...24...

609 21 2
                                    

فتحت الباب على مهل مصدرا صوتا معاتبا 
" الآن حتى ذكرتني "
كانت هذه الكلمات اللتي أرسلها صوت باب الغرفة لمنال 
التي تقف على عتبته تحدق بالظلمة 
و رائحة الغبار تملأ أنفها 
" آسفة ... فلم أكن أجرأ..."
قطعت جملتها 
فلطالما دخلت هذه الغرفة و كانت الحياة تدب فيها 
لم تستطع رؤيتها خالية من الحياة كصاحبها تماما 
أخذت نفسا عميقا لكن حزينا
و دفعت بقدمها لتخطو أول خطوة تدخل بها هذه الغرفة اللتي هجرتها منذ زمن 
وقفت في منتصفها 
تتأمل تفاصلها 
كل شيء يذكرها .. لكن عليها دائما أن تتذكر
فالنسيان بمثابة النكران 
تحركت تجاه السرير المرتب الذي لم يمس 
منذ أن رحل صاحبه عن هذه الحياة 
و ما أن جلست حتى تطاير الغبار 
تألمت لذلك 
كيف سمحت لنفسها بأن تهمل هذه الذكرى
غطت وجهها بكفيها 
لتتلاحق الأصوات و تتبعها الصور 
لم ترفضها بل سمحت لها بعبور الذاكرة
و الاستقرار أمامها 
علها تعتذر لها عن نكرانها 
أحست بشخص يجلس قربها على السرير 
و يد تستقر على كتفها
ليهمس صاحبها 
" أنت هنا ...الجميع في انتظارك "
إلتفت إليه بعينين تترقرق من بين هذه الظلمة 
" كيف سمحت لنفسي بنسيانها "
ابتسم لها مروان مزيحا خصلات شعرها خلف أذنها 
" من قال ذلك ... ها أنت تذكرينها "
" لكن .."
قاطعها 
" منال لا تكوني شديدة على نفسك هكذا .. أنت تحبينها و لم تنسيها ليس من الضروري أن تكون حزينة كي تقنعي نفسك بأنك لم تنسيها ... هذه الحياة منال "
نظرت إلى المكان
" إنظر كيف استحالت هذه الغرفة بعد رحيلها 
أحس بها تعاتبني مروان .... لقد أهملتها "
بكت 
" كيف لي أن أترك شيئ يخصها يقضي عليه الزمن" 
ضمها إليه
يال رقة هذه المخلوقة
"..... و الزمن كفيل بأن تصلحي ما أفسده 
لا تقسي على نفسك عزيزتي "
بادلته النظرات لفترة تفكر في ما قاله 
لتبتسم بعدها 
" شكرا لك " 
مال للوراء قليلا متأملا إياها 
" أتعلمين رغم هذا الظلام الذي يعم الغرفة 
إلا أنك تبدين جميله جدا و كأنك جنية الخرفات "
ابتسمت بخجل على هذا التشبيه 
تابع و هو يرفع حاجبه متظاهر بالضيق
" غير أنني أخشى أن يفسد الغبار المتراكم فستانك "
قفزت شاهقة 
" لا تقل ذلك ؟"
أخذت تحرك تنورته تتأكد من سلامته 
قهقه عالية 
" و كيف سترينه و أنت لم تضيئي الغرفة "
نظرت إليه لحظة لتنفجر بعدها ضاحكة 
" منال !"
قال و عينيه تعانقان عينيها 
" كم أتمنى أن لا تفارق الضحكة وجهك "
أطرقت رأسها خجلة 
" و أنا كذلك "
تقدم منها ليرفع و جهها إليه 
" بدأت أفكر بالهرب بك بعيدا فلن أستطيع أن أنتظر حتى ينتهي الحفل"
ضربته على كتفه 
" ألم تكتفي بالمرة الأولى؟ فقد هربت بي.. بل اختطفتني "
التوت شفتيه بمكر هامسا لها 
" و هذا ما يشجعني أكثر على تكرارها "
بادلته نفس الابتسامة 
" و هل تجرأ " 
رفع حاجبه متحديا 
" و لم لا أجرأ ؟"
قالت و قد أعجبها الأمر
" قد يقتلك أخي حينها "
" إن كان لأجلك فاليفعل "
عضت شفتها السفلى لتقول بعدها 
"مجنون "
أراح جبينه على جبينها 
" بحبك "
تابع 
" ماذا هل نفعل ؟"
اتسعت عيناها 
" أنت جاد ؟"
أومأ مجيبا 
أجابته بالمثل 
و عينها تبرقان حماسا 
" عروسه أين أنتي؟ "
قفزا الإثنان يلتفتان لصاحبة الصوت 
كانت منال الصغيرة 
تقف بأزها حلتها مستعدة لمراسم الزفاف 
تقدم منها موران ليقبلها و يهمس بشيء في أذناها 
ابتسمت الصغيرة و إنطلقت عائدة 
" مالذي قلته لها ؟"
سألت منال مستفهمه 
" لا شيئ "
أجابها ليمسك بيدها واتجها نحو الباب 
تاكد بمن عدم وجود أحد 
لينطلقا بعدها نحو السيارة 
و ما أن همت منال بفتح الباب 
" منال؟"
حتى ناداها أحدهم 
إلتفت إلى صاحبة الصوت 
التي ما أن رأتها منال حتى شهقت باسمها متفاجئة 
" ريـــــم!"
انطلقت ريم لحضن منال 
" سامحيني"
طوقتها منال مبتسمة و شيء من حزن اختلط مع ملامحها 
فرغما عنها هاجمتها الذكرى 
" ماكنت سأسامحك لو لم تأتي يوم زفافي "
نظرت إليها ريم و الدموع تفيض من عينيها 
" ألف مبروك يا صديقتي "
شكرتها منال و لحقت بموران في السيارة 
التي انطلقت من فورها 
حينها خرج الجميع يحدقون بالسيارة المنطلقة بلا حول و لا قوة 
لينفجروا ضاحكين بعدها 
هتف خالد بالجميع 
" لن ندع هذان الاثنان بافساد الأمر علينا دعونا نكمل حفلتنا "
هتف الجميع بعده مؤيدا 
و ما أن دخلوا 
استوقف شخص خالد 
وقفت أمل باستحياء مطرقة الرأس لتقول
" آسفة على مافعلت في المشفى "
صحيح أنها كانت تغطي و جهها عنه 
إلا أنه استطاع أن يعرف مدى أسفها 
هز رأسه نافيا 
" لا عليك كنت أحتاج إلى ذلك كي أستعيد عقلي "

**********************************

عهد الطفولة ........ مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن