يُحكى أنَّ

60 8 40
                                    

عازف المزمار يعزف للجرذان، يعزف للأطفال، يعزف للأحزان، يعزف للآمال.
تجمهر حوله الصغار والكبار، من كل حدبٍ وصوب، من كل الأعمار، ما هب ودب.

رقصوا حوله بلا هوادة، بعزفه قشع عنهم الخنوع والبلادة، وخلق في ألبابهم الحب والإرادة.
انتشوا بعزفه، تتيموا بوجوده، تمسكوا برداءه، تمنوا ان يكون ولو سراباً في سماءه.

استمر عازفنا بالعزف طويلاً، كان عذاباً مريراً، وعندما خارت قواه قليلاً، تكوموا عليه جميعاً، يتنازعون مزماره ضيماً.

رموه بالحصى والحجار، طردوه ووسموه بالعار، لم يتوقفوا بعدها عن الشجار، وأضرموا بقلوب بعضهم النار.

فرأى بعضهم أن يعاودوا البحث عن عازف المزمار، فقد تيقنوا أنه هو المختار، "فلتأتي ولتعزف لنا يا عازف المزمار، ولتنجينا مما فرضناه على أنفسنا من دمار"
بحثوا وبحثوا طويلاً، كان بحثهم عقيماً، قالوا: "فلنعد جميعاً، وليكن الرب بنا رحيماً".

وفي طريق عودتهم، سمعوا عزفاً أطربهم، لحقوه ولم يلحقوه.

صوت ناي عذب ساحر، بدا لهم عازفه ماهر، أنساهم النايُّ المزمار الغابر، فركضوا ورائه كطالبٍ مُجدٍ مثابر " عازف الناي هو العازف المختار" لم يعلموا أنه هو نفسه صاحب المزمار.

رغم عتمة الليل، رغم الدوار، رغم لهاثهم الذليل، رغم النار، رغم النحيب والعويل، ظل عازف الناي يعزف عزفه الجميل، يجرهم خلفه إلى التهلكة، يتشبثون بأرواحهم المتهتكة.

استلذ عازف الناي بما صنع، ولكنه توقف وأوقفه الورع، بعزف المزمار والناي برع، ثم بالدعاء لرب السماء شرع، أن أذب حزنهم وألمهم كما يذيب اللهب الشمع، وأن داوي قلوبهم كما يُداوى الحزن بالدمع، واجعل يوم لقيانا على هذه الأرض يوم الجمع.

من جذبكم لمزماره في البداية، ستسيرون خلف نعيقه في النهاية.
لم يكن السر يوماً ما امتُلك، بل فيما قُدّر لنا ان نمتلك، مهما سرنا وضعنا سنعود لمن لقلوبنا مَلَك.





الجزء الثاني من انديمين.

فاني..

status ,quotes and songsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن