رائحة الفجرالمميزة تضرب انفه...تعيده لمشهد صار ملازما له مؤخرا .رالصورة الحية في ذهنه..حين ولج باب المستشفي مما يقرب من ثلاث اسابيع ليري منتهي تقف محتضنة ظهر حنان الجالسة علي كرسيها في شرفة المستشفي....كانت تلك الصو
كانت حنان ترتدي رداءا بلون السماء شعرها الطويل الذي تأبي تقيده يتطاير حولها بينما منتهي تقف شامخة في رداءها الرمادي معلنة عن نضج اوشك ان يشيب.
همس حينها قاسم لنفسه ( اصابتك النساء بالجنون يا ابن هزيمة....من تحب منهما..من تملك قلبك! الاجابة واضحة ومعروفة ولكنك تخاف احساس الذنب اذا ما اعترفت)
نفس الشعور راوده الان وهو يدخل المستشفي التي لم يغادرها الا من ساعات قليلة...كانت منتهي حيث يجدها يوميا في الشرفة العامة امام باب حنان...حنان التي رفضت باصرار منذ شهر حين دخلت المستشفي ان يرافقها احد...سوي منتهي.
رأته يقترب فهتفت بدهشة ( قاسم...لماذا حضرت بهذه السرعة..لم تأخذ وقتا لترتاح)
احتار غي اجابة السؤال حتي ولو لنفسه فقط ( هل اتيت خوفا علي الراقدة بالداخل خائفا ان اتركها لوقت طويل فتتسلل لعالم تتمناه...ام جئتك انت يا غيمة وردية عل نيران القلب تهدأ)
اسند مرفقه علي السور الخشبي ثم اراح رأسه علي كفه المفرود مغمضا عينيه... تأملته منتهي بحنان لم تعد قادرة علي كبته ...كم تمنت في تلك اللحظة ان لم يكن الحضن بينهما شيئا سيساء فهمه...لا ترغب في ان تحضنه بعاطفة ما..الا عاطفة امومة اصبحت مرهقة لها...تريد ان تأخذه بين ذراعيها تهدهده كما تفعل الجدات وتخبره ان زوجته وولده سيكونون بآلف خير..ولكن و آسفاه الحضن بلا اوراق رسمية فضيحة.
خرج صوتها مدهشا له ..كما كان قبل كل تلك المطبات في حياته ( ألا تسألني دوما عن سر نشاطي وتحملي...حسنا سأخبرك..)اشارت له علي الاريكة المقابلة فجلس وجلست بجواره...لم تهتم
بالمسافات..فقط استطردت (دوما اغمض عيني واذهب لفكرة جميلة او ذكري سعيدة..مثلا اتخيل نفسي في نافذة غرفتي..افتحها في الصباح لأري هذا البيت المهجور جوار بيتنا مهدود ومكانه احلي حديقة ممكنة...حديقة واسعة مزبنة بأحلي الزهور التي زرعتها بيدي تلك)
اغمض قاسم عينيه ليسافر لذكراه السعيدة والني ماهي الا ..حلم منتهي الذي حكته للتو..
رأها تقف في نافذتها تطل علي تلك الحديقة التي تسكن خيالها...في رداء وردي وشعر قصير ...وهو ..هو يقف في تلك الحدقة ينتظر طلتها..وما ان يراها حتي يخر علي ركبة واحدة صارخا ( كوني لي منتهي حكاياتي )
لم يعرف انه لشدة تعبه راح في النوم مسندا رأسه علي كتفها الدقيق.
ارتبكت منتهي وهي تتلفت حولها لتري الشرفة خالية من البشر...همست لنفطها ( وما المانع...لننعم بقرب دافئ ولو لدقائق)
غارقة هي في فورة مشاعر لم تتذوقها من قبل...نعم تحبه وتعشقه ولكن أمر اللمس هذا لم يخطر لها ببال.
ان تشعر بذقنه الخشنة تحك كتفها وتصل خشونتها لجلدها عبر الثياب الرقيقة...ان يحك شعره خدها بتآمر مع انفاسه الحارقة تلسع ذقنها...كل هذا لأمر جلل يثبت انها لازالت في الحب طفلة
وقبل ان تدرك ماهية تلك المعركة الشعورية.اضيئ المصباح الاحمر فوق غرفة حنان معلنا اياها مستيقظة.
هزته برفق وخجل منادية بصوتها الرقيق ..ففتح عينيه لتري فيهما نظرة احتارت في تفسيرها..نظرة لم ترها في عينيه من قبل ولم تفهمها..وهو يقول بصوت أجش ( ليت كل الاحلام تحقق بتلك السرعة والبساطة)
غابت في غرفة حنان للحظات بينما يراقب هو ضوء الصباح الخجول وبضع عاملين يتنقلون هنا وهناك في كسل..قبل ان تخرج منتهي معلنة بتوتر ( حنان..تطلب رؤيتك)
انتفض من كرسيه وهو يهز رأسه رافضا ( انسي..لن اقابلها يا منتهي...يكفي ما حدث لا اريد مقابلتها حتي يستقر وضعها ...)
ثم صمت وهو يثبت عينيه في عينيها ( انا مرتعب...مصاب بهلع يهز اعماقي خوفا عليها..خوفا من الآتي)
تلطلعت فيه منتهي بتسلط ( قاسم ابن الحاج منصور الذي يدير عائلة كاملة بأصبعه الصغير وابن هزيمة التي تدير ذاك الرجل الذي يدير العائلة لايرتعب ولا يهلع بل يدخل ويواجه)
وقرنت قولها بأن فتحت الباب مادة ذراعها لاخره لداخل الغرفة ...( تفضل قاسم) كانت تضغط علي كل حرف كزوجة لحوح تنتظر رفضك لتضع لك السم في شوربة العدس.
دخل قاسم بعد ان رمق منتهي بغيظ...كانت حنان هناك علي سريرها الابيض...في نصف جلسة وحولها الوسائد تدعمها...تسمر كعادته كلما رأها وهو يري ضعفها وهشاشتها...ولكن وجهها كان حكاية اسطورية...بدت جميلة مشعة وشعرها الاسود يحيط وجهها هادئا لاول مرة...كأنه قرر الاستسلام.
همس برهبة اسراها جملها الفريد في جسده (حنوون تبدين جميلة جدا )
اشارت له بضعف وصوتها يخرج ضعيفا وان كان صافيا ( اقترب قاسم...ام انك خائف)
ابتسم بسخريةنافية ( اخاف منك هل جننت)
عض علي شفتيه فور نطقه لكلمته لاعنا غباءه وهو ينظر لمنتهي نظرة ( لقد اخبرتك)
اما منتهي فكانت علي وشك صفعه علي ماقال حين سمعا ضحكة ناعمة...ضحكة اشبه بالشمس الدافئة المتسللة من النافذة..ضحكة رائقة من شفتي حنان رسمت الابتسامة والدهشة علي وجهيهما
ولتزيد دهشتهما قالت بشقاوة ( حين تحققت اخر مرة ..نعم انا مجنونة)
ثانية صمت تبعها انفجار ثلاثي في الضحك .
( قاسم..هلا حملتني لشرغثفة الغرفة ...اريد ان اتمتع بتلك الشمس الدافئة)
لم يعترض...كانت مختلفة عن اي وقت سبق وشعر بالراحة لرؤيتها بهذا الاشراق.
حملها بخفة بين ذراعيه ..اغمضت عينيها باستمتاع فبدت كطفلة يحملها ابوها للسرير بعد نومها علي الاريكة واتجه بها للشرفة..يجلسها علي الكرسي بهدوء ورفق شديد ..بينما منتهي هنا تقف مبهورة الانفاس.
أنت تقرأ
داويني ببلسم روحك
Romanceالجزء الاول من سلسلة بيت الحكايا ************************** (اريد العودة لبيتي) يرددها قلب رقية بدون ادني صوت لان عقلها متيقن ان لا فائدة كن هذا الرجاء. ليس الان وهي قد أصبحت في دولة اخري تبعد عن بلدها خمس ساعات بالطائرة. ليس الان وهي في سيارة رجل...