الفصل الثاني والثلاثون

56K 1.6K 54
                                    


قال سُقراط أن المرأة مصدر كل شر.
ولكن هي ..
هي مصدر كل ألم !!

مر الوقت وهو ساكناً جانبها يضمُها ذراعه كل حين وآخر

حاضراً بجسده بينما عقله.. غائباً!
غائباً يدور في مدارات محاطة بالنار
ناراً تبعث بالحرارة لجسده !..
ويشتعل عقله وقلبه ليُصبح في أَظلم مدارات نفسية!
..
دائماً ما رأها إبنته
..
دائما ما شعر أنها طفلته التي لم ينجبها بعد..
لكن الألم الأن غريب.. ناحر !..
والحقيقة تقف مقابله كسدٍ منيع..
هي ليست ابنته فقط .. هي زوجته
!
ضغط فوق أسنانه فِيما كانت عيناه شاردة بثباتٍ داخل ظُلمة مخيفة
داخله شعور أن أهل بيته تم الاعتداء عليهم دون حول له ولا قوة

يشعر انهم انتهكوا طفلته امامه وهو مقيد يصرُخ.. انتهكوا زوجته وهي تستغيث بعجزه
أغمض عينيه بين جفونه بإحتراقٍ وكأنها غارقة في مياه مالحة لساعاتٍ !
زاد من إغماضها بقوة وجسده ينتفض بطريقة لا تُلاحظ ولكن يمكن الشعور بها !
وهي شعرت ..
شعرت بنفضته لتفيق انها نائمة بين ذراعيه
محيطاً جسدها بتملك غريب وخصرها يؤلمها من قوة ضغطه عليها، ابتلعت ريقها متغلغلة في رائحة عطره الذي آتي بجميع صوره
هيئته وهو قابعاً فوق مكتبه..
نظراته اللامعة عندما رفعت عينيها له فجأة
في لقائهما الأول..
جسده وملابسه الأنيقة رغم أنها لا تخرج من إطار اللون الأسود..
بسمته عندما اقترب منها أمراً أن تُزيل حمرة شفتيها..

حتي صوته الرجولي عندما اخبرها في السيارة انه يحبها هكذا ليُصححها بعبثٍ أنه يحبها بدون مستحضرات تجميلة!
قُبلته! ..
قُبلته الأولي والأخيرة يوم قبلها في غرفة الفندق وهو محموم
..
وعند تلك النقطة والشعور بها اهتزت!
اهتزت برعشة ضامة شفتيها التي استحضرت دفئ شفتيه، وفي لحظة تحركت محاولة الابتعاد لتتململ بين ذراعيه..
تريد الذهاب من هنا.. تريد الابتعاد
.. تريد الهرب !
فتح عينيه علي حركتها وأبعد ذراعه عنها حتي لا تخافه اكثر.. يعلم انها كانت غير واعية وقد فقدت كل طاقتها بعد ذكرياتها المؤلمة
نهضت جالسة بتوتر شديد دون النظر له رغم أن قلبها كان يخفق بقوة شديد ، حتي أنه شعر وكأنه يسمعه عبر ظهرها
نهض وجلس هو الاخر ينظر لظهرها وخصلاتها ثم ليديها التي جذبت الشرشف فوق قدميها باضطراب
وتفجر بركانه الخامد بحركتها تلك !..
رأها تجذب الشرشف فوق جسدها ولكن في فراشٍ آخر !
أغمض عينيه وكم آلمه الشعور..
هي
.. مَيانه .. وفراش آخر..
فراشٍ غير فراشه
!
ابتلع ريقه قابضاً يده بقوة وها هو قد بدأ..
بدأ يتألم من أقل حركاتها .. ومازال سيُفسر ويتخيل ويتألم من نظراتها وضحكاتها وبكائها!

- ميان ..
ناداها بخفوت رغم انشداد نبرته
ناداها وقد قرر سؤالها عما حدث..وكأن هذا سيُريحه
- هسألك سؤال ولازم تجاوبيني
ارتجفت بحدقة تحركت بقلق من نبرته القوية خلفها ومن طريقته الجادة رغم انها دائماً هكذا، ولكنها تشعر انها مختلفة وحادة!
- حصل بينكوا حاجة
؟!
قُبض قلبها بقوة وقد فهمت مقصده جيداً، وحضر صوت آخر .. صوتٍ أصبحت تبغضه !
- (كده انتِ بقيتِ مراتي مش خطيبتي بس.. مبروك ياروحي )
وقتها تحركت برعشة ودموع مُمسكة بقميصها لتُخفي جسدها الصغير
- جاوبيني !
انتفضت علي صوته خلفها وحركت رأسها للجانب تريد النظر للخلف حيث وجهه ولكن رأسها توقفت ولم تستطع أن تنظر.. تهاب رؤية وجهه وعيناه.. فلا تريد أن تراها صفراء مرة آخرى، رغم أن اشعة الشمس قد انحصرت عن الفراش واصبحت فوق الارض حانبه
- ايه اقصي حاجة حصلت بينكوا؟!
اهتزت حدقتها لتمتلئ بالدموع ورغم أن طريقة سؤاله هادئة إلا انها مؤلمة بشدة ويكفي انها تُدينها
يسألها بطريقة تدل علي ماضي لم تُجبر عليه..
بطريقة توحي بأن ما فعلته مع آخر كان بإرادتها
..
تمسكت بالشرشف جانبهالتسيل دموعها ببكاء شديد، وتنهد هو بكبتٍ يعلم انه ضغط عليها كثيراً..
لكنه مُجبر ومضطر ..
- جاوبيني عشان خاطري.. حصل حاجة بينكوا؟!
ظلت نظراتها لاسفل ودموعها تتسابق دون توقف، ونهض هو ملتفاً حول الفراش ليصبح أمامها
نظر لعينيها الباكية و مد اصابعه يرفع وجهها له
برجاءٍ
- معملش حاجة صح؟! .. ملمسكيش للنهاية مش كده؟!
كان يسألها بأمل ونظراته تتوسلها أن تؤمأ مؤيدة
لكنها شهقت ببكاء نافية لتجيبه بهمسٍ كان كالسهام المسمومة
سهام اخترقت قلبه.. وروحه.. وكيانه!..
- لا.. ع..عمل.. حاجة
همست بها بنحيبٍ ونظر لها بصدمة غير مصدقاً بينما مالت هي علي للفراش تبكي بقوة
- اس.. اسفة.. انا اسفة!
رمشت أهدابه وعقله لا يستوعب ما سمعه بينما أطرافه بردت فجأة ليشعر بسيل عرقه البارد فوق سلسلة ظهره !
شهقت بفزع عندما طرق الباب بقوة في الخارج، بينما ظل هو كما هو
ثابتاً كالصنم وعيناه تنظر أمامه بنظرة لم تستطع تفسيرها !
وعادت ترتجف تحت وقع الطرقات القوية لتتحرك رأسه وكأن الطرق لم يصل لأذنه إلا الان !
نهض
من أمامها بملامح مُستغربة وكأن شئ إختل !
توجه للباب وفتحه تحت وقع الطرقات التي كانت تزداد قوة وتفاجأ بتوقف والده امامه
!
*****
توقفت روسيل امام الباب بتعبٍ شديد وقد حاولت مئات المرات الاتصال بميان ولم تجب عليها حتي انغلق هاتفها.. مسحت جبهتها التي تزداد تعرق وخصلاتها التي التصقت من المقدمة

لا تتقبل شعور تعرض ميان لما تعرضت له.. لا تعلم كيف تعدي عمرو عليها لكنها علي يقين انه أذاها فلن يفتك موسي به بتلك الطريقة الوحشية الا إذا تعرض لها بشئ كبير
- في حاجة يا انسة روسيل؟!
نظرت حيث تميمة التي سألتها بقلق من توقفها امام باب مكتب يوسف دون طرقه
- لا.. انا كويسة.. كنت بس عاوزة بشمهندس يوسف
نظرت لها تميمة باستغراب من شحوبها وتعرقها الواضح حتي ان عنقها يلمع بوضوح
-
طيب اتفضلي هو جوا
قالتها مشيرة ببديهية حيث الباب امامها
وأومأت روسيل محاولة الهدوء والتخلص من هيئة ذلك الخبيث والتي لم تتركها منذ تأكدت ان ميان قد حدث لها شيئا من عمرو
مسحت عينيها وطرقت الباب بهدوء وبمجرد ما أذن لها حتي دلفت متنفسة بقوة تريده الاتصال بموسي لتطمئن علي ميان
وللاسف ليس امامها طريقة اخري.. رغم ان هذا من الممكن أن يزيد الامور سوءا
- اتفضلي..
قالها ناظرا لها وعلي ما يبدو كان جالسا فقط ولا يفعل شئ
تحركت وجلست علي المقعد امام المكتب لتقول واضعة خصلاتها خلف اذنها كعادتها عندما ترتبك
- ممكن تتصل ببشمهندس موسي تسأله عن ميان؟
نطقت باضطراب لاحظه من وضوحه فيما تابعت هي موضحة
-
هي مش بترد.. وكلمت طنط بدون ما احسسها بحاجة وفهمت انها فاكرة ان ميان لسه هنا
اقترب مستندا بساعديه علي المكتب وعينيه تنظر لوجهها المصفر
- انتِ كويسة؟!
رفعت عينيها له ورحلت نظراته لصدرها المتحرك بسرعة من اضطراب تنفسها لترتفع عيناه علي قطرة العرق التي سالت فوق رقبتها لتختفي فجأة مع الاضاءة وعاد مرة اخري حيث وجهها عندما اجابته باهتزاز
- انا كويسة.. ممكن تكلمه
اضجع في مقعده مستريحا بيأس
- انا فعلا كلمته بس مبيردش.. وبعدين قفل موبايله خالص
اتسعت عينيها لتعض فوق شفتيها من تلك الرجفة التي اصبحت تصيبها لتخطف انظاره لهما وعاد مقتربا من المكتب
- مالك ؟ ..
نفت مبتلعة ريقها لتمسح جبهتها، وسألت بقلق متوجس ناظرة له بحيرة
- هو ممكن يأذيها؟!!
رفع حاجبيه دهشة من استنتاجاتها الغريبة
- يأذيها ازاي يعني؟!
مسحت وجهها ولاحظ اصابعها المرتجفة فقال محاولا طمئنتها
-
متفكريش في حاجة.. وبعدين ميان مراته دلوقتي يعني....
- حتي ولو.. ميان بتتوتر ومينفعش يشد عليها حتي لو غلطت
قاطعته بصوت متهدج وخوف من عصبية موسي التي ظهر معدنها من ما فعله بعمرو
رفع بصره لها عندما نهضت مقررة الذهاب.. تعلم أنه في النهاية اخيه ولن يقف ضده ولو آذاها
- روسيل!!
ناداها بضيق من نهوضها المفاجئ وانهائها للحديث دون إذنه او حتي اخباره.. وتوقفت هي ليس علي مناداته فقط بل من سوء حالتها..
وصورة صاحب الملامح الغليظة تتضح وتكبر كما يرتفع صراخ ميان ويزداد ذعرها هي عليها تعلم كم هي هشة ولن تتحمل شئ كهذا..
وهذا إن تحملت ولم تفقد حياتها أثر توقف قلب أو انقطاع تنفس
اغمضت عينيها بقوة كما تنفست، ثم استدارت وعادت مرة اخري لتقف جانب مكتبه وكان هو يتابع تصرفاتها الغريبة يعلم انها قلقة علي ميان ولكنه ليس مبررا لتصرفها معه بهذا التجاهل
- انتي متعرفيش انو عيب تقومي فجأة وتقطعي الكلام بدون ما تستأذني او تعتذري؟!
سألها بهدوء رافعا بصره لها وضغطت هي علي المكتب تحت اصابعها
- مقصدتش.. بس الكلام معاك ملوش لزمة في النهاية انت اخوه ولو مهما عمل مش هتوقف ضده بالعكس هتبرر افعاله بجمله هي مراته دلوقتي ومحدش ليه عنده
نهض من مقعده مقتربا منها بضيق وما كان ينقصه الان الا ضغطها عليه
- ما هي فعلا مراته ومحدش ليه عنده
تحدث بحزم ضاغطا علي كل كلمة..
وخفق قلبه فجأة عندما رأها تغمض عينيها بقوة بينما حبات العرق تسيل علي جانب وجنتها وقد اصبحت رؤيتها اوضح عندما اقترب
امسكها من مرفقها لتستدير له وعينيه قد هبطت مجددا لعنقها اللامع
- انتِ بتعرقي كده ليه؟! ..
نفت بصمت وبدلا من ان تحرر معصمها منه ارتفعت يذها الاخري تتمسك بساعده
- انا.. انا مش كويسة!
قربها منه محيطا جسدها وقد بدأ قلبه يطرق ضلوعه بقلق من بوحها له..
وهو الذي يعلم جيدا انها لو كانت تموت لن تخبره ولن تخبر احدا!!
اغمضت عينيها محاولة التخلص من تلك الملامح وقلبها يحترق من خبث الشيطان الذي كان يجلب لها ما يقتلها خوفا علي ميان
- روسيل!!
همس بها بقلق ناظرا لملامحها المتيبسة وتعرقها المقلق
ونظرت له ثوان قبل أن تميل واضعة رأسها فوق كتفه لتدخل في نوبة بكاء غريبة!!
تضاعفت خفقات قلبه من بكائها وضعفها الذي اظهرته له لاول مرة.. ومن همستها الباكية
- متحتضنيش يا يوسف
تصلبت يديه المحيطة بها والاخري كما هي فوق ذراعها بينما استمرت هي ببكائها فوق كتفه!!

*****

-
ايه فاكر انك هتعرف تهرب كتير ؟
قبض يده بقوة مُتراجعاً عندما دلف رشيد دافعاً صدره بحدة
- انا مهربش .. وعمري مهربت .. ومش انا اللي اهرب
- اومال انت ايه؟! .. ها.. انت ايه؟!
هتف به بعصبية متابعاً بغضب شديد
- انت تضرب وتقتل صح!.. انت مجرم وقتال قتلة صح!
ايه فاكر اللي عملته هيعدي عشان وراك ظهر
؟!
نفرت عروقه من طريقة والده واقترب رشيد متحدياً نظراته الحارقة بآخرى اشد واقوي

- فاكر اني هسندك؟! .. ايه متعرفش اني ممكن احطك في السجن بنفسي عشان أأدبك؟!
اغمض موسي عينيه ويده في انقباض وانبساط محاولاً بكل جهده وطاقته الهدوء، وجز فوق نواجذه متحركاً من مكانه عندما دفعه رشيد بقوة مُعنفاً
- تضربه لدرجة الكسر.. وعاوزه حي؟!
ايه يابشمهندس يامحترم هتعمل فيه ايه تاني.. ناوي علي ايه يا مُتعلم ؟!
- ال
لي غلط يتربي وهو جه فيا
- انت تخرس ومتردش عليا..
يتربي ايه فاكرها سايبة ولا ايه.. دا انت هتترمي في السجن زي الكلب
لو جراله حاجة
- اترمي بس ابقي *** امه
وصمت بذهول عندما صفعه رشيد من مسبته البذيئة
- اياك.. اياك تنسي انك واقف قدامي.. اياك
اشتدت نظرات موسي كما تضخم صدره بقوة ليصرخ بوحشية دافعاً اقرب مقعد له، وتحرك هائجاً ليدفع شاشة التلفاز الكبيرة قبل أن يجذب البرادي مُسقطاً جسرهم المعلق لتنال الطاولة الجانبية دفعة أسقطتها
توقف رشيد مشدوهاً بصدمة من حالته ولاول مرة في حياته يراه علي هذا النحو.. وقد كان موسي دائماً المُتحكم والمُسيطر، صاحب القُدرة الفولاذية لقمع انفعالاته وغضبه
فلم يخرج عن طوره في عمره كله برغم ما واجههم من صعاب وعقبات أدت لغضب اخيه وغضبه هو شخصياً ، بينما كان موسي الأقدر علي ضبط النفس !
- موسي !..
ناداه رشيد بذهول من حالته وهياجه وكان هو قد توقف للتو بنهيجٍ قوي وعرقاً نبت من جميع خلايا جسده
- عمرو عملك ايه؟! .. كان بيكلم ميان في ايه .. انا شفت الكاميرات بتاعت الجراج .. ل مهما قال مستحيل توصل لكده .. حصل ايه ؟!
نفي برأسه وقد أغمض عينيه بيأس وليته عمرو فقط من فعل.. ليت الامر اقتصر علي تطاول عمرو !
- قولي عملك ايه.. انا هوديهولك في ستين داهية من غير ما
تدخل نفسك وتتأذي .. عمل ايه خلاك كده ؟!
- معملش حاجة سبوه لما يبقي كويس.. أنا عاوز اكون لوحدي
نظر له رشيد بجبين مُقطب وقلقٍ نهشه فجأة ليردد بتساؤل
-لوحدك!
لم يُجيب ونظر رشيد للعرق الذي سال فوق صدره
- وديت ميان فين ياموسي ؟
وثار هاتفاً بعصبية وحُنق من نبرة القلق في سؤال والده
- هكون وديتها فين.. جوا

رفع حاجبيه دهشة ليسأل بتوجس مما يحدث

- وميان بتعمل معاك ايه في الشقة؟!
- بابا
هتف به موسي واقترب رشيد قائلاً بحزم
- خليها تطلع هاخدها معايا وانت لما تهدي لينا كلام
- ميان مش هتمشي من هنا
مال رشيد برأسه ناظراً لتلك النار في حدقتيه وذلك الغضب المسيطر عليه وكأنه ليس إبنه !
- قلتلك ناديها .. ميان هتمشي معايا !
تحولت عيناه كعيني ذئب براري

- ميان مش هتمشي من هنا .. ومحدش يحكم عليها بحاجة !
ضيق رشيد عينيه فِيما تابع موسي محاولة السيطرة علي نفسه
- سبني يابابا بعد اذنك.. شوية وهرجع

- وميان؟!
سأله رشيد بتصميم دون أن يحيد بنظره عنه واجابه بقوة ووحشية اصبحت تتملكه بمجرد ما يشعر أن غيره يتحكم بها أو يقرر عنها شئ
- ميان مش هتتحرك من هنا الا معايا..
رفع حاجبيه ويكفيه ما رآه في عيني ابنه.. يعلم أنه غير واعي والجدال لن يجلب الا الكوارث بينهم
- تمام..
قالها مسلماً وقبل أن يذهب اقترب مُحذراً بصرامة وحدة
- بس لو أذيت منها شعره .. هتواجهني انا
.. اتفقنا !
انهي حديثه خارجاً من الشقة ليتوقف خارجاً بقلق حاول إخفائه علي قدر الإمكان .. لا يعلم ما به ابنه وكيف اصبح هكذا واشتعل حقده عندما رن الشئ الوحيد الذي من الممكن أن يجعل موسي بتلك الطريقة
ولكن أيضاً صعب عليه تصديق جرأت عمرو.. و .. واعتدائه علي ميان!!
*****
جلست رقية بإنهاك بعد أن رتبت حقيبة إبنتها وقد إنتهت من شراء ملابس النوم الخاصة بزواجها، مسحت حبات العرق لتنهض ببطئ وقد نال العمر من عظامها ومفاصلها
أحيانا تشعر بالضيق من تأخر إنجابها لكل تلك السنون وها قد تخطت الخمسون بعدة أرقام بينما إبنتها مازالت في بداية حياتها .. لكنها تعود مُستغفرة لتحمد ربها علي وجودها تعلم أن في كل شئٍ حكمة لا يعلمها إلا الله
- أنا قفلت الشنطة يا كامل .. تعالي بس حطها في الدولاب عشان تقيلة
نهض بعقلٍ شاردة ولا يعلم لما يشعر وكأن ميان تعود لصمتها الشديد وشرودها الطويل
قلق من داخله أن يكون قد تسرع ولن يستطيع موسي استوعابها ولكن ما يطمئنه معرفته وثقته برشيد
- مالك يا كامل ؟! .. انت كويس ؟
ابتسم لها مومأً ليحمل الحقيبة محاولاً الخروج من الموقف والتهرب من ملاحظتها له وسؤالها ، فلا يريد أن يُقلقها علي ميان ويكفي أنها دائماً ما تبوح له بقلقها من موسي ناري الطبع كما تصفه !
*****

استند علي الباب يتنفس بقوة وعقله يحترق من تلك الإجابة التي أعطتها له ..
أعطته مجرد إجابة لا تعلم أنها قد قسمت بها قلبه لنصفين !
دلف للغرفة وناره تتصاعد وهمستها بالأسف تصدح داخله، صعد فوق الفراش جلست في أحد زواياه بذعر من صراخه في الخارج واصوات التكسير

نظر لعينيها عن قرب وداخله صراع وكأن عقله لا يستطيع تركيب الأفعال وما حدث علي صورتها وهيئتها البريئة !
همس ناظراً لعنقها الذي كان يضرب سلساله بقوة ودموعها التي سالت أكثر ما توقفت

- يعني ايه عمل حاجة؟
سألها بشراسة يريد توضيحاً وللأسف مازال عقله يبرر ويتأمل أنها لم تفعل شيئاً وتظن هذا !
- انطقي عمل ايه ؟! .. قرب منك ازاي ؟!
اغمضت عينيها علي صراخه بوجهها متراجعة أكثر للخلف حتي كادت تخترق رأس الفراش بظهرها
وسؤاله التالي كان صائحاً فجاً جارحاً وكأنه ما عاد يراعي براءتها
وطريقة حديثه
- نمتِ معاه ؟!

شهقت مما قاله وارتفع نحيبها ذعراً من هيئته وطريقته وكأن من آتي في الخارج قد حوله مائة وثمانون درجة ليعود ذلك الغاضب المُتوحش الذي فتك بعمرو وكسر له ضلوعه
- دلوقت هتفتكريلي اسمه.. هتفتكرليلي كل حاجة عنه انتِ سامعة
ارتجف جسدها بهستيريا من صياحه في وجهها ونفت مجيبة بهمسٍ باكِ
- مش.. فاك..
صرخت بفزع من قبضته التي ضربت رأس الفراش جانب وجهها ليهتف بجنون
- مفيش حاجة اسمها مش فاكرة .. افتكري غصب عنك .. انا لازم اجيب ال*** دا
أغلقت أذنها علي لفظه البذئ كما أغمضت عينيها ببكاء شديد، لا تستطيع التذكر .. ولا تريد !
لا تريد تخيل ملامحه أو ملامح دانا.. لا تريد إسترجاع طفولتها !
- اهلك يعرفوه صح ؟!
اتسعت عينيها بخوفٍ من سؤاله الذي خرج بنبرة مُتوعدة أشعرتها بإنتقامه القادم

نفت بإرتباكٍ لا تعلم هل يعرفونه أم لا، ولكن موسي بدا لها سيأذيهم إن كانوا يعرفونه
- لا
...
وصمتت صارخة بعينين مغمضةمن ضربته الثانية حول رأسها
- متكذبيش قلت.. أصلاً حسابهم معايا عسير
نظرت له بإهتزاز وصدمة مما قاله ونفت ببكاء مذعور
- لالا .. هما مكانوش يعرفوا
وصرخ بها في المقابل
- ما هم فعلا ميعرفوش وانا هعرفهم .. ازاي تنزلي من بيتك وتروحي مع واحد وهم مش حاسين ها .!
وتابع محتجزاً جسدها بين ذراعيه التي استندت علي جانبي وجهها
- زي ما نزلتيلي وهم ميعرفوش .. وزي ما ختك المستشفي وهم مش حاسين .. وزي
- كنت بنيمهم !
نطقت بها ببكاء مهتز لتتسع عينيه بعدم فهم حتي تابعت برعشة وصوتٍ متقطع
- هو .. هو كان مديني دوا .. كنت بحطه في العصير .. كنت ..

- ايه ؟!
همس بها بذهول وصدمة ولم يتوقع لحظة أنها كانت تخدر أهلها لتبقي في الخارج لساعات !
شعر بالدوار وعقله لا يستوعب أنها نامت مع ذلك المُختل بإرادتها وليس بإعتداءاً منه أو إجباراً !
والباقي لم يشعر به !! ..
فقط كان رأها كابنته التي أخطأت في حقه وحق نفسها ..
زوجته التي خانته وأضاعت شرفه ..
ميان التي طعنته بخنجر مسموم نفذ لروحه في رمشة عين !
وحقاً لم يشعر بشئ !
لم يشعر بقبضته التي جذبتها من خصلاتها ولا صفعاته التي تتالت فوق وجهها وجسدها بقوة
ولا صراخها الهستيري من ضرباته
لم يشعر بشئ وكأن شيئاً لم يحدث !..
حتي انه لا يعلم كيف توقفت يده !

فقط توقفت برعشة
!..
وتحركت نظراته لقبضته بعدم تصديق مشاهداً دمائها فوق يده!!
كانت اللحظات قد مرت سريعة وكأنها ثوان!!
ثوان فقط.. خَلفت خلفها الكثير والكثير من الاضرار!
نهض من فوقها مُتراجعاً بصدمة مما فعل..
بينما تحركت رأسها بأنين مكتوم ودوار شديد.. وقد نفذت طاقتها بعد أن نالت صراعاً مخيف مع رجل..!
رجلاً غاضب
! ..
وكم يوحي الوصف بالكثير مادام خص موسي !

تشرقت بألم تلك الدماء وحاولت الميل جانباً حتي تسيل من فمها للخارج ولا تتراجع في حلقها ولكنها لم تستطع!

أغمضت عينيها بعدم شعور ونفسها يزداد ضيقاً بينما رقبتها قد بدأت بالنزف الغزير !
*****

كيف عشقتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن