الفصل الرابع والعشرون

64K 1.9K 92
                                    

ضياع
شعوراً وكأنك بلا ملجأ ..
بلا وطن ..
ولا يوجد مظلوم أكثر من فاقد الارض والملجأ ..
بعثرة في المشاعر واختلاطٍ غير مفهوم
تشتت فكري .. ازمة نفسية.. عدم انضباط..
ببساطة ضياع !
سرين عادل


وهي ضاعت..
هي فقدت..
هي انسجنت..
انسجنت في قفص الماضي وسر طفولتها القاهر

انسجنت ولم تستطيع طلب المساعدة وكأنها نست المفتاح في الخارج وانغلق الباب عليها !

مرت ساعة وهو جانبها شارداً بملامحها الصغيرة وبشرتها الشاحبة
اغمض عينيه بإرهاق من تلك الليلة المظلمة والتي لن ينساها في حياته !
هبط للاسفل تاركاً المُغزي ينقط ببط كما هيئه الطبيب مطمئناً إياه انها بخير ولكن تعرضت لانهيار عصبي وضغط نفسي شديد
ابتاع علبة تبغ من الدكان في الاسفل واشعل الاولي !
ولو كانوا اخبروه انه سيعود للتدخين مرة آخرى ما كان سيصدق بعد أن تركها بصعوبة ومحاولات عدة من أجل والدته وأخيه!
نفث دخانه ناظراً من خلف تلك السحابه البيضاء
ناظراً لعالم مبهم وفاشل.. عالم ساقط !
استمر يحرق تبغه محاولاً الهدوء بدلاً من الذهاب وحرق الجميع
اغمض عينيه ساحباً نفس طويل من لفافته، ومن يراه يظن انه مستمتع ويستلذ بها !
اخرج نصف الدخان من انفه ليكتم النصف الاخر داخل صدره المشتعل، وكأن صدره بحاجة لمزيد من الاختناق
تنهد بكبتٍ يعلم أن الصواب هو الهدوء وعدم التحرك قبل الزواج منها.. إن ثار الان من الممكن أن يفقد صوابه عليهم وإن رفضه والدها سترفضه !
بات يعرف شخصيتها جيداً، وببساطة هي تعيش وكأنها مسيرة وليست مخيرة !

هذا إن صح اطلاق مسمي شخصية علي ما لديها !
احتجز اللفافة بين شفتيه وكانت تلك الثانية التي اشعلها لتوه من الاولي قبل أن يدهسها كما يتمني أن يفعل بالجميع
لن يعصم أحداً .. الجميع أخطأ حتي دمروها تماماً
احتجزوها برهبة من فقدانها كما أفهمه والدها المُغيب.. كما أصبح يراه الأن
عزلونها عن العالم وكأنهم بتلك الطريقة يحفظونها من كل شر !
سجنوها بينهم حتي أصبحت بلهاء لا تستطيع التفرقة بين حب شخص واستغلاله

الفتاه احبتها .. استغلتها وأذتها إلي أن افصحت عن نيتها الشاذة بها
وهي ..
هي استسلمت.. تنازلت وتغاضت حتي اصبح الامر مؤلم !
ضيق نظراته بشرٍ عازماً علي أخذها منهم ، سيأخذها من حباب عينهم !
سينتظر كتب كتابه عليها ثم سيواجههم، سيقصف رقابهم ويحرق قلبهم
كيف للحب أن يأذي .. كيف للحب أن يهزم !
هم أذوها وهزموها بحبهم الشديد
نظر حوله بسخرية وكم تخدع المظاهر البشر.. هو رأي صديقتها القوية التي إنتهكت ولكنه انخدع بمن هي قرب قلبه
ظنها ضعيفة وسلبية رغم أنها كانت أقوي من الجميع!
مسح جبهته بألم من بوادر صداع خبيث بدأ يتسلل لعظام رأسه
عقله لا يستوعب ما تعرضت له
لم يكن يومًا عاطفاً ولكن متأثر بعاطفة مذبوحة حتي أنه يتخيلها وهي ترتجف ليلاً بعد إنتهاء يومها !
تحرك للداخل مُلقياً بلفافته الثالثة ولا يعلم متي حرق الثانية ليصل لنهاية الثالثة
-
هتفوق امتي ؟!
سأل الطبيب الذي كان خارجاً لتوه من غرفتها
- ممكن ربع ساعة.. المحلول خلص وانا مرضيتش اديها مهدئ قوي لان حضرتك رفض بس كده غلط لازم تمشي علي مهدئات وعلاج لفترة، ومينفعش تتعرض لأي ضغط نفسي تاني عشان أعصابها ومراكزها العصبية
اومأ بصمتٍ ودلف لها .. ابتلع ريقه برؤيتها وترك المقعد ليجلس قرب قدميها وكم تمني لو كانت زوجته
داخله شعور قوي بحاحة لمسها ودعمها
ابتسم بسخرية وكانت بدايات شعوره معها شعور ابوي ! .. والان عاد له يشعر انها ابنته!
ابنته المفقودة .. طفلته المُعَاقة !
هي بالفعل لديها اعاقة وبحاجة لمعاملة واحتياجات خاصة

أتت للحياه باضطراب نفسي وعجزٍ وعليها مواجهة عالم لا يوجد أسوء منه .. مواجهة بشر لا يوجد أخبث منهم
مسح فوق كفها الممدة باستسلام وقد مرت ساعة الا عشر دقائق وكأنها مُستسلمة للنوم بإرادتها الحره
- ميان ..
ارتجفت جفونها دون أن تفتح عينها وبهمسته الاخري فتحتهما ليري لون احجار التنزانيت الرائعة
عينها كانت وستكون احجاره الكريمة في الحياه !

التهمتها عيناه ولا يعلم هل عليه أن يكره جمالها وفتنتها التي أذتها !
تنهد مستغفراً بيأسٍ وضيق ونهض مقترباً منها
- يلا قومي
حركت رأسها لتنظر حولها فالموقف يتكرر !
هي إنتهت بين يديه بانهيار ووعي هارب ليأتي بها للمشفي طالباً العون

جلست بأنين خافت وملامح بدا عليها الألم، وتذكر حديث الطبيب الذي أخبره أن الألم النفسي يسبب اقصي حالات الألم الجسدي المجهول!
- قادرة تقومي ؟!

لم تجيبه وأنزلت قدميها ببطئ فنهض خالعاً سترته التي اخذها من الاطباء عندما خلعوها عنها ، وإقترب بهدوءٍ حتي أحاط بها جسدها شاعراً برجفتها من اقترابه
وكم شعر بضيق من تعامله كل هذا الوقت علي أنها ترتبك وتخجل خجل وردي خُلق للانثي.. في حين انها مريضة مذعورة من قربه ومن قرب البشر أجمع !
وسافر عقله لذكري مرت منذ اشهر عندما اخبرته سكرتيرته منة انها ترتبك من الموظفين حتي مروة وهي شخصياً

ومادامت وحدها عملها جيد ولكن في التجمع تفقد التركيز
مال ثغره بمرارة فبالطبع ستفقد تركيزها ..ويكفيها أن كل نظرة ولمسة من أحد ستكون لها بألف معني ومعني
وتحولت المرارة لسخرية من نفسه عندما تقبل ارتباكها من الرجال بإستهزاء وسخرية
الان فقط ادرك حالتها التي لم تكن لتخطر علي عقله مطلقاً
رمش ناظراً لها ولعينيها التي صوبتها للاسفل بخزي وكأنها أخطأت!
وكم آلمه قلبه من شعورها بالذنب وليتها تعلم أن الله فداها من خبث صديقتها المُختلة!
*****

كيف عشقتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن