وضع و نظارته الشمسية
و أدار غطاء قنينة الماء ليرتشف منها
ليحدق بعدها إلى السماء
كانت تراقبه من دون وعي منها
فجأة و جدته ينظر إليها
أطرقت بصرها بسرعة البرق
متأكدة من أنه لاحظ الحمرة التي كست و جنتيها
تظاهرت بالإنشغال بملئ كأسها بالعصير
نهرت نفسها
فهذه ليست المرة الأولى التي تجد نفسها تحدق به هذا الصباح
لكن سرعان ما ابتسمت
لا تنكر بانها قد أحبت ذلك
" خير ان شاء الله أراك تبتسمين؟"
كانت هذه الجدة تسألها
حين رفعت منال بصرها
لم توجه إلى الجدة بل إلى مروان
و كأنها بذلك تجيب على السؤال
إلا أنها قالت بعدها بإحراج
" مسرورة بوجودي هنا " ثم أردفت تعني ما تقول
" فقد اشتقت لهذا اللحظات “
" جدتي أنا ذاهب هل تحتاجين إلى شيء"
التفتت إلى صاحب الصوت الغير مهتم لحديثها
ردت عليه الجدة بصوت حاني
" سلامتك يا بني "
تعلم تماما بأنه يتجاهلها
لذا فعلت هي نفس الشيء
لن تتعب نفسها معه
لكنها لم تمنع نفسها بأن تقول في أعماقها
رافقتك السلامة
فوجئت به يلتفت إليها
تقلصت عضلات بطنها
شكت بأنها قد نطقت بها فعلا
إلا أنه عاد ليكمل طريقة
أطلقت تنهيدة إرتياح
لا تقدر أبدا على تمالك نفسها
ولن تقدر أيضا
اعترفت بذلك و هي ترسل نظرة تحمل كل الحاسيس التي تحملها له
بعد فترة سألتها الجدة
" ما رأيك بأن تتصلي بريم، ستفرح كثيرا بلقائك "
هنا تذكرت منال ما اكتشفته البارحة
صحيح أنها غير متأكدة من أنها هي
إلا إنها ليست مطمئنة حيالها
" ما بك ألا تعجبك الفكرة ؟"
سألتها الجدة مستغربة من صمتها
قالت منال بعد أن فكرت بأنها قد تكون مخطئة في شكها
" بلا جدتي "
ثم فكرت لتقول بعدها
" اتصلي بها أنتي و لا تخبريها بوجودي " ابتسمت " سأجعلها مفاجأة لها "
لا تدري لما أحست باقتضاب في معدتها حين أخبرتها الجدة بأنها قادمة
رغم أنها مشتاقة لها
ظلت جالسة في الحديقة تنتظرها
أقنعت نفسها بأن تسر لرؤية صديقتها بعد انقطاع طويل
رأتها تدخل متجهة مباشرة إلى المنزل
دخلت قبل أن تستوقفها
ابتسمت
لازالت كما تعرفها
مندفعة دائما
كيف شكت بها
عند المدخل وصل إلى مسامعها
صوتها تسلم على الجدة بكل عفوية
هنا توقفت شاعرة بالألم
هي نفسها لا تتحلى بها في حديثها مع جدتها
أدرك بأنها غابت مدة كانت كفيلة لأن تصبح علاقتهما قوية جدا
لا عجب بأن الجدة أصبحت كثيرا ما تذكرها
رسمت المرح على وجهها
لتتجه إليهما و تقول
مخاطبة ريم
" ألم تشتاق لي "
و من فورها التفتت ريم إليها
لتحدق بها غير مصدقة
" منال!"
تقدمت منال نحوها لتعانقها بشوق
إلا أن ريم لم تفعل بالمثل
سألت منال مستغربة
" ألازلت غاضبة مني؟"
فكرت ريم و كأنها لا تفهم ما تعني منال
لكن سرعان ما ابتسمت لتقول
" و هل يعقل أن أغضب منال !"
ثم عادت لتعانقها
أحست منال بشيء من الارتياح
فكرت
إذا أنت و حدك من تغيرت
أخذت الثلاث تتحدثان لبعض الوقت
لتنسحب الجدة فيما بعد
قالت ريم مقترحة
" منال لنذهب إلى غرفتك "
وافقتها قائلة
" لم لا "
و ما أن أغلقت منال الباب حتى باغتتها ريم سائلة
" إذا لم ظهرت ؟"
فغرت منال فاهها مصدومة من ريم التي كانت تقف تربع ذراعيها على صدرها
و كأنها تستجوب متهما
رفعت حواجبها تستعجلها بالاجابة
قالت منال بحيرة
رافعة كتفيها
" جئت لزيارة جدتي "
تقدمت متجهة نحوها
" كفى هراء "
شهرت سبابتها في و جه منال قائلة
" أعلم تماما ما جئت لأجلة ، لكن لا ، لا يا عزيزتي لن أدعك تحصلين عليه "
أصاب منال الذعر من حالة صديقتها
" أحصل على من ؟!"
" لا تتغابي مروان هو لي و لن يكون لك أبدا "
مروان !
لك !
اتسعت حدقتاها مصدومة
تابعت ريم
" عودي من حيث جئت فأنت لا تملكين الحق به أبدا "
أحست منال و كأن الأرض تدور بها
لا أملك الحق به
أخذت تكرر كلامها كل الحمقاء
" أنت أدرت ظهرك له و الآن هو لي"
قالتها بتملك
هنا
تأججت الحمم البركانية في داخل منال
و دفعتها غريزتها الأنثوية بالدفاع عن حقها
" كيف تجرئين على قول ذلك ، هو ليس لك و لن يكون "
بوغتت منال بضربة موجهة إلى و جهها
جعلتها تردها بالمثل
قالت ريم و الشرر يتطاير من عينيها
" يالك من بائسة هو لا يحبك فكيف تفرضين نفسك عليه "
ردت منال لاهثة بغضب
" و من أنت لكي تقولي هذا الكلام "
دزت ضحكتها ساخرة لتقول بعدها
" هو من أخبرني بنفسه لن ينظر إليك أبدا كمرأة فأنت مثل أخته الصغيرة"
أخته
طعنت هذه الكلمة منال في الصميم
لم تحاول أبدا بتفسير علاقتها بمروان على هذا النحو
طوال حياتها و هي تحس بأنها تنتمي له و ليس لأحد غيره
لكن أن يراها كأخته
" ماذا ؟ هل صدمتك الحقيقة "
قالتها باستهزاء لاذع
حقيقة ؟
بل قولي زلزال عاث فساد بكياني
هاجمتها الدموع التي دائما ما تجد طريقها بسهولة
رصت على أسنانها في محاولة لتمالك نفسها و منع دموعها من النزول
شدت قبضتيها إلى جانبيها
" أخرجي من هنا "
قالتها بكل حنق و ألم من الشخص الواقف أمامها
اتسعت عينا ريم و قالت و هي تشير بيدها إلى نفسها
" أتطردينني منال؟!"
" للأسف كنت أظنك صديقة لي لكن ......."
لم تستطع أن تكمل
كان الأسى واضحا في نبرة صوتها
تمالكت نفسها لتنظر إليها و عينيها تشتعلان
" لا أرغب بوجود شخص مثلك في حياتي، أخرجي من هنا "
ابتسمت ريم بوقاحه
" حسنا سأخرج و لكن تذكري...."
ثم قربت فمها من أذن منال لتقول هامسة
" هو لي لن يكون لك "
خرجت
ما إن أغلقت الباب خلفها
حتى و ضعت منال كفيها على أذنيها تمنع صدى كلماتها من التردد فيهما
سالت دموعها
لتنهار على الأرض
كيف يعقل هذا
ريم تفعل بي ذلك ؟
مالذي فعلته لها كي تفعل بي هذا ؟
أطلقت شهقة باكية حين تذكرت هتاف مروان ليلة البارحة بإسمها
مروان هل فعلا أنت من قال لها ذلك؟
لم تفعل ذلك بي؟
أ لا تعلم بأنني أموت من دونك؟
جائها صوت من داخلها
ينهرها
ألم تقولي بأنك لن تكترثي له بعد الآن ؟
أسندت رأسها بكفيها
و الدموع تنسكب على حجرها
ليستحيل إلى بركة من العبرات
كذب
كنت أكذب على نفسي
أن لي ذلك
وقت كبرت على حبه
تربيت على عشقه
هو من جعلني أدمن هواه
لم فعلت ذلك مروان ؟
مادمت لا تحبني
ما دمت سترميني بعيدا عنك
أما كان عليك أن تقتلني
هاأنت تشنقني الآن
ترجمني بطلقاتك
طلقة، طلقة
لتخترق صدري
و تعدم قلبي المسكين
الذي لم يتوقف أبدا عن ضخ حبك في شراييني
كيف تفعل ذلك
ألا ترا بأنني أحتضر
شهقت باسمه
" مروان "
كف عن تعذيبي
فلم يبق لي شيء
سمعت قراعا على الباب
و صوت ينادي
" منال، منال"
كله بسببك
كله بسببك أنت جدتي
أنت من فعلت هذا بي
وقفت لتمسح دموعها بحركة سريعة
فتحت الباب
ثم أدارت ظهرها
جائها سؤال جدتها مستفهما
" ماذا جرى رأيت ريم تخرج غاضبة؟ "
حاولت منال أن تكتم غضبها
" جرى سوء تفاهم بيننا "
قالت ذلك دون أن تلتفت لها
هنا أدارتها العجوز غاضبة هي الأخرى
" منال أعلم بأنك قلت لها شيء كدرها "
لم تجب
لأنها حتما ستنفجر
" لا يجوز أن يرحل الضيف هكذا من منزلنا منال"
التفتت لتقول بحنق
" فالتذهب للجحيم "
صفعة أخرى و جهت لوجه منال
" يبدو أنهم علموك قلة الاحترام "
قالتها و استدارت مغادرة الغرفة
صدمت منال من جدتها تضربها ؟
في حياتها لم تفعل ذلك
و الآن تفعل لأجل من
ريم
أ أخذت كل شيء عني
صرخت منال باكية
" اضربيني علني أتعلم الدرس و لا أقع في نفس الخطأ و ألدغ من الجحر مرتين "
" ومن أي جحر تلدغين ؟"
جائها سؤاله مستغربا و غاضبا في نفس الوقت
أما هي
فقد أدارت و جهها المبلل بالدموع
و المحمر من الصفعات
في محاولة للحفاظ على آخر ذرة كبرياء لها
لم تستطع أن تخطو أي خطوة
لا للأمام
و لا للخلف
فإن فعلت
فمصيرها السقوط الرضا
" ماهذا الصراخ يا آنسة "
كان الاستهزاء واضحا و لا يحتاج إلى مترجم
آلمها في الصميم
ها قد جاء الآن ليكمل المراسم و يقضي عليها
لم تعد تحتمل
إستدارت إليه
كان أفضل و سيلة لدفاع الهجوم
ألم يقولو ذلك
و هذا ما فعلته
إلتفتت إليه
" مالذي تريده مني أنت أيضا ؟"
رأت الغضب يعتلي ملامحة
بكل تأكيد لن يعجبه صراخها في و جهه
و هي تعلم بأنه لن يرضى بذلك أبدا
لكنها تابعت غير آبهة
" هلا تركتني و شأني "
ثم استدارت تهم بإغلاق باب غرفتها
إلا أن يده إمتدت لتصل إلى يدها قبل أن تصل إلى الباب
جرها نحوه حتى كادت تلتصق به
قال من بين أسنانه المرصوصة
" ليس أنا من يصرخ و يغلق الباب في وجهي أتفهمين "
أدارت و جهها عنه في و سيلة بائسة لحجب دموعها عنه
إلا أنه أمسكها من ذقنها و أدار وجهها نحوه
حتى كادت أصابعه أن تكسر فكها
تركت العنان لدموعها لم تحاول منعهما أبدا
لأنها ببساطة
لم تعد تملك الطاقة لذلك
*********************************
هاله ما رأى
بل صعقه ما رأى
تمنى في هذه اللحظة بأن عيناه لا تبصران
على أن لا يرى كل هذا الألم في عينيها
همس باسمها
" منال !"
و كأن آه خرجت من قلبه
علا شهيقها
ليذوب ذلك الجليد
و يضمها إلى أعماق أعماقه
لم الألم ؟
" لم تفعلين بي ذلك "
خرج منه هذا العتاب الصغير
لتشبث بصدره مجهشة بالبكاء
و كأنها ترغب باقتلاع ضلوعه بحثا عن الأمان
طوق ذراعيه حولها بقوة
ضاغطا إياها إلى صدره
كفى بكاء
فهذا يعذبني
ارتعشت في حضنه
ليدرك ما هو عليه
و يبتعد عنها و كأن تياركهربائيا قد مسه
أدار ظهره لها
ليتركها تترنح
زفر رافعا بصره إلى السقف
ليقول بصوت أجش
" يجب أن ترحلي من هنا "
ابتسمت بشحوب
" بكل تأكيد فلم يعد مرغوب بي هنا "
التفت إليها
ليرمقها بنظرة إستنكار
" مالذي تقولينه "
رفعت يديها لتمسح دموعها و تستجمع قوها
كره رؤيتها هكذا
لا يحب أبدا أن يارها بهذا الحال
قال بصوت حان
" أرجوك منال .."
قاطعته
و هي تدخل إلى غرفتها
" لا تخف سأفعل و ........ "
تهدج صوتها
فصمتت لتكمل طريقها
أغلقت الباب خلفها ليصدر صوت خائر القوى
شتم و هو يضرب بقبضته الجدار
لم يجب أن تسير الأمور هكذا
لم يشعر بنفسه و هو يخطو متجها ليعيد فتح ذلك الباب
و يدخل إلى غرفتها
ألتفتت إليه
لتأخذ نفسا عميقا و تقول بعدها ببرود هذه المرة
" نعم شيء آخر ؟"
فوجئ من برودها هذا
قالت ساخرة و كأنها تذكرت شيئا فجأة
" آه ...تريدني أن أعتذر من حبيبتك "
ماذا !!
حدق بها مشدوها
أي حبيبة غيرك منال؟!
قالت
" إلا هذا فلن أفعله أبدا "
ربعت كتفيها أمامها
لتقول متابعة
" و الآن هلا تركتني "
عجب لتقلب حالها
من يراها الآن
لا يصدق بأنها هي التي كانت ترتعش باكية بين ذراعية منذ لحظات
إذا فالأمر كذلك
إستدار غير آبه لماقالته
ليخرج و يطبق الباب بقوة
__________________ارجو اضافة تعليق و تصويت حتى اكمل
أنت تقرأ
عهد الطفولة ........ مكتملة
Romanceهذه الرواية مكتملة هكذا هي الحياة ... تجد نفسك تسير في دربها و حيدافي طرقات خالية من أي شخص عداك و من أي صوت عدى عن صوت خطوات قدميك الحافية و هي تلامس الأرض الصفراء الترابية و قد تعودت أصابعك على لهيبها تتساقط دموعك فتتبخر دون أن يدرك أحد و ج...