الجزء الثاني (وصية)

1.6K 63 1
                                    

كانت الملابس السوداء تكسو المكان ، حالة من الحزن منتشرة في تلك الحجرة التي يجلس فيها الناس لتقضية واجب العزاء

تنهدت في داخل نفسها وتذكرت هذا المشهد ، كم اشتاقت لأبويها

ولجت إلى المطبخ لعمل العديد من القهوة وتقديمها ، وانتظرت حتى غليان الماء
وكانت تلك فرصة لشرودها في ملابسها واليوم نفسه منذ عام

يوم وفاة أمها ووقوف يوسف إلى جانبها ، محاولة إضحاكها والتخفيف عنها
اشتاقت إليه

قامت بسكب الماء المغلية المضاف إليها حبيبات القهوة المطحونة في كل فنجان على حدة ، وحاولت ألا تتعثر وأن تتزن في سيرها

كانت تنظر إلى الصينية التي تمسك بها خشية من السقوط ، فشعرت بوجود جسم أمامها يمنعها من التقدم ، لم ترفع عينها بل استشعرت وجوده ، رائحته ،شعورها بوجوده
كل شئ يوحي بأنه معها ويقف أمامها

لكن ذلك لم يمنعها من رفع بصرها والنظر إليه وقد صدق حدسها
فظلا يحدقان ببعضهما حتى شعرت هى بخفقان قلبها ورعشة تسري في يدها وبالتالي إهتزاز الصينية الموضوع فوقها فناجين القهوة ومن ثم إضطرابها

حاولت أن تستعيد تركيزها والتحكم في رعشة يدها لكنها لم تستطع
إلا أنه شعر بها وأسرع بوضع يده فوق يدها فسكنت تماماً

هتفت هى بإضطراب

- ابعد إيدك ، ابعد عني

نظر إلى يده الموضوعة فوق يدها ثم نظر في وجهها وتفوه بإبتسامة عاشقة صادقة

- مقدرش ، مقدرش أفلت إيدي مرة تانية ، مقدرش ابعد عنك
مش هقدر أعيش من غيرك طول مانتي بتفكري فيا

هربت بعينيها بعيداً وأفلتت يدها بقوة من يده مما تسبب في سكب فنجان من القهوة على يدها
فأسرعت بوضعهم على الطاولة ولم تهتم لألم يدها

- ومين قالك إني بفكر فيك ؟

قالتها بعصبية شديدة وبطريقة عدوانية

فتقدم هو نحوها وأمسك بيدها المحترقة في ظل استمرارها بإبعاده ووكزه وصياحها فيه والذي كان بصوت منخفض حتى لا يحدث ضجة في الخارج بسببهما

استطاع في الأخير بشل حركاتها العدوانية ووضع يدها تحت صنبور الماء وأكمل

- عشان في كل مرة أنتِ بتفكري فيا بحس بيكي وبشوفك قدامي بسمع صوتك وبحس بسكوتك وبلاقيني جايلك

فنظرت هى إليه بغضب تحذره وتعنفه قائلة

- قلتلك أبعد عني أبعد عنـــــي

- مش هيحصل

- هيحصل عشان أنا مش طايقة وجودك ولا شوفتك

تحامل على نفسه كلماتها اللاذعة وأكمل بعبارات مليئة بالمشاعر

مصارعة الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن