الفصل الخامس عشر
في صباح اليوم التالي
بالمزرعة ...
بجناح ليث وكادي ….أستيقظت كادي وهى تشعر بألم شديد بجسدها فمفعول المسكنات التي أعطاها إياها الطبيب إنتهى تأثيرها وأصبحت تشعر بألم جسدها والجروح التي به .. توجهت بأنظارها إلى صوت باب الغرفة وهو يفتح .. ثم تاليه دخول مارثا وهي تحمل طعام لكادي وما أن رأتها قد أستيقظت أشرق وجهها وأنتشرت السعادة الجالية عليه .. أبتسمت بإتساع وهي تهتف قائلة :
- صباح الخير عزيزتي ..
- ثم أقتربت منها ووضعت حامل الطعام على الطاولة الصغيرة القريبة من الفراش ثم جلست مقابلة لكادي على طرف الفراش وهتفت بحب قائلة :
- - كيف حالك .. بما تشعرين
تجعد وجه كادي بألم بسبب محاولتها للإعتدال فأقتربت منها مارثا بلهفة وهتفت :
- على رسلك يا حبيبتي .. أنا سأساعدك
- وبالفعل سعادته مارثا على أن تكون نصف جالسة على الفراش ووضعت وسادة مصنوعة من ريش النعام وراء ظهرها حتى لا تتألم .. ثم إتجهت إلى المنضدة الصغيرة التي وضعت عليها الطعام وحملته وإتجهت صوب الفراش ووضعت الطعام أمام كادي و....
هتفت بحنو قائلة :
- هيا حبيبتي تناولي الطعام
نفت كادي برأسها بحركة ضعيفة وهتفت قائلة :
- لا أريد .. ثم تابعت بتساؤل ماذا حدث لي ذلك اليوم بعد أن فقدت الوعى
مارثا بهدوء :
- بعد أن هاجمك الثور .. فقدتي الوعى على الفور .. فحملك السيد ليث وأتجه إلي بكى إلى المشفى بزمن قياسي .. وهناك أخبرنا الطبيب إنكي لم تصابي بأذى بسبب مهاجمة الثور لكى .. فقط الكدمات التي بجسدك .. ثم تنحنحت بخفوت وهتفت .. بسبب ضرب السيد ليث لكى
أنتاب كادي رغبة حارقة في البكاء .. فبكت بحرقة وألم .. بسبب تذكرها لضربه لها بوحشية .. أمام العمال والخدم ولم يرحمها .. بل أهان كرامتها وعاملها كالخدم .. وأسوأ بكثير .. هي أصبحت متأكدة بأنه شيطان متجسد في هيئة إنسان .. لا يمكن أن يكون إنسان لديه قلب ينبض بالحياة ويشعر .. ويحب .. أحتضنها مارثا وهي تحاول أن تواسيها ببعض الكلمات الحنونة وهتفت وهي تربت على ظهرها بعطف :
- هدئي من روعك عزيزتي سيكون كل شيء بخير
أشتد بكاء كادي وهي تقول بيأس ممزوج بغضب :
- لا شيء سيكون بخير .. لا شيء .. كل شيء سيئ
أنتى تعلمين كيف يعاملني بسوء وقسوة منذ أتيت إلى هنا بدون حتى أن أرتكب خطأ واحد .. أو يخبرني بما ارتكبته عائلتي بحقه ولم يكتفي بذلك لقد ضربني ذلك الحقير بوحشية حتى كدت أن ألتقط أنفاسي الأخيرة .. هل تعلمين .. الثور الذي هاجمني لم يكن هو الوحشي والقاسي بل كان هو .. هو من يريد إذلالي حتى الموتوضعت مارثا أطراف أصابعها على شافتها وهتفت قائلة بخفوت ذاعر :
- أصمتي .. حتى لا يسمعك … إستمعي إلى حبيبتي .. لقد كان السيد ليث قلق بشدة عليكى وخائف أن يصيبك شيء .. حتي إنه لم يفارقك لحظة واحدة منذ أن كنتٍ بالمشفىنظرت لها كادي بدهشة وهتفت باعتراض :
- مستحيل .. لا يمكن أن ما تقوليه حقيقة إنه شيطان متجسد في هيئة إنسان .. كادت مارثا تجيبها لولا صوت فتح الباب
ولكن أنتاب كادي الفزع حينما كان هو من دلف إلى الغرفة كالعادة بصورة همجيه وبشكل فظ .. حدق بها بجمود وهتف بجدية :
- عاملة إيه النهاردة
- أشاحت كادي بمرمى بصرها بعيداً عنه .. مما جعل ليث يقترب منها وواقف مقابلاً لها حتي غطى جسده المكدس بالعضلات جسدها الصغير بالنسبة له .. وهتف بحدة :
- أنا سألتك سؤال .. يبقى تردي
نظرت له كادي بعينيها التي تنبعث منها شرارة الكره والحقد وأنفجرت به بغضب غير معهود منها:
- أنت عايز مني إيه تاني .. هااا عايز إيه
مش كفاية كده .. كفاية بقي يا أخي .. لمستني بدون موافقتي .. وضربتني وشغلتني زي الخدم .. و جلدني لحد ما كنت هاتموتني في إيدك .. كل ده بدون سبب .. كل ده ليه هااا
أنا عملت لك إيه إيه الغلط اللي ارتكبته في حقك ..
ماكُنتش أعرف إن موافقتي على عرضك مقابل حياة بابا هتدمرني بالشكل ده كنت كل اللي بفكر فيه أن بابا يبقي كويس وصحته تتحسن .. ب..بس ده لو عرف باللي أنا عملته هايموت مليون مرة
هايموت من حزنه عليا .. ومني .. ومن عجزه إنه مقدرش يحميني .. ومن شعوره بالذنب بأنه هو السبب في إني أبيع نفسي ليك .. بس خلاص مش قادرة أتحمل .. والله ما قادرة تعبت ..
مابقيتش عايزة أشوفك .. أنا بكرهك .. بكرهك أوي أنتهي كل شيء وأنا بفسخ العقد اللي بينا .. أنا هارجع مصر
صدم ليث كثيراً مما قالته كادي فهو لم يكن يعلم بأنها تخبئ كل ذلك بداخلها .. فحدق بها بتمعن وشعوره بالذنب يتزايد وشعور آخر لم يفهم معناه .. فأقترب منها وجلس مقابلاً لها ونظر لمارثا التي كانت تبكي تأثراً لبكاء كادي بالرغم من إنها لم تفهم حديثها لكن نبرة الألم التي كانت بحديثها كفيلة بجعلها تعلم بم تشعر به تلك الفتاة من مرارة وألم أشار لها بعينيه إشارة ففهمت منها أنه عليها الخروج فاتجهت إلى الخارج وهي تدعوا بداخلها بأن لا يقوم ليث بأي تصرف وحشي مع كادي فيكفيها ما عانته تلك الشابة اليافعة كالزهور والتي صارت ذابلة وأنطفأ بريق عينيها بسبب ما تعرضت له بحياتها من مآسي ... أمسك ليث بذقن كادي برفق ورفع وجهها المبلل بالدموع وحدق بعينيها التي أختفت خضرتها وتحولت للون الأحمر القاتم بسبب كثرة بكاءها والهالات السوداء أسفل عينيها وشحوب وجهها الظاهر بشدة وجسدها الذي نقص وزناً .. مسح ليث دموعها برقة وهو يحدق بعينيها وهتف قائلاً بهدوء :
- ممممممم ... عايزة ترجعي مصر .. وتلغي العقد اللي بينا وتطلقي مش كده .. أومأت كادي بالإيجاب وشعور بالاشمئزاز يصاحبها أثر لمسته لها ولكنها جاهدت لإخفاء ذلك حتي ينتهى ذلك النقاش العقيم .. تابع ليث بهدوء غريب
- طب وبابا فؤاد يا كادي نسيتيه .. ظهرت ابتسامة شريرة على ثغره وهو يتابع ... فكرك لما يعرف إن بنته المصونة راحت أتجوزت من وراه وباعت نفسها بسببه .. هيجراله إيه
هياخدك بالحضن مثلاً ويقولك هايل يا بنتي البطلة ..
تؤ تؤ تؤ ده ممكن يروح فيها .. وتخسريه للأبد .. وساعتها كل اللي عملتيه عشانه هيضيع هدر
نظرت له كمن ينظر لشيطان أمامه .. مصدومة من دناءته
وخبث .. فها هو يهددها بوالدها .. يعلم جيداً نقطة ضعفها .. كما يقولون " بيمسكها من أيدها اللي بتوجعها ".. يستغل حبها لوالدها لكى يجبرها على البقاء معه .. ويبقيها تحت سيطرته .. حقير، دانئ هكذا سبته كادي بنفسها وهي تتطلع له بصدمة وعينيها تشعان بالحقد والكراهية .. أقترب ليث منها ومازالت تلك الابتسامة الخبيثة مرسومة على وجهه وقبلها من شفتيها برقة بالغة ثم أبتعد وأقترب منها وهمس بجانب أذنيها بهمس كهمس الشياطين ... أنا مسافر أسبوعين عايزك تاخدي وقتك وتفكري يا حبيبتي .. والقرار اللي أنتي عايزاه أنا هنفذه .. طبعا يا روحي عايزك تعرفي أن أنا كل اللي يهمني راحتك .. وسعادتك
ثم نهض بخفة وعبس بفروة شعرها كأنها طفلة وغادر الغرفة وعلى وجهه علامات الخبث والمكر فهو أستطاع بدون أي مجمود يذكر أن يجعلها تخضع له .. وتنفذ أمره ..يعلم جيداً بأن قرارها محسوم فهي أبداً لن تضحي بحياة والدها .. وستفعل كل شيء لأجله كما فعلت سابقاً .....