وَرْدَةُ الزَيزَفوْنّ (التاسع والثلاثون)

13 1 0
                                    

نهضت تيليا بهلع من نومها على صرخة
مدوية علت في أرجاء المنزل
من والدتها

سارعت تيليا لتعرف أكثر وتفهم بعضاً
من كلمات والدتها المبهمة
التي تمتزج وتختلط بالدموع
والندب والصراخ الا متناهي

كاتيلين كانت تتحدث بالهاتف
وها هو الهاتف ما زال
على أرضية المسرح اللا وضوح فيه
على الأرض بجانبها ، بحيث
القت بجسدها الذي
أتعبته ويلات الزمان
تارةً تندب ، وتارةً تصفع وجهها
وتارةً تصرخ
كل هذا والدموع المنسابة كالنهر الجاري
بتدفق لا حدود له
لا تتوقف
وتعقد في فمها بعضاً من الكلمات
التي لا أساس لها من الوجود

ألقت تيليا بجسدها النحيل الرقيق
المصعوق ، الذي نهض بهلع
ما إن سمع صوت العجوز
في حالة إنهيار

تتساءل ، تيليا بخوف من المجهول
والخبر المختبيء خلف
ثرثرة كاتيلين المبهمة

ما بك أمي أخبريني
ما الذي جرى ؟

هل هناك خطبٌ ما
أخذت كاتيلين تلقي بجسدها
في أحضان إبنتها
بكل قوة غير مدركة شيء
وكل ما نطقت به
هو إيدين
إيدين
....
قبل أن تفقد وعيها شيئاً فشيئاً
وفقدت أدراجها معه

أمي ما بك لا تفعلي هذا أرجوكّ
إنهضي
أمي
تيليا بهيستيريا
تبكي
تصرخ
ربما مصدومة ، فلا تدري
بماذا علها تبوخ

أخذت تحمل والدتها بين ذراعيها
وتدفعا شيئا فشيء
ما إن وصلت بها سريرها
حتى طرحتها عليه
أخذت ترش عليها الماء
ومن ثم
تناولت هاتفها بخوف
وأتصلت بسيارة
إسعاف
ما إن أعطتها كامل المعلومات
الشخصية ، ووصف الشارع وعنوان
المنزل

سرعان ما أتت سيارة الأسعاف
وهي تدوي بصوتها العالي
لتصدح بصداها
عتمة الليل ولتملأ
حارات الأحياء العزولة الخالية
في برد ديسمبر وأجواءه الثلجية

ما إن كانت تيليا تقف مع طاقم العمل
الطبي الذي هم يسعف والدتها
ويهتم بها

تقف إيميلي بينهم
غير متفهمة لما يجري
ما إن شاهدتها تيليا صرخت
إيميلي

وهي مذعورة وتبكي ببحيح الصوت
متقطعة أنفاسها

تيليا إهدأي ما بك
أخبريني ما الذي جرى
هيا !

فأخذتها بين أحضانها
لا أدري يا إيميلي ..لا أدري
كنت نائمة عندما سمعتها تصرخ
وتبكي ، لا أعلم ما جرى

فتيليا تارة تتحدث وتارة تأخذ نفسا
ليس عميقا
فقط لانها تبكي بحرارة

هيا بنا
تعالي معي تيليا
لا سأصعد مع والدتي في سيارة
الإسعاف
حسنا..!

سألحق بكم في سيارتي
فأنا خلف

وها هي هي سيارة الإسعاف أخذت
تطلق صوت الدوي
لتصدع مرة أخرى
في الشوارع
بين السيارات
متجنبة جميع الإشارات المرورية
والقوانين
فالقانون يحق لها بالمرور
فتسير كالملكة
ليتسع لها كل ضيق
وتفسح السيارات المجال
وتسطف على جانبي الطريق

وإيميلي في سيارتها تلحق بسيارة
الإسعاف، وفي يدها
هاتفها المحمول
هاتفت والدتها وأخبرتها بما جرى

أصرت بيريتا على إيميلي
أن تأتي لجلبها معها
إلى المستشفى
كلا أمي لا داعي لذلك
أطمئني ..سأكون على تواصلٍ معك
لقد وصلنا هيا
سأحدثك فيما بعد
حسناً
إلى اللقاء

أخذ الطاقم الطبي
يدخل والدتها الغرفة المخصصة لها
ومنع تيليا من الدخول خلفهم
ليدعها في قاعة الإنتظار

تيليا...إيميلي
هل هي بخير
لا أدري ، دخل طبيبها
ليقدم لها بعد الفحوصات الطبية

فجلست إيميلي
ونادت تيليا
إجلسي
خذي قسطاً من الراحة
فجلست

هل هذا حلماً
هل انا ما زلتُ نائمة
إيميلي أيقظيني هيا
لقد نمت كثيراً
أيقظيني ..
أرجوكِ

إحتضنتها بسرعة
وتمسح دمعيها
لا تقلقي سوف تكون على ما يرام

خرج طبيب كاتيلين
وهو الطبيب ذاته الذي أشرف
على حالتها
في المرة الماضية
وهو طبيب العائلة

فقد كان يعرف والدها وعمها من قبل
وهو صديق العائلة

إبنتي ... ألم أقل
ألأفضل لها أن تبقى في راحة
وأن تبتعد عن أي شيء
يضايقها
ويعيدها لحالتها الصحية السيئة

فهذه المرة أيضاً
كان إرتفاعاً في ضغط الدم
هذا ليس جيد لسيدة في عمرها

دكتور ، حقاً أمي كانت في راحة
وفرت لها كل ذلك
لكن حقاً لا أدري
ما الذي جرى ما الذي دفعها
لذلك
أعتقد بأنه وردها هاتف من
شخصٌ ما
لا أعلم بماذا أخبرها
فهذا ما أعتقدته .

حسنا يجب أن تبقى الليلة
في المستشفى حتى تتحسن حالتها
فحالة الأغماء المصاحبة لأرتفاع ضغط
الدم ليست جيدة ، وهذه ليست
المرة الأولى لذلك كما تعلمين

وإذ تحسنت حالتها الصحية في الغد
فلها أن تخرج ولكن
عديني أن لا يحدث هذا مجدداً

حسنا ....وربت الطبيب بأبتسامة
خفيفة على كتفها الأيمن
مطمئنها.

وَرْدةُ الزَيزَفونّ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن