قالت وقد أدركت لتوها وضعمها
" إنه حتما سينفذ و عده "
ابتسم مطمئنا
" لا يمنال لن يستطيع ذلك "
قالت تتراجاه ناظرة في عينيه
" أرجوك دعني أعود إلي البيت و إلا سائت الأمور "
رد عليها بهدوء
" لا لن تسوء لأني غدا سأذهب و أنهي كل شيء معه "
استرخت و هي تتلمس الأمان في صوته
" حقا "
مسح على رأسها
" أعدك"
لامست شفتيه خدها بقبلة ناعمة
" و الآن دعيني أنام فأنا تعب جدا أيقضيني لصلاة العصر "
تأملته و هو يعود ليندس تحت الغطاء بحركة منهكة
سألت قلقة
" هل أنت بخير؟"
أبتسم يجيبها
" بخير و الآن اذهبي فأنا لا أريد أن تفوتني الصلاة "
ابتسمت له لتخرج مغلقة الباب خلفها
ياه كم تحب هذا الشخص
لا تصدق بأن كل الحواجر بينهما قد زالت
ثم تذكرت كلام مروان عن أخيها
ليبقى حاجز واحد تأمل بأن يزول هو الآخر
نعم فمروان قد وعدها
و هي كما تعهده يفي بوعوده
اتجهت إلى غرفتها مفكرة
بأنها ستغفو
فقد كانت على أعصابها طوال اليوم
و هذا الشيء أرهقها كثيرا
دخلت غرفتها
و اتجهة نحو خزانة الملابس
عسى أن تجد شيئا كي تبدل ملابسها
استقبلتها رائحة غريبة
آلمها ذلك
طبيعي
فلم يستخدم أحد هذه الغرفة لمدة طويلة
فتشت عن شيء تلمبسه
فجيمع محتويات الخزينة قديمة بعض الشيء
و أخيرا عثرت على شيء مريح
بدلت ملابسها
و ضبطت منبه الساعة
اللتي عجبت بأنها لا تزال تعمل********************
حين استيقظت
اتجهة مسرعة كي توقظ مروان خشية أن تفوته صلاة العصر
لكنها حمدت الله لأنه استيقظ قبلها و ذهب ليصلي في المسجد
أدت صلاتها هي الأخرى و حضرت الشاي لتجلس في غرفة الجلوس منتظرة مروان
فهي تتلهف شوقا لقضاء الوقت معه سماع أخباره و حكاياه
تأملت المكان حولها
كم يبدو خالية
فمجرد و جود الجدة كان يملأه بالدفئ
تحركت نحو النوافذ لتفتحها سامحة للضوء بالدخول
اتكأت بمرفقيها على النافذة و هي تراقب الحديقة اللتي باتت تفتقد للحياة
لا بأس ستعمل على إعادت كل شيء كما كان
أحست بالجوع
ابتسمت
كيف نسيت أن تأكل شيئا
سارت نحو المطبخ متجهة نحو الثلاجة
إلا أنها لم يعجبها محتواها
دارت بنظرها في المطبخ
ليقع بصرها على سلة صغيرة من الفواكه
أخذتها لتضعها قرب صينية الشاي
نظرت إلى الساعة المعلقة
لقد تأخر مروان
فالصلاة انتهت منذ ربع ساعة
سمعت صوت الباب يفتح
اتجهت للردهة تستقبل مروان بابتسامة
ابتسم هو الآخر لكن باعياء
سألته
" مروان هل تشكو من شيء؟"
وسع ابتسامته ليتناول يدها قائلا
لا أبدا
قادها معه لغرفة الجلوس
" هل هذا شاي "
أومأت مجيبة
جلس ليربت قربه مشيرا لها بالجلوس
و كذلك فعلت
سألته مبتسمة
" أ أسكب لك ؟"
و دون أن تنتظر إجابته
ناولته كأسا
قال و هو يجول ببصره على الطاولة امامه
" أين الليمون؟"
ضحكت عليه
قال و هو مسرور من ضحكتها التي غابت عنه مدة ليست بالقصيرة
" لم تضحكين ؟"
قالت و هي تتناول تفاحة لتقطعها
" لم أجد شيئا "
تظاهر بالغضب
" و ما المضحك في ذلك ؟"
حاولت أن تكتم ضحكتها لكنها لم تستطع
فهي سعيدة جدا
و أي شيء سيضحكها الآن
أمسك بيدها و هو يتأملها
" أتمنى أن أراك تضحكين دائما منال "
أحست بوجنتيها تتوهجان
" و كذلك أنا ..أتمنى أن أراك سعيدا "
لكن سرعان ما أطرقت رأسها بكآبة
" مالأمر ؟"
قالت و هي تحاول أن تتجنب النظر في عينيه
" سعادتي لن تكتمل حتى يكون الكل راض عني "
" منال "
كان صوته حادا بعض الشيء
نظرت إليه
سألها
" من تقصدين بالكل ؟"
قالت بشيء من الارتباك
" إخوتي "
قال و عينيه تتعلق بعينيها
" و إن لم يرضوا؟"
أزاحت بصرها لتتابع تقطيع التفاحة
" يجب أن أذهب و أتفاهم معهم فـ..."
ثم صمتت
سألها
" ماذا؟"
كان صوته ينبأ بأن هناك عاصفة قادمة
إلا أنها استجمعت شجاعتها
لتقول
" فبقائي هنا يزيد الأمر سوء "
نظر إليها مصدوما
" إذا لقد أصبحوا هم الأهم "
قالت تستنكر كلامة
" مروان هم أسرتي فكيف لا أهتم بهم "
صمت
لم يعلق
إلا أنها تعلم بأنه غير راض
قالت له برجاء
" هذا كي نبقي على علاقتنا كما يجب "
اسند ظهره على الكرسي
ليقول
" علاقتنا لا تحتاج إلى أي شيء فقد اتفقت مع أخوك على أن ألتقي به غدا
و نسوي جميع الأمور بشكل رسمي "
هتفت بسعادة
" حقا؟"
أجابها و هو يتناول قطعة من التفاح
" نعم "
لا تدري لم شكت في نبرة صوته
إلا أنها لم ترد أن تسأل فتزيد الأمر سوءا
طوق كتفيها بذراعه ليسحبها نحوه و هو مسترخ على المسند
" تعالي ياصغيرتي "
قالت محتجة و ضربات قلبها تتسارع
" لم أعد كذلك "
قال يهمس في أذنها
" ستبقين كذلك "
صوته كان يحمل من السحر ما يكفي ليفقدها عقلها
قالت و هي تبتعد عنه
"أنا جائعة فلم أتناول شيئا "
سألها و هو يتأمل خجلها منه
" أتريدين أن نخرج لتناول شيئا"
أومأت و قد أعجبتها الفكرة
إلا أنها تراجعت قائلة و هي تتأمل نفسها بخيبة
" ليس لدي شيء مناسب لأرتدية "
ثم أضافت مداعبة
" فأنت حين اختطفتني نسيت أن تحضر معي بعض الملابس"
ضحك الإثنين معا
عاد ليقول مداعبا هو الآخر
" إن كنت نادمة أعدتك من حيث أحضرتك "
قالت تغيظه و هي تلتهم قطع التفاح
" لا فات الأون لقد إبتليت بي "
قهقه مروان عاليا
حتى بات يسعل من كثرة الضحك
و حين طال الأمر
خافت عليه منال و أحضرت له كأس ماء
ارتشفه
ليقول لاهثا
" يبدو أني فقدت لياقتي في الضحك "
ضربته على كتفه
" لقد أخفتني "
تأمل ملامحها قائلا
" أحبك "
فاجئها بهذه الكلمة
ممجعلها تتحرك في مكانها مرتبكة
متجنبة النظر إليه
قالت و هي تريد النهوض
" سأرى ما يمكنني أن أصنع للعشاء"
إلا أنه منعها قائلا
" هناك متسع من الوقت لذلك "
ثم اضاف و هو يدفن وجهه في عنقها
" لن تستطيعي الهرب مني "
أحس بصدرها يعلو يهبط بحركة سريعة
قال هامسا و هو يقبل صدغها
" لقد اشتقت إليك يا منال قلبي"
ما أن قال هذه الكلمة حتى انسكبت دموعها بصمت
سألها بقلق
" هل أزعجك؟ "
هزت رأسها نافية
سألها بصوت حان و هو يمسح دموعها
" إذا ماذا هناك ؟"
أجابته وهي تحاول أن توقف دموعها
" لقت إشتقت لسمعها "
علم ماذا تقصد
لذا كررها لها و هو يداعب أنفها
" و أنا كذلك يا منال قلبي"
ابتسمت بحب له دون أن تقول شيئا
فهي بالكاد تستطيع أن تتنفس
أراح رأسها على كتفه و هو يريح ظهره للوراء
قال لها
" منال هل تعتقدين بأن جدتي ستكون راضية عنا "
أغمضت منال عينيها غير راغبة بالتفكير بهذا الموضوع
" لا أعلم "
فهي لطالما كانت معارضة هذه الفكرة
و سعت جاهدة على التفريق بينهما
قال مروان
" لا عليك فهي لو علمت الحقيقة لما عارضت أبدا "
أضاف
" فهي كانت تحبنا و تسعى للخير لنا دائما "
سألته منال و هي تعتدل في جلستها ناظرة إلى عينيه
" أتعتقد ذلك ؟"
اعتدل في جلسته هو الآخر متكأ بمرفقيه على ركبتيه
" نعم متأكد من ذلك "
ثم نظر إليها و شيء من الشك في عينيه
" إلا إن كان هناك حقيقة أخرى "
اقشعر بدن منال مما قاله
لتقول
" عندها الموت أفضل لي من اكتشافها "
قرص خدها مداعبا
" لا تقلقي لن يكون هناك حقيقة أخرى غير أنه لن يفرق أحد بيننا بعد الآن "
ابتسمت له مممتنة
فهو يحاول دائما أن يطمئنها
وقفت و هي تقول له بمرح
" هيا إذهب و أحضر لي ما يلزم لإعداد العشاء "
وقف يضحك على طريقتها في تغيير الموضوع
" ألا تريدين أن نتعشى في الخارج "
قالت له و هي تضع يدها على خصرها
" إلا إن أردت أن تراقبك الأعيون أينما ذهبت "
رد و هو يغمز لها
" لم لأني أملك أجمل رفيقة في العالم "
ابتسمت لمجاملته
" هيا الآن فأنا سأعد لك ألذ عشاء "
قال لها محتجا
" لم أنت مستعجلة هكذا؟"
أجابت
" لأني سأكتب لك قائمة طلبات لا نهاية لها "
اتسعت عينيه في تسائل
" لم هل دعيتي احدا ؟"
قالت تعد على أصابعها
" المنزل بحاجة للتنظيف جيدا و الثلاجة بحاجة للملء و المطبخ يحتاج إلى أغراض و هناك الكثير و الكثير"
قال مستنكرا
" لقد كنت أهتم بالمنزل جيدا "
قالت تتأمل المكان حولها
" هذا واضح "
ضحك قائلا
" هيا أين هي قائمتك "
ثم جلسا يسجلان متطلبات المنزل
اللتي ألحت منال على معظمها
صفر مروان و هو يتألم القائمة الطويلة
قالت منال
" هل أنت متأكد أنك تحمل ما يكفي من النقود "
أجابها و هو يدس القائمة في جيبه
" أحمل ما يكفي لشراء منزل جديد لك "
صفقت بمرح
" إذا هيا للعمل"
رافقته إلى الباب و قبل أن يخرج
قالت له مبتسمة
" رافقتك السلامة "
مما جعل مروان يقول معترضا و هو يتأملها
" أخشى أنني بدلت رأيي لن أذهب "
دفعته للخارج
" هيا لا تضيع الوقت "
خرج قائلا
" سأردها لك قريبا "
" مع السلامة"
و أغلقت الباب خلفه
أنت تقرأ
عهد الطفولة ........ مكتملة
Romanceهذه الرواية مكتملة هكذا هي الحياة ... تجد نفسك تسير في دربها و حيدافي طرقات خالية من أي شخص عداك و من أي صوت عدى عن صوت خطوات قدميك الحافية و هي تلامس الأرض الصفراء الترابية و قد تعودت أصابعك على لهيبها تتساقط دموعك فتتبخر دون أن يدرك أحد و ج...