الجزء الاول من الفصل الخامس والعشرين

5.6K 149 1
                                    



بدأت غيمات النوم المريحة تتلاشي من حوله والسبب..ابتعاد شعرهاعن خده.
وكأن شعرها المجعد منومه المريح...لايغوص في نوم عميق الا وهو يلامس وجهه بينما رأسها علي كتفه.
ابتسامة بالرغم من نومه تتشكل علي وجهه وكلا عقليه الواعي والالاوعي يغرقان في تفصيلها....ليتلاشي كل هذا مع صرخة فوق رأسي
(يا ميلة بختك يا تووووبة....يا خراب بيتك يا تووووووبة)
انتفض علاء بفزع وهو يبحث حوله ليفاجئ بتوبة تقف فوق السرير وهي تولول.
( ماذا....ماذا حدث يا حبيبتي ..)
كانت كلماته وصوته لازال في غلالة النوم ولكن كله تلاشي دفعة واحدة وهي تقترب بملامح شرسة
( حبيبتك...نعم انا حبيبتك التي ستقتلك الان)
اعتاد علاء علي تهديدات القتل التي لايخلو يوما من ايامهم الزوجية منها ولكنه قطب وهو يقول مهدئا ( جوجو... انزلي اقتليني من فضلك وانت مرتاحة ولاتنسي انك حامل في شهورك الاولي)
نزلت توبة بالفعل ولكن لتواصل "وصلة الولولة" ( كيف صدقتك حين اخبرتني انك لن تتركي...وها انت تجهز اوراقك لتسافر دون حتي ان تخبرني)
كان صوتها بدأ يتهدج ورغبتها في البكاء تتجلي في ارتعاشة شفتيها ولكنها تحاول التماسك وهي تمد يدها بتذكرة سفره
تطلعت بعينيه بنظرة كسيرة جعلت يقترب منها بحنان ولكنها باغتته صارخة ( ياميلة بختك ياتوووووبة)
لولا حبه الشديد لامه لنالت منه دعوة لانها من علمت توبة كلمات الولولة تلك
زفر بحنق حاول مداراته (جوجو ياحبيبتي...انا مسافر لعمل مع قيس صديقي وسأعود وقد رأت امك وطبيبتك ان لا اخبرك حتي لاتتوتري في بداية حملك)
تخصرت توبة في جلبابه البيتي...نعم جلبابه ..فقد اكتشف انها مغرمة بإرتداء بيجاماته وجلابيبه ولاترحم من ملابسه شيئا
( وهل أمة العرب كلها تعرف عن سفر زوجي الا انا....ثم لماذا السفر العمل هنا يسير علي اكمل وجه)
جذبها بخفة لتجلس جوراه ثم قال بهدوء ( نعن الاعمال هنا جيدة لكني احتاج لعمل اكبر لنوفر منه مالا اكثر...فكما تعرفين لك مهرا لم ادفعه بعد)
اجابت متلهفة وهي تتحسس وجهه ( يا عمري ..من طلب مهرا ومن يهتم به...حبك لي مهر كاف)
لثمها برقة علي اسفل ذقنها وهو يهدهد شعرها الثائر كعادته ( انت حبيبتي وام اولادي ووطني....ولكن لك عندي مهرا ...هل تعرفين ما هو)
سألت بغيظ وهي تشعر بثورتها تتسرب لنعومة كلماته ( وما هو هذا المهر اللعين)
ابتسم وهو يشدها من يدها لمكتبها الصغير ...يفرد ورقة بيضاء يخط عليها رسمة بيت ضخم قبل ان يكتب فوقه ( بيت توبة)
كانت تتطلع فيه بعدم فهم فشرح بنظرة اجلال لاكسير القوة خاصته ( مهري لك بيتا لليتامي ...بيتا ليس هنا فقط ولا حتي في وطني وانما بيتا له فرع في كل بلد من بلداننا العربية)
احتضنت كفيه عاجزة عن الكلام فأستطرد بصوت اجش ( بيتا يكون جمهورية "توبة" يجمع اطفالنا دون النظر لماضي لم يكونوا سببا فيه..وحاضر يقسو عليهن بلا سبب...لقد غذيتي روحي توبتي بحلم وآن اوان تحقيقه)


أيظن أني لعبة بيديه؟
أنا لا أفكر في الرجوع إليه
اليوم عاد كأن شيئا لم يكن
وبراءة الأطفال في عينيه
ليقول لي : إني رفيقة دربه
وبأنني الحب الوحيد لديه
حمل الزهور إلي .. كيف أرده
وصباي مرسوم على شفتيه
ما عدت أذكر .. والحرائق في دمي
كيف التجأت أنا إلى زنديه
خبأت رأسي عنده .. وكأنني
طفل أعادوه إلى أبويه
حتى فساتيني التي أهملتها
فرحت به .. رقصت على قدميه
سامحته .. وسألت عن أخباره
وبكيت ساعات على كتفيه
وبدون أن أدري تركت له يدي
لتنام كالعصفور بين يديه ..
ونسيت حقدي كله في لحظة
من قال إني قد حقدت عليه؟
كم قلت إني غير عائدة له
ورجعت .. ما أحلى الرجوع إليه ..

وقفت تفرد القميص الصغير جدا بلونه الازرق الزاهي وتكويه بالمكواة الحديدية الثقيلة شديدة السخونة وهي تقهقه علي ما يفعله بهاء بشهاب ونور ...بعد ان قلب احدي الطاولات علي جانبها والصق ساقيها بالحائط لتصبح اشبه بقفص صغير حبس داخله المجرمين شهاب ونور.
دخل اصلان من باب الشقة ليستند علي الباب يراقب المشهد امامه...ام فاتنة تضحك بحب لجنون صغارها وحنان الامومة يلمع في مقلتيها لهم...لو لم يكن حاضر في ولادة ابنائه الثلاثة لشكك في كونهم لشادية واصر انهم لدلال...ودلال فقط .
لاحظته فاعتدلت في وقفتها وهي لازالت تعمل باجتهاد قبل ان يسألها بصوته الحنون ( ماذا تفعلين يا دلال..توقفي)
كانت توشك ان تبدأ في كي احدي عباءات امه قبل ان يمنعها مخرجا عباءة جديدة من احدي الحقائب التي لم تلحظها في البدايةّ وناولها لامه مداعبا ( هذه لك يا ام اصلان ...علك تلتقطين عريسا في فرح ابن الحاج عبدالحميد)
ضحكت امه مازحة ( دعواتك يا ولدي ....فالرجال اصابهم العمي)
كان يضحك لامه وكل حواسه معها...مذاق الشيكولاتة وغمازات الفرح تسعد لسعادة امه ...بصدق وايثار.
( وانت يادلال...اقتربي لتري هديتك)
اقتربت علي استحياء متلجلجة ( لم يكن هناك داع ياحبي )
سكت الكلام وهي تراه يداعب بين اصابعه الرشيقة فستانا باللون الاحمر القاني...مصنوع من الساتان اللامع...بلا اكمام.
انحبست انفاسها وهي تراه يقترب منها بجرأة جعلتها تتراجع خطوات للوراء حتي اصبحا مخفيين في مدخل المطبخ عن اعين الباقين...
مد يده بالفستان يمرر القماش الناعم فوق ذراعها المكشوف ونظراته لا تتصف سوي بالوقاحة.
( اذا هل اعجبك الفستان..) كان قريبا منها جدا حتي اصبح صوته الهامس هدرا..
( تعرفين طبعا انك لن تخرجي به بهذا الشكل....له جاكيت باللون الاسود يصل لبعد الركبة ...محتشم تماما لا تقلقي)
هزت رأسها موافقة عله يبتعد ولكنه لم يفعل بل استطرد بخبث ( لكن حين نعود سترتدينه بلا جاكيت..لي..وحدي) قال كلمتيه الاخيرتين ملاصقا لها وشفتيه تأثران شفتيها بهمسة صغيرة مغرية.
ثم سحبها من يدها غير مبال ارتباكها وهو يخرج بها لحيث انه ويهتف بحبور بينما يداه تعبثان باصغر الشنط ( هيا يا ام اصلان....سمعينا زغرودتك الشهيرة)
اخرج اصلان من الشنطة علبة مربعة من القطيفة واقترب من دلال بابتسامة حب ( هيا ياعروس لتضعي شبكتك)
شهقت دلال متفاجئة وهي تري قلادة ذهبية ضخمة تلمع في العلبة ومعها ستة اساور ذهبية مزركشة بورود متلاصقة...وفي منتصف العلبة يرقد خاتم "محترم" به وردة لامعة كبيرة....
تسألت دلال مندهشة ( ماهذا يا اصلان ...ما كل هذا الدهب)
اقترب منها واصابعه تحتضن ذقنها بينما عينيه تأسران عينيها
( اعرف انه لايشبهك...وانك تعشقين من الحلي ابسطها وارقها....ولكني اردتك غدا حين تدخلين حيكم ...اردتك ان تلمعين كنجمة كي يراكي الجميع ويعرف....ان من كانت يوما محل لغطهم....محلها اليوم قلبي)


في الحفل
وقفت منتهي بجوار سهر المتألقة في فستان سكري رقيق...تشد فستانها بغضب يزداد كلما التقتت عينيها نظرة قاسم الشغوفة المنتصرة.
حين فتحت عينيها صباحا لتجد حول سريرها سيدات العائلة متحملقات والوجوه تقطر حماسة افزعتها ..قبل ان تعلن امها وهي تمد الفستان ( خطيبك ارسل لك هذا لترتديه في الحفل...هيا جربيه)
حاولت الرفض ....حاولت التمسك برأيها ..لكن كله ذهب ادراج الرياح وهي تري الفستان الوردي بأكمامه الطويلة وتنورته الواسعة....كان بسيطا انيقا ملكيا....وها هي نادمة الان لنظراته المتبخترة علي فستانها.
دخلت النساء لاحدي الغرف ريثما يعقد القران
كانت سهر تجلس مرتعشة فاقدة جرأتها التي طالما ميزتها ...منتظرة الكلمة التي طالما حلمت بها ( وانا قبلت زواجها)
رن صوت عدي واضحا عبر الغرف وربما عبر المجرة كلها بتلك الكلمات ...لتصبح هي هلاما.
دخل عدي الغرفة ليهنئ العروس ....كان لعينيها ماردا حقيقا وهو يسحبها لتقف بفستانها السكري المزين بفراشات دهبية متراصة بشكل متماوج.
كانت سهر ترتجف كورقة وهو يطبع قبلة متأنية علي جبهتها ...قبل ان تنتقل شفتاه ببطء لخدها المشتعل خجلا...قبل ان يهمس لها بصوت لم يسمعه سواها ( لقد اعلنا المأذون ....سهرانيا وفراشته)
رفعت كفها دون تفكير تلمس خده وكان ماحدث بعدها ......صدمة
في ثانية كان عدييلف ذراعا حولها يرفعها الي صدره وهو يعلن للمصدومات بالغرفة
( رجعت في كلامي .....لن نكتفي بعقد القران شكرا لكم ...سيكون زواجا كاملا)
كانت سهر تدفعه بهستيريا بينما امه تصرخ عليه ان يتوقف ةهزيمة والباقيات يقهقهن.
( اتركني عدي...انت تثير فضيحة)
كانت تهتف عليه سهر ليلتفت اليها يتطلع فيها بتلك النظرة التي ....تشعل داخلها نيرانا لم تكن تعرف عنها شيئا ....( اتركك!!! ابدا)
وحده صوت عمه منصور من عند الباب اعاد له قليلا من صوابه ( نعتذر لك سيد عدي...هلا توقفت عن اثارة الفضائح)
تطلع فيها وهو يبتعد بعد ان همس ( سأعود ...وليعينك الله في اشهر الانتظار التي فرضتيها...وانا لن اسهل عليكي الامر....سأحاول الاقتراب حد الاحتراق في كل لحظة)



انتهي   

داويني ببلسم روحكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن