و بعض من البريق لم يستطع إخماده بقى في عينيه
نظرت له أمه نظرة مطولة منذ فترة طويلة لم تره هكذا لم ترى ومضيا مر بسرعة البرق في عينيه منذ زمن ، كانت عيناه دائما تنظران كبئر مظلم لا نهاية له و لكن الْيَوْمَ و بعد أن خرج من تلك الغرفة كان مختلفا
انتبهت يتار لشرودها ثم سألت " ماذا حدث هل أصبحت جاهزة ؟ " لم تستطع يتار أن توقف النظر لعيني ابنها فقد أدهشها ذلك الأمر كما أنه كان يروقها
" انها على وشك ليأتي مفوض البلدية و هي تنزل الآن بعد قليل " قالها مغلقا الباب خلفه و لا تزال فكرة أنه الوحيد في هذا العالم الذي يحق أن يتمتع بجمالها تروقه جدا فقد كان يعلم أنها حتى و إن لم تستسلم له فلن تفعل لغيره و أن حقه إن منعته إياه فلن تعطيه لأحد آخر
صوت الكعب جعل الجميع يلتفتون إليها نزلت أول بضعة خطوات و هي تنظر إلى درجات السلم و بعد ذلك نظرت إلى أعلى و هي ترفع الفستان قليلا - فهو لم يكن ذَا ذيل منفوش أو طويل - كان بدون أكمام و أرادت هي تحته ما يجعله مغلقا و لا يظهر منها شيئا ، كان ما بين الأبيض و السمني و تزينه وردة سوداء على طرفه الأيمن جذورها عند الذيل و رأسها ينتهي قبل خصرها و حاجبها كان يحمل بعضا من اللمعة ، عطرها كان بسيطا جدا و لم تضع أي شئ على سوى بعض المرطبات على وجهها و شفاها ، كانت بسيطة جدا و لكنها كانت الأجمل
في تلك اللحظة وقف الجميع مذهولا حتى نامق و هاندان ! لم يتخيل أحد أنها ستكون بهذا الجمال و هذا الثبات
" زوجة أخي " علق عابدين بابتسامة كبيرة مذهولة على وجهه
و قام فرحات ليمسك بيدها بعد نزولها و قد علم الآن فقط ماذا عنى نجاد بأنها مختلفة حتى عندما تلبس الكعب العالي ، هذا كان يعني أن الحرب انتقلت لمستوى آخر ، أنها تحارب نفسها أولا قد قبل أن تستسلم إليهم و أنها تتحداهم لدرجة أنها قد تكسر نفسها كي تفوز بهذا التحدي ! كانت تقاومة مقاومة صامتة ! الآن علم فرحات معنى هذا الكلمة و لكنه لم يكن يعلم أن كل حب يبدأ كذلك..كل حب يبدأ بمقاومة صامتة.
أنت تقرأ
حب ابيض اسود...(الحب القرمزي)
أدب الهواةالقصة دي زي ما أتمنى ان شاء الله يعني هتكون fanfiction لمسلسل حب ابيض أسود..هتكون ٣ أشكال الشكل الأول ( الحب القرمزي ) هتكون البطلة من اختراعي ( مش أصلي يعني ) و هتكون في احداث شبه الي اتعرض من المسلسل و بعدين هتمشي الحكاية بطريقتي انا الجزء التان...