...2..

2.3K 65 0
                                    


خطت خطواتها و هي تحس بقدميها ثقيلتين بل مترددتين 
يا ترى لم التردد 
لم تحس بأنها لا تريد بأن ترى مروان 
أو 
لا تعلم إن كان هو هذا ما تشعر به 
فهي لطالما رغبت بعودته 
أليس هو رفيق طفولتها الوحيد 
أليس هو من كانت تشاركه كل شيء 
إذا لم التردد 
لم لا تنطلق مسرورة إليه و ترحب به و تسأله عن حاله 
و لمجرد تخيلها للفكرة أحست بوجنتيها تلتهبان 
رفعت يدها للتتحسس بطرف أصابعها خدها المشتعل 
هل هذه الحمى أما أنها محرجه 
" مرحبا "
صوت عميق أخرجها من دوامتها هذه 
رفعت رأسها لتنظر إلى صاحب الصوت 
كان يتكأ على السيارة و ينظر إليها بابتسامة 
كم يبدو غريبا جدا عنها بزيه هذه 
فالصورة التي تتذكرها دائما 
هي لصبي شقي بعينان متحمستان دائما 
لطالما تسائلت عن لونهما الأخضر هذا 
الذي يتناقض تماما عن بشرته السمراء
أما هذا الذي يقف أمامها 
مختلف كل الاختلاف 
و لكن ما بها تلاحظ هذا الاختلاف الآن 
هل لأنهما ابتعدا كفاية عن بعضهما 
أم لأن كل من هما استقل عن الثاني بعد أن كانا مرتبطين معا 
أدركت أن كلا الجوابين صحيح حين سألها 
" ألن تردي فأعتقد أننا منذ زمن لم نرى بعضنا البعض " 
ردت عليه و في صوتها نبرة فيها شيء من الأسى لإدراكها الحقيقة 
" مرحبا...كيف حالك "
أجاب و قد جعلت نبرتها الابتسامة تتلاشى عن تعابيره 
" الحمد لله .... هل أنت مريضة ؟"
أجابت و هي تلقي بنظرها بعيدا 
" تعبة قليلا "
فتح لها باب السيارة لتصعد إليها 
ظلت منال في دوامتها هذه 
ماالذي حل بي الآن 
لم أحسست بهذه الفجوة في قلبي 
كفى هراء منال 
إن هذه الحمى هي من لعبت بتفكيرك 
فحتما لا شيء أحب على قلبك من أن تري مروان مرة ثانية 
و تسعد الجدة برؤيته 
لكن الحق يقال 
هناك جدار كبير بين منال و مروان 
خلفه بعدهما عن بعضهما 
فمنذ أن دخل مروان السنة الأخيرة في الثانوية و هو يكرس نفسه للدراسه و التخطيط لمستقبلة 
و من ثم التحق بكلية الشرطة لينتقل بعيدا عنهم ويدرس أربع سنوات فيها و بعدها حصل على و ظيفة هناك 
و هكذا 
لم يبقيا صدقين يتقاسمان كل شيء كما كانا 
يتشاركان الأحلام و الأماني 
يخططان لكل شيء معا 
أحست منال بتوقف السيارة 
انتبهت إلى أنهما قد و صلا المنزل 
نفضت منال تلك الأفكار عنها و ابتسمت لتقول 
" مروان ؟"
التفت إليها 
" شكرا لك ....ما كان يجب أن تتعب نفسك و تمرني "
بادلها لابتسام و أحست بأن شيء من الارتياح علا و جهه 
" لا أبدا فمدرستك في طريقي "
" هيا الآن فالجدة حتما تتشوق لرؤيتك "
التفت لينظر متأملا المنزل 
" ليس أكثر شوقا مني "
قال عبارته تلك و نزل متجها إلى المنزل بخطا سريعة 
أطرقت منال رأسها 
لا تنكر بأنها كانت تود لو تستطيع بأن تخبره كم تشتاق إليه و كم شعرت بالوحدة من دونه 
و فجأة لفت انتباهها صورة موضوعة بعناية بالقرب من مسجل السيارة 
تناولتها 
حدقت بها 
لتبادلها صاحبة الصورة النظرات بابتسامة بريئة 
شعرها الأسود القصير يتساقط حول و جهها الذي يستند على لعبة قطنية تحتضنها أمامها 
فكرت 
من تكون هذه الطفلة 
و لم مروان يحتفظ بها 
أعادتها مكانها قد تكون صورة تخص أحد أصدقائه و نسيها هنا 
نزلت من السيارة لتدخل المنزل 
طلت من باب الصالة لتجد الجدة ممسكة بيد مروان و باليد الأخرى تتحسس وجهه 
" يا حبيبي لقد اشتقت إليك كثيرا "
رفع مروان يدها إلى شفتيه ليقبلها 
" و أنا كذالك يا أمي "
ثم رفعت هي يده لتقبلها 
" لا حرمني الله منك يا بني "
أحست منال بأنها لم ترى جدتها سعيدة لهذه الدرجة من قبل 
أنها ترى مروان بكل رجولته يعود طفلا مرة ثانية بين أحضانها 
لم ترغب بإفساد هذا المشهد العاطفي بينهما فاتجهت إلى غرفتها لتبدل ثيابها 
***************************************
ألقت بنفسها على السرير القابع في زاوية غرفتها المتواضعة 
و هي تلف المنشفة على شعرها
و هي تحس بألم في رأسها و كأنه يرتج 
عينها تدمعان 
و تحس بحرقة في حلقها 
يا إلا هي هذا ليس و قت المرض 
فهي قد أصيبت باحتقان في الحلق حسبما تظن 
يجب أن تستعد للامتحانات جيدا 
سمعت قرعا على الباب 
" نعم "
جائها صوت الخادمه
" ماما تقول غدا جاهز "
" حسنا أنا قادمة "
إنها لا تشعر برغبة في تناول الطعام و لكت الجدة حتما سوف تغضب و تلح عليها بتناوله 
و لكنها تذكرت شيئا حينما همت بالخروج 
و هو أنها من اليوم يجب أن ترتدي حجابها مادام مروان هنا 
و حين انضمت إلى الجدة و مروان الذي هو الآخر كما يبدو استحم و بدل ملابسه أيضا 
سمعت الجدة تسأله 
" بني لم تخبرنا عن سبب هذه الإجازة ؟"
أصغت منال بصمت منتظرة الجواب 
تبادل مروان النظرات مع منال و الجدة ليقول بعدها بابتسامة 
" لقد تم تحويل عملي على هنا "
أحست منال بأنها تغص باللقمة في حلقها من شدة المفاجئة السعيدة 
" الحمد لله يا رب من صبر نال " 
كانت هذه الجدة تعبر عن فرحها 
" الحمد لله و أخيرا ستعود إلي يا حبيبي "
كررت منال و هي تبتسم 
" الحمد لله "
لا تعلم منال علاما تفرح أكثر على عودة مروان أم علا فرح الجدة 
ظلت الجدة طوال الغداء و هي تحمد لله 
و تسأل مروان بين فترة و أخرى إن كان يرغب بتناول هذا أم ذاك 
أما منال فبالكاد لمست طبقها 
نهضت من على المائدة 
" ما بك منال بالكاد تناولت شيئا ؟"
سألتها الجدة 
" متعبة قليلا ؟"
" هل تريدين أن آخذك إلى الطبيب "
سألها مروان 
" كلا يا بني سيأخذها السائق إن كانت تريد فأنت متعب "
<

عهد الطفولة ........ مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن