كل يومٍ.. كل يومٍ.. كل يومٍ، لا مقطوعةٍ ولا ممنوعةٍ وكأنه فرضٌ أقوم به يومياً للتقرب من شيءٍ ما، إلتماس ضوءٍ ما، التشبث بحبلٍ ما.. كل يومٍ أفتح نافذتي وقت الغروب آخذ سيجارةً أو اثنتين ..أتأمل وقد أبكي، أتلصص على المارّة وقد أضحك، أحدّقُ في السماء فوقي يا لها من آية.. حالها كحالنا نحن البشر، كل يومٍ يكون الغروب جديداً وكأنها أول تجربةٍ له كم هذا بديع، أتسائل كيف كان الغروب على زمن آدم وحواء؟ أكان بهذا الجمال أم أجمل؟ أكان بهذه الألوان أم أكثر؟
الكثير من الأسئلة تخطر على بالي.. رغم أن بالي شاردٌ مسافرٌ أو ربما مدفونٌ.كم غروباً تستطيعين يا عيناي مشاهدته؟
وكأنني أعاقبهما، وكأنني أشهد على عمري الضائع أمام عيناي، يسبقني كل مرة فتغرب الشمس ويغرب يومي معها ويوماً بعد يومٍ دون كللٍ ولا مللٍ أكون أنا هناك أنفث دخاناً نتناً أتحسر على ما ضاع مني مضيّعاً ما تبقى مني.أغار من الغروب لما يكون ملوناً دافئاً ساحراً وأنا أسودٌ رماديٌّ باليٌّ؟
يراودني تساؤلٌ كل يوم، لما قد تتلون سماءٌ بهذا الكمال والجمال على من هم مثلي من الضلال والإستفال؟ورغم عمق هذا التفكير أنفث بكل سطحية بقايا ما أتسممه وأنا أعلم وأعي تماماً ما أفعله، عندما أنظر للناس إلى وجوههم وحالهم، أصواتهم وضحكاتهم، صراخهم وسكونهم، مشيهم وركضهم، تبدو الأرض نابضةً بالحياة وكأن الموت كلّه احتكره قلبي لنفسه.
دخانٌ قاتمٌ تارةً وكزَبَدِ البحر تارةً أخرى، غيوم ضبابٍ، وأمطارٌ للرحمةِ أو للعذاب، رعدٌ وبرقٌ، تنفجر أقوى الأعاصير وتهب أعتى الرياح، عواصفٌ وزوابعٌ، ترنحٌ مابين اللفح والنفح، وتهب كل أنواع الريح المُصفَرِّ الذي يبعث على الكُفرِ والقنوط.. كم أُشبه السماء في هذا!
كل يوم تفوتني الحياة كما تفوت النائمُ الصلاة.
كل يوم يغفر لي الله بكرمه ولا أجد عندي ذرة كرمٍ لأغفر لنفسي.
كل يوم نفس الاضطراب ونفس الفساد ونفس التسؤلات، نفس السجائر ونفس الرائحة ونفس الإبتهالات، نفس التأمل ونفس المارّين ونفس التصرفات، نفسي أنا ونفس السماء كل يوم ولكن بأزياء مختلفة.لا أعلم لما كتبت ما كتبت مجرد فوضى لا أكثر.
فاني..