بحثت عن واحدٍ فقط يكتب في تعليقه" أنا من أحتاج لتحسين أخلاقي" ولكن كما توقعت الجميع فكروا في من حولهم في إخوتهم أقربائهم أصدقائهم، ومنكم من قال أن هناك الكثيرين ولا يستطيع أن يحدد..
أصعبٌ علينا لهذه الدرجة أن ننظر لمرآتنا لذاتنا!أعني لما يكون العالم كله خاطئاً وأنت وحدك الجيد المقبول الطبيعي الذي تشوبه بعض الشوائب ولكن لا بأس بينما جميع من حولك يجب عليهم تعديل بعض الصفات؟
ما جال في خاطري هو أنني كنت أسير في جو ممطر بارد وكانت الرياح قوية كنت مستمتعاً كالعادة أدخن وأشرب "بيبسي" وكان هذا قبل إقلاعي عن التدخين، المهم لا أحد على الطريق، قررت الذهاب لمكان معين حيث أستطيع رؤية الماء وكان الليل قد حل.
كان عالمي يسير كئيباً رتيباً بسماء رمادية فيها شمس الغسق وبعض النجوم اللامعة البرّاقة امواجه عاتية بلون وردي مائل للإحمرار هكذا أستطيع تصوير عالمي الداخلي لكم وقتها.. كنت حزيناً ولكن مستمتعاً بالطقس في ذلك الوقت، ولا تدرون يومها كم من العوالم رأيت..
فتاتان في العشرينات تلعبان تحت المطر كأنهما طفلتان تتصوران، تركضان وتتصارخان.. ضحكاتهما كانت تملأ المكان.. أستطيع تصوير عالمهما بلون أصفر وذهبي يشوبه تشققات سوداء وبعض الشلالات التي تبعث على الراحة وتدل على القوة.
ومن ناحية أخرى فتاة تحدق في المياه، وحيدة.. هم الدنيا فوق كتفيها، الدموع في عينيها، فقط لا تستطيع التنفس فقد سمعت شهقاتها أكثر من مرة.. كم وددت التحدث إليها ولكن لا تستطيع فقط أن تتوجه إلى فتاة تحمل معك سيجارة وتدعي أن قصدك شريف لذا اكتفيت بالنظر إلى دموعها تارة وتجاهلها تارة أخرى، نفخت بتعب وابتسمت بألم وغادرت.. عالمها كان مُدرجاً بالأبيض والأسواد وكأن اللون الأبيض يتحول للأسود بأعشاب أرجوانية ووردية، هلال فضي في سمائها وبعض اليراعات تحوم في ليلها وأقفاص هنا وهناك، هذا ما رأيته..
وعاشقان يمشيان تحت الأمطار يمسكان أيدي بعضهما البعض يأكلان نوعاً من البسكويت يمسكان شالاً طويلاً يغطيان نفسهما به.. يبدو انهما مخطوبان حديثاً يتصوران يضحكان.. ويخجلان!
كانت رؤيتهما هكذا تضحكني وكأنهما مشهد من مشاهد الأفلام الهندية ولكن هذا هو الحب أليس كذلك؟
تشعر وكأن الدنيا كلها ملكك وأنك ومن تحب وحيدان فيها ولا يوجد شخص حولكما.. كانا عالمان مختلفان ملتصقان ولكن لما يتداخلا بعد عالمٌ سماءه برتقالية فيه قوس قزح وحشائش خضراء ترعى طيور الطاووس فيها وعالمها كان زمردياً تشع فيه شمس خضراء زرقاء جدول ماءٍ أبيض وفلامينجو في كل مكان.. كان بديعاً.كان هناك رجل أمن يشعر بالبرد وهذا بدا جلياً عليه ينظر إلى هاتفه ويستخدمه طوال الوقت هناك من اتصل به فابتسم وبدأ بالحديث والصراخ باستمتاع، انتهت مكالمته وعادات أمارات الحزن والوحدة إليه.. لا أعلم لما رأيت سماءه حمراء الارض كلها صبار ولافندر وقطط برية تحوم في الأرجاء.
ما أعنيه بعد كل هذا أن هذا العالم يحتوي الكثير من العوالم أريتكم نبذة عن ما رأيت في مكان يعتبر فارغ فكيف اذا كان منزلك او صفك؟
كم بشرياً يوجد بجانبك أو حولك.. كم عالماً مختلفاً يشاركك نفس هوائك ولا ترى أيٌّ منا يكترث يقضي معظمنا اغلب اوقاتهم بمفردهم، يذمون أصدقائهم " بين كل هؤلاء لا يوجد شخص أستطيع الوثوق به او التحدث معه"
فقط تحرروا من هذه القيود.. إن كانت لديكم فرصة واحدةً لتغيير شخص للأفضل فليكن هذا الشخص هو انفسكم، وعندما تتغيرون باشروا بتغيير العالم، لا العكس.ذنبنا أننا ولدنا في عالم ينهار فأصبح كل منا يريد أن يُنجد هذا العالم بطريقة ما.. ونرى هذا صعب المنال كطفلٍ صغير يمد يده لمداعبة الغيوم.. كم يبدو هذا مستحيلاً.. ولكن هذا الطفل عندما كبر وتعلم أصبح بإمكانه فعل أكثر من هذا كأن يصل لأبعد من الغيوم وأن يخطو على القمر!
فلنبدأ من انفسنا كخطوة تستحق المحاولة.. وكم من الأشياء التي أرغب بتحسينها في نفسي لو تسنت لي الفرصة، وإن كان بنظركم هذا أنانياً فهذا بنظري أسمى انواع الأنانية.
للحق لا أحد يستحق هذه الفرصة سواك، فالأسماء والوجوه التي تذكرتموها في المنشور السابق تحتاج عونكم وإلا لما كنتم تذكرتموها او خطرت على بالكم بعد ذلك السؤال، ولن تستطيعوا مدّ يد العون إن لم تعينوا أنفسكم.
سُئلت ذلك السؤال في واقعي لذا فكرت في كل هذا لأن جوابي كان "أنا" وجواب سائلي كان"أنت".
فاني..