تلاهي الجميع في الحفل وانشغل بالنارد الذي يحاول اختطاف الفراشة...فلم يلاحظوا كفان يتعانقان في لهف ....ينسحبان للحديقة المهجورة.
كان شهاب يتطلع في دميته ذات العيون الكبيرة في حبور تلاشي وهو يري دمعات تتبعها شهقات بريئة وصوت متهدج ( لقد تقرر الامر يا شهاب...وحجز ابراهيم لنا علي طائرة غد....لن اراك ابدا)
لم تكمل غفران جملتها وهي تنتحب وترمي نفسها في حضن شهاب المصدوم....
كان حضنا غير احضان البشر...حضنا لملاكين لايعرفا كم سيدفعا ثمنا لحبهما.
تمالك شهاب نفسه هامسا يحاول برجولةوليدة وأد البكاء ( ششششش ماهذا الهراء ...انت خطيبتي امام الله...وهل هناك آجل من الله شاهدا....ستبتعدين..ولكنك بالتأكيد ستعودين يوما وسأكون بانتظارك)
رفعت وجهها وهي تمسح دموعها بظهر يدها ( ولكن لا اعرف لكم من الوقت سأغيب)
ازاح يدها يستكمل المهمة عنها بأصابع مرتعشة ( غيبي دهرا اذا اردت...سأكون في الانتظار)
سألت غفران بطفوليتها النقية( ولكن كيف ستعرفني)
حك جبهته بتركيز لايليق بسنه قبل ان يجد الحل ( طالما معك دميتي سأعرفك...لاتقلقي)
اتسعت عينيها وهي تتوصل لفكرة...ويداها تفكان عقدها الملون بألوان فستانها الاحمر والابيض ( وانت احتفظ بعقدي...حتي اعرفك)
صوت امها القلق يناديها من الداخل جعلهما ينتفضان وهمت غفران بالابتعاد...الا ان يده اشتدت علي ذراعها وعيناه تلمع ببريق اخافها ( غفران سأكون شريرا جدا اذا احببت غيري...)
قاطعه معاذ وهو يسحب غفران من يدها محذرا من قدوم امها....تاركا خلفه قلبا شابا ستتلقفه الاقدار.
ضيق عينيه بتوحش وهو يهمس بجوار اذن الاخر بضراوة ( أرايت؟هل صدقتني الان؟كنت دوما اخبرك ان خلف هذه الوجهة من الطيبة والدماثة ...يكمن شخصه الذي يتلذذ بتعذيب العشاق وابعادهم عن بعض)
تطلع قاسم لحيث يشير عدي بغيظ ليجد والده يجلس كملك متوج وعلي يمينه تجلس سهر تتغنج عليه كعادتها وعلي يساره تجلس غيمته تضحك بحبور علي الحوار الدائر بين عمها وعروس اخيها.
التفت قاسم بهدوء وهو يدلي بخبث وتواطؤ ( لكني لن اكون رقيقا مثلك....بل سأتجه لسياسة الهجوم علي الفور) وبلهجة عالية نادي بتوسل ( أميييييييييي)
اتجه لحيث تقف امه مع بعض النسوة من المعارف فتطلعت فيه بدهشة ( ماذا يا قاسم....لماذا تصرخ علي بهذا الشكل!)
اجاب بمسكنة يجيدها مع امه ( الم يكن من المفترض ان تتاح لي الفرصة لكي اخبر منتهي بمفاجأتي....كيف سأنفرد بها وابي لا يتركها وحدها لثانية)
كشرت امه بتفكير وهي تقول بينما تتحرك في اتجاه زوجها ( اصبت....!)
وقفت هزيمة امام منصور تطلب منه كلمة علي انفراد ثم سبقته لاحدي الغرف البعيدة...
كان يسير خلفها وابتسامة مليحة تزين وجهه...لتضمحل تلك الابتسامة وتختفي حتي تحل محلها تقطيبة غاضبة سببت لها الجزع بمجرد ان اصبحا في الغرفة الخالية.
( خيرا ياحاج...لما اراك غاضبا؟) سألته هزيمة بتوتر
زم منصور شفتيه وهو يقول من بين اسنانه ( ما هذا الذي ترتدين ياهزيمة؟)
نظرت هزيمة لفستانها الاسود الطويل من الفيزون يغطيه بالكامل جاكيت برونزي وحجابها الملفوف للخلف مظهرا رقبتها وقرطيها الذهبيين الضخمين....لم تر فيما ترتدي شيئا غريبا خاصة وكل النساء بالخارج يرتدين نفس الثياب من نفس المحل مع اختلاف الالوان.
وقبل ان تجيب كان يقترب منها بنزق يلملم جانبي جاكيتها ويفك لفة حجابها وهو يهتف بلهجة آمرة ( اغلقي الجاكيت بدبابيس ....ولفي حجابك كما ينبغي ياهزيمة والا قسما بربي لن تخرجي من هذه الغرفة لنهاية الحفل)
اتسعت عينيها في دهشة قبل ان تبتسم بغنج ويدها تملس علي عبائته الصوفية ( هل تغار علي يا منصور وانا جدة لجيش من الاطفال)
قبض علي ذراعها وهو يهمس لشفتيها بحرارة ( وسأغار عليك حتي موتي....... مارأيك لو نجلب لبتول اخا صغيرا تلاعبه)
ضحكت هزيمة بدلال وهي تقول ( كدت اموت في بتول...هل انت متأكد)
هز رأسه بسرعة نافيا ( لا لا بلا انجاب....تعالي لاسدد لك بعض الديون السريعة حتي نعود لمنزلنا...واسدد علي راحتي)
أنت تقرأ
داويني ببلسم روحك
Romantizmالجزء الاول من سلسلة بيت الحكايا ************************** (اريد العودة لبيتي) يرددها قلب رقية بدون ادني صوت لان عقلها متيقن ان لا فائدة كن هذا الرجاء. ليس الان وهي قد أصبحت في دولة اخري تبعد عن بلدها خمس ساعات بالطائرة. ليس الان وهي في سيارة رجل...