( 6 )

31.4K 1.2K 189
                                    

حل الصباح وحياة تغط بنوم عميق .. جسدها الضعيف والمرهق من كثرة البكاء ليلا هو ما جعلها تغفل عن تحضير الفطور .. ورغم أن يديها الملفوفتان بالشاش الابيض غير قادرتين على تحضير شئ الا أن غضب صفية كان بانتظارها في الاسفل .. لتفتح عينيها على أشعة الشمس الحارة واللتي انذرت بمرور وقت طويل من فترة الصباح .. لتهرع بسرعة وسط تأوهاتها المتالمة بارتداء ملابسها ، تطالع سرير علي خان واللذي كان فارغا مما يدل على أنه قد غادر الغرفة مبكراً ، تزداد خوفاً وتوتراً لتنزل الى حماتها وهي ترتعش رهبة .. تجدها جالسة على مائدة الافطار هي وعليخان .. ترمقها بنظرات ساخطة قائلة ما ان وقعت انظارها عليها :
- ها قد شرفتنا بحضورها حياة خانوم ..

اقتربت حياة من حماتها تعتذر بنبرة راجفة لتنهض من على كرسيها تمسك بإحدى ذراعيها قائلة :
- هذه المرة لن اوبخك .. سأتركك لزوجك كي يوبخك ..

- لا تقحميني بهذا .. افعلي بها ما شئت ..
كانت هذه كلمات عليخان واللذي نهض يطالع يديها المضمدتين يطلق تنهيدة عميقة من داخله ليغادر المنزل بملامح باردة .. يترك حياة تحت رحمة والدته ..

- ستدفعين ثمن هذا الخطأ ايتها الافعى .. ستنظفين الملابس بيديك هاتين ..
قالت صفية بملامح مخيفة حانقة لتهتف حياة باكية :
- ولكن يداي تؤلمانني بشدة .. كيف سأغسل الملابس بهكذا ألم !!! .

- لا يهمني ألمك يا غبية .. المهم ان اجد الملابس نظيفة كما وكأنها جديدة ..
غادرت تترك حياة مع دموعها تبكي بحرقة وهي تطالع يديها ، أي عذاب هذا اللذي وقعت به ، وهل تستحق كل هذا حقاً .. لطالما كانت فتاة جيدة .. تحب الجميع والجميع يحبها .. لم كل هذا إذن ؟!! ، تسائلت في قرارة نفسها لتجد جوابا واحدا لطالما كان الخيار الاوحد .. وهو أنها في اختبار عظيم عليها أن تجتازه بصعوبة بالغة .. تتحلى بالصبر والقوة .. حتى انتهائه .. متى وكيف .. هي لا تعرف ولكنها تؤمن بأن الخير يغلب في النهاية دائماً ..

دخلت صفية غرفتها تغلق الباب خلفها وهي تتمتم بكلمات ساخطة مع نفسها :
- لم تري شيئا بعد .. سأريكي كيف سأنتقم منكِ ومن عائلتك كلها ..

في المساء كانت حياة جالسة في المطبخ .. تمسح دموعها وهي تغسل الصحون ، تعض على شفتيها بألم كبير ، تحاول جاهدة التسلح بالقوة ، وهي تدعي بداخلها أن ينتهي عذابها هذا .. ولم تلبث تنتهي حتى وجدت صفية واقفة مقابلها تأمرها بالذهاب الى اسطبل الخيول .. لتوصل الى جودت ظرفا يحوي معاشه الشهري .. ولم يكن من حياة الى أن اخذت الظرف تتجه الى الاسطبل دون أن تنطق بحرف واحد .. تلبي طلب صفية بصمت وطواعية غافلة أن خلف كل هذا مكيدة قد حيكت للايقاع بها ..

أما عليخان واللذي كان جالسا برفقة ساركان في منزله يشربان الخمر ويبوحان لبعضيهما بهموم كل واحد منهما .. يهتف ساركان بضحكة خفيفة قائلا بسخرية :
- أتعلم صديقي .. لا أظن بأنك تمنح ولائك لأي شخص في هذه الحياة عدا جدك الاغا ابراهيم ..

قلبٌ من صخر  \مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن