شرود وضياع ..
وحدة وظُلمة ..
ذعر من وجود رجلاً يطالب بها !
توقفت كريشة في مهب الريح
وكيف ستظل ثابتة وواقعها يُحتم عليها التلاشي
نظرت لخواء الغرفة حولها وكأنها تسأل نفسها إن كانوا هنا بالفعل
وأغمضت عينها لحظات ..
لديها القدرة الكاملة بالتعامل مع الأمر وكأنه لم يكن
ولكنها فشلت ..
فعطره يؤكد الواقعة ..
يثبت انه كان هنا ..
يضغط علي عقلها لتنظر للواقع ولا تهرب
ولأول مرة لا تستطيع الهروب رغم أنها لا تتقن غيره !
تتقنه بحرفة منذ عمر الحادي عشر ..
او بالاحري منذ حادثتها الاولي !
لتتفنن به وتتقنه في عمر الثالث عشر !
- ميان !
فتحت عينها علي منادات أبيها الذي دلف للغرفة ووجدها بتلك الهيئة وعَلم أنها تحاول الهرب بيأس وذعر
إهتزت في مكانها لتمتلئ عينه الزرقاء بأمواج مالحة رغم ثباتها وصلابتها
تحركت لتختبئ بين ذراعيه وهي تبكي تريده أن يوقظها من كابوسها
- انا خايفة
همست بها بإرتعاش وسار محتضناً إياها ليجلس رابتاً علي كتفيها
- انا فاهمك ياميان بس انتِ خايفة عشان ناس جداد مش اكتر .. انت اتفاجئتي بيه انا عارف واسف لاني مقولتلكيش
اغمضت عينها بقوة وكيف تفهمه شعورها
لا تستطيع ولا تريد
لا تريد التذكر ..
ولا تريد الانهيار ..اقتربت رقية بكأس العصير البارد لتناولها اياها
- اشربي ياحببتي دا وبطلي عياط عشان عنيكِظلت جالسة بصمتٍ مُستندة برأسها علي صدر والدها تستمد منه الأمان، وتغمض عينها بإرتياح مع كل مسحة فوق خصلاتها من يده الحنونة حتي همست بعد وقتٍ بشرود
- انا بخاف منه اوي يا بابا
- بس هو مش هيأذيكِ.. انا عارف رشيد وعارف مربي ولاده علي ايه
وبعدين مش انتِ بتثقي في بابا حبيبك
اومأت برأسها وقررت الاستسلام فلن تستطيع اخباره وستخبئ كما خبأت منذ طفولتها !
- انا بقولك مش هيأذيكِ
وتابع بحنان وبسمة أب يريد لأبنته الخير وقد إرتاح لحديث الطبيب النفسي والذي نصحه بأن يتركها تتعامل ولا تظل بذلك الصندوق التي أُحتجزت به منذ الصغر
- انا لو مش حاسس إن في مشاعر وقبول من ناحيتك ليه مكنتش وافقترفعت رأسها له بدهشة فوضعها مره اخري فوق صدره ليهمس ببسمة
- انا ادري منك ..صدقيني في فقلبك حاجة ليه
*****
- جميله اوي البنت ياموسي بس هي ملها وبتاخد بخاخ ليه
سألته رقة ناظرة في المرأة الأمامية لتري ملامحه
أدار المقود ليأخذ المنحي الأمامي مُجيباً بهدوء
- بتجلها ازمة نفس !
أومأت برأسها وتابعت تساؤلاتها دون النظر نحو رشيد حتي تتحكم بنظرات غضبها فإلي الان لا تصدق أن الجميع كان علي معرفة بطُلبة موسي عداها وكأن ليس لها شأن في القصر
- طيب دي متأثرش علي حياتكوا.. يعني الجواز والحمل والخلفه
عدل من المرآة الأمامية ليأتي وجهها كاملاً بها
- لا متأثرش .. هيا مش حاجه في القلب ومكنتش اعرف إن الحاجات دي بتفرق معاكِ ياماما
لان لو لقدر الله كان عندها حاجه تأثر كنت هتجوزها برده
رفعت حاجبيها دهشة من لامبالاته
- لا بيفرق معايا وبعدين محدش اصلا في البيت فاهمني فإزاي بقي بتقرروا عني وبتصنفوا اللي يفرق واللي ميفرقش
مالت شفتيه ببسمة عابثة وقد اتضح الان أن عصبيتها من ابيه
- متتعصبيش عليا انا طيب مدام مش انا اللي مضايقك
- لا انت .. ازاي مش انت
هتفت بها بإنفعال وضيق قبل أن تتابع بسخطٍ
- يعني انت مقرر علي الطُلبة ومكلم باباها من قبل سفرية امريكا وانا الوحيدة اللي معرفش .. ليه مش شايف اني والدتك وليا احترامي والمفروض اعرف ولا انت مُكتفي بباباك واخوك ؟
نظر لها نظرة مُطولة من خلال المرآه
هو لا يُجيد التعامل مع غضب النساء وهي تعلم
لكنه أيضاً يعلم أن نبرتها وغضبها لا يظهروا هكذا إلا إن كانت بالفعل حزينة وغاضبة ..وهذا ما قاله والده يوم كسرت المزهرية وصرخت لعدم علمها بإصابة يوسف وقت عمله في سلك الشرطة
- مش قصدي اخبي عليكِ بس اغلب كلامنا بيكون في الشركة وعشان كده مجتش فرصة اقولك
- مجتش فرصة !
رددتها بذهول وقبل أن تتحدث تحدث والده اخيراً يرفع عنه عبئ المصالحة والمراضاه الذي يفشل به
- الغلط عندي يا رقة انتِ عارفة هم مشغولين وانا نسيت اقولك حقك عليا
ابتلعت ريقها لا تستطيع الحديث بعد طريقته واسلوبه ومراضاته رغم أنها لم ترضي ولن ترضي تلك المرة وقد فاض بها الكيل
- حصل خير المهم تعزموني علي الفرح
أغمض موسي عينه بإرهاق وكم يكره غضب النساء الذي يتفرع ولا ينتهي وحاول رشيد تغير الموضوع حتي لا تتحول الليلة لذكري سيئة
- بس انت شديت على البنت اوي يا موسي .. مش كده ؟
أنت تقرأ
كيف عشقت
Romantikفي إحدي الليالي حيث تجمعت الغيوم في سماء تلك المدينة الكبيرة تلبدت فيها السحب بإصرارٍ علي يومٍ ممطر، كان الظلام قد أسدل ستاره عندما كانت تلك السيارة الفارهة تشق شوارع مدينة 6 أكتوبر المُظلمة إلي أن ظهرت فتاه في العقد الثالث من ربيعها تركض مُسرعة بشد...