المصيبة كالزلزال تحضر فجأة وتستمر فترة، ثم تنتهي مُخلفة الكثير من الدمار والإنكسار.
سرين عادل
توقفت السيارات فجأة من التصادم الحادث في منتصف الطريق مُصدرة صريراً عالياً ليهبط من فيها بصدمة
فتح أفيندار عينيه ببطئ شاعراً بخيط الدماء السائل من منتصف رأسه ليمر فوق أنفه، قطب جبينه بألم شديد مشاهداً بإهتزاز ركض الرجال في الخارج من بين الدخان المُتصاعد من سيارته أثر الاصطدام، بينما الصوت الغالب هو الصراخ بطلب النجدة والإسعاف.. ابتلع ريقه بصعوبة شاعراً بطعم الدماء في حلقه بينما قلبه كان في تسارع مذعور من عدم معرفته لحالتها جانبه!
- ايميلي!
همس بخفوت غير قادر علي التحرك، وبعد محاولات نجح بتحريك ذراعه محاولاً لمسها قبل أن يغيب كل شئ دون شعور!
*****
قالوا أن ما أخذ بالقوة، لا يسترد إلا بالقوة.
وهو..
هو لا يسترد.. هو ينتزع!
نظر له رشيد محاولاً إنهاء الموقف
- خلاص يا موسي خلصونا من الموضوع دا بقي!
تحولت عيناه نحو والده بصمتٍ وقبل أن يثور يوسف وقد تأكد داخله شعور أن لجميل نية آخرى، تآوهت روسيل بخفوت لتنازع بيديها وكأنها تصارع أحدها
أسرع نحوها ليميل فوق رأسها بهمسٍ مُطمئن
- روسيل.. بس.. بس أنا هنا
- ابعدوا عني.. سبوني ..
ابتلع ريقه بإرتباك من همسها، لا يريد صراخها حتي لا يستمع أحداً لما تعانيه.. فتوقعه ليس صعباً !
- قصدك إيه يا موسي ؟!
سأله رشيد من حديثه الساخر نحو جميل بينما جميل كان يعدل من جلبانه موضع ربتات موسي فوق صدره
- هو عارف قصدي.. ما ترد يا جميل.. ياتري إنت كنت جاي تزورها بس؟!
- انا كنت موجود
نظر نحو والده بهدوء قبل أن يميل فمه ببسمة غامضة ليهمس بين والده وجميل الناظر له
- طيب نتحاسب وقت تاني.. واضح إن بابا ليه رأي تاني !
- جصدك إيه.. إنت فاكر إنك هتخوفني !
- ما تكتم بقي ويلا من هنا
عنفه رشيد بنفاذ صبر، بينما ضحك موسي لثوانٍ قبل أن يغمزه بعبثٍ
- أنا خوفتك خلاص!
توقف رشيد بينهم يعلم طريقة إبنه حتي أنه توقع اللكمة التي ستُصيب فك جميل علي غفلة إن مرت دقيقة آخرى
- جرا ايه يا موسي.. هو انت مش شايفني واقف ولا ايه.. وبعدين هنسيب اللي إحنا فيه ونعمل مشاكل.. انت شايف دا وقته
إرتخت قبضته كإرتخاء معالم وجهه ليبعتد للخلف خطوة
- لا مش وقته.. وبعدين جي مش هيطير.. ومش عيل عشان يهرب
نفض جميل جلبابه وقد فهم مقصده ليتذكر أنه بالفعل من قام بضربه وقد لقبه بنفس الإسم وقتها!
- ابعدوا عني
همست بها تحت كفه وقد جلس جانبها محاولاً تهدئتها ليكتم فاهها قبل أن تصرخ
- روسيل فوقي
توسل ماسحاً وجنتها وخصلاتها لينظر للخلف بضيق
- ممكن لو سمحت نطلع بقي عشان ترتاح
وتحدث رشيد بضيق متحركاً نحو الباب بعد أن خرج جميل
- ما دا اللي انا بقوله.. بس مش عارف فيكوا ايه النهاردة.. وكأن دا المكان والوقت المناسب.. بدل ما نشوف البنات واللي احنا فيه نمسك بزفت جميل
وكان موسي سيسأله لما يداري عملة جميل ولكن عقله توقف للحظة من حديث والده لينظر حيث الخارج
- ميان مع اهلها صح ؟
نظر له رشيد بصمتٍ لا يعرف من أين علم بنية جميل ليتحدث معه بتلك الطريقة
- لا ميان تعبت والدكاترة خدوها
خفق قلبه بفزع ملتفتاً نحو والده بقوة
- تعبت ازاي.. هي فين؟!
- اهدا ياموسي.. هي داخت وتقريباً اتخنقت والدكاترة أكيد اتعاملوا
تحدث رشيد سائراً خلفه وقد خرج مُسرعاً لا يعلم لما تعرضت وما سبب إختناقها
- مخدتش البخاخ ؟
قطب رشيد جبينه بإستغرابٍ ليُنفي
- لا.. مكنتش أعرف إن بيجلها أزمة
فتح الباب ووجدها فوق الفراش تبكِ بصمتٍ، وقد يأست من محاولات التخلص من جميع الأيادي لتستسلم بيأسٍ باكِ
- ميان..
إقترب من فراشها ونظرت له بإستغاثة وكأنه طوق النجاه لها
- خلاص.. مفيش حاجة .. دول كلهم دكاترة
- هي كويسة مفيش حاجة والجلسة يعتبر خلصت خلاص
تحدثت الطبيبة بهدوء مقتربة بعد دقيقة لترفع القناع البلستيكي عنها
- حمدلله علي سلامتك.. بس خلي البخاخ دائما معاكِ عشان كده غلط
أومأ لها موسي يريد ذهابها وبالفعل تحركت بعد أن وضعت المعاينة فوق حديد الفراش
- بعد إذنك عاوزة حضرتك دقيقة
وكان سيتحرك، لكنه توقف بدهشة عندما شعر بيدها تقبض فوق أصابعه بضعفٍ ليصعد حيث عينيها الدامعة وثغرها الجاف
- متسبنيش
رمش من ذلك الشعور الذي إحتاجه فجأة وكم إحتياجها ولمسها له غريب!
- تمام شوية وهاجيلك المكتب يادكتور
أومأت متمنية السلامة قبل أن تنصرف، وإلتفت لها لتُحيطها عيناه الزيتية كما إحتوت قبضته يدها الباردة بتملك حاني
نظرت بعيداً عنه مبتلعة ريقها من كم ما بكت لتنظر نحو الباب عندما دخلت رقة ببسمة
- حمدلله علي سلامتك.. عاملة إيه دلوقتِ
أومأت بحرج محاولة الإعتدال ولمس ذراعها هامساً
- خليكِ متقوميش
- جيت امتي يا موسي ؟!
إبتسم لميان التي سقطت سريعاً في النوم وكان يعلم بإرتخائها من إستئذان الطبيبة والتي علي الأغلب كانت ستخبره بأنهم أعطوها مهدئٍ ما رغم رفضه القاطع للأمر، ثم نظر نحو والدته بصمتٍ يريد معرفة ماذا حدث وهل كانت مع والده وقت حضور جميل أم لا
- من شوية.. إيه اللي حصل؟
مطت شفتيها بعدم فهم
- مش عارفة انا كنت مع السواق رايحة القصر بس مدام رقية كلمتني وقلتلي أجيب لميان أكل لانها أكيد مفطرتش وأنا إستغربت انها ممكن تكون كل دا مكلتش فنزلت وطلبت من البوفيه زي ما مامتها قالت ولما طلعت لقتها أعدة علي الأرض ورشيد بيحاول يهديها.. كانت مش عارفة تتنفس ياحرام
أومأ موضحاً حتي يكون الجميع علي علمٍ ولا تتعرض لأزمة آخرى
- ميان بتاخد بخاخ.. عندها أزمة تنفس فلما تلاقوها كده هتلاقوا البخاخ دائما في شنطتها
نظرت لها بحزنٍ لتقترب ملامسة أصابعها
- مكنتش أعرف.. ياحببتي انا.. عشان كده مكنتش قادرة تتكلم وكأنها بتتخنق
*****
- العربية خبطتك إزاي.. مش حاسس انها مقصودة؟!
نفي عمرو ناظراً من فتحة عينيه الضيقة أثر تورمها بينما اليسري قد إختفت أسفل قطع من الشاش والقطن كالذي غلف صدره
- مش عارفة ليه مش مصدقاك
نظر لها بتذمر
- مروة مش وقت تحقيقك أنا مبقليش اربع ايام عشان تعدي تضغطي عليا وتتعبيني بكلامك
زمت شفتيها واقتربت مبتعدة عن قدمه المقيدة بالجبيرة كما ذراعه
- خلاص انا اسفة.. مقصدش .. انا بس مصدقت إنك تفوق ونتكلم حاسه إن اللي خبطك كان قاصد
- حتي لو كان قاصد منا معرفوش
- بس احنا نقدر نبلغ ونجيب مشاهد الفيديو من الشركة
نفخ بضيق مزيحاً وجهه للناحية الآخري
- ممكن تسبيني ارتاح شوية!
رفعت حاجبها بسخرية من ضيقة
- تمام ارتاح.. انا هزور المديرين واروح بقي
التفت لها مُسرعاً بدهشة
- مدرين ايه؟!
- مستر يوسف ومستر موسي.. عرفت إن مامة روسيل بتموت باين وهي موجودة هنا معاها وميان من شوية شفتهم واخدنها وحاطين ليها اكسجين، يلا يمكن تحصلها ونرتاح بقي
- انا محتاج أنام
أومأت له ببرود رغم ما بها من نارٍ مُشتعلة وخرجت وكأن شئياً لم يكن، بينما أغمض هو عينيه يعلم كيف سيأخذ حقه..
ويكفي أن تعلم من هو خصمك لتحاربه.. وهو يعرف موسي الهاشمي جيداً !!
*****
جلس كامل عند قدميها ليمسح فوقهم بحنان
- مش اتفقنا البخاخ تبقي معاكِ ديماً
نظرت له بصمت لتؤمأ مُعتذرة بحرج
- غصب عني
ابتسم موسي بإستغراب من طريقتها كما إبتسم لها والدها وقد عاد يمسح فوق قدميها
- خلاص ولا يهمك المهم انك بخير
نظرت له بإمتنان وكأنها تشكره علي مجرد وجوده في حياتها، وكأنه ليس مجبراً وهذا واجبه!
ثم إلتفتت حيث والدتها لتتمسك بيدها مُطمئنة، وقبلت رقية يدها مدعية الهدوء والثبات رغم ما يُبديه وجهها من ملامح الخوف والقلق
- انا عاوزك شوية يا موسي
نهض كامل مشيراً له حتي يتحدثوا في الخارج وتمني موسي من داخله أن يكون ظنه في موضعه ويحدثه في كذبة عودتها للبيت
نهضت رقية وجلست جانبها لتضم أكتافها بحنان
- احنا هنروح بيت تاني فترة.. عشان للاسف نسيت البوتوجاز.. والبيت اتبهدل
نظرت لها ميان بصدمة بينما كانت ملامح موسي هادئة وقد علم في الصباح عما حدث
نظرت ميان بذهول من الخبر نحو والدها الذي توقف ليُجيب علي هاتفه اللحوح بالرنين، ودون شعور إنتفض بفزع افزع الجميع
- يعني ايه.. هو فين.. والبنت ؟
كانت اسئلته تتوالي بهتاف وذعر شديد حتي خرج من الغرفة لتنهض رقية بإرتباكٍ تلحق بهم
- في ايه؟
سأله موسي بقلق من حالته وكان رشيد في طريقة للغرفة بعد أن إطمئن من ذهاب جميل ليظل فقط عثمان الذي سيجلب والدته وعمته في الليل من محطة القطار عند وصولهن مع إبن خالته
- افيندار عمل حادثة بليل.. انا.. الدكاترة بيقولوا.. انا.. مش..
- اهدي يا كامل.. اهدي وتعالي اعد بس .. هات مية يا موسي
جذبه رشيد ليجلس، بينما أتي موسي بكوب ماء مغلق من براد الغرفة ليغلق الباب خلفه حتي لا تسمع لشئ!
- مين كلمك ؟! .. وقالوا ايه
مسح وجهه وقد دمعت عينيه الزرقاء فوراً لينفي برأسه
- مش عارف اللي كلمني دكتور.. حالتهم خطيرة.. مش عارف بنته كانت معاه ولا لأ.. مش عارف حاجة أنا لازم أسافر
أومأ له موسي مهدئاً
- مفيش مشكلة.. لو مفيش طيران اطلع بطيارتنا.. خير متقلقش
*****
اقترب يوسف أكثر ضاماً جسدها النائم بإستسلام، يعلم أنها وبرغم قوتها إلا أنها قررت الهروب بالمهدئات.. وكأنها تمضي الوقت نائمة كوالدتها ولا تريد أن تستيقظ إلا معها !
أغمض عينيه دافناً وجهه في خصلاتها وجانب رقبتها من الخلف لا يعلم كيف يمكنه مساعدتها بخلاف بقائه معها وتقديمه للدعم
إبتلع ريقه يتمني أن تكون ناهد قد سمعت ولو جزءاً من حديثه، علي الأقل تعرف أن إبنتها قد ظُلمت ولم تخذلها
- اامم
شعر بأنتها الخافتة ليشعر بضغط جسدها بين ذراعيه دون شعور منه
- بس.. انا اسف.. هشش.. نامي
همس لها مخففاً من قوة إحتجازها ورفع رأسه عندما فُتح الباب ببطئ شديد ليجد ميان التي شهقت بصدمة وكأنها رأت شيئاً مخلاً !
تراجعت بحرج شديد وما كانت تعرف أنه هنا.. لتجده معها مرة آخري فوق الفراش
ضحك يوسف بخفوت من هيئتها ونهض ببطئ حتي هبط من فوق الفراش وقد خرجت تاركة الباب مفتوحاً من صدمتها!
- ميان..
إنتفضت قابضة فوق سلسالها، ونظر لها يوسف ببسمة من إستنادها علي الحائط في الخارج
- تعالي ادخلي انا هروح اتغدا لأني مكلتش لسه وهعمل كام حاجة وأرجع
إبتلعت ريقها بصعوبة ناظرة للأسفل تشعر بالحرج الشديد منه ومن دخولها للغرفة وليتها ظلت جانب والدتها، وقد نامت رقية بعد تناولها للأنسولين وأدويتها النفسية دون شعور
- انا.. اسفة.. بس كنت فكرت إن حضرتك مع بشمهندس موسي في شغل وبابا وكده
قطب جبينه كاتماً ضحكته بكل ما إستطاع حتي لا تأخذها بحساسية، ونجح بالفعل ولم يضحك إلا بعد دخولها وإغلاقه للباب عليهن لا يصدق أنها تحدث برسمة ولقب.. وتدعو موسي بالبشمهندس !
إنطلق ليري عمه وقد قصروا به كثيراً منذ عودته من الخارج بسبب ما يمروا به من ظروف
*****
- خلاص روح انت ياموسي
انا هروح شوية لفهمي ويوسف قالي انه هناك
أومأ له ولم يتحرك حتي نظر له رشيد من عدم ترجله من السيارة ليأخذ طريق المشفي وقد ذهبوا جميعاً للمطار حيث طائرة كامل بسيارة الشركة
- ممكن نتناقش في الموضوع بعدين؟!
تحدث رشيد بهدوء ومال ثغر موسي ببسمة ساخرة
- احنا بقينا بعدين.. انا صبرت طول اليوم.. ليه عملت كده؟
- مسح وجهه ثم خصلاته بقوة قبل أن يجيب بحزم
- عشان مش وقت مشاكل.. الجو متوتر لوحده
لمعت عيناه بوهج يعرفه رشيد جيداً فتابع بتحذير قاطع
- اياك يا موسي تتصرف من غير ما تعرفني خطوتك بزات مع دول
مط شفتيه وسخرية ملامحه تزداد عكس وهج عينيه المنتقم
- عشان صعايدة!
نظر له بقوة ليجيبه بتأكيد
- اه.. والصعايدة دول قادرين يقطعوك حتت ولو مهما كان وراك ظهر.. الناس دي لما بتشوف الموضوع تار مبيهمهاش لا حكومة ولا حد في الدنيا.. عارف ليه؟! .. عشان هم وقتها بيواجهوا الموت! .. يعني أخطر حاجة!
- كل اللي قلته دا ولا يسوى نكلة في دماغي.. ولو هم بيواجهوا الموت يبقي يواجهوني ونشوف مين نفسه أطول
قبض رشيد فوق ذراعه بقوة
- انت مش هتتصرف قلتلك.. ولو الكلام مش مساوي معاك فأنت مساوي عندي وعند اخوك وامك ..
- متبقاش عاطفي يا بابا
همس له بهدوء ساخر وجز رشيد فوق اسنانه بقوة متمنياً لو نصف برود إبنه
- عرفت منين انه كان هيخطفها ؟.. مين اللي قالك؟
ابتسم ناظراً له بطرف عينيه ليستدر خارجاً من السيارة
- موسي!
ناداه بتحذير وإلتفت له مائلاً علي الباب لينظر له من النافذة
- كان معاه عيل خرع كده بيساعده
- والولد راح فين!
غمغم بقتامة
- هو فعلا راح.. راح النار !
التفت مشيراً لسيارة أجرة
- سلملي علي عمو فهمي وإياس
نظر رشيد لإبتعاده بيأس وكان يعلم أن ذلك الغبي جميل سيشعل النار في النهاية، رفع هاتفه أمراً السائق بيده للإنطلاق للقصر وبمجرد ما أجاب المطلوب حتي تنهد متحدثاً
- متبعدش عينيك عن موسي ويوسف.. أصغر حركة ليهم توصلي .. ومتبعدش جميل عن عينيك ولا أي واحد من عيلة الجيار!
*****
ابتسمت ميان من حركة أصابع روسيل النائمة وقد ظلت تغير في مكان خاتمها الماسي بين أصابعها، إنتفضت بذعر من الطرقات ونهضت تنظر للباب بقلق شديد لتختبأ في ظلمة أحد الأركان !
فتح موسي الباب بهدوء يبحث عنها وقطب جبينها من عدم وجودها في الغرفة المُظلمة وقد بحث في غرفتها ولم يجد إلا والدتها النائمة وعندما إتصل بيوسف أخبره بوجودها عند روسيل!
دلف للغرفة ببطئ وصدم من توقفها جانباً بعينان متسعة بذعرٍ !
- ميان!
إبتلعت ريقها رامشة عدة مرات من صوته
- مالك؟!.. واقفة كده ليه؟!
سألها بإستغراب من تصرفها وخوفها الشديد وكأنها توقعت حضور أحداً غيره وغير أخيه وعائلتهم
- انا.. انا مكنتش أعرف إنه حضرتك
نظر في الغرفة حوله وإتجه نحو الباب الجانبي الخاص بدورة المياه وصاحب الضوء الخافت في الغرفة لينظر في الداخل بقلق من وجود أحدا معهن
- خايفة من ايه؟!
إلتفت لها متسائلاً ونفت بإرتباكٍ مقتربة من فراش روسيل لتجلس بوهن فوق المقعد وقد تصلبت جميع عضلاتها من كم ما شدت نفسها وقت دخوله البطيئ
- تحبي نطلع ؟!
همس لها بخفوت، ونظرت بينه وبينه روسيل لتُنفي بقلق لا تريد الخروج وتركها
- ليه أعدة علي الضلمة ؟
نظرت نحو الضوء الأصفر الصادر من الجانب حيث باب دورة المياه المُوارب
- في نور اهه .. انا شايفة
ابتسم لها ومنها وها هي تملك شيئاً واحداً منافي لطبيعتها الطفولية، فتبدو لا تخاف من الظلام!
- حصل حاجة؟
سألها ناظراً لخصلاتها وعينيها التي كانت تلمع كالزجاج عندما رفعتهما إليه، ورغم الضوء الخافت، هو يري إضطرابها واضحاً كصوت أنفاسها غير المنتظمة
نظرت لروسيل بصمتٍ ثم رفعت بصرها له لتُنفي بهمس، وما لبثت حتي نهضت بإضطراب ليجلس مكانها.. فلن تظل جالسة وهو متوقف ومهما كان في النهاية هو المدير كما حدثت نفسها
- قمتي ليه.. اعدي؟!
نفت بحرج من جلوسها لأول مرة ناظرة للمقعد الوحيد في الغرفة لتهمس بإرتباك
- حضرتك اعد
مالت عيناه ببسمة مُختفية وقد فهم من لفظ حضرتك ما فكرت به
- طيب تعالي نطلع بره في كراسي كتير
عادت ببصرها نحو روسيل ونفت بخوفٍ
- مينفعش أسيبها .. انا عاوزة افضل معاها
قطب جبينه وطريقتها من بداية دخوله تؤكد له وجود شيئاً مُقلق
نظر للمقعد وجلس عليه بينما ظلت هي متوقفة جانبه تنظر لوجه روسيل الثابت
- خايفة من ايه؟.. قوليلي
اهتزت حدقتيها اللامعة وقبل أن تُنفي شهقت بصدمة من جذبه لجسدها حتي سقطت فوق قدميه
- هششش.. روسيل هتصحي بسببك وهي تعبانة ولو صحيت هتعيط عشان مامتها وهتتعب أكتر
همس لها مهدداً لتصمت وصمتت بتشنج بين ذراعيه
- اتنفسي .. اهدي
فهمت ما قاله من حركة شفتيه القريبة وقد فاز النبض بأعلي صوت في أذنها
- متكتميش نفسك
همس ناظراً لعينيها المُسلطة فوق شفتيه ليهبط حتي سلساله النابض، ولم ترتفع حدقتيه إلا بتحرك أهدابها عندما رمشت لتنظر لعينيه بإهتزاز ورعشة وصلت لجسده منها
حاول وحاول وحاول حتي نجح بإخفاء وهج عينيه من تفاعله أثر قربهما
- اتنفسي براحة
همس لها من تنفسها الذي أصبح نهيجاً عبر عنه صدرها المتحرك بسرعة شديدة بين صعود وهبوط
كانت تشعر بالخدر الشديد.. شعور غريب تملك منها وشل جسدها وحواسها
أغلبه خوفاً.. فزعاً من قربه الشديد.. ذهول من جلستها.. ولكن يوجد نبضٍ غريب وشعور إنقسم مُنحرفا..
ليس خوفاً.. لا تريد الصراخ.. لا تريد النجدة.. لا تعلم!
أغمضت عينيها برجفة وقد إشتدت يديها القابضة فوق كتفيه لتتمسك بقميصه بتشبث دون شعور
- انا مش هقربلك.. متخافيش مني..
تمتم بهمسٍ خافت بالكاد وصل لها كما وصلت أنفاسه لتضرب وجهها بقوة
إبتلعت ريقها لا تستطيع تفسير أي شئ.. تشعر أن عقلها قد سقط مُغشياً عليه بصدمة تاركاً جسدها واعي !
زم شفتيه محاولاً التركيز مبتعداً عن عنقها وسلساله الذي كان بمثابة ضوء يجذب إنتباهه
- في حد قرب من روسيل؟!
سألها محاولاً جذب انتباهها وقد بدأ يشعر بالقلق من رجفتها التي أصبحت شديدة كما تنفسها الذي بات نهيجاً !
رمشت عدة مرات من صوته لتفتح عينيها له
وضاعت..
كما ضاع هو..
ضاع هو في الأعلي حيث سمائها.. وضاعت هي في الأرض حيث أشجاره وزيتونه
ودائماً ما كانت له بنقاء السماء وكل ما هو بعيداً عن الأرض والبشر.. بينما طاقته وغضبه لم يتمثل إلا بالأرض وسكانها خصوصاً شياطين الأنس !
- ان.. انا.. خ.. خاي..فة!
همست بإرتباكٍ ونبرة متقطعة أثر لهاثها الشديد ليفيق من غرقه، ولو لم تهمس ما كان سيعود من رحلته النقية!
- انا مش هعملك حاجة
ابتسم من شعوره بدفع قبضتيها فوق كتفيه كطفل صغير يدفع بكل قوته لتشعر بضغط يديها فقط دون التحرك بسبب ضعفهما
- قوليلي خايفة من ايه؟!
انزلت بصرها عنه ولأول مرة لا تتخيله آخر ولا تغيب عن الواقع.. ولا تعلم السبب، بينما علمه هو !
علمه كما يعلم كل شيئاً داخلها قبل أن تفسره هي !
كم شعر بالراحة لأنه الأول بهذا الفعل.. ورغم ألم التفكير وليس هيناً أن يفكر الرجل في كل شئ إن كان الأول أم لا، لكنه إتخذ عهداً بالغرق داخل الألم والتعايش معه مثلها حتي ينقذها أو تغرقه!
- انتِ كنتِ في الاوضة لما قريب روسيل جه وبابا؟!
اتسعت عينيها علي ذكر إسم روسيل لتنتفض متذكرة وجودها خلفها وقيد خصرها لتظل ثابتة
- نايمة.. وبعدين لو صحيت عادي.. انا مش هعملك حاجة قلتلك!
نظرت له بدهشة وكأنه يري أن جلستها فوق قدميه عادية وليست جريمة!
جريمة!.. وبالفعل هي تراها هكذا!
- كنتِ هنا ولا بره؟!
إبتلعت ريقها نافية بشرود وقد بدأ عقلها بالتشتت بين ما حدث وقت إقتحام جميل للغرفة وشعورها المضطرب من وضعها الحالي معه!
- كان هيقتلنا!
همست له ولا تعرف كيف كما ذُهل هو من إعترافها وإخباره الذي لم يتوقعه!
ابتلع ريقه وعيناه تتوسل ألا يكون قد أذي أيامنهن
- عمل إيه؟
زادت قوة قبضتها فوق أكتافه مُتذكرة وجه جميل الذي إختلط وقتها بآخر لا تتذكره
- كان معاه مسدس
همست بتشتت وقلق وإنقبضت عضلات وجهه من تأجج نيرانه
- شفتيه إزاي.. كنتِ موجودة ولا جيتِ لقتيه
إبتلعت ريقها ناظرة نحو الحائط
- كنت هنا.. كان هياخدني
اتسعت عيناه بصدمة مما قالته، بينما ظلت هي ناظرة نحو الحائط بشرود
- ياخدك ولا ياخد روسيل
عادت لعينيه المُخيفة كما رأتها وهربت منهما سريعاً لتنظر حيث ذقنه بإهتزازٍ
- انا..
أجابت بهمسٍ مقتربة منه برعشة وقد إخترق صوت جميل أذنها
- ( لو خرجتي معايا همشي ومش هعمل حاجة لحد .. دا اللي انا عاوزه)
إنقبض قلبه بقوة كما عضلات جسده التي تشنجت غضباً مما سمعه، وقرباً إقتربته هي دون شعور !
- لمسك؟!
نظرت لعينيه محاولة التذكر وتذكرت محاولاتها لإبعاد تلك اليد التي كانت تلمس وجهها
- مش.. مش فاكرة
إبتلع ريقه عدة مرات وكأنه يبتلع ما شعر به من غضبٍ.. وفشل!
لأول مرة يفشل ولم يستطع قمع إنفعاله من تخيله لوجه جميل وقربه منها
نظر لها من سرعة تنفسها وقطب جبينه من ملامحها المتألمة بصمتٍ ليُصدم من قوة ضغطه عليها!
- ميان!
همس بإسمها مخففاً من مسكته وإرتخت بتنهيدة متألمة لتصدمه أكثر من تقبلها وتحملها للألم دون إصدار أي صوت!
واحياناً تؤكد له أن جميع ما بها لن يتغير ولو بعلاج العالم.. ولو بأطباء الكون!
حالتها غريبة ومخيفة..
نزيهة رغم معرفتها بكل شئ!
ضعيفة رغم قوة تحملها للألم !
صادقة ونقية رغم تفنن كذبها وخداعها!
نظرتها بريئة رغم ما تبثه من إثارة وشعور غريب كالطوفان!
عاجزة رغم قدرتها علي التصرف !
هي تعفف المجون !..
هي طهارة الخطيئة !..
هي النقيض! .. وجهي العملة الواحدة !!
*****
توقف عثمان ناظراً بين الناس حتي رأي إشارة عطية ليقترب منهم بترحيب
- اهلا يامه ..اهلا ياعمتي ..حمدلله علي السلامة
رحب بهن وسار عطية معه لإيصالهن حيث روسيل قبل عودتهم مرة آخرى من أجل أعمالهم
نظرت مديحة حولها بإنبهار من فخامة المبني بينما كانت فخرية والدة عثمان في صدمة حقيقية ويكفي أن تلك مرتها الأولي للخروج من الصعيد والسفر
- يانهار ابيض ماشالله.. والله أكبر.. بجي المكان ديه بتاع جوز البت روسيل بت عمك؟!
إبتسم عثمان من دهشة والدته
- هو بتاع عيلتهم مش يوسف نفسه.. بس اهه في النهاية هو من أملاكهم
نظرت مديحة للخارج قبل أن ينغلق باب المصعد لتمسح وجهها بسعادة من نصيب إبنة أخيها اليتيمة
- مرت عمك عاملة ايه طيب.. لسه مفاجتش؟
نفي بجزنٍ ناظراً لرقم الطوابق
- للاسف لسه.. حالتها تجريباً صعبة ونايمة علي طول ودي اسمها غيبوبة يامه يعني عايشة بس مش حاسه بأي حاجة كأنها ميتة إجده
- تف من بؤك يا واد فال الله ولا فالك
نهرته عمته لتتمسك بذراعه من توقف المصعد
- ايه وصلنا ولا ايه؟
ضحك من عفويتهن وليته يستطيع اخراجهن للإزدهار والتقدم الموجود في الصعيد نفسه بدلاً من دفنتهن في تلك العزبة البائسة
طرق الباب ووصله صوت يوسف في دعوة للدخول
دلف ودلفت خلفه عمته ووالدته ليغلق عطية الباب
- ياجلبي يابتي .. الف سلامة عليها ربنا يجومهالك بألف سلامة
سالت دموعها محتضنة عمتها لتشهق بالبكاء بين أحضانها، ورغم أن وجود الدعم جانبنا يقوي إلا أن الإنسان يشعر بالضعف الشديد وكأن نفسه هي التي تبكِ من التأثر
- إن شالله هتجوم بألف سلامة.. ربنا كبير
ربتت فخرية فوق ظهرها بينما كان يوسف يتبادل التحية مع عطية قبل أن يتوجه بالسلام لعمتها وزوجة عمها
ظلت ميان متوقفة جانباً تنظر بهدوء للجميع ثم تحركت تريد الخروج والذهاب لغرفتها مبتعدة عن تلك الزحمة والأصوات
- رايحة فين ؟!
سألها يوسف بهدوء ونظرت له بقلق لتُنفي برأسها ناظرة نحو روسيل الباكية مع أقاربها
- عاوزة.. عاوزة اروح عند ماما
أومأ لها واضعاً سترته فوق المقعد
- طيب تعالي هوديكِ الاوضة .. بس مش هتسلمي الاول؟!
ابتلعت ريقها بصعوبة لتقبض كفيها بقوة لا تريد السلام والتلامس معهن وخائفة من السيدات كما الرجال
- مش عاوزة
نظر لها بإستغراب ليقترب مُستفسراً بدهشة
- مش عاوزة ايه!
أغمضت عينيها بقوة محاولة الهدوء وهي تفكر أن من الممكن أن يكونوا جيدين ولن يأذونها كما السيدة منة في الشركة وكما مروة
- انتِ كويسة ؟!
نظرت له بإضطراب وعقلها أصبح شارداً، ونظر هو بغضبٍ حيث عثمان وعطية وقد توقع نظر أحدهم لها، ولكن وجدهم متوقفين جانباً وغاضين البصر حتي عن قريبتهم نفسها !
- مالك ياميان؟!
عادت تُنفي بعجز لا تعلم ماذا تقول وبما تجيبه.. هي فقط لا تريد السلام علي أيامنهم
- اهلا.. حمدلله علي السلامة
انتفضت علي صوت موسي عندما دخل الغرفة مرحباً بالجميع وتخطت يوسف دون شعور لتقترب من موسي حتي يأخذها من الغرفة، ولكن بحركتها لفتت الإنتباه لتتحدث فخرية بإنبهار من فتنة ملامحها
- اهلا بابتي
تصلبت ناظرة لموسي وكأن ترحيب المرأة إقتنصها لتظهر للجميع، ابتلعت ريقها بإهتزاز، بينما كانت نظرات يوسف في ذورة الدهشة من تصرفها ونظراتها الغريبة وكأنها تعرفهن و.. خائفة!
- دي ميان ياطنط فخرية صاحبتي
أجابتها روسيل بهدوء بينما نظرت لها ميان بيأس عندما نهضت باسمة في وجهها
- الله أكبر سبحان الخالج يابتي.. زي الجمر في تمامه .. يامرحبا
ابتلعت ريقها بصعوبة لتحتضنها المرأة رغم إستغرابها من عدم ترحيبها
- وانت بجي مخطوبة ياجمر ؟
- ميان تبقي مراتي..
قالها موسي مجيباً علي المرأة التي علي ما يبدو كانت علي بُعد خطوات لخطبتها !
- الله أكبر ماشالله.. ربنا يبارك فيكوا ياولدي ويرزجكم بالذرية الصالحة
قطب عثمان بين حاجبيه بحزن وكان قد نوي السؤال عنها وطلبتها بعد انتهاء تلك الظروف، ابتلع ريقه بصمتٍ دون أن يظهر أي شئ كما لم يظهر أياً من إعجابه بها
- يلا ياروسيل نروح ولا انتوا ايه رأيكم
أيده يوسف والأغلبية عدا روسيل التي ابتعدت عن حضن عمتها متوسلة بدموع
- انا عاوزة أفضل في المستشفي عشان خاطري.. خلوني جمبها
- ميصحش يابتي.. جعدك إهنيه ولا ليها لزمة إحنا هنبجي معاكِ في البيت وهنيجي كل يوم نطل عليها
مسح يوسف فوق ذراعها بحنان قبل أن يميل مقبلاً رأسها
- مينفعش تفضلي هنا وتاخدي مهدئات ومنوم ياروسيل.. دا مش حل.. انتِ دكتورة وعارفة إننا منعرفش طنط ناهد هتفوق امتي.. روحي وانا هجيبك كل يوم تشوفيها
مسحت دموعها بإستسلام ولن يوافق أحداً علي بقائها ويكفي معرفتهم بغرض هروبها للنوم
*****
انطلق السائق متخذاً روسيل وعمتها وزوجة عمها، بينما ركب عثمان وعطية ويوسف مع سائق آخر طلبه موسي وقد أصر يوسف عليهم بالبقاء عنده الليلة والسفر نهاراً.. وخضعوا تحت إصراره منطلقين لبيت روسيل أولاً ثم القصر مع يوسف.
صعدت ميان في الخلف جانب والدتها ومضي الطريق بصمتٍ حتي دلفت سيارة موسي من باب القصر بعدما رفض تركها لتلك الشقة الجديدة، علي الأقل لحين عودة كامل وقد أخبروا ميان أنه سافر من أجل عمله الخارجي كما كانوا يفعلوا في أوقات سفره لأمريكا
تمسكت بذراع والدتها بقلق من حداثة المكان عليها وربتت رقية فوق ذراعها لتُقبل وجنتها بحنان
- متخافيش يا ميونة منا معاكِ اهه
إبتلعت ريقها ناظرة للأمام دون سبب لتصطدم نظراتها بعينيه التي كانت تتابعها في المرآه من بداية الطريق
- والله مكنش ليه داعي ياموسي.. كامل دفع الايجار واتفق وكنا اعدنا عادي
- لا وعلي ايه القصر كبير.. وبعدين انتوا متعرفوش حد في المنطقة.. هنا أأمن علي الأقل لحد ما عمو كامل يرجع
أومأت له ببسمة ونزلت عندما توقفت السيارة لتنزل ميان بسرعة خلفها
- والله القصر نور اتفضلوا
تحدث رشيد بلباقة مستقبلاً لهن وإقترب أخيه محيياً ليحتضن موسي هامساً له بخفوت
- والله ونقيت يابن رشيد
ضحك موسي رابتاً فوق ظهر عمه ودائماً ما كان الأقرب لهم من العائلة
- ازيك يا انسة ميان.. انا ابقي فهمي عم موسي
أومأت له بصمتٍ تشعر بخفقان صدرها وتحدثت رقية سريعاً من شعورها برعشة إبنتها
- اهلا بحضرتك .. احنا اسفين والله علي الازعاج دا
اقترب رشيد مشيراً بيده للداخل
- متقوليش كده يامدام رقية.. احنا اهل مفيش ازعاج البيت بيتكوا
- انا هستأذن بقي بعد إذنكم وبكرة لينا لقاء.. تصبحوا علي خير زمان الواد إياس واقع من الجوع
أومأت رقية بحرج وتحركت لتدخل جانب ميان التي تثاقلت خطواتها كثيراً تشعر أنها قابلت أشخاص كُثر في اليوم وتعاملت مع الكثير حتي في الشركة لم تتعامل مع كل هذا الكم في يومٍ واحد.. بخلاف الأمس وذكرياتها وما نزفته من قوتها البدنية والنفسية
- مالك ياميان؟!
سألتها رقية بقلق من إستنادها علي ذراعها
- انا.. انا كويسة ياماما
- اهلا ياميمو .. ازيك يامدام رقية اتفضلوا
إقتربت رقة مُرحبة وسلمت عليها رقية شاكرة بإمتنان
اقترب موسي منها ليمسح فوق رأسها
- اتنفسي براحة انتِ في بيتي يعني أمان.. كل اللي هنا زيي محدش هيأذيكِ
إبتلعت ريقها ناظرة لوالدته التي إقتربت مقبلة وجنتها بحنان
- شكلك مرهقة تعالي يلا ادخلي عشان ترتاحي
- أشيلك؟!
سألها موسي بجدية ونظرت له بصدمة غير مصدقة عرضه وأمام والدته ووالدتها، لتشهق بذعر قبل أن تنفي عندما إنحني ليحملها ببسمة عابثة تحت ضحكة رقة وقلق رقية من إرتباك إبنتها معتقدة أنها مازالت تخاف موسي كما كانت في البداية
- عارفة عينيكِ خطر ليه ؟!
لم تنظر له وقد توهجت وجنتيها بشدة من حمله لها حتي دلف من باب القصر صاعداً بها الدرجات حيث الغرفة
- مش عشان حلوة بس..لا عشان بتتكلم
همس مجيباً علي سؤاله، وبسمته في إتساع وكم هو راضٍ بما يحدث بينهم من قربٍ، رغم أن لو كان أحداً أخبره من قبل بما سيعيشه وتخليه عن وقاحته المعهودة ليقبل بمجرد قربٍ برئ.. لضحك ساخراً !
*****
أنت تقرأ
كيف عشقت
Romanceفي إحدي الليالي حيث تجمعت الغيوم في سماء تلك المدينة الكبيرة تلبدت فيها السحب بإصرارٍ علي يومٍ ممطر، كان الظلام قد أسدل ستاره عندما كانت تلك السيارة الفارهة تشق شوارع مدينة 6 أكتوبر المُظلمة إلي أن ظهرت فتاه في العقد الثالث من ربيعها تركض مُسرعة بشد...