- كان مساء فضيع، مساء مليئ بالنواح، مليئ بالنحيب، كانت أول مرة أرى أمي بتلك الحالة، أول مرة أرى دماء بذلك الحجم، أول مرة أشعر بالإختناق الشديد و الوقت حينما يمر أشعر كأنه يمر بينما يمزق أطراف روحي، لكن هذه آخر مرة أنام فيها لوقت متأخر، آخر مرة ...
كانت هذه كلمات سايت التي كان يقولها بجانب قبر زوجة أبيه و بجانب أخته التي تشاركه البكاء وسط تلك الجنازة التي يغطيها الظلام و الألبسة السوداء القاتمة المشبعة بالجشون
بعد ذهاب الجميع تاركين قبرها خلفهم الزهور الجميلة و الهدوء كان هاريكي ذو الشكل المهموم متمرغاً على ركبتيه بقربٍ منها يخاطبها :
- ماياكا كل هذه الازهار تبكيني و تحرقني كلها معاً في داخلي، أشتاق لك من الآن، و كيف لا أشتاق و قلبي في يديك، هل هربتي مني ؟، حياتي بدونك عمر فاني ..
وقف الأب و نفض ثيابه و مد يده و بها يمسح على شاهد قبرها تركاً ايها تنظم للوحدة مع باقي الموتى
بعد عدة أيام و في أحدها عند المساء حيث الساعة تشير أنها الرابعة، عاد هاريكي لشرب الخمر في أحد المطاعم المجاورة
لقد ثمل لدرجة جعلته يترنح يميناً يساراً، و هذه خامس مرة يعيد فيها النادل الغاضب هاريكي إلى طاولته كونه يقف كل مرة و يقوم بسخرية و الضحك بصوتٍ مرتفع و هاهي ذي المرة السادسة لكن كما يقال ليس في كل مرة تسلم الجرة فحينما استيقظ هاريكي من طاولته لمح امرأة من خلف ظهرها و كانت تشبه زوجته الراحلة فارتفعت حرارته و اصبح يصيح بإسمها :
-ماياكا هذه أنت ؟!؟، هل عدتي لأجلي ؟!؟، ظننتك قد انتحرتي !!، أنا سعيد، سعيدٌ جداً لعودتك يا أعز من عيناي و أشرف من روحي !!
كان يردد هذه العبارات التي يسكنها الألم و الشوق و الرغبة الشديدة بعودتها التي تعميه أكثر من كونه ثاملاً جعلته يجرأ على معانقة الإمراة و محاولة الإختباء في حضنها
كان زوج الإمرأة ينظر لما يحدث وكأنه قنبلة نواوية على وشك الإنفجار، الرجل الأصلع مفتول العضلات و يبدو خطير و ليس سهلاً
وقف الرجل يصيح بينما يضرب يداه في الطاولة :
- أنت ما الذي يحدث معك أيها المنحرف ؟؟!
أمسك الرجل بـ هاريكي من ثيابه و دفعه إليه ليقابله وجهاً لوجه ثم إنهال عليه يلكمه و يلكمه و كل ما يفعله هاريكي هو الترنح للخلف ساقطاً على طاولات الناس
فأصبح أنفه ينزيف بلا توقف كذلك رأسه بسبب الأواني المتساقطة عليه في كل مرة يصتدم فيها