الجزء الاول من الفصل الخامس عشر

6.2K 169 2
                                    



لدقائق جلس صامتا امام الرجل الاكبر سنا يحاول ترتيب افكاره...افكاره التي تبعثرت علي مدار الايام السابقة ...والسبب فأرته.
حين عرف انها انطلقت وحيدة بالسيارة في بلد غريب...اراد معاقبتها.
حين عرف انها طارت من بلد لاخري وحيدة بلا حماية... اقسم علي معاقبتها.
لكن كل هذا تلاشي وحل محله رغبة في القتل... قتل تلك الضئيلة التي نزلت درجات السلم في رداء منزلي رقيق وشعرها الاسود مشعث حول وجهها وكتفيها بفوضوية... في وجود اولاد عميها دون اعتبار له.
وما زاد جنونه رؤيته لقاسم وقيس اللذين هبا ليقتربا من السلم في محاولة لمساعدتها..
( انا سأريك يا فأرة... سأعاقبك بظهورك بهذا الشكل امام غرباء... سألملم شعرك الاسود هذا في يدي علي شكل حلقة وأصنع من جسمك الضئيل جدا هذا ميدالية احتفظ بها في اعماق جيبي... او ربما أحملك قسرا لغرفة الغسيل مكان لقاؤنا الاول... واعلقك من شعرك هذا بمشابك علي المنشر... او ربما...)
قاطع خيالات ابراهيم للانتقام من رقية نحنحة الحاج منصور للفت انتباهه
قال ابراهيم باعتذار ( اسف عمي منصور لحضوري دون موعد)
خرجت كلمته الاخيرة لائمة دون قصد للرجل الذي ابتسم بادراك
( اعذرني يا ابراهيم ياولدي لرفض اللقاء الايام الماضية... كنت اترك لك المساحة الكافية للتفكير في خطوتك التالية)
عاد وثبت نظراته بقوة في عيني ابراهيم وهو يستطرد
( اعرف ان خطأ رقية جسيم وانك عانيت في تلك الساعات التي لم تعرف فيها مصيرها)
قشعريرة برودة انتابت ابراهيم وجف حلقه وهو يتذكر شعوره حين تلقي اتصالا من الشرطة في مقر عمله يخبورونه عن سيارته المحطمة... كيف مرت الساعات وهو يجري في كل انجاه يبحث عن فأرته التي لن يتحمل الحياة بدونها لحظة...تذكر حين عاد للمنزل اخيرا ليبحث عن صورة لها لتساعد في البحث حين تلقي اتصال امه اللائم.
حاول التركيز في الكلمات المنسابة بحكمة من الرجل الذي احترمه حتي قبل ان يراه... حاول ان ينفض عنه انقباض تخيله لحياة بدون الفأرة.
( لكن..) تركها منصور معلقة لثوان وهو يدرس اختلاجات ابراهيم ( لكن لك ان تتخيل فتاة كابنتي الراقية.. عاشت عمرها كله تحيط قلبها بسور عالي لاجل فارس احلامها ... لتفاجئ بعد هدم السور ان الفارس كان علي علااقة..)
قاطعه ابراهيم هاتفا ( اقسم لك عمي... لا علاقة بيني وبين تلك الفتاة واني لم ارها او اكلمها ابدا قبل ذاك اليوم)
ضيق منصور عينيه وهو يقارن مايقول ابراهيم بكا قالته له قبلا دلال ليجد تناقضا... يتذكر بالضبط كلماتها ( اردت شخصا فقط لاتكلم معه وكان هو موجود دوما)
من الكاذب هنا... لسبب ما كان يصدق دلال فسأل بجمود ( هل تقصد انك كنت علي السطح في هذا التوقيت بالصدفة مثلا؟)
تنهد ابراهيم بقوة وهو يمرر اصابعه في شعره... يبحث عن بقايا تماسك
( لا لم تكن صدفة... ذهبت هناك لاصلح شيئا من اخطائي) طأطأ راسه يتهرب من عيني منصور وهو يبوح بحرقة بكل ماضيه الملوث ( كنت شابا عابثا... اتعاطي الحشيش والخمور حتي طرددني والدي من المنزل ... حينها استأجرت وكرا لي ولاصدقاء السوء ... كان وكرا لكل الموبقات...الا اني لم اقرب يوما الزنل... كانت كلمة ابي محفورة في خلاياي" كما تدبن تدان" لم اتخيل ان يرد لي ديني في مغفرة صغيرتي)
اغمض عينيه يتذكر ذاك اليوم ( دخلت لوكري فسمعت احد ثعابيني يكلم فتاة بوله وطيبة مزيفة..لم اهتم في البداية...ولكن بعدها سمعته يتفق مع اخر علي الهاتف انه حين يبدأ ذلك الزفاف الضخم في الشارع سيصعد لملاقاة الفتاة في سطح بيتها.. ومن سطح قريب يصورها الاخر معه ويبتزوها بتلك الصور)
لاحت الصدمة والاستنكار علي وجه الحاج منصور وهو يستمع لتلك الخطة الدنيئة ويحوقل بصوت خافت
(حينها ثار دمي في عروقي وانقضضت عليه اوسعه ضربا.. ولاني لم اكتشف من المصور فقررت حينها ان اذهب للفتاة واحذرها... ليس خوفا عليها ولكن خوفا علي عائلتها التي لم يكن لها ذنبا في كون ابنتهم بلا اخلاق... وحينها قابلت رقية )
اراد منصور ان يبرئ دلال من تهم ابراهيم... لكن نظرة الهيام علي وجه الاخير جعلته يستمع ( يوما قررت مع ابي ان ابن حياة ومستقبل يليق بها لتكون مكافأتي من الله علي ترك المعاصي...اتمني ان تصدقني يا عمي)
تطلع منصور لدقيقة كاملة في ابراهيم الذي يجلس امامه كمن ينتظر حكما بالاعدام ليعلن القاضي
( اصدقك يا ولدي... لكن مايهم ان تصدقك رقية)

داويني ببلسم روحكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن