الفصل الثالث عشر

7.2K 167 6
                                    



"محدش مرتاح.....ازاي بندور علي الفرحة واحنا بندور في جراح... محدش مرتاح بنعيش نتمني نروح سكة وسكك مختلفة بتتراح"

تطلع في وجهها المسترخي وهالات الارهاق تحيط بعينيها النائمتين...شعرها المجنون يحيط بوجهها المستكين فيمرر اصابعه فيه بهدوء عل شوقه اليها يرتاح....ولكن هذه الحركة البسيطة جعلت معدته تنكمش بألم فأنتفض من سريرها حتي لاتشعر بنوبته...قفز لاقصي الغرفة يسب نفسه ويسب جنونه بغل.
(عد ودفء فراشي...لم تغب لاسابيع لتبتعد الان) قالتها بتول بلهجتها الحازمة حين شعرت بإبتعاد قيس دون ان تكلف نفسها عناء فتح عينيها المغلقتين.
اسرع مقتربا وخبط حافة السرير الخشبية بقبضته بعنف ليهمس بفحيح ساخن قريبا من وجهها المستكين
(أي دفء هذا الذي تزعمين..... مذ عرفتيني بحق الله متي دفئت فراشك يا....بتول) السخرية المرة في طريقة نطقه لاسمها جعلتها تفتح عينيها المحمرتين بفعل الاجهاد لتهمس بقوة وصرامة ( وهل تعتقد ان هذا الوقت هو انسب وقت لحديثك هذا... الان وانا عائدة من نوبة عمل طويلة وانت عائد من سفر اطول)
نظر لعينيها المحمرتين وهالات الارهاق بحنان طاغ وهمس بوله ( هل عذرائي متعبة لتلك الدرجة)
نفضت يدها من يده بحنق ( لا احب هذا الاسم قيس.... كم مرة علي ان اخبرك)
تطلع فيها بدهشة مصطنعة وهو يقول( أوليس معني بتول العذراء)
اعتدلت في الفراش وقد بلغ عضبها اوجه فأتسعت عينيها كعادتها في ثوراتها
( قيس لا تستفزني رجاءا وألا انت تعرف..)
رأت جسده العريض يتمدد ووجهه الملوح بسمرة العمل لاوقات طويلة بالشمس تعربد فيه ملامح الاشتعال وهو يسأل بهدوء مخيف (وألا انا اعرف ماذا؟)
صمتت لثوان تغلفها الرهبة... رهبة تشعر بها تجاهه فقط في حالات الخطر... ونباها حدسها انها في احدي تلك الحالات الان ...لذا استجمعت ملامح المشاغبة الطفولية والوقاحة المحببة وخي تقفز واقفة علي السرير لتصبح في طوله تقريبا وتحيط بعنقه وهي تقول بأنوثة فطرية ودلال متحدي ( وألا طبعت من قسيمة زواجنا مئة نسخة ووزعتها علي كل فرد من افراد العائلة ...ولك ان تتخيل ردود الافعال...)
قفزت من السرير لتقف علي الارض تعطيه ظهرها ثم تعود للنظر اليه وعلي وجهها رسمت ملامح صدمة وتهتف(قاسم سيقول ...انت يا قيس ...انت تأخذ صغيرتي) ثم قلبت ملامحها لملامح شريرة فكتم قيس ضحكاته حتي لاتتسلل خارج الغرفة وهو يعرف من تقلد قبل ان تنطق ( عدي سيقول....لن يقول... سيقتلنا اولا ثم يتحدث معنا برفق) سعدت وهي تري جسده العريض يهتز بضحكات مكتومة.... شعرت في تلك اللحظة بهناء قد تختزنه لعمرها كله.... قيس بتول يضحك...وهل من غاية أسمي.
للحظات تبادلا نظرات تتحدث...تحكي حبا لن يتقبله أحد...طرف خائف وطرف مصر..


"يظهر عذاب الحب الله استحليناه....ومفرقين روحنا في مليون اتجاه....واللي بيبكي علينا مش شايفينه بعنينا وبنبكي علي اللي راح....محدش مرتاح"


"محدش مرتاح" رددتها مياس وهي تراقب هند اختها الرزينة تمارس هوايتها المفضلة في التطريز...
حدثت مياس نفسها بسخرية ( هند الرزينة حتي في هوايتها.... صندوق مغلق لا يعرف احد شيئا عما داخله.... اتمني لو مرة اراك تبكين فرحا او تبكين حزنا....دوما فتاة المثالية... حتي حين احببت كرم-هذا اذا ما افترضنا انك احببتيه حقا- احببتيه لانه المثالي لا أكثر)
نقلت عينيها لجميلة تلاعب صغيرتها بكرة....تضحك بشفتين...وعينين يبكيان
تنهدت مياس بتحسر ( وانت ياجميلة.... لماذا تر(كت الحب المجسد امامك منذ الطفولة لتبحثي بعيدا... هل هربت من بيت العائلة واي ما يربطك به كما كنت تتمنين دوما وذهبت للحي الراقي.... والان عدت للبيت عدت لأمانك)
رفعت نظرها للبيت القائم امامها بشموخ وعزة وهي تسأله ( هل انت بيت الحكايا؟ لا والله انت بيت الالم والوجع.... انطق واخبرني من منا لم توجع.... معاذ الذي هجرك بعد ان هجرته الجميلة... جميلة...هند...وأنا...وهو..محدش مرتاح)
لم تعرف ان همستها الاخيرة مسموعة وهي تراقب زين الآتي من بعيد الا حين آمن قاسم الذي لم تشعر بعودته علي ماقالته ( صدقت بنيتي.... "محدش مرتاح")

داويني ببلسم روحكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن