الفصل السادس

6.3K 176 15
                                    


(اخر يوم في شهري العسل) ضحكت دلال لنفسها بسخرية وهي تخفق البيض بحماس.عادت أمامها ذكريات كلا الشهرين العجيبين منذ تلك الجملة التي رماها بها اصلان كسهم ( انت محرمة علي كأمي وأختي) ... التف بعدها بهدوء وارتمي علي الفراش الضخم تاركا اياها مسمرة في مكانها للحظات.... اتجهت بعدها للاريكة البعيدة في نهاية الغرفة مصدومة حتي انهارت تنتحب في صمت.... (يا الهي.... الم تتقبل توبتي.... يارب سامحني يارب ) استغفرت ربها لأفكارها التي توجهها لنهاية سوداء فقررت ( سأقوم لأصلي الفجر ولن اهتم.... لم أخطئ واعلم ان الله قد تقبل توبتي... سأعود لبيتي في الصباح وليفعل بي ابي مايريد.... لا لن اذهب للبيت .... سأذهب لعمي منصور هو من سيأويني ولن يدع مكروها يصيبني) ارتاحت اخيرا لهذا الخاطر وخرجت من الغرفة بهدوء للوضوء.
( دلال... تعالي يابنتي)كانت ام اصلان لازالت علي الأريكة في ردهة المنزل وبين يديها مصحفها الضخم.... فقدت دلال القدرة علي الكلام او الحركة لثوان وهي توضع في أولي المواجهات وأصعبها عليها لانها بالفعل احبت تلك السيدة الحكيمة. ما ان جلست دلال حتي قالت ام اصلان مع تنهيدة( انا الليلة اسعد مايكون... لقد دعوت الله ان يمد في عمري حتي اطمئن علي مصير تلك الاسرة الذكورية وقد كان... لقد رزقهم الله اما تصلي الفجر حاضرا)
ازدردت دلال لعابها وهي تحاول البوح بحقيقة ماسيحدث فقاطعتها ام اصلان بابتسامة ( اعرف يابنتي ان اصلان لم يعد سهل المعشر كما كان ولكن ما مر به صعب بحق.... لكنه في النهاية رجل... ولم يخلق الله رجلا يصمد امام سحر الأنوثة النقية) قالت كلماتها الاخيرة وهي تربت بحنان علي خد دلال التي انهمر الدمع من عينيها وهي تهمس( آسفة يا أمي ان خيبت ظنك الا ان الامر لم يعد بيدي) كم ودت دلال لو انها لم تجرح ام اصلان بهذا الحديث الا انها أخبرتها بكل شئ حتي تبرر لها قرار العودة لبيت اَهلها .انتهت وعادت تقول من بين دموع القهر ( آسفة ياأمي ...) استوقفتها ام اصلان بهدوء وان كان شحوب وجهها دليلا عما يعتمل بنفسها ( لا تأسفي يابنتي .... الذنب ذنبي وحدي)نظرت لها دلال مستفسرة الا انها استطردت( اذهبي يابنتي لتصلي والله المستعان)
انتهت من صلاتها في سكينة وهدوء راضية بما كتب الله لها.... فمن لها سواه !
(اسمعي يا دلال واعلمي ان الله وكيلي انني لا اريد لك سوي الصالح) فهزت دلال رأسها مؤكدة فاستطردت ام اصلان( لن تتركي المنزل.... انت وحدك من سينهشه الناس في هذه الحالة... لن يتحمل أباك عودتك يوم صباحيتك ابدا) مسحت دلال دمعها وهي تؤكد( ولكن لا ترضي لي ياأمي ان أعيش عيشة حرام)
نفت ام اصلان ( لا يابنتي حاشالله... اذا قال انك اخته فسوف تعيشين معنا كأخت له.... لن تحتكا ابدا كزوج وزوجة وهذا وعد مني)
كانت دلال تتطلع بأم اصلان تائهة تتمني الصواب فأستطردت ام اصلان بحماس ( حين تتزوج المرأة صدقيني يابنتي تبحث عن بيت واطفال وسند أليس كذلك!) هزت دلال رأسها بانكسار لذكر الأطفال
( حسنا ها هو البيت بيتك وانت سيدته والأطفال ثلاثة صبيان لا أم لهم سواك... اما السند فقد قال انك اخته لذا فليحمل عنك كأخ)
لا تصدق دلال انها وافقت علي ماقالت ام اصلان الا ان تلك السيدة مقنعة جدا وتسوق اي شخص لتنفيذ ماتريد بالحرف ولن تنكر ان صورة ابيها وهو يراها عائدة يوم صباحيتها اثارت الذعر في قلبها فوافقت.
والحق يقال لم يحتك اصلان بها نهائيا او حتي يتحدث اليها كأنها ليست اصلا موجوده... فتعودت علي الحياة بسرعة وسهولة خاصة وهو لا يعود للبيت الا حين ينام الجميع...فينام مع شهاب وبهاء بينما احتلت هي ونور الغرفة الكبيرة.
(شهاب وبهاء) همست لنفسها وهي تبتسم وتلقي البيض المخفوق في المقلاية (طرفي النقيض)
اول حديث لها مع شهاب المبتسم دوما مع نظرة....استجداء كان حين استيقظت مبكرا لتجده يعد الافطار...فتناولت ما بيده في دهشة وهي تقول( ماذا تفعل ياشهاب!!لماذا تعد الافطار!انا سأفعل كل شئ)
هز رأسه شهاب –طفل في العاشرة لا يشبه والده وإنما أشقر مع عيون زرقاء حزينة-رافضا( لا.لا أريدك ان تفعلي شيئا فقط ارتاحي...أرجوك)
لم تفهم دلال سر نظراته المستجدية وقالت بإصرار (لا ياشهاب... هذا واجبي ومن الان فاصاعدا انا من سيقوم بأعمال البيت كلها... الا اذا كنت لاتريد ان تتذوق طبخي)قالتها مازحة ولكنه نفي ثانية بهزة رأس مذعورة... اما بهاء فأعلن عليها العصيان من اول يوم وهو يهتف ( لن أناديك أمي... اعرف ستعامليننا جيدا امام ابي وجدتي وحين يلتفتوا ستعذبيننا) ضربه شهاب بقوة علي كتفه ( لا تتحدث معها بهذه الطريقة)
سارعت دلال تفض بينهما( شهاب أرجوك لاتضرب اخيك ثانية... بهاء اذا كنت لاتريد ان تناديني أمي فلا مشكلة ناديني بما تريد... ولا تقلق لن أعاملك بشكل سئ حين لا يراني احد لأَنِّي مؤمنة ان الله يراني في كل وقت)
قلبت البيض وهي تفكر ( الحمدلله اعتاد نور علي واحبني...خفت مشاغبات بهاء كثيرا وقامت بيننا صداقة... ولكن يبقي شهاب بلطفه الشديد ومراعاته الزائدة عن الحد ونظرات الاستجداء بعينه لغزا لا ينتهي)

زفر اصلان بغل وهو يسترق النظر من باب المطبخ ليراها علي ابتسامتها الحمقاء تقلب البيض في هدوء .... يريد ان يشرب فنجانا من القهوة قبل الذهاب للعمل وطبعا لا يطلب منها شيئا لذا عليه انتظار خروجها حتي يدخل هو
(ابتسامتها المستفزة تلك سأمحوها يوما ما.... كم اتمني ان اصفعها بقوة علي تلك الغمازات ال....ال... المستفزة... كل مافيها مستفز.. تعتقد انها لن تخطئ ولكني لها بالمرصاد وحينها لن ارحمها) لم يشعر انه نطق تلك الكلمة الاخيرة بصوت عالي الا وأمه من جلستها تصدر صوتا اعتراضيا وتقول( الرحمة من عند الرحمن وحده . استغفر ربك)
استغفر اصلان وهو يحك ذقنه طلبا لهدوء لم يجده فهتف عند باب المطبخ ( هل سيستغرق عمل البيض ساعة اخري... خل انزل اشرب القهوة بالمقهي)
رأها تنظر له تلك النظرة الهلعة التي تخصه بها فعاد لغرفته حانقا ليغير ثيابه ويذهب .حين خرج لم يجدها هي او امه ولكن سمع صوتهما في الشرفة ...كاد ان يفتح الباب ويخرج حين رأي فنجانا من القهوة علي الطاولة.كانت رائحته قوية وشكله رائع وكمدمن قهوة لم يقاوم هأول رشفة أدت لرشفات كثيرة .... لم يعرف اصلان حينها ان قهوة دلال إدمانا .

داويني ببلسم روحكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن