الجزء الثاني من الفصل الخامس عشر

6.3K 164 8
                                    



حاول بيأس متفاقم فتح عينيه ولازال الفشل صديقه... ذكري الساعات الماضية ضبابية كالضوء الساطع الذي يمنعه من الرؤية..لازال يذكر تحامله علي كتف ما وصوت انثوي مزعج يحثه للحركة....
بعدها غاب عن الوعي وكل ما كان يصل لعقله الغائب كلمة " توبة..... توبة"
تأكد حينها علاء انه سيلاقي حتفه وهناك من يطلب منه التوبة عن خطاياه
حاول في البداية جاهدا ان يخرج صوته... دون جدوي.
صراع... صراع اقوي من اي عراك دخله حتي يخرج صوتا ينطق استغفارا... بلا جدوي.
(يارب... يارب... مرة اخيرة يارب عاملني بكرمك لا بشحي...عاملني بعدلك لا بظلامي... مرة اخيرة يارب عاملني بعزتك لا بذلي)
لازالت الاصوات تتردد " توبة... توبة"
حينها شعر بفرج من الله ودموعه تجري علي وجهه ... صوته يتحرر...( اغفرلي يارب... سامحني يا قيس... سامحني..)
غاب عن كل وعي... دخل في دهاليز لم يرها من قبل..لم يعد يهتم سوي بهاجس واحد يحتله .."التوبة"
اخيرا انتهي صراعه الحاد مع جفونه ليفتحها ببطئ شديد وتبدأ الصور حوله في الاتضاح...
عدة ازواج من العيون الفضولية كان اول مارأي علاء... قبل ان تبدأ الصيحات الطفولية لاصحاب العيون في حماس ( لقد استيقظ الميت)
حاول لاعتدال جالسا.... الا ان الصوت المزعج جاء من خلفه محذرا ( أمر الطبيب بأن لا تتحرك الا بهدوء)
رمش بعينيه عدة مرات حتي تضح له صورتها وهي تقف امامه آمرة... فتاة طويلة لا يظهر اذا كانت رشيقة او لا بسبب الجاكيت الزيتي الرجالي الذي ارتدته مفتوحا فوق كنزة صوفية كحلية اللون... اما بنطلونها فحدث ولا حرج... كان بنطلون صاعقة واسع بعدة جيوب علي الجانبين...تلف رأسها بحجاب فوقه قبعة رياضية...
( انا مصاب بالتأكيد بالهلوسة بفعل الضرب... لم ار في حياتي ملابس بتلك البشاعة)
جلست امامه القرفصاء لتواجهه بوجهها الذي يسجل ملامحه في ذهنه لاول مرة... لم تكن جميلة جدا...كانت فتاة عادية تشبه باقي بنات بلادها... ولكن النظرة علي وجهها كانت...اكسير قوة خام.
تحدثت فجأة فجفل (بالنظر لعينيك...استقرت حالتك يارجل بعد ان ظننا انك ستموت)
اراد علاء ان يستفسر عن صيغة الجمع في "ظننا" ولم تكن سوي ثوان قبل ان يخرج من الباب المقابل للاريكة حيث تمدد رجل وسيدة في الخمسينات ربما و اطفال المزعجين ليتم التعارف.
السيدة هناءوزوجها السيد ناصر و اطفال الذي لم يستطع بعد تبين وضعهم في العائلة باعمارهم المتماثلة وملامحهم المتنافرة ... استطاع علاء معرفة عددهم وهو يرفع حاجبا في دهشة.... سبعة اطفال.
خيم الصمت لثوان بعد ان تولت السيدة هناء التعارف بنبرة مرحة.... وسؤاله معلق في حلقه .. والفتاة؟
قال الاب بصوته الرخيم ( وطبعا تعرفت ياولدي علي ابنتي الكبيرة...توبة)
عدم الاستيعاب تملكه للحظات... وهو يرفع نظره اليها مستدركا سبب تردد الكلمة في منامه...حركت يدها بإستهانة وهي تعلن بعجرفة لاتليق بتلك الخرق التي تسميها ملابس ( لن اقضي يومي في هذا التعارف الظريف.... سأبدا في مهامي)
اقتربت السيدة هناء منه وهي تهمس بنبرة حانية ( عفوا ياولدي.... ابنتي تعاني من مرض خطير اسمه قلة الذوق)
زمجرت الاخري بصوتها المزعج اصلا لخشونته... ليست خشونة ذكورية... وانما خشونة مبحوحة ( أمي... لاداع لان نعرض خلافاتنا علي غرباء..سأوصل الاولاد الان)
لدقائق رأي الاطفال يندفعوا للباب وكل منهم يحمل حقيبته المدرسية بصخب ودون التوقف عن الهتاف.

داويني ببلسم روحكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن