دعت الله بلهفة وتوتر ان يكون الجميع لازالوا نائمين تحت تأثير حفل فاطمة الذي استمر لساعة متأخرة من الليل.... تتحرك بهدوء لا تريد لأحد ان يراها وهي لازالت بجلباب النوم وقد لفت فوق شعرها الأسود حجابها بإهمال.زاد توترها وهي تفتح باب الغرفة بنهاية الصالة الواسعة بهدوءوحذر.كان منصور لازال علي سجادة الصلاة يختم صلاة الفجر فتهللت أساريره لتلك المتوترة
( اهلًا يالراقية... لماذا استيقظت باكرا بينما لازال الكل يغط في النوم....هل اشفقت لحال خالك المسكين المصاب بالأرق لابتعاد ابنته)
ابتسمت رقية لخالها منصور بحب..... دوما يصر علي ان يناديها راقية...فيعطيها شعورا بالتميز تفتقده كثيرا.مزحت وهي تجلس علي الارض بجوار خالها( لا اصدق ان عمتي ام قاسم ستترك وحيدا لوقت طويل.... لاتقلق)
نظر لها بتمعن ورد بهدوء( انت محقة ستنضم لنا قريبا بالتأكيد.... لذا قولي ماعندك يا راقية)
تفاجأت وعادت لتوترها وهي تري خالها يقرأها ككتاب مفتوح حتي قبل ان تتحدث
تنهدت بقوة لتخرج قليلا من شحنة القلق بداخلها وقالت بصوت خافت ( خالي حدث امر البارحة.... ولم استطع ان ائتمن عليه سواك)
ابتسامته المشجعة جعلت الكلمات العصية تسترسل من فمها دون عوائق او حدود حتي انتهت من سرد ماحدث علي سطح بيتهم دون ان تخفي ولو كلمة اوهمسة دارت بينها وبين الملثم.نظرت لخالها لازال صامتا يحرك حبات مسبحته بتأن وعينيه مثبتة علي موضع السجدة كأنه يستدعي قوي دعواته التي يودعها هذا المكان.
اخيرا تحدث بصوت خفيض( راقية ..يالراقية أتعرفين كم اخطأت فيما فعلت؟ أتعرفين ايضا كم أصبت!)
لم تفهمه ولكنها جاوبته بتردد( اعرف اني ما كان يجب ان استقبله في غرفة الغسيل وانه كان من الممكن ان يقتلني او يضربني دون ان يدري بي احد)
تطلع منصور بهذا الكائن الرقيق دهشا انها لم تَر ما هو اسوء وقال (ماذا ان رأك احد معه باعلي... ماذا خرج هو او دلال ليقول انه كان مع ابنة الحاج عثمان فوق بيتها) جحظت عينيها مع كلمات خالها وهي تتصور ان يحدث هذا فوضعت يدها تغطي فمها وهي تهمس بخوف ( يا ألهي)
اقترب منها منصور يربت علي شعرها الذي سقط عنه الحجاب هامسا ( لا تخشي شيئا ابنتي...لقد أحسنتي صنعا بإخباري)
وقف يتطلع من النافذة علي النهار الوليد مستغرقا في التفكير حتي اعتقدت رقية انه نساها وأخيرا التفت اليها بابتسامة ( موقفك بنيتي بالرغم من خطورته الا انه نبيل أنقذ حياة أشخاص عده...لذلك أريدك ان تكملي جميلك ولا تخبري احدا نهائيا عما حدث.... تلك أعراض وشرف)هزت رأسها مؤكدة فاستطرد ( ما ان يطّلع النهار أريدك ان تهاتفي دلال لتأتي لزيارتنا قبل ان تعودي لبيتك)
اختارت ام قاسم تلك اللحظة لتدخل حاملة صينية عليها إفطارا شهيا لزوجها فانتهي الحديث بإيمائة بين رقية وخالها.
خرجت رقية من الغرفة تعد الساعات حتي تهاتف دلال.... بينما جلس منصور يتناول إفطاره وعقله يبحث عن حل لهذا الوضع.
كانت سهر تنزل السلم الداخلي ولازالت بفستانها الفضي الا انها الان حافية القدمين..... رأت فراشة رائعة بلون ابيض واسود تبدو كعروس طائرة لم تستطع ان تقاومها فطاردتها رافعة فستانها حتي الركبتين وشعرها العسلي يطاردها كعاشق مجنون.
في البداية راقبها من بعيد الا انه لم يعد يستطع ان يقاوم سحرها.... فاقترب عدي كالمسحور... يريد فقط سماع صوتها .... يتمني فقط لمسها. تلفت حوله يطمئن ان لا احد يراه واقترب بهدوء تتلمس انفه انفاسها يملئ بها صدره. لم يلحظ وهو مغمض العينين اقتراب سهر منه لتقف أمامه تماما تتطلع بقامتها القصيرة بوجهه بشوق شديد... سألها عدي مرتبكا( ماذا تريدين ياسهر)
ابتسمت ابتسامة مغوية وهي تنكزه في صدره بأصبعها بغنج ( انت من تريد .... أنسيت كلامك لي... قلت انك ستنتظرني...)
اقتربت اكثر وهي تقف علي أطراف أصابعها لتهمس لشفتيه بسحر ( لم يطاوعني قلبي ان اترك قلبك في الانتظار) لم يعد يتحمل... هو فقط بشر.... عدي فقط رجلا تقف أمامه فتاته التي يعشق وعينيها وشفتيها تطالبه بالانصهار ... فأنصهر في سهر.
شدها اليه بعنف وهو يطبع علي شفتيها قبلة اعلان ملكية...قبلة عنيفة ككل شئ في عدي ... فتح عينيه المغمضتين ليري معشوقته تائهه وعلي شفتيها اثار قبلة وابتسامة تطالب بالمزيد فأحتضنها هامسا ( يا حياتي)
فهمست بأغواء ( لاتتركني حبيبي... لا تتركني الا وانا ملكك كلية.... خذني.... خذني ياقيس) تائها في كلماتها حتي نطقت بأسم أخيه.....ففتح عينيه مذعورا لينظر في مرأة مقابلة فيجد نفسه قد اختفي ومن بالمرآة هو قيس يبتسم له بسخرية.
قام منتفضا ليجد نفسه لازال بسريره بكامل ملابس الحفل غارقا في عرقه.اعتدل ولازال جسده يعاني اثار حلما تحول لكابوس.
نهض يشعر بالاختناق وخلع ثيابه بضيق .كانت الغرفة في حالة فوضي....تذكر ماحدث فعاد الالم لقلبه حيّا يتلوي....عاد لغرفته يختبئ يأبي ان يري المزيد من المشاهد الغرامية بين سهر وقيس...
كان قلبه كمرجلا مشتعلا .... أراد قتل الالم ... أراد ان يشعر براحة تبدو مستحيلة لذا فتح خزانته العريضة واخرج ذلك الصندوق ليفرغ محتوياته علي السرير.... كانت منحوتات خشبية لكافة الاحجام لفراشات مختلفة ... حلي رائعة امضي ساعات وأيام في صوغها ونحتها من أخشاب الصندل وأنواع اخري من الأخشاب العطرة وطعمها بالأحجار الكريمة وصندوق مجوهرات ابدع في صنعه وتطعيمه بقطع خزفية جعلته يتلألأ كقطعة من النجوم..
لم يعد يحتمل فصرخ بقهر رجل لم يعرف القهر قبلها ( آه ياسهر.... قتلتيني وقتلني حبك... موجوع ياربي ودمي ينزف بلا دم... خذ روحي ياربي واجعلني شيطانا اطاردها فلا تُهنأ يوما ولا ترتاح) وبغل حارق نزل بكل قوته بكفيه علي المنحوتات الخشبية الرقيقة محطما اياها.
ينظر الان في ضوء النهار علي الفساد الذي صنعه ويده التي جرحتها نثرات الخشب فلم يهتم ولكن تذكر كلامه الاحمق فقام مسرعا يتوضأ ويستغفر عل الله يقبل منه توبة ويريح عذابه.
أنت تقرأ
داويني ببلسم روحك
Roman d'amourالجزء الاول من سلسلة بيت الحكايا ************************** (اريد العودة لبيتي) يرددها قلب رقية بدون ادني صوت لان عقلها متيقن ان لا فائدة كن هذا الرجاء. ليس الان وهي قد أصبحت في دولة اخري تبعد عن بلدها خمس ساعات بالطائرة. ليس الان وهي في سيارة رجل...