الفصل (٤٨)

35.1K 930 46
                                    

الفصل الثامن والأربعين
****************

ابعد ما كانت تتخيله ان تراه هنا أتياً إليها.. ارتجفت يدها القابضه فوق القلم ورفعت عيناها خشية تُطالع أعين زميلاتها بالغرفه التي تعمل بها
- مستر خالد
- ايوه ياهناء
اردف متهكماً وهو يرمقها
- قولت اجيلك انا بدل ما انتي مش عارفه تجيلي
تذكرت اخر لقاء بينهم وقد ظنت انه مجرد تهديد منه لغضبه من كذبتها وسيمضي الأمر
- عندي اجتماع مع مراد.. هخلصه والاقيكي مستنياني بره الشركه
وانصرف دون كلمه اخري.. تعلقت عيناها به وعادت تُطالع الأوراق التي أمامها والي الان لا تجد اجابه عما يفعله خالد معها انتبهت على صوت جيهان التي وقفت أمامها تعطيها الكتاب الذي اخبرتها عنه بأن تقرأه
- هناء..خدي الكتاب اه صدقينى هتستفيدي منه اوي في حياتك.
- جيهان انا محتاجه نصحتك اوي
لم تكن جيهان الا صديقه مُستمعه علمها الزمن الكثير.. رغم ساعات العمل الا انهم استطاعوا اتخذ بعض الوقت للحديث في المقهى المقابل
- مالك يا هناء..
صمتت هناء للحظات تُرتب بعض الحديث داخل عقلها.. متجاوزة البدايه التي تشعرها بالمراره..قصت كل شئ على جيهان وهي تتابع تغير ملامحها وكأنها تُفكر بكل كلمها تنطقها
- وانتي ايه اللي خلاكي تدوري على شغل وجوزك عنده مكان تشتغل فيه ويقدر يساعدك... وليه كذبتي عليه عن مكان شغلك
- مكنش هيوافق ياجيهان... ومكنتش عايزه مساعدته
تعجبت جيهان ولكن لم تطرق في الأمر كثيراً
- بصي ياهناء مش قدامك غير حل واحد فهمي جوزك الوضع واحكيله عن السبب اللي خلاكي تعملي كده...بلاش تخبي عليه لان اللي اسمه خالد ده مش نيته الفلوس
واردفت بعدما ارتشفت القليل من الماء كي تروى حلقها
- واحد في وضع خالد وعلاقه الشغل اللي بتربط بينه وبين جوزك ايه اللي يخلي يتلاعب بيكي كده من ورا جوزك.. فكري براحه وهتفهمي
اتسعت حدقتي هناء وهي لا تستعب ما وصل اليه عقلها
- مش معقول مستر خالد متجوز.. غير أنه شخصيه محترمه.. لا لا مش معقول ياجيهان تكون ديه نيته
- احكي لجوزك ياهناء ومتخليش حد يتلاعب بيكي.. حياتك في الريف وسط اهلك الناس البسيطه غير حياه المدن اسأليني انا..
ازدردت هناء لعابها بقلق جليّ على صفحات وجهها ولا حل كان أمامها الا ان تحكي لمراد عن عملها الأول الذي كذبت فيه عليه والعقد الذي امضته
.................................
وقفت هناء في الممر الذي يقود لغرفة الاجتماعات تنتظر خروج بعض الموظفين.. اعتدلت في وقفتها المائله نحو احد الأركان وهي ترى خروج سكرتيرة مراد وبدء الباقي بالخروج.. تجمدت عيناها نحو خالد الذي كان يسير بجانب أحدهم ويتحدث معه بعمليه وعندما ألتقط عيناه بها أشار لها برأسه بأن تتبعه
حديث جيهان شجعها وجعلها تسير بثقه تتجاوزه وهي تتجه نحو الغرفه لتفيض بكل شئ لمراد فأذا لم يسمعه كزوج سيسمعه كأبنة عم
دلفت لتتفاجئ بقربه نغم منه
- اسفه جيت في وقت غلط
واندفعت تاركه الغرفه وصوت مراد يعلو خلفها بأسمها.. اما أعين نغم كانت تلمع بالظفر
..................................
جلست شارده في غرفتها التي اتخذتها لها وحدها بعيدا عنه..تنهدت بحراره فثورتها لم تأتي معه بشئ الا الصمت
شردت في امس حينا اجتمعوا بمنزل ناديه واخبرت الجميع بحملها.. رأت الحزن في عين ندي ولم تعرف كيف تُفسره خاصه اما مريم كانت الدموع عالقه في عينيها...مها الوحيده التي هللت كطفله صغيرها تُخبرها انها لن تصير الوحيده بينهم حامل وتتعذب من تخيل ألم الولاده اما شريف كان طبعه هادي دبلوماسي في ردود أفعاله وشهاب كان الاسعد بينهم وهي يحتضن حمزة غير مُصدقاً انه سيصبح اخيرا عم
طفلها او بالاصح طفليها حملت لهم تلك العائله مشاعر مختلطه
ناديه لم تعد تركز معها فما تمنته لشقيقها قد حدث
فاقت من شرودها الذي بات يحتل كيانها على صوت رنين هاتفها.. تعلقت عيناها بأسم المتصل ولم تكن الا هند
- ياقوت بكره ميعاد مقابلتك.. متضيعيش الفرصه ديه منك انتي موهوبه وبكره يكون عندك شغلك الخاص
انتهت المكالمه بعد بضعة دقائق كانت هند تشجعه لأخذ خطوة جديده بحياتها
تلاعبت بمفرش الفراش ولم تجد الا النهوض بعزيمه متجها نحو الغرفه التي أصبح يستقلها
دلفت للغرفه ببطئ ترمقه بأعين حزينه... قلبها الخائن اشفق عليه وهي ترى لأي حد كبريائه اللعين أخذه
هاهو مسطح فوق الفراش بملامح شاحبه وفقد حيويته.. رأته بأعين زوجة محبه ولكن قلبها لم يعد يشفع له فالالم تثقالت عليه من كل اتجاه
- حمزه
لم يفتح عيناه ولكن صوت أنفاسه وهبوط وصعود تلك المسماه بتفاحة آدم جعلتها تعلم انه مُستيقظ
- حمزه انا عايزه اتكلم معاك ممكن
- اتكلمي ياياقوت
ومن دون كلام كثير حكت له عن عرض العمل الذي قدمته لها هند في شركة شقيقها الذي عاد مؤخراً من لندن
- وحملك ياياقوت
- انا مش تعبانه... لو تعبت اكيد هوقف كل حاجه
ولمست بطنها بحنو مما جعله يسلط انظاره نحو موضع يداها
- انا هخاف عليه برضوه
تذكر طعنت كلمتها وهي تُخبره بندمها بأن ربطت حالها بطفلا منه
- مدام انتي مرتاحه مش همنعك عن حلمك
واردف بآلم اخترق صوته
- لتقولي عليا متجوزك عشان متعتي وبس
- انا مكنتش اقصد
- مش محتاجه تبرري ياياقوت... الغلطه كانت غلطتي من الاول
ونهض من فوق الفراش يسير نحو الشرفه يقف أمامها شاردا في الظلام
- كان من حقك ترتبطي بأنسان لسا عنده احلام يعيشها مش راجل عجز في عمره وتفكيره
كادت ان تتحدث وتخبره انها لم تكن تريد منه إلا حنانه وشعوره انها ليست هامشاً وأنها في النهايه بشر.. كيف ستعرف ان زوجها مازال يعشق امرأة اخري وهي ليست بحياته بشئ
- انا عارف اني طفيتك... بس انا كمان اطفيت من زمان ياياقوت
ووقف الكلام بحلقها واخذ خافقها يخفق في اضلعها بلوعة
لا تتحمل ان تراه بهذا الانهزام.. تقدم خطوة نحوه ولكن حديث سلوى وقف عالقاً أمام الكبرياء والقلب
................................
ضاقت أنفاس سماح وهي تنظر لنظرات جين نحوها...كانت نظرات جين عدائيه ولكن لسهيل كانت نظرات محبه عاشقه
- كيف حالك سهيل
تمتم سهيل بهدود وهو يُقلب في قنوات التلفاز
- بخير جين.. لما اتيتي وتركتي نورالدين
- انه بخير لا تقلق... هو من ارسلني للاطمئنان عليك
- متى ستعود للقصر
تعلقت عين سهيل بسماح.. كان من المفترض انا يعود للقصر منذ ايام ولكن الراحه التي يحياها هنا جعلته لا يود ترك شقته بالعاصمه والعوده لذلك القصر الكئيب
اقتنص عبارته بكلمتان قبل أن يتابع بعينيه نهوض سماح واتجاهها نحو المطبخ بعدما تلقت رساله عبر احد مواقع تواصل الاجتماعي
- بعد أيام
ونهض يتبعها يسير على كعازه لتتعلق عين جين به حاقده.. أخذت تتأكل بشفتيها والغل يقتلها فزيجتها بنورالدين لم تأتي الا عليها وظلت كما هي ممرضه ولا علاقه زوجيه تسير بينهم
مرت دقيقتان وهي تجلس هكذا يأكلها الحقد...فنهضت بخطوات هادئه الي ان اقتربت من المطبخ لترى سهيل كيف يمازحها
- اعطني الهاتف سهيل
- اجلبي بنفسك سماح
ضاقت عين سماح مقتاً وشبت علي أطراف قدميها ولكنها لم تصل للهاتف.. ظل يقفز بالهاتف يميناً ويساراً مستمتعاً برؤيتها هكذا
- سهيل اعطيني الهاتف اريد الحديث مع صديقتي
- اصنعي لي الكاكاو الساخن اولا ثم اعطيكي الهاتف
كان يتذمر كالاطفال... مما جعل جين تتأمل الوضع وهي مذهوله تتسأل هل هذا سهيل... كيف تغير بتلك السرعه هل هذا سحر تلك العربيه عليه
أسرعت جين بترك المكان وألتقطت حقيبتها مغادرة الشقه تركض بالطريق
- لما هي؟ لما هي
وصلت للقصر بعد أن تحجرت عيناها بالدموع... لتنظر للحارس الذي يقف على بوابه الفيلا وكانت دوماً عيناه عالقة بها.. لم تشعر الا وهي تجذبه لداخل الغرفه المخصصه له تهبه جسدها وعيناه لا تستعب ما تفعله سيدته معه
.................................
اتكأ فرات برأسه فوق الوساده بعدما رتب الاريكة التي يغفو عليها.. مال برأسها نحو الفراش ليتأمل سكونها... جلبها لغرفته اقتداراً وبعد معاناه لم يعد يطمئن اليها بعدما أخبرته شقيقته برغبتها بالهرب
زفر أنفاسه بثقل وهي يتذكر حديث الضابط الذي كان يُحقق بقضيتها قبل دلوفها للسجن
" هي كانت كبش فداء مش اكتر.. وشالت الليله بدل ابوها وجوزها اللي اتقتلوا"
ليصحح له فرات انها ليست ابنه عدنان الأنصاري... شروده في ذلك اللقاء وما غرفه عن عدنان كشخصيه قاسيه ساديه جعله يقمت على حاله... حتى عزيز الذي اكتشف مؤخراً هروبه وعدم حقيقه موته لم تكن صفا له إلا هوساً وهو خدعها بشهامته
اغمض عيناه بعدما ثقلت جفونه.. لينهض مفزوعاً من رقدته وهو يسمع صراخها مثل كل ليله
- انا مظلومه... متعملش فيا كده... ابعد عني
صراخها كان مصحوباً بالبكاء وصوت أنفاسها تعلو وكأنها بسباق
- صفا اصحى.. صفا فوقي ده كابوس
فتحت عيناها بصعوبه وهي تنظر اليه..لتنهض من فوق الفراش راكضه نحو النافذه
- انت عايز تقتلني
ووضعت يدها على رقبتها تتذكر فاديه وهي تقبض على رقبتها
وتصرخ بها وطفلاً صغيراً ينادي بأسمها
عند تلك الذكرى لم تشعر الا وهي تضم بطنها بذراعيها
- متخدهوش مني
اقترب منها فرات بخطوات مدروسه يُهدئها
- صفا مش انا وعدتك اني مش هأذيكي
اماءت برأسها كطفله صغيره... مما جعله يكره حاله لقد وصلت لاسوء مرحله يُصبح بها المرء
- صفا انتي محتاجه تروحي لدكتور نفسي
- انا مش مجنونه... انتوا السبب
.............................
توارت فاديه خلف احد الأشجار في الظلام تُخفي وجهها بشال اسود تنتظر قدوم أحدهم
- اتأخرت ليه
ألتف الرجل حوله حتى يتأكد من خلو المكان
- ايه الشغل اللي عايزانى في ايه ياست فاديه
تعلقت عين فاديه به وهي تتذكر جنون شقيقها بذلك الطفل
أخرجت الصور التي تُخبئها بعبائتها واعطته له
- تخلصني منها
............................
تعلقت عيناها بالمبنى الذي تحتله الشركه بأبتسامه راضيه... كانت لأول مره تتأنق وتصبح سيده يظهر عليها الثراء
ملابسها كانت محتشمه ولكنها انيقه.. لم تكن تقصد التأنق ولكن نظرات الكثير لها انها مجرد امرأه ريفيه جعلها تُخرج من بساطتها لتريهم انها تستطيع أن تكون مثلهم امرأة راقيه انيقه
سارت بخطوات هادئه لتقف أمام سكرتيرة مكتب السيد هاشم
- عندي مقابله مع مستر هاشم
- اسم حضرتك يافندم
- ياقوت زيدان
تناولت السكرتيره سماعه الهاتف الذي يصلها بمديرها لتُخبره عن هويتها
- اتفضلي
اكملت طريقها نحو مكتب هاشم بأرتباك وقبل ان تطرق على باب غرفته هندمت بلوزتها وتنورتها
- ادخل
دلفت بعد أن سمعت صوته يأذن لها بالدخول لتتعلق عين هاشم بها بعدما ترك الأوراق التي كان يُطالعها
ظل لثواني يرمقها الي ان ارتسمت على شفتيه ابتسامه هادئه
- اتفضلي
تقدمت نحو احد المقاعد تجلس عليها ليسألها هاشم بعمليه
- ممكن اشوف شغلك
أخرجت هاتفها لتريها الصور التي ألتقطتها لما صنعته... كان هاشم يرمق كل صوره ببطئ الي ان تمتم
- هايل.. هند كان عندها حق لما قالت إن ليكي مستقبل
قفز قلبها فرحاً فأخيرا شعرت بالحافز بشئ بحياتها
- شكرا يافندم
هتفت عبارتها وهي تطرق عيناها نحو اصابعها المتشابكه بتوتر.. ليأخذ هاشم الفضول وهو يتأمل اصابعها الخاليه من خاتم خطبة او زواج
...............................
خرج صوت ماجده بضعف وهي تُحادث شقيقتها
- انا محتاجاكي يامها... تعالي زوري اختك ولا خلاص مبقتش اختك
- أنتي عارفه ان شريف مانعني ياماجده.. غصب عني
تنهدت ماجده بمرارة
- عنده حق.. سامحيني يااختي
- مالك ياماجده انتي فيكي ايه
دمعت عين ماجده بقهر
- انا تعبانه اوي يامها... سالم مسافر بكره الصبح.. انا عارفه ان شريف مش راضي يجيبك عشانه
كان سالم يقف بالخارج يستمع للحديث الدائر بينهم.. ظنت ماجده انه غادر المنزل ولكنه عاد بأدراجه بعد أن تذكر انه ترك محفظته فوق الطاوله
لمعت عيناه بخبث وهو يمسح على وجهه
- اما نشوف ياحضرت الظابط ضربتك هتجيلك في ايه
.................................
دفعت رؤى مريم أمامها نحو الملهي
- يابنتي هتتبسطي وهتنسي نفسك
- انا خايفه يارؤي...
- خايفه من مين محدش بقى فضيلك خلاص
بهتت ملامح مريم وهي تستمع لعبارتها... فلا احد بالفعل يهمه امرها... شهاب وندى سافروا وشقيقها وقته بين عمله وزوجه اما حمزه الذي تأكدت بالفعل انه ليس والدها بعد حمل ياقوت وتصريح شهاب وناديه انهم اخيرا سيروا أولاده
- عندك حق
ارتسم الزهو على ملامح رؤى وجرتها خلفها... الي ان اقتربت من إحدى الطاولات تشير نحو احد الشبان تُعرفها عليه واشارت نحو اخر وعيناها تلمع بهيام
- وده فارس لسا راجع من لندن
ركز فارس عيناه نحوها يرمقها بأستحقار..فمن تأتي لهنا لابد أن تنال تلك النظره
صدح رنين احد الهواتف لينظروا لبعضهم.. فنهض فارس بعدما ازاح ذراع رؤى بحنق وخرج من الملهي
- ايوه ياهاشم
- انت فين يافارس مش قولنا تبطل سهر وتنتبه لجامعتك
- هاشم ارجوك متعش دور العم بقى... فوزي باشا مش مهتم بأبنه هتهتم انت
تنهد هاشم ماقتاً على شقيقه الذي كان السبب الأساسي في تدهور حاله
- انت امانه معايا يافارس وعارف اني بخاف عليك اد ايه
- ساعه وراجع متقلقش عليا
وأغلق الهاتف شاعراً بالضيق مُتذكراً والدته التي سرقها الموت
..................................
دلف لحجرتها قلقاً عليها بعد أن هتف بأسمها لأكثر من مره... استمع الي صوت الماء فتنهد وجلس على الفراش ينتظرها
تعالا هاتفها بالرنين ليرمق الرقم فألتقط الهاتف يستمع الي الطرف الآخر
- رقم الانسه ياقوت
ابعد الهاتف عنه ثم عاد يضعه على أذنيه
- مين معايا
- هاشم فهمي
ألتقطت أذناه الاسم ليأتيه صوتها بعدما خرجت من المرحاض
- مين اللي بيتصل
أغلق الهاتف والدماء تفور بعروقه لينهض من جلسته مُقترباً منها يفحص يداها
- ماعنده حق يقول الانسه ياقوت يامدام

يتبع بأذن الله
**********

#للقدر_حكاية ❤️

#سيمو

للقدر حكاية (سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن