( 1 )

66.1K 1.6K 136
                                    

- حياة .. أين أنتِ ..
كان هذا صوت اسماء زوجة والد حياة واللتي جالت البيت كله تبحث عنها بغضب عارم .. بينما حياة ذو الاربعة عشرة سنة تركب دراجتها الهوائية مسرعة نحو بستان أبيها .. تلهث بتعب ودموعها تغشي عينيها .. تمشي بمحاذاة النهر تمسح دموعها بشهقات حزينة .. حتى وقعت عيناها على شئ كان يطفو فوق سطح الماء .. دفعها لان وقفت تطالعه بإمعان وتتأمله جيداً لتصرخ فجأة بهلع  :
- يالهي .. رحمتك ..

كان ذلك الشئ شابا يطفو على وجه الماء بسكون .. يبدو وكأنه قد فارق الحياة ، رغم ذلك الا انها قفزت في الماء بسرعة تحيط عنقه بذراعها لتعوم برفقته حتى وصلت الى ضفة النهر .. لتنتهي بسحبه ثم تفقد مؤشراته الحيوية .. كأن تستشعر نبضات قلبه  وأنفاسه .. لكنه كان كالجثة لم تشعر سوى بنبض خفيف جدا يكاد يكون معدوما .. تدنو منه بتوتر شديد تغلق فتحات انفه بأصابعها ثم تلصق شفاهها بشفاهه لتقوم بسحب الماء من رئتيه ..

بعد عدة محاولات والخوف يعصف بجدران قلبها .. تضرب بيديها على صدره ، وإذ به يستيقظ بكحة قوية ،  يبصق الماء من فمه .. ويشق عينيه على وجهٍ ظن لوهلة أنه وجه ملاك .. يدفعه ما رآه لأن لملم جسده رافعا جذعه يتكئ على مرفقه قائلا بهلع و بصوت ضعيف بعض الشئ :
- ماذا يجري  ..

تنهدت حياة براحة تجيبه بابتسامة دافئة :
- كنت تطفو فوق الماء حتى رأيتك ..

ناظر المكان حوله بملامح متعجبة  ليسألها بصوت راجف بعد ان تأكد من خلو المكان :
- هل انتِ من قام بإنقاذي ؟! ..

- أجل .. وقمت بإسعافك ايضا ..

تأملها بنظرات ناعسة مرهقة ، ملامح وجهها الناعمة ، عيناها اللوزيتان رموشها الكثيفة والطويلة .. شعر اشقر  بلون القرفة  .. وخدود محمرة بشفاه ممتلئة باسمة .. كانت كالملاك حقا .. أسكنت خوفه حتى وجد نفسه يستعيد قوته فجأة .. ينهض قائلا يرفع خصلات شعره من على جبهته :
- إذن أنا مدين لكِ يا فتاة ..

طالعته بدهشة لتسأله بابتسامة :
- مدين لي!!!!

- الم تنقذي حياتي ؟.. إذن أنا مدين لكِ بحياتي ..

في تلك اللحظة نظرت الى قلادة كانت تتدلى من عنقه .. تخطفها بقوة قائلة بعد ان غمزته وهي تبتعد عنه :
- سآخذ هذا كدين بيننا .. ولا اريد شيئاً آخر .

ركبت دراجتها تبتعد عنه مسرعة سعيدة بإنجازها العظيم .. لقد أنقذت حياة احدهم .. لوهلة نسيت حزنها وعينا ذلك الشاب تغزو افكارها .. كيف نظر نحوها .. كم بدى وسيما حد اللعنة ..
- سيكون محزنا لو ان شابا بهذه الوسامة قد لاقى حتفه ..
قالتها بسخرية لتهمهم ضاحكة بينما تستمر بالاندفاع متجهة نحو بستان أبيها ..

كان يطالعها واضعا يده على عنقه مكان قلادته .. يبتسم براحة حتى تذكر شيئا مهما :
- اللعنة .. لم آخذ اسمها .. ولا اعرف اي شيئ عنها ..

قلبٌ من صخر  \مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن