مرحباً !
ادعى فلان عمري اربع وعشرون سنة و أعيش في اليابان و ككل يوم أستيقظ وأحتسي القهوة ثم أمارس نشطاتي اليومية بعدها أخرج للتسكع في شوارع اليابان الواسعةطبعاً ليس هناك أحد منا لا يعرف اليابان البلاد الفخمة، بلاد الحضارة والعلم، البلاد التي أخفت نفسها طويلاً لتبني مستقبلها المزهر ثم تعود للأضواء مجدداً بإبتكراتها التي لحد الآن لم تصل لكل دول العالم !
و رغم أن شعبها قاسي جداً و بنفس الوقت لطيف الا انه منظم و قانوني
اليابان مشهورة بأنها أكثر بلاد شديدة في النضام والأمن والصرامة لذلك دوماً ما نراها في الصدارة
هكذا أنا ككل يوم في دائرة روتيني و لكن هناك نقطة معينة تتواجد في هذا الروتين دوماً و هي أنه في كل صباح يصادفني عجوز في طريقي خارجاً من بيته القديم جداً الذي وسط حديقةٍ تحيط بها أشجار كبيرة الحجم، ثم يجلس على رف الطريق يكرر نفس العبارة بعينين باكيتان و مجعدتان بكثرة و صوت مبحوح مريض :
- من أكله الدهر، لا تعيده الأيام !
بصراحة ؟ هذا ما أثار فضولي نحوه بشدة
خصوصاً أني سمعت الكثير من العامة يقولون أنه عجوز خرف و مجنون، فقررت ذات يوم أن أكسر الحاجز و أقترب منه بنفسي كي أعرف ماذا به مهما كلفني الأمر ومهما حصل
التقطت أنفاسي و تشجعت ثم انطلقت جلساً جانبه على رف الطريق قائلاً بحياوية :
- مرحباً !
- { رد علي بسرعة } : مرحباً بني ..
- كيف حالك جدي ؟
- { نظر لي مستغرباً لمناداته بجدي ثم قال } : أنا كما هو حالي يعبر ..
- { انزلتُ رأسي لأفكر قليلاً ثم رفعته } : بصراحه و بدون لفٍ أو دوران، العامة يقولون أنك عجوز خرف و مجنون و لكني صدقاً لا أرى فيك هذا، فما هو ردك عليهم ؟!
-{ تنهد العجوز ثم قال } : أحياناً ما يراه الإنسان في الحياة قد يسبب له الجنون لو أنه لن يعرف كيف يتحكم بنفسه و يؤمن بربه و يسير في طريقٍ مستقيم و يعرف كيف يعدل مع كل كبيرٍ و صغير، أن يعرف من هو ضميره كي يميز بين الخطأ و الصواب، ليستطيع العيش و يموت بسمعةٍ حسنة على ألسنة الناس ..سرعان ما تبين لي أنه حقاً ليس مجنوناً كما يزعمون بل بدى لي من كلماته أنه شخص قد لذغته الدنيا الكثير !
هكذا كنت أزوره يومياً لمدة شهرين، أساعده و أتحاور معه لوقتِ طويل إلى أن أصبحنا مقربين
و بيومٍ ما في سياق حديثنا قرر أن يحكي لي قصته و هي هذه القصة التي سأحكيها اليوم لأنها جدياً قد أثرت علي و جعلتني أتعلم درساً مهماً في حياتي