الفصل(٥٥)

34.3K 881 68
                                    

الفصل الخامس والخمسون
******************

- مريم!
هتفت بها ياقوت مُتعجبه من وجودها هنا.. واقتربت منها تحت نظرات هاشم الذي تسأل علي الفور
- انتوا تعرفوا بعض
وعند نطقه تلك العباره انتفضت مريم من مكان جلوسها وألتقطت الرسومات التي كان يفحصها هاشم وغادرت صامته تلعن حظها الذي يجمعها بتلك التي لا تراها الا دخيلة على حياتهم
أسرعت في خطاها كما أسرعت ياقوت نحوها بخطوات اشبه بالركض الي ان أصبحوا خارج الشركه
- مريم استنى يامريم
كانت تلتقط أنفاسها بصعوبه وهي تهتف بأسمها ولكن مريم لم تُعيرها أدنى اهتمام وعندما ضجرت من اتباعها وقفت تطوي ذراعيها أمامها
- نعم في ايه... انتي جايه ورايا ليه
تعلقت عين ياقوت بها ووقفت أمامها ومازالت تلتقط أنفاسها
- أنتي كنتي بتعملي ايه هنا يامريم
- وانتي مالك
لم تعلق على فظاظتها فما الجديد بينهم الا هذا... ولكن عيناها تعلقت ب اخر شئ توقعته منها.. ان تكون مريم سارقه وتسرق رسوماتها .. عندما انتبهت مريم لنظراتها خبأت الورق خلفها
- الورق ده بيعمل معاكي ايه يامريم... انتي اخدتيه من اوضتي
ورغم بجاحتها التي اعتادت عليها الا ان تلك المره كانت مريم تهرب بعينيها بعيدا
- ردي عليا
- انا مش حرميه... واه ورقك خديه
دفعت الورق إليها واسرعت في الإبتعاد عنها ولكن
- انا هقول لحمزه... هقوله على سهرك وآخرتها سرقتك... انتي كده بتضيعي
سكنت مريم للحظات وألتفت إليها ببطئ خائفه تتمنى وجود رؤى جانبها حتي تُحفظها ما ستقوله
- لو قولتيله مش هيصدق... ولا حد هيصدقك
لم تكن كاذبه فالكل لا يراها الا طفلتهم البريئه التي لا تكبر... تظهر امامهم بمريم التي تربت على ايديهم ولكن بعيدا عن انظارهم كانت كمن يتبع احد ويُحركه
- مريم انا...
وقبل ان تتفوه ب باقي عبارتها وتُخبرها انها تخاف عليها كانت مريم تلحق بسيارة الأجرة التي اوقفتها
...............................
هتف بها فور ان دخلت غرفته مُتسائلا عن معرفتها بتلك التي وصي عليه ابن شقيقه
- أنتي تعرفي البنت ديه
طالعته ياقوت بحيره ثم حسمت امرها
- ديه مريم بنت حمزه.. اقصد بنت مراته الله يرحمها
قطب هاشم حاجبيه غير مُصدقاً ان الفتاه التي رأها في حفل عيد ميلاد فارس وترقص وسط شباب وفتيات يثيروا اشمئزاز من يراهم ويلعن تربيتهم
- مش معقول... ازاي حمزه سيبها كده
اطرقت ياقوت عيناها ارضاً... فتحرك هاشم سريعا نحو مكتبه حتى يلتقط هاتفه
- انا هتصل ب حمزة فوراً
- مستر هاشم انت هتعمل ايه..بلاش تتصل بحمزه انا اللي هطلع وحشه في الآخر
ألتمعت عين هاشم وهو يتذكر الرسومات التي جلبتها فحدق بها بذهول
- الرسومات اللي عرضتها عليا ديه بتاعتك يا ياقوت مش كده
لم تُجيب عليه وصمتت.. فلا تعرف كيف وصل امر مريم لهذا الحد
- انتوا ساكتين على البنت ديه ازاي... فين حمزه من كل ده... انتي تعرفي ان فارس ابن اخويا هو اللي موصي عليها
واردف وقد تعلقت عيناه بعين ياقوت التي وقفت أمامه بقلة حيله لا تعرف كيف تدافع عنها
- عارفه ده معناه ايه
- مريم مش وحشه بس بتمر بحاله نفسيه
هتفت بها دفاعاً عنها ولكن هاشم استنكر دفاعها
- ياقوت سكوتك ده هيضيعها اكتر... انا مش راضي عن تصرفات فارس لكن في النهايه هو راجل
وتنهد وهو يتذكر جلوسها أمامه
- انا مش قادر أصدق ان ديه تربية حمزه...
اغمضت عيناها وهي لا تعلم من أين تبدء في إصلاح الصغيره
................................
ترك معلقته ليتأملها وهي تنظر إلى طبقها دون مساسه
- مبتكليش ليه
رفعت عيناها نحوه ثم عادت تنظر إلى طبقها ثانيه
- مين الست اللي جاتلك الصبح...ديه واحده من عمال المزرعه مش كده
رمقته صامته ثم نهضت من فوق مقعدها
- ايوه من عمال المزرعه زي ما انا برضوه كنت من اللي شغلين هنا وبقيت فجأة مرات البيه بتاعهم
لم يعجبه حديثها فنهض خلفها يسحبها من ذراعها قبل ان تتحرك خطوة أخرى
- لما نكون بنتكلم متمشيش وتسبيني... واقعدي كملي اكلك
ثم أدار جسدها اليه لينظر الي عينيها ولأول مره يكتشق زرقتهما الصافيه عن قرب... ازدرد ريقه وهو يفحصها ثم رفع كفه يُلامس وجهها الأبيض
- لازم نبدء من اول وجديد ياصفا... عشان الطفل اللي جاي
كانت ستصيح به وتُخبره عن أي طفل سيربط بينهم وبينهم جدار صلب قد بناه هو من قسوته ولكن عندما تذكرت ثأرها منه ومن شقيقته اشاحت عيناها بعيدا عنه مُتمتمه
- انا هطلع انام
وانصرفت حتى تختلي بنفسها في غرفتها... فوقف ينظر لخطاها يزفر أنفاسه يُتمتم لحاله
- انت بتعاملها كويس عشان ابنك يافرات...
ولكن كانت هناك حقيقه يُداريها عن قلبه... فقد أصبح يقع بحبها ويراها امرأته
................................
نيران كانت مُشتعله داخله وهو يتذكر حديث نغم معه اليوم تُخبره ان مراد قد طلب منها لا حضور له أي اجتماع يخص شراكتهم
لم يكن يخرج تلك النيران الا على زوجته التي كانت مستسلمه له بحب... نهض عنها يرمُقها دون أي مشاعر لتضم الغطاء نحو جسدها وعيناها عالقه به وهو يبتعد مُتجها نحو المرحاض
دقائق مرت وهو يقف أسفل المياه يغمض عيناه بقوه... يتذكر تفاصيل كل ما أخبرته به نغم حانقه من السعاده الظاهره فوق ملامحهم عندما قابلتهم في الشركه اليوم...
كانت تشارك خالد غضبها وحنقها وهي لا تُدرك انها تُشعل داخله نيران الغيره
لطمه قويه دفعها نحو الحائط يُخرس شيطانه وهو يصورها له مع مراد فصرخ مقهوراً
- ليه كل حاجه بتمناها او احبها بتكون لغيري... هفضل لامتي مبخدش اللي نفسي في
.................................
وقفت جانبه تتأمل هيئته المنمقه التي تعشقها... اسبلت اهدابها تتعمق في النظر اليه ولم تنتبه على ندائه وهو يطلب منها ان تُعطيه المقلاه
- هناء...
واردف مُستمتعا بهيئتها
- لا انتي شكلك سرحانه ومندمجه على اخر
- بتقول حاجه يامراد
ضحك وهو يترك ما بيده واتجه نحوها
- مين اللي واخد عقلك
وبتلقائيه هتفت دون شعور
- انت
ارتسمت ابتسامه واسعه فوق شفتيه وهو يسمع عبارتها التي عززت رجولته
- طب اعمل فيكي ايه دلوقتي
أشارت نحو خدها بداعبه يعشقها
- بوسني
لم يمهلها الا ثواني كان يغلق فيها موقد الطهي وبعدها آسر خصرها يحملها بذراع واحد فتضحك هي بسعاده
..............................
طرقات خافته اطرقها على باب غرفتها فميزتها بسهوله... أسرعت لجلب احد الكتب التي اعتادت على قرأتها بعدما كان يُرشحها لها
- اتفضل يابابا
هتفت بندائها فأبتسم وهو يقترب منها دون إغلاق الباب ينظر إلى ما تحمله بين ايديها... عندما رأت ابتسامته علمت ان ياقوت لم تُخبره بشئ
- حببتي عامله ايه
- الحمدلله... بس زعلانه منك
تمتمت عبارتها وهي تغلق الكتاب وتضعه جانباً
- الدراسه هتبدء بعد يومين... ومسألتش على المدرسين اللي هيدوني السنادي ولا عملتلي جدول للمذاكره وحتى زي المدرسه ندي وشهاب هما اللي اهتموا بي
تنهد وهو يشعر بالحزن لتقصيره نحوها
- اسف ياحببتي... انتي عارفه اني مشغول
- بس انت مش مشغول عن ياقوت وبتهتم بيها... انت نسيتني يابابا خلاص
اجادة اشعاره بالذنب كالعاده ليُطالعها كيف تنتظر رده ليُجيب عليها ولكن بماذا سيخبرها... ألتقطت عيناه الكتاب فحمله يُطالع عنوانه
- خلصتي قرايته ولا لسا
- خلصته تلت مرات... ومستنيه الكتاب الجديد اللي هتجبهولي نقراه سوا الاول
وكان ذنب اخر تضيفه اليه..ابتسم وهو يُعلل لها انشغاله
- اوعدك اني هفضي من وقتي ليكي لوحدك زي زمان ... بس انا عايزك تبدأي السنادي مذاكره بجد يامريم
اماءت له برأسها بسعاده... لينصرف بعدما اخذ الوعد منها
شردت في ملامح هاشم لتُتمتم لحالها
- انا حبيته عشان هو شبهك
واسرعت لاحتضان وسادتها ثم غفت وهي تحلم بفارسها الجديد بأحلام مراهقة
.............................
دلف لغرفتهما صامتاً شارداً في حديث صغيرته وتذكيرها له عما كان يفعله لها ولم يعد... تعلقت عيناه ب ياقوت المنشغله في صنع حذاء اخر صغير وهو لا يعلم لما تصنع من كل شئ زوجين
تركت ما بيدها واقتربت منه بحب
- مالك ياحبيبي
نسي همومه وكل ما يشعر به وهو يستشعر جمال تلك الكلمه منها خصيصاً
- تعبان ياياقوت... وتايه
ثم اردف بعدما اخذ تنهيده طويله محمله بما يجثم فوق روحه
- حاسس اني بعدت عن مريم وبقيت مقصر في الامانه اللي سبيتهالي سوسن
تجمدت عيناها نحوه... فلم تعد تستطع تخبأة اي شئ عنه... فلابد ان يجد هو حلاً
- مريم ياحمزه ماشيه في طريق غلط... انا شوفتها
انتفضت مفزوعه وهي تراه ينهض من فوق الفراش
- ياقوت مريم مبتعملش حاجه غلط... ارجوكي مش عايز اسمع منك انتي بالذات اي حاجه عن مريم زي ما انا مبحبش اسمع منها حاجه عنك..
- انت ليه ديما بتتهمني اني عايزه اشوه صورتها... ده حتى شريف
اردات ان تُصرح له بأهانة شريف وظنه بالسوء لها
- كويس انك اتكلمتي في الحكايه ديه... شريف زعلان من كلامك عن اخته.. واشتكالي قوليلي اعمل ايه بينكم
- متعملش حاجه ياحمزه... على العموم انا قولت اللي عندي وحاولت انبهك ولاخر مره بقولك راقب تصرفات مريم وارجع اهتم بيها وانا مبقتش عايزه اهتمام خلاص
هتفت عبارتها الاخيره بغضب... وألتفت بجسدها لتبتعد عنه فأسرع بجذبها اليه
- هنرجع نزعل ونتقمص من تاني... وانا اللي كنت عاملك مفاجأه
تعلقت عيناها به بمقت ثم اشاحتهما سريعا عنه فضحك
- افهم من كده ايه مش عايزه تعرفي مفاجئتي
نفت برأسها ليضحك ثانيه
- هتندمي يا ياقوت
- مش عايزه اعرف...ومش هندم
فمال عليها ليهمس في اذنها
- حجزتلك بكره في المعرض التشكيلي اللي نفسك تروحي وهنروح سوا ياستي
أدارت جسدها نحوه ورغم حنقها منه إلا ان ارضاءه لها جعلها تلين فلا أحداً يجد رجلاً كاملاً كما أصبحت تعقل فكرها
- بجد عرفت تحجزلنا... دول قالولي ان التذاكر خلصت
- هو جوزك اي حد
هتف عبارته بفخر رجولي مصطنع فأردفت تُكمل له مازحه
- لا مش اي حاجه طبعا... ده حمزه الزهدي
ابتسم وهو يأسرها بين ذراعيه فأنبه ضميره عن حديثه معها
- متزعليش مني يا ياقوت... مريم بنتي ومافيش اب بيستحمل حد يتكلم عن ولاده
- وانا متكلمتش عنها وحش... انا مش وحشه ياحمزه
ابعدها عنه قليلاً ليودع قبلة حانية فوق جبينها
- عارف ياقلب حمزه
اطربتها الكلمه فأبتسمت ليبتسم هو الآخر
- انا قلبك ياحمزه
- طبعا ياياقوت
كاد ان يغرقها في حنانه... لتتوقف يدها فوق صدره تبعده عنها برفق
- مريم محتاجه راقبتك صدقني انا مش بكرهها
تعلقت عيناه بها للحظات وعندما وجد نظرة الخيبه في عينيها من ردة فعله كلما دار حديثهم عن مريم ونصحها له
- حاضر يا ياقوت
................................
وقفت على اعتاب حجرته تقدم قدماً وتؤخر الآخر... كان واقفاً أمام المرآة يبدل ضمادة جرحه الذي لم يطيب بعد وعندما رأي انعكاس صورتها ونظرتها لجرحه ألتف نحوها
- محتاجه حاجه ياصفا
لم يعد فرات الذي عرفته قديما وكأن رحلته الي الموت ايقظت داخله مشاعر كثيره فحتى الخدم بدئوا يتحدثوا عن تغيره
اماءت برأسها مُتمتمه
- كنت محتاجه منك طلب... عايزه حوريه تتنقل لشغل مريح في المزرعه
- حاضر
بسهوله نطقها فأستعجبت الأمر وانتبهت الي محاولته في لف الشاش فوق موضع الجرح فأقتربت منه تُساعده مُتذكره انه فداها بروحه ذلك اليوم
- لسا معرفتش مين اللي ضرب النار
كان سارحاً فيما تفعله وقربها منه دون خوف رغم ان رحلة علاجها النفسي لم تكتمل بعد
- لسا
وضغط على أسنانه بقوه
- الاقيه بس ومش هرحمه
عاد لقوته وشراسته ولكن عندما لامست اصابعها صدره فوق موضع الجرح لانت ملامحه وانتابه شعور جعل قلبه يخفق دون أن يعرف السبب
- انا هروح تاني امتى للدكتوره النفسيه
- هي هتجيلك هنا ياصفا... لأن وجودنا في المزرعه هيطول شويه لحد ما تولدي
اندهشت من سبب مكوثهم لحينا ميعاد ولادتها ولكن هنا كان بالنسبه له في مأمن
...............................
نظرت مها للشقه التي اصطحبها إليها بأعين مبهوره من جملها... اعتاد على رؤية الأنبهار منها في كل شئ... حتى أنه بات يشعر وكأنها طفله صغيره تسألت وهي ترفع عيناه نحوه
- ده بيتنا ياشريف
- ايوه ياحببتي
وعادت تتسأل مُجددا وهي تفرك مؤخرة عنقها
- هو احنا كنا عايشين هنا
- لا يامها كنا عايشين في بيت تاني
تمتمت بطفوله وهي تعود لفحص الشقه بعينيها
- طب ليه مش هنروح بيتنا التاني
تنهد وهو لا يعرف بما سيُجيبها فهذه أوامر طبيبها حتى تتذكر كل شئ بتمهل دون صدام.... ألتمعت عيناه بمحبه
- عايز نعيش في بيت بتاعنا احنا بس.. ونكون لوحدينا
تخضبت وجنتاها بحمرة الخجل لتطرق عيناها أرضاً.... فرفع وجهها اليه
- تيجي احكيلك ازاي اتقابلنا
................................
ضمت الهاتف نحو موضع قلبها بعدما استمعت اليه وهو يبثها حبه ويُخبرها انه وقع صريع هواها
- اه منك ياسهيل...وانا بقيت احبك اوووي
كانت تُحادث نفسها فالمكالمه قد انتهت... اقتربت من شرفتها لتفتحها قليلا وتتنفس الهواء المنعش المنبعث من الحديقه
مرت الدقائق وهي واقفه هائمه في تطور علاقتها بسهيل وكيف تمادت علاقتهما... تآوهت بخفه وجنينها يركلها ببطنها
- مش عيب تضرب ماما اوي كده ... شكلك هتطلع لاعب كره زي بابا
انكمشت ملامحها وهي ترمق خطوات جين المُرتبكه وألتفافها حول نفسها.. لتعود إليها روح الصحفيه التي افتقدتها
أسرعت لخارج غرفتها واتبعت المكان الذي اتجهت اليه... لم يكن أمامها الا غرفة الحارس ... تعجبت ولكن قررت أن تسير خلف فضولها.
رأت خيالها ووقوفها مع الحارس تُعطيه المال وتصرخ به
- لا تطلب مال اخر لن اعطيك
- أشعر وكأنكي تصدقي عليا... ستعطيني ما اريد ام اخرجك من تلك الجنه التي تعيشين بها
رفعت جين يدها لتصفعه ليمسك يدها بقوه
- افعليها ثانية وسأخبرهم انك الحية الخبيثه هنا... وكيف خدعتيهم بأمر الطفل الذي هو لي....

يتبع بأذن الله
*********

#للقدر_حكاية ❤️

#سيمو

للقدر حكاية (سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن