الفصل (١٩)

31.6K 798 49
                                    

الفصل التاسع عشر
*************

وقف في منتصف غرفة مكتبه يزفر أنفاسه كلما جال أمامه هيئتها وهي تختفي من الطابق بل وخرجت من الشركه بعد رؤية صفا بين ذراعيه.. لا يعلم كيف حدث ذلك ولكن الحقيقه التي يعلمها ان صفا مازالت عالقه في قلبه بجزء ذكرياته المظلم
اقترب من مكتبه بخطي حانقه من حاله.. واسند كفيه على سطح مكتبه مائلاً بجزعه العلوي قليلاً.. اغمض عيناه كي يريح عقله.. انفاسه خرجت من بين شفتيه ببطئ ثم فتح عيناه متمتماً
- لازم تتصرف يا حمزة.. ياقوت مش لازم تخرج من لعبتك
..................................
نظرت صفا نحو عزيز الجالس واضعا ساق فوق الآخر وينفث دخان سيجارته.. اتجهت انظارها نحو الخادمه التي تعيش معها وقد تركتهم واتجهت نحو المطبخ بعدما أشار لها عزيز بالانصراف
نهض بثبات فأبتعدت عنه صفا خائفه منه.. فأقترب منها بعدما دهس عقب سيجارته في المنفضة
- صفا انا اسف على اللي حصل.. كنت سكران ومش حاسس بنفسي
اشاحت عيناها بعيداً عنه
- كويس انك جيت عشان ابلغك اني هسيب الشقه وهدور على اي مكان اعيش فيه
اتسعت عيناه من فكرة رحيلها.. انتظرها لسنوات.. أصبح سيد بعدما كان مجرد عامل والان تخبره انها تنوي الرحيل
مجرد تخيله ان حلمه بها سيضيع جعل عقله يقف
- لا تسيبي الشقه ازاي.. اوعدك اني مش هاجي هنا تاني بس انتي متبعديش
حاوط كتفيها بذراعيه بطريقه مُتملكه.. فأنفضت حالها وابتعدت
طالعها مصدوماً من نفورها منه بعد أن كانت لا تخشاه.. شعر بأن خطوات قربه منها وجعلها تطمئن له اضاعتها فعلته امس
اطرق عيناه ارضاً يُحاول رسم ندمه على محياه
- وترضيلي ياست صفا اخلف وصية رأفت باشا.. ده انتي بنت الراجل اللي كانت افضاله عليا
هتف عبارته الاخيره وداخله يسخر من حاله.. فهو لم يكره مثل والدها قط بحياته
احست بندمه
- موافقه اقعد هنا ياعزيز لحد بس ما اظبط اموري بس ياريت متجيش هنا ممكن
رمقها بصمت وابتلع حديثها رغماً عنه.. لم ينهي ذلك الحوار الا رنين هاتفه
- ايوه.. تمام انا جاي
أنهى مكالمته.. ثم تعمق في النظر إليها.. يشتهيها بكل ما تحمله الكلمه من معنى ولكن ما عليه إلا الصبر
- انا مسافر اليابان .. لو نفسك في حاجه قوليلي
هتف عبارته بأبتسامه واسعه
- متكسفيش ياست صفا.. انتي تشاوري بس وانا عليا التنفيذ
عاد شعورها بالقلق منه ينتابها ثانيه.. حديثه احيانا لا يشعرها انه مجرد جميل يرده اكراما لوالدها الذي تعلم أنه كان رجلا غليظ القلب
- شكرا ياعزيز
وقبل ان يسألها من اين كانت اتيه عاد رنين هاتفه يعلو ثانية.. فطالع رقم المتصل بتوتر وما كان الا شقيق زوجته
" فرات النويري" مالك إحدى شركات النفط.. رجلا لا يعرف قلبه رحمه ولا شفقه... الحياة العسكريه تُشكل كيانه رغم انه خرج منها بعد إصابته بحادث ادي لعرج بساقه اليمني
- معلش ياست صفا انا لازم امشي
وسار خطواتان ثم عاد يُطالعها
- واحد من رجالتي هيكون في خدمتك.. لحد ما ارجع من السفر
ودون ان ينتظر ردها انصرف.. لتزفر أنفاسها بقوه متمتمه
- هتعملي ايه ياصفا
....................................
احتدت عين فرات بعدما سمع بكاء شقيقته الذي يمقته
- خلاص يافاديه.. مبحبش عياط الستات ده.. مش انتي اللي صممتي تتجوزيه
اطرقت فاديه بيداها على فخذيها بعويل
- بقولك جوزي جايب شقه لواحده في الزمالك يا فرات وتقولي مبحبش عياط الستات.. شكرا ياخويا يابن ابويا
نفث فرات دخان سيجارته بقوة حانقاً من حب شقيقته لزوجها بطريقه تزيده مقتاً منها
- انا جوزك ده مبحبش اتعامل معاه... انا مش عارف ازاي قبلت اناسب واحد زيه
طالعته فاديه بضيق متمتمه
- يعني كنت عايزني اقعد جانبك... عزيز هو الراجل الوحيد اللي حبني من غير الأملاك اللي عندي
تجلجلت ضحكات فرات بصخك
- ومدام البيه بيحبك خانك ليه
اطرقت فاديه عيناها نحو المنديل الذي تحمله ثم هتفت صائحه بعد أن بحثت لزوجها عن سببً لا يجعله مدان أمام شقيقها
- اكيد هي اللي اغوته وضحكت عليه
لم يتحمل فرات حديثها فأطرق بعصاه التي يستند عليها أرضاً بقوه
- فاديه انا زهقت من مشاكلك... وفي الاخر جوزي ابو عيالي.. حلي مشاكلك لوحدك يافاديه
فور ان سمعت عبارته تلك التي يُخبرها بها عند أي مشكله تحدث لها ومجرد ان تلقى جسدها بين ذراعيه تطلب منه حمايته وتقويم عزيز يلين نحوها
- كده يافرات.. كده ياخويا انا ليا مين غيرك
وألقت جسدها بين ذراعيه ليضمها اليه مُغمضاً عيناه
- خلاص يافاديه.. هقرصلك ودنه عشان يبطل يلعب بديله
................................
زفرت ياقوت أنفاسها ومازالت لا تعرف سبب آلمها منذ رؤية تلك المرأة بين أحضانه.. الصوره لم تصل إليها بالكامل ولم تتبين حقيقه الوضع
اقتربت منها سماح بعد أن جلبت لهما كوبان من حمص الشام من احد الباعه
- احلى كوبايه حمص الشام لاحلى ياقوت
ارتسمت ابتسامه باهته على شفتي ياقوت وتناولت منها الكوب
فأردفت سماح متسائله
- مالك بقى..قولتي مخنوقه ومحتاجه اشم هوا... اهو جينا نتمشى على الكورنيش
طالعتها ياقوت وهي لا تعلم بما ستخبرها به.. اتخبرها بالمشهد الذي رأته ولكن ماذا ستفسره لها... هي لا تعلم سبب ضيقها
- ياقوت مين زعلك...اللي اسمه حمزة ده رجع يزعلك من تاني
وقفت ياقوت تأخذ أنفاسها
- مافيش يا سماح.. بس انا مخنوقه من غير سبب
تعلقت عين سماح بها تحاول سبر ما بداخلها
- هحاول أصدق ان مافكيش حاجه
وفردت ذراعيها نحوها تحتضنها
- تعالي بقى اخدك بالحضن... ده حضني ميتعوضش
هتفت سماح ضاحكه لتضحك ياقوت على عبارتها متمتمه
- ليه يعني ميتعوضش.. حضن الأم مثلا
لطمتها سماح على ظهرها بخفه
- بالظبط يا ست النكديه.. يلي مخلياني اكل حمص الشام مع اني مبحبهوش
................................
اقتربت مريم من شهاب وندى الجالسين متشابكين الايد يتهامسون
- بتتكلموا تقولوا ايه
ابتعدت ندي عن شهاب بخجل... ليُطالعها شهاب ضاحكاً
- ده كلام كبار.. مالكيش دعوه بيه
عقدت مريم كلتا حاجبيها ومدت يداها تُزيحهم عن بعضهم
- حيث كده وسعوا بقى عشان اقعد معاكم واسمع
ضحكت ندي رغماً عنها..وطالعت زوجها الذي اخذ إحدى الوسادات من خلف ظهره دافعاً بها مريم علي وجهها
- قومي يارخمه
على هتافه تلك الجمله دلف حمزة المنزل.. رغم إرهاقه اليوم الا انه ترك كل شئ خلفه ظهره وأبتسم عندما تعالت صيحة مريم
- مش عايزه اقعد معاكم... بابا خلاص جيه
ونهضت من جانبهم لتتجه نحو حمزة الذي فتح لها ذراعيه ثم قبل قمة رأسها
- تعالي ياحبيبتي
لم يكن حال ندي يختلف عن حال شريف كلما وجدوا مريم يزداد تعلقها بحمزة.. أصبح هو كل عالمها
تذكرت حديث ناديه معها من قبل عندما اوضحت لها رغبتها الشديده في تزويج حمزة
تلك الفكره لا تعلم كيف ستتقبلها الصغيره وكيف سيرحبون بالعروس اذا تزوج حمزة وجلبها للمنزل
داخلها يرفض دخول امرأه أخرى لعائلتهم وأحيانا تشعر بأنانيتها حين لا تتمنى الزواج له
نفضت الأفكار سريعا وهي تري حمزة يتقدم منهم
- ندي لو فاضيه عايزك في موضوع
تعلقت عين شهاب بزوجته ثم بشقيقه
- في ايه يا حمزة
نظر حمزة بحاجب مرفوع نحو شقيقه
- مش هخطف مراتك متخافش
توترت ندي من الأمر الذي يُريدها فيه.. فأشار لها حمزة بأن تتبعه.. فأتبعته
واقتربت الصغيره مريم من شهاب تتعلق بذراعه
- زعلانه منك يا شهاب.. بجد زعلانه
كانت عين شهاب مرتكزه على غرفة مكتب شقيقه ولم يغلق حمزة الباب.. رمق مريم بعد أن دفعته علي ذراعه
- أنت ياعم... بقولك زعلانه منك مش هتصالحني
طالعها شهاب بحنق
- أنتي مراتي يابنتي
ثم اردف متسائلا بعدما عبست بشفتيها
- زعلانه ليه يا برنسيسه مريم
ظلت مريم تُحادثه عن سبب غضبها منه والذي يتلخص انه لم يعد يصطحبها من مدرستها ولكن هو كانت عيناه ثاقبه على شقيقه وهو يُحاور زوجته
....................................
طالع شهاب ندي بعدما أخبرته بحديث حمزة عن إدارتها لاسهمها بالشركه
- لا طبعا مش عايز مراتي تشتغل
تلك المره لم ترغب بالخضوع لاوامره
- بس انا عايزه اشتغل يا شهاب
رأي العند في عينيها مما زاده حنقاً
- وانا قولت لااا... انتي ناقصك حاجه
صاحت وقد كلت من خضوعها الدائم معه
- اه ناقصني... ناقصني اكون انا
واردفت بعد أن ألتقطت ملابسها من الخزانه
- وعلى فكره انا مش عايزه اشتغل في الشركه ولا عايزه أدير الاسهم... انا عايزه اشتغل في التدريس
واتجهت نحو المرحاض... غالقة الباب خلفها بقوة
وقف يُحدق بالفراغ الذي تركته وتنهد وهو يتجه نحو الفراش يجلس عليه واضعاً وجهه بين كفيه زافراً أنفاسه
مرت نصف ساعه وهو جالس هكذا الي ان خرجت من المرحاض ولم تلقى نظرة عليه... اتجهت نحو المرآة تمشط شعرها تشعر بنظراته تخترقها
أنهت تمشيط شعرها واتجهت نحو الفراش لتتسطح عليه دون كلمه... تجاهلها كان أكثر الأشياء التي يمقتها
طالعها ثم تنهد بقوه
- وطبعا حضرتك هتنامي وأنا هقعد أغلى مع نفسي... انتي بقيتي جايبه البرود ده منين
غامت عيناها بالدمع وهي تُطالع جموده
- انا مش بارده يا شهاب... بس انت عمرك ما حسستني اني انسانه وليا احلام.. عمرك سألتني نفسي ف ايه وبحب ايه
اخترقت العبارات قلبه... وجدها تغمض عيناها ودموعها تنساب على وجنتيها
كانت صادقه في كل كلمه أخبرته بها... عطائها الزائد له جعله شخصاً انانياً لا يرى.. احتقر نفسه وضرب الفراش بقبضة يده بقوة ثم نهض تاركاً الغرفه
اعتدلت في رقدتها تمسح دموعها
- حبي ليك خلاك شخص اناني يا شهاب
..................................
مجرد ان اغمضت ياقوت عيناها واصرفت ذهنها عن حزنها
وجدت رنين هاتفها يعلو... ابتسمت وهي تجد رقم هناء
فأجابت على الفور وأعتدلت في رقدتها
- ياقوت انا ومراد جبنا الشبكه
دق قلب ياقوت بسعاده لصديقتها
- مبروك يا هناء.. احلى خبر سمعته النهارده
تنهدت هناء وهي تنظر لبنصرها المزين بدبلتها
- بس انا حاسه اني مش فرحانه يا ياقوت... حاسه ان فرحتي ناقصه
شعرت بحزن صديقتها من صوتها
- ليه يا هناء مش ده مراد الراجل اللي عيشتي ترسمي أحلامك معاه
سقطت دموع هناء وهي تُطالع باقة الازهار التي جلبها لها
- قلبي وجعني من غير سبب... تفتكري ديه علامه من ربنا اني مش هكون سعيده مع مراد
لم ترد كسر فرحة صديقتها وارادت طمئنتها
- قومي صلي وادعي ربنا انه لو كان خير ليكي ربنا يكمله ولو شر يبعده عنك
هتفت هناء بلهفه بعد سماع تلك الجمله
- بس انا عايزه مراد.. عايزاه خير ليا يا ياقوت انا عمري ما حبيت غيره.. رغم اني اتحبيت وكانوا ناس متترفضش بس هو الوحيد اللي قلبي عايزه
اغمضت ياقوت عيناها تُقاوم ذرف دموعها الحبيسه
- قومي صلي وادعي ربنا يا هناء
مسحت هناء دموعها وهتفت بحب
- حاضر يا ياقوت
تركت ياقوت الهاتف جانبها ثم اعطت الحريه لدموعها كي تتساقط
- في ناس عمرهم ما اتحبوا حتى ومستنين على أمل حد يحبهم
واردفت داعيه لصديقتها
- ربنا يسعدك يا هناء
..................................
ألقى مراد جسده فوق الفراش بعدما انتهي مكوثهم في بيت عمه وتمت الخطبه التي تمناها والده
- انت السبب يا بابا... ذنبها ايه اظلمها معايا.. لاخلتني أحزن على مراتي اللي ماتت وابني اللي كان في بطنها... ولا خلتني حتى اصارحها
واغمض عيناه مُتذكراً لحظاته القليله مع جاكي مُبتسماً.. أما هناء كانت بعيده عن عقله وقلبه لا يراها الا انه فرض اجبر عليه ارضاءً لوالده
....................................
طالعها وهي تخرج من المدرسه التي تعمل بها وإحدى العاملات تُساعدها في الخروج من البوابه.. اقترب منها فشعرت بوجوده من رائحة عطره
- شريف
مد كفه نحوها يُعاونها على السير
- كلمت ماجده وقولتلها اني هأخرك شويه النهارده.. ايه رأيك اعزمك على الغدا
ارتبكت من الفكره فهى لا تُحب تناول الطعام خارج البيت حتى لا تُسبب للجالس معها الحرج ولكن معه تشعر انها أنثى كامله لا ينقصها شئ.. حتى فقد بصرها تناسته
اماءت برأسها بسعاده واتجهت معه نحو سيارته.. عاونها على الجلوس.. ثم نظر إليها طويلا
هاتفاً داخله
- سامحيني يا مها على البعد لكن ولا انا هناسبك ولا انتي هتناسبيني
اتجه نحو الباب الآخر للسياره لينطلق بعدها بسيارته نحو المطعم الذي حجزة لهم بمفردهما... حتى يجعلها تجلس بحريتها دون أن تخشي أعين الناس
وصلوا وجهتهما فتمتم
- وصلنا
ابتسمت ببرائه ووضعت يدها على زجاج السياره تنتظر مساعدته لها
ترجل من سيارته ثم ساعدها على الهبوط منها
- شريف انا مش عايزه اكل... مبعرفش اكل بره بيتنا
كانت كالطفله الصغيره وهي تُخبره عن عدم رغبتها في تناول الطعام حتى لا تشعر بالحرج... تألم قلبه فكيف سينساها ويزيلها من حياته
قبض على يدها مطمئناً
- متقلقيش طول ما انا معاكي
لو علم كيف سقطت الكلمه على قلبها ف روته... لكان ندم على السعاده التي أصبح يهبها لها
جعلها تتعلق به وتبني أحلاماً ظنت لسنين ان الأحلام حُرمت عليها
- حاضر... قولي بقى شكل المطعم ايه
دلفوا لداخل المطعم فرحب بهما النادل
- حاضر هوصفهولك... بس تعالي نقعد... على فكره انا حاجز المطعم لينا لوحدنا
هتفت بطفوله
- كويس عشان اعرف اكل من غير ما حد يبص عليا
ابتسم على طفولتها وازاح لها المقعد ليجلسها عليه
طلب وجبتهما وجلس يصف لها المطعم... الي ان اتي النادل بوجبة الطعام
- عايزك تاكلي براحتك يا مها ومتتكسفيش مني
ارتسمت ابتسامه واسعه على شفتيها
- انا مبقتش اتكسف منك يا شريف... عشان عارفه لو شوفتني بأي وضع عمرك ما هتبصلي بشفقه وهتمد ايدك ليا وتساعدني
أصابه الكلمه قلبه... فألتقط كفيها وضمهما بكفيه معتذراً
- انا اسف يا مها
تعجبت من اعتذاره وانكمش وجهها وهي تسأله
- اسف على ايه... انت عملت ايه يزعلني عشان تعتذر
اغمض عيناه بقوه ثم ابعد عيناه عنها
- اسف على أول لقاء بينا.
ضحكت وحررت احد كفيها من راحتي كفيه
- ياا انت لسا فاكر... ده انا نسيت
بدئوا يتناولوا طعامهم... اخذ يساعدها في تناول الطعام ووضع الأطباق أمامها...الي ان أنهوا طعامهما
مسح فمها بالفوطه الموضوعه فأبتمست
طلب لها كأس من المثلجات وطلب لنفسه فنجان قهوه
وجلس ينظر لها وهي تتناول كأس المثلجات بنهم ويستمع إليها
- انت مش هتتكلم بقى... انا من الصبح بتكلم
ارتسمت ابتسامه باهته على شفتيه ومال نحو الطاوله
- عايز اسمعك النهارده يا مها
توردت وجنتاها خجلاً
- مش ماجده وسالم حددوا ميعاد جوازهم بعد شهر هيتجوزوا
حرك رأسه وداخله يتمنى ان يكون اختيار شقيقتها بسالم صحيح
اخرج العلبه التي تحتوي على العقد الذي اشتراه لها من جيب سترته.. وأخرجه من علبته
- ممكن يا مها ألبسك السلسله
اندهشت مما أخبرها به ونهض من فوق مقعده ثم وقف خلفها وازاح خصلات شعرها
فهمت ماارادت فهمه وهي تشعر ببروده العقد على جيدها
وضعت يدها على العقد مبتسمه
- مش هقلعه خالص من رقبتي
......................................
وقعت عيناه عليها وهي جالسه منكبه علي بعض الملفات
وجوده اليوم بالشركه التي يُديرها شقيقه كان من أجلها
تقدم من مكتبها.. فرفعت عيناها نحوه ليتعمق بالنظر إليها وقبل ان يهتف بشئ... نهضت من فوق مقعدها بثبات
- اتفضل يافندم.. بشمهندس شهاب في مكتبه
هتفت عباراتها وهي تتحاشا النظر إليه... طالع شحوب وجهها يسألها
- مشيتي ليه امبارح
تعلقت عيناها به ثم اطرقتهم سريعاً نحو الأوراق الموضوعه فوق سطح مكتبها.. كانت تظن انه لم ينتبه اليها ولكن حدث ما تمنت عدم حدوثه
لم تعرف الجواب فظلت صامته.. تفرك كفيها ببعضهما بتوتر لم يخرجها من مأزقها هذا إلا خروج شهاب من مكتبه
- ياقوت هاتي الملف ال....
انتبه لوجود شقيقه
- حمزة انت هنا... غريبه
تقدم حمزة من شقيقه
- كنت قريب من الشركه .. فقولت اعدي على الفرع هنا
اماء شهاب برأسه نحو شقيقه بتفهم ثم طالع ياقوت التي مازالت تقف تخفض عيناها حرجاً
- اطلبنا اتنين قهوه يا ياقوت
دلفا الشقيقان للغرفه... فزفرت أنفاسها المحبوسه.. ف خروج شهاب هو من انقذها
جلبت القهوه ثم طرقت باب الغرفه ودلفت بعدها
وضعت الفنجانين أمام كل منهما... فصدح رنين هاتف شهاب
ففتح الخط ثم خرج من الغرفه يتحدث
كادت ان تخرج من الغرفه الا ان صوته اوقفها
- مش هتقوليلي ايه اللي مشاكي امبارح
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تُطالعه ثم اشاحت عيناها بعيداً عنه
- مافيش سبب يافندم
تنهد وهو يضع فنجان قهوته على الطاوله بعدما ارتشف منه رشفه بسيطه
- ياقوت مبحبش اكرر سؤالي كتير
صمتت فلا اجابه لديها تخبره بها
- ياقوت
تعلقت عيناها به... اليوم علمت الحقيقه التي وقعت بها
سقطت في لعنة الحب .. الشخص الذي كانت تهابه وتخشي بطشه قلبها بدء يخفق بجنون بل وبدء يهواه...حلمت به امس وهو يُقبلها حلم استيقظت منه تلطم وجهها رافضه اياه
تحركت شفتيها بصعوبه متمتمه
- معرفش
ثم هربت من أمامه.. لتتسع ابتسامته وهو يعلم أن ما ارده تم ولم يظل الا التنفيذ !

يتبع بأذن الله
*********

#للقدر_حكاية ❤️

#سيمو

للقدر حكاية (سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن