عشق محتمل

3.7K 89 0
                                    

من المحتمل انه الحب
من اجل عشق محتمل أصبحتُ حطاماً
عشق عالق في لحظة حب من عمري
( من أغنية محتمل عشق )
###
تشعر بالانجذاب إليه و لكنها لا تقترب تشعر بالحب و لكنها تحترق..
###
مد فرحات يده ليمسك يد ميرا و عندما رأى منها بعض التردد و التأخر نظر إلى عينيها مباشرة ، لم يكن ذلك تهديدا بل ربما كان لحاجته بأن ينظر إليها حد الامتلاء ، ربما ليحفزها لأن تعطيه ما ينتظر - لمسة واحدة من يدها - و التي ربما لن تتكرر من جديد ، و لكن ظاهر ذلك الأمر كان و كأنه يقول ( لا تفضحينا ) و لكن قلبه كان يقول العكس و عيناه فضحته ، وجهه كان باردا بلا أي تعبيرات و لكن بشكل من الأشكال ذلك الصمت الذي ساد بينهما تجاوز الكلمات و فهم كل منهما الآخر رغم أن أحد منهما لم يصرح و انتهى الأمر بميرا ممسكة بيده إلى طاولة عقد القران .
أجلسها وجلس ، كان ينظر إليها كل وهلة و كأنه يعطيها أمرا تلو أمرا و لكن تلك أيضا كالسابق لم تكن الحقيقة ، كانت هي بالكاد تبادله النظرات و تحاول أن تتكهن هي الأوامر التالية ..
" سيد فرحات أصلان ، هل تقبل بالسيدة ميرا فاروق زوجة لك ؟ " سأل مفوض البلدية ، نظر فرحات لها نظرة طويلة " نعم " أجاب و أزاح نظره عنها بصعوبة
" و أنت سيدة ميرا فاروق هل تقبلين السيد فرحات أصلان زوجا لك ؟ " نظرت إليه لتجده يتطلع إليها فبادلته نظرة سريعة ثم نظرت إلى عائلته التي اصطفت أمامهم و كيف أنهم ينتظرون منها الإجابة " نعم " أجابت بعد تنهيدة طويلة و زمن كأنه دهر و في تلك اللحظة اقتحمت الشرطة و معها نجاد المنزل
" أعتذر على مقاطعتكم يا جماعة و لكن جاءنا بلاغ من مجهول أنكم أخذتم الطبيبة ميرا رهينة.." قال النائب يغيت وسط دهشة من الجميع
" ما الذي تقوله أيها النائب ! ميرا و فرحات بينهما قصة عشق..حتى أنني أحضرت الإمام ليكتبوا الكتاب أمامه أيضا ، فهذه كانت أمنية أم ميرا ، ميرا أخبرتني بذلك.." نظرت ميرا لنجاد و الشرر يتاطاير من عينيها و قلبها يقفز خوفا و لكنها كانت تحاول أن تخفي ذلك
أمسك فرحات بيدها التي كانت ترتعش و همس في أذنها " لا تخافِ ! لن يحدث شئ ، أنا أحل الأمر و لكن عَلَيْكِ أن تستمري بالتمثيل جيدا " قال فرحات محاولا أن يهدئها و لكنه كان يخفيها أكثر و لكن مسكته ليدها تحت الطاولة كانت تمنحها قوة عجيبة لدرجة أنها أغمضت عينيها مستسلمة لذلك الشعور للحظات و قبل أن تفلت يدها من يده نظرت إليه نظرة طويلة و كأنها تتجاوب معه
" ابنتي ميرا " نادى الأمام
" شيخ جمال " قالت ميرا بابتسامة صغيرة محاولة اخفاء توترها و ذهبت و قبلت يده
" ما الذي يقوله هؤلاء يا ابنتي ؟ هل هؤلاء يزوجونك بالغصب فعلا ؟ " سأل إمام حيهم العجوز الذي هو في مثابة أب لميرا
" أنت تعلمني جيدا يا شيخنا أليس كذلك ؟ أنا قلت نعم هناك باختياري و أنت تعلم كم أثبت على اختياراتي جيدا " قالت ميرا و تنفس الجميع خلفها الصعداء فقد ظنوا أنها نهايتهم و هناك مر فرحات الذي انقلبت ملامح وجهه منذ دخول يغيت بجانب خاله " ماذا قلت لك يا خال ؟ قلت لن تفضحنا أليس كذلك ؟ و لكن أنتم ستفضحوننا بردة فعلكم تلك " انتبه أخيرا نامق لردة فعله الصامتة جدا و التي أظهرته مذنبا بالفعل
" طبعا لا يوجد شئ كهذا أيها النائب كل ما في الأمر.." قاطعته ميرا هنا " سوء فهم و أنا سأوضحه للنائب .." قالت ميرا و بعدها دعت الشيخ للجلوس و انطلقت مع يغيت
" انظري انني أعلم جيدا ما هذه العائلة قادرة على فعله " قال يغيت مبادرا
" صدقني و أنا أعلم أيضا أيها النائب و لكن أرجوك لتمر هذه الليلة على خير و أنا متأكدة أن هذه الليلة لن تكون لقاءنا الأخير " قالت ميرا محاولة أن تمسك أعصابها و دموعها
( ما الذي تفعلينه الآن ؟ لو أنك تقولين كل شئ ! لو أنك تتخلصين من هذا الأسر ! لو أن فرحات و نجاد و نامق و أمثالهم يحترقون في جحيم واحد ! ألن يكون هذا أفضل ؟ و لكن هل ستخونين هذا الرجل الذي أقسمت و ستقسمين مجددا على أن تكوني معه في السراء و الضراء ؟ هل ستضعين الأصفاد في يد الرجل الذي أقسمت على انقاذه ؟ ذلك الرجل الذي عاملكِ كالبشر رغم أنه يعامل الجميع على أنهم أهداف تتحرك ؟ الرجل الذي لم يقلل من احترامك ووقف أمام الجميع - بغض النظر عن السبب - سواء كان في مصلحته أم مصلحتك ؟ ذلك الرجل الذي لمحتِ في عينيه شيئا هل ستطفئينه ؟ لا..لا تفعلي يا ميرا ..لا تخونيه حتى و إن لم تستسلمِ له ، لا تطفئي ما في عينيه حتى و إن لم تبادليه ، لا تأخذي منه فرصه حتى و إن كنت تعلمين أنه لن يستغلها ، لا تضعِ جرحا آخر فوق جروح روحه و تلقيه على جانب الطريق..أنت لست عديمة الضمير إلى هذه الدرجة لا تفعلي..) دار ذلك الحوار الطويل بين ميرا و نفسها و النائب ينظر إليها نظرة مطولة في انتظار أي شئ و لكن هي لم تغير موقفها
خرج النائب و تبعه فرحات و أما نجاد فهمس في أذن نامق " انا خرجت من هذا التحدي منذ زمن الحيتان في مواجهتك الآن " هدد نجاد و ابتسم ابتسامة ساخرة و ترك الإمام و ذهب
دخل فرحات و قد تغير وجهه أكثر و أكثر بعد محادثته مع يغيت ، كان يحكم كل ذلك الغضب و الألم بداخله بصعوبة و دخل ليتواجه بميرا و الامام أمامه
فجلس دون اعتراض لكي لا يسبب فضحية هو الآخر ، عقدوا القران مجددا أمام الإمام و لكن شعور ذلك كان مختلفا ، روح كل منهم كانت تحمل سكينة ما لم يألفوها من قبل ، أغمض كل منهم عينيه عندما بدأ يقرأ الشيخ القرآن و هناك علم فرحات أنه لن يعود أبدا كما كان
انتهى الإمام من قراءته " ابنتي ! قد تزوجت رجلا مثل الأسد ما شاء الله و الآن روح هذا الرجل و جسده أمانة عندك لذلك مهما حدث لا تخونِ الأمانة أنت الآن تسألين عنه أمام الله" قال الإمام مودعا و أمر فرحات الأخرس بإيصاله ، تركها و قد جعل الصراع يحتد بداخلها أكثر فماذا عليها أن تفعل و ما هو الصواب و ما هو الخطأ؟!
                                         ###
تمايل جسد ميرا فجأة لينتبه فرحات بسرعة و يمسكها ، كانت علمات الرعب بادية على وجهه و لكن ما إن سمع البلبلة الحادثة خلفه حاول أن يجعل تعابيره تعود كما كانت و لكن ذلك كان صعبا جدا مع خوفه عليها
حاول أن يجعلها تستفيق و لكن لم يحدث شئ فحملها بين يديه إلى الأعلى و هو تارك للجميع خلفه لا يجاوب أحدهم أو بالأحرى لا يسمعهم أصلا
جسدها بارد جدا بين يديه و أنفاسها الضعيفة هي الشئ الوحيد الذي يثبت له أنها حية
وضعها بحنو على السرير و كأنه يعامل زجاجا قد يكسر في لحظة ، وجد صعوبة كبيرة في تركها من بين يديه فذلك الخوف من الفقد قد سيطر عليه
( لماذا ؟ كنت بخير من فترة قصيرة ، نزلت و كأنك ملكة من ملكات هذه الأرض ، كنت ملئية بالحياة منذ لحظات ، بالكاد اهتزت لك شعرة أمام أحدهم بالأسفل ) عاتب فرحات بنظرات دامعة و هو يحاول إيقاظها و لكنها لم تكن تستجيب فأحضر بعضا من عطره و هنا بدأت تتقلب في غير وعي " أخي " نادت ثم فتحت عينيها قليلا و أغلقتها مجددا
( انك تصعبينها علي كثيرا ، انها ليست المرة الأولى التي أتعامل فيها مع امرأة و لكنك معقدة جدا..بل أكثر من معقدة ) تمم فرحات لنفسه بهذه الكلمات و هو يشعر بسكاكين في قلبه ، كيف أن جروحهما تقريبا واحدة كيف أنها تهز كيانه هزا و هو لا يستطيع التعامل مع ذلك أو مقاومته ، كيف أن مزاجها ناري و أحوالها متقلبة ، عقله الذي يكاد ينفجر ليعرف ماذا حدث معها ، ليعرف إن كان عليه أن يستخدم هذه الرائحة أم لا ، ليعرف كيف سيستخدم أمواله إن أراد إطعامها - فقد كانوا أخبروه من المطبخ أنها أرسلت أموالا ليشتروا به طعامها و شرابها ، كم أنها تظهر مطيعة و لكنها عنيدة حد الموت ، تحيا في مكان آخر حتى لو أطبق عليها العالم أجمع و حبسها في مكان ، يدها في القيود باختيارها و لكن القيود حول يديها ليست بقيود..
ضغط على أسنانه كثيرا ليوقف سيل المشاعر و الأفكار ، كيف سيحمي نفسه منها بعد الآن ؟ من منهما أصبح قاتل الآخر ؟
" عَلَيْكِ أن تشربِ بعضا من الماء " قال أخيرا و هو يحبس تلك الدموع في عينيه
رفع رأسها ووضع الماء على شفتها فتجرعته سريعا كأنها في الصحراء منذ زمن و ما ان وضع قليلا بعد على شفتها فشربته أيضا " تمهلي أيتها الطبيبة ، تمهلي ستختنقين " لم تجبه بل رمت رأسها على الوسادة مجددا دون أي ردة فعله و تركته هو يحترق وحده بنار هذا العشق المحتمل..بنار ما سيكون أقوى من العشق
                                       ###
استيقظ فرحات الذي جلس طول الليل على الأريكة يراقبها خشية أن يصيبها مكروه ، طأطأ رقبته ألما من تلك الوضعية و ما أن شعر أنها شارفت على الاستيقاظ حتى أخذ تلك الوضعية البارة و تصنع أنه خرج من الحمام للتو " أخيرا استيقظت " قال فرحات و هو يأخذ شيئا من ملابسه
" ماذا حدث " سألت ميرا و ألم الرأس ذلك يلازمها و أخذت فترة حتى تعلم أين هي و تسترجع الأحداث
" لقد فقدت وعيي على الأغلب " قالت و هي تحاول الجلوس
" ايه هل هذا شئ معتاد ؟ " كان يسأل ليعلم ان كانت مريضة أو ما شابه ذلك فرغم عدم الاهتمام الذي أظهره كان داخله يتقطع ليعلم ان كانت بخير
" لا أعلم حقا ! ربما يكون ضغطي قد انخفض و أحيانا يحدث ذلك عندما.." أوقفت ميرا كلامها فهي لم ترد أن توضح أكثر حقا و هناك انفعل فرحات و لكن - كالعادة - لم يظهر " كيف ستجرين عملية الْيَوْمَ اذا ؟ كيف للناس أن يستأمنوك على حياتهم ان كنت ستفقدين وعيك هنا و هناك في غرفة العمليات هاه ؟ " حاول فرحات أن يظهر كمن يستفزها ليدفعها لتكمل. و لكن ما ان تذكرت عملية عليّ حتىً هبت " يا الله عملية علي الْيَوْمَ بالتأكيد الولد في حالة مزرية لأنه لم يرنِ و أيضا الصحافة ستكون هناك ماذا سأفعل " كانت ردة فعلها غير متوقعة فقد كانت تبدو كطفلة ستدخل الاختبار و لم تذاكر جيدا ، تركت كل ما حدث وراءها و كادت تبكي لأنها تأخرت
" دكتورة.." كاد أن يتكلم و لكنها باضطرابها ذلك قاطعته
" لا يمكن ! يجب أن أستعد الآن ! انظر أرجوك خدني الآن و لتفعل بعد ذلك ما تريد .. لتقتلنِ او لتفعل أي شئ " استفزته كلماتها جدا ، فهو الآن لم يعد يفهم أهي تشعر به أم لا تشعر به ، في لحظة تعطيه أملا و في اللحظة الأخرى لا تفعل
" أنت ستتوقفين عن رمي الكلام هنا و هناك حسنا ؟ لا يوجد كلام عن القتل أو ماشبه مجددا تمام ؟ " قالها فرحات و هو يشد على مرفقها و يجذبها إليه
" تمام و لكن خدني " قالتها بطفولية و براءة وهو لم يعد قادرًا على مقاومتها إطلاقا..

حب ابيض اسود...(الحب القرمزي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن