الفصل (٥٢)٢

37.4K 901 57
                                    

الفصل الثاني والخمسون ( 2 )
**********************

- اكيد انا محظوظ ياهاشم
نظراته التي اتخذت طريقها نحوها جعلتها تشعر بالهلع... فنهضت من فوق الاريكه تنظر إلى اقتراب خطواته منها.. أما هاشم وقف مُرتبكاً يظن ان حمزه فسر مدحه لزوجته بشئ اخر
توترت وهو يُحاوط وجهها بكفيه ورغم غضبه الذي تراه فوق ملامحه الا انه تجاوز كل شئ يسألها عن حالها
- بقيتي كويسه دلوقتي... ايه اللي حصل
- مجرد إغماء بسبب قله الاكل
أجاب هاشم بدلا عنها مما جعله يلتف نحوه
- شكرا ياهاشم... يلا يا ياقوت
اماءت برأسها لا تجد كلاماً تتحدث به... ألتقط هو حقيبتها الموضوعه فوق الطاوله واحتضن خصرها يسير بها تحت نظرات هاشم الذي وقف يمسح أسفل ذقنه من ردت فعل حمزه
دلفت للسياره تنظر نحوه وهو يجلس خلف عجله القياده
- احنا رايحين فين
- المستشفى ياياقوت عشان اطمن عليكي... وبعد كده هحضر معاكي متابعتك عشان اشوف اذا كنتي بتلتزمي بالتعليمات ولا لاء
- ياحمزه انا كويسه ومستر هاشم جابلي دكتور وطمنا
احتقن وجهه وهو يسمع اسم هاشم ورمقها مُصرا على ما يرغب فعله
- ممكن متجدلنيش
- صدقني ياحمزه انا كويسه واوعدك ههتم بصحتي
رمقها لثواني ثم عاد يُطالع الطريق
- ياقوت مش عايز احط حملك قصاد بدايه طريقك في حلمك...
افزعها تهديده فتعلقت عيناها به برجاء فعملها وما تشعر به الآن كان بدايه لاخراجها من قوقعة عاشت بها لسنوات
- تقصد أن انا ممكن اسيب شغلي
- في أولويات في حياتنا يا ياقوت وصحتك وراحتك عندي هي الاولويه عندي
واردف وهو يبطئ قليلا من سرعه سيارته
- قولتلك مش هحرمك لأي نجاح ليكي او من حاجه أنتي بتحبيها
لمعت عيناها بأبتسامه واسعه ومدت كفها نحو ذراعه تمسده
- انا فرحانه اووي.. حاسه ان قلبي بيرقص
تعجب من تشبيهها فلا شئ قاله يستحق فرحتها هذه انها حق من حقوقها.. أراد التلاعب معها فتمتم
- فرحتي عشان اطمنتي اني مش هبقي راجل ديكتاتور وهقولك سيبي فرحتك بنجاحك
- فرحانه بسبب كلامك.. فرحانه عشان لقيت منك اللي كنت بتمناه طول عمري
هتفت عبارتها بتلقائيه ناعمه واردفت وهي شارده بذهنها
- انا عمري ما كان حلمي النجاح في شغل اد ماكان حلمي في بيت وعيله... زوج يكون هو وطني وولاد حوليا اربيهم واعيشهم زي ما اتمنيت اعيش
توقفت السياره عند إشارة المرور ليمر الناس أمام عينيها
- تعرف ابسط أحلامي كانت اكون بنت زي باقي اصحابها
سقطت دمعه تحمل آلام سنين وهي تتذكر بعض من زميلاتها وسخريتهم نحو ثيابها التي ليست بها أي تناسق ولا تمد للموضه بشئ
شعر بالذنب فيوم ان اراد ان يجعل عقله من يقوده كان معها هي.. وهي التي لم ترد الا حنان يطيب به اوعاج سنين حملت معها أملا واحلاماً... ألتقط كفها ليلثمه بحنو
- من هنا ورايح هكون وطنك وعيلتك كلها يا ياقوت... سامحيني اني حرمتك من حناني وحبي
تعلقت عيناها به... فهو احن رجلا ولكن كان معها لا يُريها الا حنانً يحسبه بمقدار حتى لا يظهر حبه لها فتخونه كما فعلت صفا يوماً
انفتح الطريق ليقود سيارته لوجها تعرفها تماماً
- احنا مش رايحين الفيلا
- لا ياحببتي رايحين شقتنا عشان شايفك محتاجه جرعه حنان زياده
ألقى عبارته وهو يلتف نحوها غامزاً لها بمقصد جعلها تهرب من نظراته
...............................
أسندت هناء مرفقيها فوق الطاوله ووضعت ذقنها فوق كفها لتتنهد بتنهيده حاره وهو تُطالعه يتحدث مع احد أصدقائه
صافح صديقه المالك لذلك الفندق واقترب منها مُلتقطاً قبلة من خدها..فزعتها فعلته فقد كانت شارده معه ومع ما أصبحت تعيشه بين ذراعيه
- أخص عليك يامراد خضتني
ضحك وهو يُجاورها يتأمل هيئتها بحب
- كنتي سرحانه في ايه
- فيك
اجابت عن سؤاله بعفويه فأبتسم وهو يميل نحوها
- تعرفي اكتر حاجه بحبها فيكي ايه ياهناء
ألتمعت عيناها ببريق جعل قلبه يخفق
- انك شفافه في كل حاجه ياهناء.. شفافه في مشاعرك في نظراتك.. زي الأطفال بالظبط
ارتسمت على شفتيها ابتسامه واسعه وتنحنحت بنعومه دلالاً عن خجلها من حديثه.. فضحك وهو يتابع خلجاتها
- حد يبقى متجوز القمر ده ويقوله شايفك شبه عمي
احتدت عيناها وهي ترمقه
- قصدك ايه يامراد... لاحظ ان عمك هو بابا
- قصدي اني غبي ياحببتي... انتي متعرفيش انا بقيت احب عمي اد ايه
تمايلت بخفه برأسها بعد أن ارضى غرورها الانثوي ليغمز بعينيه وهو يلتقط كفها
- قومي يلا عشان أصلح سوء الفهم ده
وجذبها خلفه لتهتف بحنق طفولي عما يفعله
- مراد انت بتشديني كده ليه براحه.. انت قولت هنتفسح النهارده مش معقول نكون في لبنان وطول اليوم في اوضتنا في الفندق
...............................
وقفت تعدل من هندام حجابها وهو جانبها يغلق ازرار قميصه ويرتبه.. جذبها من خصرها حتى يتمكن من احتضانها
- بتحلوي كده ليه
دارت جسدها بين ذراعيه تمد كفيها لتُعانقه
- عشان انت في حياتي
عباره لم يتخيل انه سيسمعها... ولكنها جاءت في وقتها... كان يلوم نفسه انه نسي عبارتها واهانتها له ان زواجه منها مكان الا متعه ورغبه ولكن تلك العباره أنهت كل شئ وجعلته لا يشعر الا بحب يزداد داخله
- مش معقول ياقوت بتقول كده
دفنت رأسها بين اضلعه
- متحرجنيش ياحمزه
- أنتي متعرفيش كلامك ده عمل فيا ايه... قولتلك يوم ما اتجوزنا عايز اتجنن معاكي... مش عايز حياه العقل وانتي وشطارتك
ابتعدت عنه تنظر اليه تلومه
- مكنتش عارفه ولا فاهمه
عاد ليجذبها نحوه ثانيه يدفن وجهه بعنقها
- انا كنت اناني برضوه... ازاي عايز من غير ما أدى.. بس من هنا ورايح انا هدى عشان الاقي
اردف بعبارته الاخيره وهو يبتعد عنها غامزاً لها.. فدفعته بقبضتها فوق صدره
- خلينا نمشي بقى... انت ناسي اننا لازم نتجمع على الاكل وفاضل....
لم يمهلها الحديث اكثر وعاد يغمرها بدفئ عاطفته وحنانه... ناسيا كل قواعد العقل
اخذ اهتزاز هاتفه يتعالا بألحاح وهو يضمها نحوه يمسح على وجهها
- حمزه تليفونك بيرن
- مش مهم خليه يرن
حاولت أن تبتعد عنه ولكن عاد لجذبها اليه
- اكيد في البيت بيرنوا علينا... حمزه شوف بس
ألتقط هاتفه بعد إلحاحها لينظر الي رقم شقيقه
- ايوه ياشهاب... لا اتعشوا انتوا... هتأخر انا وياقوت.. متقلقش
أنهى شهاب معه المكالمه لتتعلق عين مريم بشهاب
- قالك ايه
- نتعشا احنا... هيتعشوا بره
حدقت مريم بالطعام الذي وضعته الخادمه وبدء حديث رؤى الذي تشحنها به يومياً يدور بعقلها
" اخوكي وبقي مع مراته.. وجوز مامتك ونساكي اصل مهما كان هو مش ابوكي.. هو في اب بينسي بنته"
- يلا يامريم
هتفت بها ندي ولكن خطوات مريم المبتعده عنها جعلتها تهتف ثانيه
- مريم رايحه فين
ألتفت نحوها مريم ثم عادت تسرع بخطواتها نحو الدرج
- طالعه اوضتي
تنهدت ندي وهي تنظر نحو زوجها
- تفتكر غارت
كان شهاب غارق في تناول طعامه لشدة جوعه
- مفتكرش
وعاد يلتهم طعامه لتتناول هي الأخرى طعامها
................................
تنهدت صفا بآلم وهي تراه راقد فوق فراش المشفى دون حركه... شردت في أول لقاء لها معه وكيف كانت تهابه... مر شريط ذكرياتها وهي تتذكر ما مضت به معه لتسقط دموعها متألمه على حاله
- هتفضل نايم كتير... ارجوك اصحى... اصحى وارجع فرات بيه النويري من تاني... اصحى احميني من عيلتك... ليه شيلتيني ذنب الطفل اللي هيتولد... هتسيبوا ليا ويفضل طول عمره موطي راسه في الأرض بسببي
ظلت تبكي حتى خارت قواها...ذنب طفلها ونبذ الجميع لها وتشردها من بيت لبيت جعلها تدرك حقيقه واحده ان رحيل فرات سيكون القشة الاخيره التي بعدها سينكسر ظهرها
فهي كانت تتحمل عبئ نفسها والحياه التي تعيشها بصعوبه فكيف لطفل صغير لم يرى من الدنيا شئ سيتحمل ظلام حياتها... سيتحمل ان يكون له اماً كانت سجينه
لم تشعر بصوت باب الغرفه يُفتح ولا مطالعه مكرم الذي كان ينتظرها بالخارج
تألم مكرم لرؤيتها هكذا مُتذكرا صفا الجميله التي كانت ضحكتها تُجلجل المكان حولها.. انطفئت وكما يقولون الدنيا اعطتها ظهرها
خرج صوته بهمس ينبهها
- يلا ياصفا لحد يشوفك
ألتفت نحوه تُحرك رأسها بالايجاب.. نظرت نظرة اخيره نحو فرات واتبعته صامته تمحي دموعها بكفيها
..............................
وقف على اعتاب غرفه شقيقه يرى زوجته كيف تساعد شقيقه في تناول طعامه... تقدم منهم.. فأنتبهت سماح على خطواته ولكن لم تلتف نحوه
- كيف حاله اليوم
- بخير
ردت بأقتضاب عليه استشعره فسألها عن حالها
- وكيف حالك انتِ
- بخير
وآه خافته خرجت من شفتيها عندما ركلها صغيرها... كان نورالدين يتأملهم بملامح باهته لايري شئ أمامه الا خيانة زوجته التي تتعلل بتدهور صحتها أثر الحمل
- ما بكى سماح
انحني صوبها لتشيح عيناها بعيداً عنه
- لا شئ..
- سماح
لم تتحمل سماع صوته فنهضت حامله صنيه الطعام بعد أن أنهى نورالدين طعامه حتى تختلي بنفسها وتبكي حسرة على فشل اخر... ف الرجال بحياتها ينالوها اولا ثم وكأنها لا شئ
لحقها وعندما جذبها حتى تلتف نحوه صدمته هيئتها الباكيه
- لما البكاء سماح
رفع كفه حتى يمسح دموعها.. فأشاحت عيناها بعيدا عنه
- بسببك انت سهيل... لكن انا الحمقاء انا التي...
لم تكن تُكمل عبارات ندمها لما وصلوا اليه في علاقتهما رغم مافعله بها حتى تتزوجه ولكنها نست كل شئ واحبته
انقطعت أنفاسها من أثر فعلته وأبتعد عنها ينظر إلي شفتيها
- تذكري دوما انني لم احب امرأه غيرك سماح
.............................
تنهد شريف بحسره وهو يراها متكوره فوق الفراش نائمه... ظلامها لسنوات طويله دون أن ترى الحياه والناس كيف تغيرت جعلها كالطفله المتلهفة لكل شئ
ولكن سؤالها المتواصل عن أهلها وحياتها يجعل قلبه يتآلم فكيف سيخبرها ان عائلتها الوحيده وهي شقيقتها قد ماتت أثر حادث.. لا يعرف إلي الآن لما ماجده أرادت الهرب بها إلى مدينة الاسماعيليه رغم لا اهل لهم فيها
ابتسامتها له بعدما فتحت عيناها وكالعاده لا تخبره الا بشئ واحد
- انت حلو اوي ياشريف ... بس امتى هتحلق شنبك
...................................
ظل صدى صوتها يتردد بأذنيه فأصبح بين صراعين.. كلما سحبه عقله للظلام كان صوت بكائها ورجائها يعود لاذنيه
قطرتان دافئتان سقطت على كفه وعاد رجائها يعود ليخترق أذنيه وظلمة عقله
- ارجوك اصحى.. اصحى عشانه هو.. متسبناش
ونهضت بعد أن يأست من استيقاظه ومسحت دموعها لتتعلق عيناها به قبل أن تُغادر تلتف حولها حتى لا يراها احد
مرت الدقائق ليفتح عيناه وهو يُطالع ماحوله وصوت الاجهزه وحدها من تكسر هذا السكون
- صفا
واغمض عيناه ليعود لندائها ثانية
- صفا
ليدلف عزيز لغرفته يشيح الوشاح الذي يخفى وجهه يُطالعه وهو راقد هكذا
- اخيرا شوفتك كده يافرات...
واقترب منه ينظر إلى سكونه
....................................
وقفت تتراقص بصخب تُحرك خصلاتها هنا وهناك بحركات مثلهم
اقترب منها وليد مبتسما
- مريم
طالعته وهو يمد لها السيجاره المحشيه بشئ غريب لكن جعلها سعيده وكأنها تحلق عالياً
- هتخليني مبسوطه زي التانيه
- ايوه ياحببتي... خدي نفس وادعيلي
ألتقطت منه السيجاره لتعبئ رئيتها بدخانها ثم عادت تنفث أنفاسها مستمتعه و وليد يقف مستمتعاً
تمايلت بخفه فكادت ان تسقط فأسرع وليد بأسنادها يُلامس جسدها بحريه وعين فارس تخترقهما ولكن عندما شعر بقبلة رؤى اشاح وجهه بعيدا عنها
- رؤى قولتلك مبحبش كده
- اسفه ياحبيبي.. قولي بس ارضيك ازاي
عادت عيناه تتعلق بمريم ولكن ارضاءه مازال قائم
....................................
جلس هاشم فوق مقعده الذي يعطيه هاله من الراحه يخطط بقلمه شئ كان قلبه يقوده لرسمه... أنهى رسمته لينظر الي ما خطته يداه فلم يجد الا وجهها.. رفع كفه حتى يحك خده
فخفق قلبه وهو يتعمق النظر برسمته لينهض من فوق مقعده مفزوعاً من تلك الحاله التي وصل إليها يطوي الرسمه بيده بوجه قاتم
- بقيتي ليه في بالي... مش معقول يوم ما قلبي هيدق هيدق ليكي انتي ياياقوت
..................................
تعلقت عيناها به والسعاده تغمرها تغير علاقتهما جعلها هي أيضا تتغير...هناك أشياء داخلها بدأت تتغير حتى انها أصبحت ترى نفسها في مرآتها انها أنثى كامله لا ينقصها شئ.. عملها بمجال أوسع والمكانه التي هي بها ومدح هاشم لها دوما بأنها ستصبح عن قريب ذو شأن عزز ثقتها اكثر وما زادها تتويج وكأنها ملكه هو تصريحه لها بحبه
فأصبحت السعاده جميعها بين ايديها
ابتسمت وانحنت تُقبله وهي تتذكر ليلتهم بصخبها ونهضت من جانبه تسحب مئزرها من فوق طرف الفراش...احكمت غلقه ووضعت حجابها فوق خصلاتها وخطت ببطئ نحو الشرفه حتى تستنشق الهواء وتمتع عيناها بنور القمر في ذلك الوقت من الشهر
وقفت تتأمل ما حولها وفكرها سابح.. اتكأت بمرفقيها فوق سور الشرفه.. لتتجمد بعدها عيناها وهي ترى مريم تلتف حولها يمينا ويسارا وقد أتت من الجانب الخلفي للفيلا تنفض ثيابها وتعدل من هيئتها
- ياقوت
صوته اخرجها من حاله الذهول التي بها ولكن عيناها ظلت نحو مريم التي مازالت عيناها ترصدها من الشرفه
ألتفت نحوه بعدما شعرت بخطواته داخل الشرفه

يتبع بأذن الله
**********

#للقدر_حكاية ❤️

#سيمو

للقدر حكاية (سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن