لك وحدك

2.8K 50 0
                                    


قلبي غارق في الحب وكأن به تصدعات
أشعر بالحرقة في قلبي، فهذه المرة مختلفة
فلتعش هذه النار بداخلي حتي موتي
وفي اليوم الاخير للعالم ستناديني
لم أتحمل ، لم أتحمل أن أحب أحدا غيرك
ولم أضع أحدا في مكانك
( سيزن أكسو - مجرد عتاب )
                                         ###
أنا و أنت كالأبيض و الأسود مختلفان و لكننا نجتمع عندما يصل الأمر للحداد
                                           ###
دخل العناية المركزة ليراقبها هناك من خلف الزجاج ، الدموع متجمعة في عينيه و ترفض النزول و هو يكتم نفسه بصعوبة  ( ماذا فعلتِ ؟ ماذا تحاولين أن تفعلِ ؟ لم تخرقِ عقدنا بل جعلته قيدا علي حتى أصبحت أنا من أريد التحرر ، أنت صامتة و تبدين ضعيفة و لكنك الأقوى ! تتخليين بداخل الإنسان رويدا رويدا ، صعبة الإرضاء حد الجحيم رغم أنك راضية بالقليل و لكن ليس كل قليل يرضيك ِ ! أنت معقدة إلى هذا الحد..يقولون أن الأحباء يشبهون بعضهم البعض بعض فترة أليس كذلك ؟ أنت بالكاد تتزحزين من مكانك ، أنا أسحب كل شئ بداخلي و لكن كل ظلامي تلاشى إلى داخلك و لم تتأثرِ ! أي شئ أنت ! أيا كان الذي أنت عليه أنا لا أتركك ، أنا أنقض كل اتفاقاتي الماضية و الآن اتفاقات جديدة ، أنا أخرج من هذه الحياة و تكونين زوجتي ، تكونين زوجتي التي تحمل أطفالي . أعلم لن يكون سهلا أما سنفعل هذا أيضا أيتها الطبيبة لذلك استيقظِ ) ناداها فرحات في نفسه و ألقى عليها نظرة أخيرة ثم التفت و علامات الألم تكسو وجهه
خرج إلى يغيت و ذهبا معا في السيارة في صمت و عندما وصلا إلى بيت يغيت هم يغيت بالنزول و لكنه توقف " ان شاء الله ستكون بخير ، لن نفقدها يعني يكفي ألا تفكر بسوء و إذا حدث أي تطور أخبرني حتى و ان كانت الثانية فجرا أنا مدين لها على الأقل بذلك ! " قال يغيت و هو ينظر إلى فرحات فأشاح فرحات بنظره كي لا يرى يغيت انكساره أكثر " ايه والله "
                                  ###
تلقى فرحات اتصالا من الأخرس بعد نزول يغيت " ايه " أجاب فرحات
" الأخبار ليست جيدة يا أخي ! عُمْر.." صمت الأخرس و لم يعرف كيف يكمل " ماذا به ؟ " سأل فرحات بنفاذ صبر " عُمْر هو الزعيم ! " رمى الأخرس القنبلة فاعتدل فرحات في جلسته و أصبح جسده كله متشنجا و قبض على الهاتف بقوة " هل أنت متأكد من الذي تقوله أيها الأخرس " قال فرحات في حالة لا يحسد عليها إطلاقا ، كان يجمع بين الغضب المكتوم ، الألم و الصدمة
" ايه والله يا أخي هذا ما ظهر من تحريات رجالنا و لكننا مازلنا لا نعرف أسبابه و لسنا متأكدين ان كان هو من أطلق النار على زوجتك أم لا ! " شرح الأخرس و لم يمهله فرحات فرصة بعد ذلك " لا تقل أي شئ لأي أحد أنا قادم " قال و أغلق سريعا و رمى الهاتف بجواره
                                           ###
دخل فرحات أولا إلى خاله بعد وصوله إلى المنزل و حاول معرفة إن كان له علاقة بالأمر أو إن كان متأكدا أن عُمْر هو الزعيم أم لا و ألقى ببضعة تهديدات و أصبح البيت كله يعلم أن ميرا راقدة في المشفى بين الحياة و الموت و بالتأكيد كان نامق يشكر بداخله من فعل ذلك
أعطى فرحات أوامره للأخرس بتتبع الأمر حتى يظهر شئ من تحته و صعد هو إلى الغرفة ، لا يعرف بماذا عليه أن يشعر ، كيانه كله مهزوز ، هو غاضب و حزين و ممتن و عاشق و متألم أكثر من أي شئ
جلس في صمت لفترة ، ملامحه جامدة كالصنم الألم يٌسكب من عينيه كالأنهار و لكنه صامت
و لكن صوت هاتفه المحمول أخرجه من هذا الشرود ، كانت رسالة بميعاد وصول الطبيب الأجنبي المتخصص ، نظر إلى الرسالة مطولا و من ثم تركها و أخذ يفني الغرفة ذهابا و إيابا و في النهاية توقف أمام خزانة ملابسها فتحها و أخذ يطيل النظر ثم مرر يده لتقف عند شئ صلب ليزيح الملابس فيجد مذكراتها..
فتحها و قلب كل الصفحات ليجد كل الكلمات بالعربية و لكن الصفحات من المنتصف حتى آخر صفحة كتبتها تحمل نفس النقش في البداية مِم أثار فضوله ، ممر يده على حروفها و كأن قلبه يخبره أن ذلك اسمه ، فتح هاتفه ثم بدأ في ترجمة ذلك النقش الذي شده ليجد في النهاية أنه اسمه ، وضع هاتفه على جبهته و أخذ يحك جبينه به و كأنه لم يعد يحتمل و لم يعد يستطع ، كان ذلك الألم كبيرا بما فيه الكفاية ، تلك التي قلبت كيانه..التي أعطته عشقا صامتا التي فعلت المعجزة المتناقضة قبلته و لكنها لم تقبل حياته ، رأت داخله و أحبته و لكنها لم تستسلم له ، تنتظره و لكنها لا تخبره..
وضع المذكرات في جيب معطفه فهو قد كان عازما بطريقة أو بأخرى أن يعرف ماذا كتبت له و لكن الوقت لم يكن كافيا حيث أنه كان عليه استقبال الطبيب
                                       ###
وصل الطبيب و قرر ادخال ميرا إلى غرفة العمليات بالفعل و فرحات هناك ينتظر وحده ، قد منع الجميع من الحضور جولسوم و يتار و عابدين و الأخرس كانا فيما هم فيه ، لم يرد أن يعيش انهياره أمام أحد و لم يرد أن يراها أحد في انهيارها غيره
كان انتظارا طويلا بعض الشئ لذلك قرر أن يفتح مذكراتها لعل ذلك يواسيه ، لم يعرف من أين يبدأ و لكنه لسبب ما استهوته تلك الفقرات المنفصلة عن باقي النص في كتاباتها لذلك قرر ترجمتها و هذا ما قد وجده
( هل تعلم أن الأبيض يستخدم للحداد كما يستخدم للفرح و لكنك الْيَوْمَ أجبرتني على ارتدائه و أنا أرتديه حدادا ، حدادا على كل ما فقدت و ما سوف أفقد معك و لك أن تتخيل عذابي..)
كانت تلك خاطرتها الأولى يوم زواجهما ، كانت غاضبة و حزينة رغم أنها لم تعبر عن ذلك بالشكل المطلوب
طأطأ رأسه و أشاح بوجهه و مسح تلك الكلمات و كأن داخله يرفضها كثيرا ، يكره كيف أنه حرم عليها الأبيض لأنه أجبرها عليه و كيف حرم عليها الأسود لأنه لونه
تردد بعض الشئ و ربما حتى كان خائفا من الذي سيأتي لذلك تخطى بضعة صفحات و قرر بعد فترة أن يستمر ( أكثر ما أخافه هو أن أستسلم أنا لما أنت فيه ، لو أنني غرقت أعلم جيدا أنه لا يوجد أمل ، لا أستطيع أن أسامح نفسي ان فعلت ، أنا لا عذر لدي و في العشق ليس كل شئ مباح كما يعتقد الجميع على الأقل بالنسبة لي..) كان ذلك اعلان اعترافها بالعشق و عدم الاستسلام في آن واحد ، إنه يحترق شوقا ليعرف جوانبها التي تخفيها عنه ، جانبها الملئ بالحياة ، جانبها الضاحك ، جانبها الغاضب و الخجول ، لا يريد منها الخوف ، لا يريد منها أن تقتل نفسها لتصل إليه
قلب صفحة و توتره و تأثره يزدادان ، يلقي نظرات خاطفة بتلك الأعين التي تحمل بريق الدموع -رغم أنها ترفض إنزالها- إلى غرفة العمليات التي تفصل بينها و بينه
التفت إلى المذكرات مره أخرى و تابع
( هل تعلم وقتها تركت نفسي لك - لبعض من الوقت فقط - ضممتك إلى صدري بقوة حتى عانقت روحي روحك و امتلأت برائحتك . انظر ماذا فعلت بي قد جعلتني سارقة قد سرقت منك ضمة ، قد سرقت منك عبقا و أنا راضية بأن أعاقب على ذلك، بل حتى أنه يجب أن أعاقب )
كانت تتكل عن ذلك الوقت الذي ضرب فيه بالرصاصة ، كان لم يسأل أبدا كيف وصل إلى المنزل و لكن يبدو أن تلك الرحلة كان بها الكثير من الأشياء التي لا يريد أن يقرأ عنها بل يريد أن يسمعها من فمها..
( إنني أحتفظ بك كبذرة في ترابي و لكن أجواء الظلمة هذه لن تساعدك إطلاقا على النمو لهذا أقول أحضر حبنا للشمس
لو أن بذرة الحب تلك تكبر في ترابي ، لو أننا نرى الشمس..)
عند هذه النقطة قد توقف ، لم يستطع أن يكمل حقا ، هو قد تألم بما فيه الكفاية هو لا يريد شيئا في هذه الحياة سوى أن يأخذ منها ضمة كالتي تقول هي أنها سرقتها منه ، يريدها أن تأكل من الطعام الذي يشتريه بماله و أن تسمح له بأن يعاملها كرجل و كزوج..
                                     ###
هدأ فرحات من انفعاله قليلا و لكن خروج الطبيب لم يسمح له حقا بأن يرتاح
ذهب إليه بخطوات مسرعة و تكلم الطبيب بتركية ضعيفة " لا تقلق . لقد سارت العملية على أحسن وجه ، هي ضعيفة قليلا و من الممكن أن تحدث بعض مضاعفات و لكن أنا واثق أنها تتخطى هذا إنها قوية ، أنا لا أتوقع أقل من هذا من امرأة ترتدي رصاصة كقلادة ، فقط لتكن جانبها الآن و لتعطيها الدعم النفسي لأنها ان استيقظت يحل كل شئ " قال الطبيب و هم بالذهاب و و لكن فرحات أوقفه " ماذا تعني ان استيقظت ؟! هل هناك احتمال ألا تستيقظ " سأل فرحات في انفعال بعض الشئ و عدم تصديق
تنهد الطبيب فلم يكن يريد أن يتطرق للأسوأ " اذا لم تكن تريد هي أن تستيقظ فانه لن يحدث ، تدخل في موت إكلينيكي و بعد ذلك نضطر أن نفصل عنها الأجهزة و ينتهي " ترك فرحات الطبيب يذهب بعد هذه الكلمات و لكن ذلك الشئ الذي قاله عن ارتدائها لرصاصة كقلادة ، شئ ما بداخله يخبره أنه يعرف ما هذا جيدا
ذهب إلى بهار ليسألها فتنهدت بهار ثم فتحت درجها و أخرجت رصاصة قد وضعت في خيط أسود كقلادة " أعتقد أن هذه هي الرصاصة التي استخرجتها من ظهرك ، لقد كانت ترتديها كقلادة و لكن أنا لم أكن أعرف أي شئ هي قد كانت تخفيها أنت تعلم لا يظهر من جسدها شئ أصلا.." تكلمت بهار كثيرا و لكن فرحات لم يكن هناك بالفعل و لم يكن يسمعها بل تعلق نظره بتلك الرصاصة و احترق قلبه و صمم أن عليه أن يخرجها من هذه الحياة بأي طريقة سواء ستخرج معه أو من دونه
                                        ###
سحب فرحات القلادة من يد بهار في شدة بعض الشئ و انطلق إلى السيارة ، تأملها قليلا و أغمض عينيه يحاول السيطرة على نفسه ، كانت تخرج منه همهمات ألم ، جسده و روحه و قلبه و عقله كانوا يتألمون لأجلها ، إنه يعرف الآن الذي شعرت به و عايشته بجانبه ، إنه يعرف كيف أن ألم الرصاصة التي اخترقت ظهره عاش في قلبها فألم الرصاصة التي اخترقت صدرها قد فجر قلبه ..
انهمرت منه الدموع في صمت ، كسر حاجز ما بداخله و هو لا يستطيع إقامته ، انه يعشقها منذ البداية و لكنه لطالما ظن أنها تراه مذنبا و عاصيا تشفق عليه ليس أكثر و لكن اتضح الأمر أنها تحبه ، لا يمكن أن تعطي له امرأة في هذا العالم كل هذا الحب حتى أن أمه لم تفعل و هي التي أخذت ذلك الدور ، خاصمته لأجل مصلحته ، عاتبته لأجل نفسه ، ابتعدت عنه ليعلم طريقه
إنه سيخرج من هذه الحياة مهما كلفه الأمر ، إنه لها وحدها و هي له وحده ، قد حسم الأمر هو سيذهب في طريق الحق ليجد الله و يجدها و يجد نفسه و هو يتوسل من الله أن يجعلها تنتظر حتى يفعل..

حب ابيض اسود...(الحب القرمزي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن