الفصل الثالث

83.4K 2.2K 38
                                    

عشق !..
كلمة من ثلاث أحرف تجعل القلب في خفقان مستمر وللحياه بهجة بنكهة مميزة ..
أمان يحتاجه البشر ، وربما سعادة يحاولون الحصول عليها !..
ثلاثة أحرف تسيطر علي ثلاثة مثلها
قلب .. يصبح مُسيطر ومهوس بها !
وعقل.. يصبح خاضع ومُسالم أمام سطوها !
وفكر.. يصبح مأخوذ وشارد !


مرت الأيام متشابهة وإستلمت ميان عملها منذ ما يقرب الأسبوع
كانت مجتهدة وذكية أو هكذا وصفها الجميع رغم انها لا تستطيع إخفاء اضطرابها الشديد من تواجدها وسط الموظفين ، نعم حاولت وتغاضت عن أشياء عدة ، لكنها فشلت!.. وكيف لا ؟!..
وهي ترتجف من لمسة زميلتها في المكتب وترتبك من حديث أحدهم وإن كان داخل إطار العمل !
وصل موسي للشركة ، وفي هذه الأثناء كانت تنتظر المصعد علي عجلة من أمرها ، تشعر بالخوف الشديد من معرفة أحدٍ بخطئها وفضح أمرها ووصوله لهذا المُتصلب المخيف ، تنفست الصعداء بإضاءة زر المصعد دليل علي وصوله وإندفعت داخله مُسرعة دون أن تنتبه للشخص الخارج فإصطدمت به !!
تزامنت شهقتها المذعورة من التلامس مع رفع عينها المهتزة لتلتقي بعينيه الحادتين وهو ينظر لها بغضب!
إرتجفت ورفع عنها ذراعه الذي أحاطها بتلقائية حتي لا تسقط قائلاً بصوته الأجش
- في إيه ؟!.. إزاي بتجري كده ومش واخدة بالك ؟!
أجابت بتوتر شديدٍ ، وقلبٍ خافق محاولة تفادي النظر لعينيه
- أسفة..أسفة والله أنا بس غلطت فكنت بحاول الحق بسرع..
قاطعها بغضب عارم
- نعم!!! ..غلطتي! ...وإيه بقي الغلطة دي ؟!
أجابت بخوف بعد أن أدركت إعترافها
- مفيش هو..هوا..
- انطقي قولي غلطتي في إيه ؟!
ابتلعت ريقها علي زعقته وإعتدلت هامسة
- ن..نزلت ملف غلط يتطبع
غامت عينه وقال بحدة
- يعني كمان مش مركزة حضرتك ومبقالكيش كام يوم هنا!!
وتابع بشرٍ جلب الرجفة لأوصالها
- روحي إتفضلي هاتيه وصلحي اللي عملتيه وبعدها تعاليلي علي المكتب!
حاولت التبرير ولكنه أوقفها بإشارة من يده قائلاً بصرامة مشيراً نحو المصعد
- إتفضلي!
تحركت من أمامه تشعر أنها علي وشك البكاء من طريقته الفجة ومعاملته القاسية حتي أنه لا يبذل أي مجهود في فهم طبيعتها المنطوية !
تحرك للداخل ماراً بالسيدة منة التي أشار لها بإتباعه
دلف لمكتبه ذو الألوان القاتمة وجلس بغضب موجهاً حديثه لها
- إيه رأيك في ميان ؟.. شغلها عامل ايه ؟
أجابته بجدية
- بصراحة هي كويسة جدا أنا متوقعتش كده في الأول، بس هي فعلاً مجتهدة وبتنجز في الوقت جدا وبتستوعب بسرعة بس يعني ...
صمتت قليلاً الي أن أتاها صوته قوي
- في ايه.؟..بس ايه ؟! .. فاكرة الشركة ملاهي صح ؟
قطبت بين حاجبيها بدهشة وقالت بصوت منخفض مستغرب
- ملاهي!
ثم إنتبهت له سريعاً وقالت موضحة
- هي بس لو تبطل التوتر هيكون أحسن أنا بحسها بتشتغل كويس جدا لوحدها ، بس لو في شغل كتير وقسمناه مجرد ما بيكون بشمهندس عمرو أو وائل أو حتي مروة بتكون خايفة جداً وتركزها بيقل كتير وبحسها بتتألم كده أو في حاجة غريبة
ضيق عينه وسأل بحذر
- ليه حد بيعملها حاجة ولا إيه ؟!
نفت سريعاً وقالت مصححة سوء فهمه قبل أن تحدث كارثة
- لالا مش كده ، هي بتتوتر من وجود الناس عموماً.. دا اللي قالتهولي
ظل لحظاتٍ شارد محاولاً فهم ما قالته ثم أومأ بصمت وأشار لها بالانصراف
تحركت بهدوء قائلة قبل أن تخرج
- القهوة هتيجي حالاً.. والفكسات الجديدة
وما أن خرجت من المكتب وطلبت القهوة حتي وجدت ميان تدلف لمكتبها وهي تقول بإضطراب وقلق
- أنا هدخل للبشمهندس.. هو طلبني
قالت منة بهدوء
- تمام ادخلي وخدي القهوة معاكي بالمرة
أخذت ميان القدح ناصع البياض من يد الساعي وسمعت صوت منة وهي تقول بضحكٍ مكتوم
- اهه فنجانه أبيض..يعني مش كل حاجة سودة زي ما بتقولي
إبتسمت ميان بعفوية وهمست بيأس
- بس بيتملي قهوة سودة
ضحكت منة بحنان من طفولتها
- طب إتفضلي قبل ما يبرد
تشبثت ميان بالفنجان وتوجهت للداخل بعد أن طرقت الباب..وجدته مُنغمساً بأوراقه فأغلقت الباب حتي ينتبه لها
نظر لها بهدوء من بين متابعة الأوراق قائلاً بحزمٍ زاد من إرتباكها
- إتفضلي.
أنهي كلمته الصارمة مُعيداً بصره للأوراق أمامه غير مبالياً بوجودها
إقتربت حتي تضع القدح فوق المكتب بينما كان الفنجان يصدر صوتاً نتيجة إهتزاز يدها من الإضطراب
رفع بصره لها مرة آخري مضيقاً عينه وهو يتذكر حديث منة عن شدة إضطرابها وتوترها بالإضافة لعزلة أهلها لها والتي علي ما يبدو هي العامل الأساسي بحالتها المزرية
- اهدي ..وحطيه ليقع !
وضعت الفنجان سريعاً وإبتعدت للخلف فأشار لها بأن تجلس وجلست أمامه وهي تتأمل الأرضية كعادتها حتي تتجنب عينيه ولا يزداد إضطرابها
نظر لها بصمتٍ وقد بدأ هذا الشعور الغريب يجتاحه ما دامت أمامه !!
كانت تبدو أكتر اضطراباً تلك المرة..وكيف لا ؟!
فالإضطراب هو حالتها الطبيعية عندما تكون في مكتبه وقريبة منه .. فكيف وهي الان مُرتكبة خطاً في العمل!
رفعت بصرها فوجته يتأملها ولا ينظر لأوراقه مثلما كانت تعتقد!!
أنزلت بصرها مرة اخري وهي تفكر بتوتر شديد داخلها عن سبب نظره لها بتلك الطريقة المُخيفة ؟! ..
وعن سبب تلك النبضات الغريبة التي تتقافز داخل صدرها !! .. وبررت الامر في النهاية بكونه رجلاً له هيئة وهيبة مخيفة !
قطع شرودها في التفكير صوته الصارم
- أنا قلت قبل كده إن الشغل خط أحمر..وقلت إني مبتهاونش بالغلط .. صح ولا لأ !
أجابته وهي مازالت تنظر للأسفل
- والله الملفين شبه بعض يعني نفس الغلاف ، يعني
أنا مش عارفة إزاي ملف الشرقاوي طلع..أنا مكنتش مطلعة الا ملف القرية الجديدة
نظر لها وقد لاحت علي جانب شفتيه إبتسامة ساخرة وقال بعبثٍ مضيقاً عينه الزيتونية
- يمكن بيمشي!!
رفعت بصرها له بدهشة لكي تتأكد مما قاله وسمعته !
فلمحت إبتسامته الساخرة وعينه الهازئة
شعرت بالغضب والضيق من فكرة سخريته منها
وردت بعصبية دون إرادة
- أنا فعلاً معرفش خرج ازاي ..انا مطلعتهوش
وتابعت بضيق من تهكمه بها
- أنا مش مسطولة علي فكرة أنا عارفة طلعت إيه ومطلعتش إيه متاخدش الفكرة دي عني
رفع حاجبيه كثناء ساخر علي حديثها ثم قال وهو مازال محتفظ بهدوئه
- ولما حضرتكِ مش مسطولة ومُتزنة اوي كده إزاي توقعي في حضني وإنتي نازلة الطباعة!!
ألجمتها كلماته بشدة كما إتسعت عينها بصدمة قبل أن تزداد سرعة تنفسها للضعف ، وقد بدأ كل ما فيها يصرخ بذعر..لما يقولها هكذا!
هي فقط إصطدمت به وكانت ستسقط وهو أمسكها.
لما يتعمد إضطرابها وإرعابها!
جائها صوته الساخر يعفيها من الاجابة والتي لم تجدها بعد
- إتفضلي علي مكتبك ودا أول واخر تحذير زي ما كنت قايل!
أكيد فاكرة التاني إيه..!!
لا تعرف كيف إستطاعت النهوض والحركة حتي خرجت ، إبتلعت ريقها مع إغلاقها لباب مكتبه الأسود وجلست علي مكتبها عندما أتاها صوت منة وهي تقول
- أنا خارجة يا ميان معاد الدكتورة دلوقتي
معادي الساعة
11ومتنسيش تبعتي الفاكس دا
أومأت بنعم رغم أنها كانت بعالم آخر تسأل نفسها بضيق
هل هكذا سقطت في حضنه !!.. كما قالها !
إبتلعت ريقها بصعوبة متسائلة داخلها هل شعورها بأنفاسه وإخترق عطره أنفها يعني سقوطها في حضنه!
وضعت يديها فوق خصلاتها وتنفست بعمق في محاولة منها للهدوء وتجاهل جميع ما سمعته منه.

مَر اليوم بسلام وذهبت الي منزلها وفتحت الباب فوجدت والدتها أمامها و سرعان ما قبلتها وإحتضنتها بشدة قائلة
- والله بتوحشيني يا ميونتي الشغل بياخدك مني
إبتسمت بحنان وهي تخلع حذائها
- يا ماما يا حببتي مفيش حاجة تقدر تاخدني منك حتي لو ميت شغلانة والله
ضحكت رقية وقالت مداعبة
- وفارس الاحلام لما يجي كمان مش هياخدك مني ؟!
تشنجت ورفعت بصرها قائلة بضيق
- يا ماما انا مش هتجوز واقفلي الموضوع دا والنبي عشان بخاف
قالت والدتها بحنان وهي تربت علي ظهرها
- طيب ادخلي غيري هدومك وعلي فكرة كامل وافق علي الشغل عشان انتي حابة تشتغلي وعشان تبدأي تتعاملي مع الناس، أنا عارفة اننا السبب في خوفك من الناس بالشكل دا بس غصب عننا والله من خوفنا عليكي ياميان
أومأت لها بصمتٍ وبسمة هادئة وتحركت الي غرفتها تشعر بالألم من كم المجهود الذي تبذله للحفاظ علي هدوئها أثناء وجود زملائها في العمل لا تعلم كيف تُشفي مما تشعر به ولا تعلم كيف السبيل لتعيش طبيعية
تنهدت بإرهاق وبدلت ملابسها ثم ذهبت لتتناول الطعام مع والدتها
فعليها الإنتهاء من مراجعة ملفها حتي لا يغضب موسي مرة اخري فهو أكد عليها انه يريده صباحاً اول شئ وحتي تخبر والدتها عن السفر أيضاً !!
*****
دخل يوسف المكتب وهو يقول بترجي
- يا بني حرام عليك قوم نروح هموت من الجوع ورقة بنفسها مشاركة في الأكل فلو كلنا بره هتقتلنا ، قوم بقي نروح ربنا يهديك وكمل لما نرجع بليل
نظر له موسي متسائلاً بخبث
- جعان برده ؟..ولا هَتروح..وتاكل..وتنام..وتريح!!
ضحك يوسف قائلاً بمداعبة
- فاهمني والله يا حبيبي.. بس المرة دي انا راجع عشان في شغل لازم يخلص ، بكرة مش هكون فاضي رايح الجمارك وإنت مسافر اهه كام يوم
قفز موسي بخفة من مقعده المُريح والتقط سترة حلته القاتمة وإرتداها وهو يخرج قائلاً
- خلااااص كفايا شكاوي مروحين اهه اهدي بقي
ثم حاول إدعاء الغضب وهو يقول
- ايه مسافرلي كام يوم دي ؟!!
هو انا رايح اتفسح بره منا رايح اطحن شغل ..
ضحك يوسف مداعباً إياه
- تطحن بس في أمريكا .. يعني طحن مدلع
ضحك رابتاً علي ظهر يوسف بشدة
- حلوة طحن مدلع دي ، بس غلط الحقد الدفين دا هيجرالك حاجة .
*****
إستلقي موسي بعد الطعام في غرفته يستمد بعضاً من الراحة لجسده المُنهك وبمجرد ما أغلق عينه أتت صورتها وهي بين ذراعيه عندما إصطدمت به
شعر بغضب شديد حينها فماذا إن كان آخر ولم يكن هو!!
كيف يتحمل أن تصطدم بتلك الطريقة بأي رجل! ..
شعر بالضيق والسخط علي نفسه تلك المرة..
فلما يُفكر هكذا.. ما شأنه إن إصطدمت أم لا!!
شرد مرة آخرى وهو يتذكر تلك العينان وزرقتهما الصافية ونظرة عينها الحائرة التي تزداد لمعة عندما تنظر بإضطراب ويزداد إحمرار وجنتيها فتصبح كحبة فروالة شهية ، تنهد وهو يتخيل تحرُك عينيها بتوتر
يكادُ يقسم أنه رأي ذات مرة إتساع الحدقة في الداخل! ..
كم عينيها جميلة عندما يظهر الإطار صاحب اللون الأزرق القاتم بوضوح، هي بالفعل فاتنة ورقيقة بشفتيها الممتلئة بإعتدال وشعرها الليلي المنسدل يتحرك بعفوية كتصرفاتها تماماً ، وتهدأ ثورته عند إضطرابها وكأن بينهما لغة مميزة
يشعر وكأنها تجبر من أمامها علي الإلتفات لها ، تصرفاتها العفوية وخوفها الغريب يجذب لها من حولها وكأنها لغز يسعي الجميع لحله!
فتح عينه فجأة وقفز من فراشه غاضباً علي نفسه
متسائلاً نفس السؤال اللحوح
لما يُفكر بها هكذا .. لما يُفكر بها من الأساس!!
إتجه الي دورة المياه الخاصة بغرفته وأغرق رأسه بالمياه الباردة وخرج وهو يعدل من هندامه بعد أن وضع عطره النفاذ ، توجه الي غرفة يوسف طرق الباب
- يلا انا نازل يا يوسف حصلني
*****
كانت ميان تترجل من سيارة روسيل أمام الشركة فمنذ قليل عندما إنتهت من طعامها توجهت لغرفتها لتبحث عن الملف ولكنها إكتشفت أنها وللمرة الثانية علي التوالي تخطئ بالملف وأتت بغيره!!..
أصابها الفزع وكأن موسي يراها
شعرت وكأن عقلها توقف فجأة عن العمل
سوف يقتلها إن لم تنهي هذا الملف قبل الغد!
وسيرفدها إن إكتشف خطئها!
هدأت قليلاً تحاول التفكير حتي أتت لها الفكرة ببساطة قررت أن تخبر والدتها بأنها ستذهب مع روسيل لشراء بعض الأشياء الضرورية وتوجهت الي الأعلي وقصت علي روسيل ما حدث وطلبت منها المساعدة..
وقتها ضحكت روسيل من شدة اضطرابها قائلة
- يابنتي إهدي هو مش هيعرف هنروح دلوقتي نجيب الملف وانتي بتقولي إنه روح وبكرة هتسلميهوله وخلاص مفيش حاجة هتحصل !
وها هي أمام الشركة ولا تعلم ما ينتظرها !!
مسحت بقلق فوق خصلاتها وهي تترجل من السيارة
- انا مش هتأخر هحط الملف دا وهجيب التاني طيب
أومأت لها روسيل بإبتسامة مشجعة
- تمام انا مستنياكي اهه يلا بسرعة
إتجهت ميان للأعلي وأضاءة النور وبدأت بالبحث عن الملف
زفرت بضيق هامسة لنفسها بغضب
- كان هنا راح فين .. نفسي أعرف مين بيبدلهم!
وفي هذه الأثناء وصل موسي ترجل من سيارته وإتجه للداخل وعندما رأته روسيل إبتسمت قائلة بضحكٍ
- ياعيني عليكي يا ميان لما الموظفين يرهبوا كده أومال المدير عامل ازاي !!
صعد موسي وعندما وصل شعر بحركة غريبة وكأن يوجد أحد بالداخل
إقترب بحرص ونظر بإستغراب وعندما رأها ظهرت معالم الدهشة علي وجهه بشدة مفكراً بصدمة .. هل أصبح يتخيلها!!.. هل يعيش مراهقته بها الان !
ولكن إن كانت حقيقية فما آتي بها الان الي هنا في هذا الوقت !!..
إقترب منها بهدوء حتي لا تشعر به ووقف خلفها ينظر بإستغراب شديد إلي ما تفعله ؟ وما تبحث عنه ؟!
خفق قلبها بقوة عندما شعرت بوجود أحد في المكان ، تَسمرتّ في محلها من الذعر وتوالت السيناريوهات المُرعبة داخل عقلها من فكرة وجود شخص سيقتلها ويسرق المكتب ويهرب!
إستدارت فجأة بفزع مع شعورها به خلفها .. فإرتطمت به!!
إبتعدت مسرعة خطوتان للخلف وهي تشعر بأن قلبها قد قفز وغادرها ، وضعت يدها فوق صدرها وكأنها تتأكد من وجوده
حتي جائها صوته الأجش وهو يسأل مضيقاً عينه
- بتعملي إيه هنا ياميان ؟!!
إزدادت وتيرة أنفاسها حتي أصبح لهاثاً وهي تقول بصوت متقطع مرتجفاً
- ان.. انا.. انا..
إقترب خطوة أخري بينما خرج صوته بجدية وحزم
- إنتي إيه ما تنطقي !
لم تستطيع الرد كما لم تعد تستطع التنفس جيداً وكأن رئتيها قد تخلت عنها وتوقفت ، إبتلعت ريقها تشعر بسخونة جسدها وكأنها ستفقد وعيها وهمست بخوف
- أنا..انا كنت بجيب الملف عشان أخلصه..
وبكرة يخلص..ويكون هنا .. معايا في البيت .. والملف .. الملف
إبتسم بمكر وهو يتفحصها فكم بدت جميلة وهي مضطربة هكذا !..حتي أنها لا تستطيع تجميع كلماتها! ..
إتسعت بسمته الخفية المُتسلية من هيئتها وهو لا يعلم ما يسببه لها من ضرر!
قال بهدوء شفقة من حالها وقد هدأت نظراته
- اهدي شوية انا مش فاهم حاجة
ثم تابع بتهديد وهو يضيق عينيه مفكراً
- إوعي تكوني غلطي تاني ولا بدلتي الملفات!!
نظرت له بذعر وكأنه أمسك بها بالجرم المشهود
ثم وجهت بصرها أرضاً كطفل يعتذر عن فعلته الشنيعة
إبتسم بسخرية وود لو يبقيها هكذا لساعات ولكنه قرر إنهاء الموقف فقد شعر أنها ليست بخير عندما لاحظ يدها الممتدة لتمسك بإطار المكتب خلفها !
شعر بالقلق عليها وسألها بنبرة حاول أن تخرج هادئة
- انتِ كويسة ؟!..مالك ؟!
كانت تشعر بالدوار الشديد وقد مالت الجدران حولها بزاوية حادة من شدة إضطرابها وشعرت بأن قدميها لا تقوي علي حملها أكثر
إقترب موسي منها أكثر حتي يتفقدها ، ولكن كان هذا بمثابة السقوط من الهاوية
شعرت بالخوف وبالأرض التي بدأت بالدوران بسرعة
مفكرة بفزع ماذا سيفعل بها إذا سقطت مغشيا عليها هل سيغتصبها ويقتلها ثم يلقيها بعيداً!!
بالتأكيد سيخفي جثتها بعد أن يعتدي عليها ولن يعرف أحد فالشركة ملكه
كتمت أنفاسها من قربة ونظرت حولها بذعر فلا يوجد أحد بالمكتب ولا في الشركة بأكلمها لينقذها!
شعرت وكأن قلبها أيضاً سيتخلي عنها من إنخفاض نبضها المفاجئ الذي جعل الارض تميد بها بقوة مُخيفة!
وبحركة لا إرادية منها إمتدت يدها الباردة وأمسكت بذراعه القوية حتي توازن نفسها فوق الأرض التي بدأت بالسير السريع كما تشعر وقالت بهمسٍ جاهدت لإخراجه
- أنا مش عارفة أتنفس!!
خفق قلبه من حالتها وجذبها نحوه حتي يتمكن منها أكثر كي لا تسقط منه ، صار بها خطوتان ومد ذراعه حتي يجذب المقعد خلفها واجلسها عليه ببطئ هاتفاً بها
- إتنفسي مالك ؟!
تملك منه الذعر عندما لاحظ إزرقاق وجهها وركض سريعاً ليحضر كوب ماء ولم يتخيل أنها صاحبة أزمة صدرية!!
*****
وفي الأسفل كانت روسيل تشعر بالقلق بسبب تأخر ميان وقد مَرأكثر من خمسة عشر دقيقة تقريباً
تنهدت ناظرة حولها لتهمس بشرودٍ قلق
- إنتِ فين يا ميان كل دا!
نفخت بضيق بعد عدة دقائق اخري فلا تستطيع الصعود لانها لا تعلم بأي دور تقطن!
تنفست بهدوء وقررت الانتظار قليلاً فلا يوجد خيار آخر ، وفي هذه الأثناء وصل يوسف وصف سيارته البيضاء ولمح روسيل في تلك السيارة المُصطَفة جانباً فتوقف!!
*****

كيف عشقتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن