الفصل (٢٧)

30.9K 848 42
                                    

الفصل السابع والعشرون
******************

تعلقت عين شهاب بشقيقه الذي لم يراه مندفعاً بتلك الدرجه علي أحداً بعيداً عن ما يخصه ... لا شئ يجعله قلقاً او يشعر بالذعر الا من يهمه ولكن ياقوت كان الأمر عجيباً عليه...
نظر بتعمق لملامح شقيقه
- حمزه اوعي تقولي أن في حاجه بينك وبين ياقوت
ونفض رأسه سريعا من تلك الفكره... ليُحدق به حمزه بعدما وضع الهاتف على اذنه ينتظر إجابة شقيقته
- بس تعرف اتمنى ياقوت ترجع شغلها.. مش عايز اقولك اد ايه كانت بنت منضبطه
دقائق مرت وهو يُعاود الاتصال بشقيقته ولكنها لا تُجيب زفر أنفاسه وهو يشعر بتأنيب الضمير خاصه بعد فعلته الاخيره معها.. ضحكه ساخره تغللت في اعماقه فأي فعله يتحدث عنها.. انها أفعال كثيره استخدمها معها وماهي الا كالدميه يتلاعب بها
مره يجعلها هدف لاذاء مشاعر من كانت يوماً حبيبته ومره كان سيجعلها عروس لديكور بيته لا ترى ولا تسمع بل ما يجب عليها فقط أن تكون فاضله لما يُقدمه إليها...
- انا مش عارف ناديه مبتردش ليه
نظر شهاب نحوه مُتعجباً
- ايه اللي دخل ناديه في الموضوع ده
واردف بعد أستعاب ف ناديه شقيقته هي من وفرت لها تلك الوظيفه لديهم
- خلاص ياحمزة... روح لناديه تكلم مدام سلوى تشوفها روحت بلدها ولا لسا هنا
ثم تنهد مُتدكراً هيئتها ذلك اليوم
- مش عارف اقولك اد ايه صعبت عليا... موقف ضياع الورق كان غصب عنها.. شنطتها اتسرقت والورق كان فيها وحصل اللي حصل
تجمدت عين حمزه نحوه زافراً أنفاسه بقوه.. فلا اجابه يتلقاها من شقيقته ليُبعد الهاتف عن اذنه مُتمتما
- خليك هنا في عميل مهم جاي يقابلني... قابله بدالي
لم ينتظر سماع شقيقه... وانصرف على الفور... ليُحدق شهاب في اثره متسع العين
- عجيبه اول مره اشوفه كده... الموضوع ده في حاجه غريبه ولازم افهمها
..........................................
جلست على خرقة قديمه تنظر للأوز الذي تربيه زوجه ابيها فوق سطح البيت... مسحت على وجهها بأرهاق من حراره الشمس والصداع بدء يفتك رأسها
اغمضت عيناها تُقاوم ذرف دموعها... فقد عادت الي حياتها القديمه وقد ظنت انها تخلصت منها
تعلقت عيناها بصدمه وهي تجد احد طيور الغربان يلتقط اوزه ويهرب بها شهقت بفزع ولسوء حظها كانت سناء صاعده للسطح تحمل بعض الطعام لطيورها رأت المشهد فأشتعلت عيناها غضباً
- نهارك اسود يابنت صباح الغراب اخد الوزه... اه ما انتي قاعده سرحانه
وألتقطت ذراعها تسحقه بقبضه يدها بعدما تركت الطعام الذي كان بيدها جانباً
- انا مش قيلالك لو وزه بس حصلها حاجه هخلي نهارك زي وشك الفقري ده
جاهدت في تخليص ذراعها منها بتعب
- مأخدتش بالي كان غصب عني... انتي سيباني هنا تلت ساعات تعبت من الشمس
لوت سناء شفتيها مُستنكره
- تعبتي من ايه ياختي...مش كفايه مش بيجي منك نفع.. سبناكي تشتغلي رجعتلنا مطروده... الوزه لو مجتش هموتك انا طيري غالي عليا زي عيالي
تحجرت عين سناء نحو الغراب المتربص لوزه أخرى دفعتها بقسوه عنها حتى تلحق الأمر دون خساره أخرى
لتسقط منبطحه برأسها على حجراً ضخم
هللت سناء على طيرها بعويل وكأنه بالفعل احد أولادها.. ورمقت ياقوت بنظرات حانقه وعندما رأت الدماء تسير من جبهتها
- تستاهلي... ده ذنب الوزه بتاعتي
آلمتها الكلمه فمسحت دماء جبهتها بأكمام عبائتها ونهضت من رقدتها تجر قدميها بحسره فزوجه ابيها حتى لم تمدّ لها يدها تُنهضها
هبطت من السطح نحو الشقه.. لتنظر لها شقيقتها بهلع
- مالك يا ياقوت... ايه الدم ده
سقطت دموعها فلم تعد تتحمل ثقلها في مقلتيها وركضت نحو الغرفه التي تمكث بها هي وشقيقتها
فهرولت ياسمين خلفها بقلق
- ايه اللي حصل يا ياقوت
دفنت وجهها بين كفيها.. لم تؤلمها الكدمه بقدر ما آلمها كلام زوجه ابيها
أزاحت ياسمين كفوفها ونظرت لجرحها
- الحمدلله جات بسيطه... هقوم اجبلك مطهر وقطنه واجي امسحلك الدم
تعلقت عيناها بشقيقتها وحسرة جديده كانت تُضاف اليها ولسان حال يسأل
- امتى الفرج هيجي
.....................................
نظرت ناديه نحو شقيقها بعدما هاتفت سميره صديقتها... اقتربت منه ثم جلست جانبه تربت على ساقه
- سافرت ياحمزه... رجعت بلدها
واردفت وهي تلتقط فنجان قهوتها
- سميره بتقولي انها دورت على شغل قبل ما تسافر عشان تسد إيجار اوضتها في السكن لكن للأسف مافيش
ألقت العبارات عليه وهي ترتشف من فنجان قهوتها
لتنطر الي ملامحه الجامده وعاتبته
- ياريتها كانت جاتلي كنت اتصرفت
وحركت رأسها بتقدير وهي تتذكر كلام سميره عندما سألتها لما لم تُهاتفها
- تصدق سميره قالتلي مردتش تطلب مساعدتي... البنت ديه بقت تعلا في نظري حقيقي... سلوى شكرتلي في اخلاقها كتير لما شوفت بعنيا صدقت
وأكملت بتلاعب كانت تقصده
- كنت اتمنى تتجوزها... البنت كانت مناسبه ليك وهتتحمل تعلق مريم الزايد
كانت تتحدث اما هو كانت عيناه جامده نحو وصف شقيقته على حالها عندما اعلمها انه امر بطردها دون رحمه رغم أنها قصت لهم ماحدث لأكثر من مره وهاتفه حتى يجد حلا... وبالفعل قد وجد حل بمعارفه وعلاقاته ودفع المال لتيسير الأمر ولكن في النهايه ذهبت هي ضحيه لخطئ مُقدر ان يحدث مع أي حد... حتى هو شخصياً
- حمزه انت ساكت ليه.. اشرب قهوتك بردت
تعلقت عيناه بشقيقته ثم نهض من جانبها
- انا ماشي يا ناديه
وانصرف دون أن يلتف نحوها رغم ندائها له المُتكرر
- ياحمزه استنى رايح فين مش هتتغدي معايا
ولكن لا رد اتي منه فقد كان يشعر بالضيق من نفسه... قطع رزقها وهو يعلم انها أتت من بلدتها للضروره حتى تعمل
....................................
نظرت سماح الي الجريده التي تحتوي على صورتها في أحضان لاعب الكره للمره التي لا تُخصي منذ أن تداول الخبر في الصفحات فلاعب كره وفتاه تعمل بالصحافه وقد اتت من أجل عمل لقاء معه كل هذا جعل قصه يتحاكي بها الجميع ...تجمدت عيناها علي العبارات المكتوبه أسفل الجريده ثم ألقتها على الطاوله التي أمامها ونهضت مُتجها نحو غرفته... رمقها البعض وهي تُغادر ليتهامسوا عما حدث
طرقت باب غرفته بقوه تهتف بأسمه
فتح لها سهيل الباب وهو يمسح شعره الذي يتقطر منه الماء أخذاً مساره نحو صدره العاري
اتسعت حدقتيها من هيئته فأغمضت عيناها حانقاً
- ألبس هدومك
اخفض سهيل عيناه نحو صدره العاري وسرواله القطني
- وانا ماذا ارتدي الان.. لقد افزعتيني يافتاه وصراخك صم اذني
أزالت سماح كفوفها عن عيناها ورفعت اصبعها نحوه
- هنزل استناك في حديقه الفندق... دقيقتين الايق قدامي... لو عدت الدقيقتين وملقتكاش.. عليا وعلى اعدائي
لم يكن سهيل ان يستعب جميع مصطلحاتها.... رفع حاجبه الأيمن ساخطاً ثم صفع الباب خلفه... انتفضت سماح من أثر فعلته
وقرعت الباب بقدمها غاضبه ثم انصرفت لاسفل وقد تقطعت شفتاها من أثر قضمهما
انتظرته على المقعد الخشبي وقد مرت الدقيقتان.. سمعت خطوات خلفها لتجده يتقدم منها ببرود ثم اقترب منها يرمُقها
- ماذا تُريدي... ليس لدي وقت أمامك دقيقه واحده
شعرت وكأنه يرد لها حديثها فنهضت من فوق مقعدها تقبض على يداها بغضب
- ليك عين تتكلم... ده انا هفضحك
طالعها سهيل بأبتسامه عابثه
- اختياري لكي كان صحيح... انتي المطلوبه
لكمت سماح كفها بقبضتها الأخرى حتى تُخلص طاقتها المكبوته في نفسها
- انت مجنون... اختيار ايه وزفت ايه.. خلتني لبانه في كل لسان... علاقه ايه اللي بينا وحب ايه ده اللي خلاك تنزل مصر عشان تيجي تشوفني
واردفت وهي تزفر أنفاسها بقوه حانقه
- انا شوفتك قبل كده يابتاع انت
تجهم وجهه من سماعه لألفاظ لا يفهم معناها
- اصمتي قليلا... انتي مثل الراديو
عندما وجدها تُحرك اظافرها نحوه.. ارتفعت شفتيه ساخراً
- لقد أحببنا بعضنا عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي
أعطاها الاجابه على احد عباراتها فلم تشعر سماح بنفسها الا وهي تلتقط حجراً من الأرض ثم قذفته نحوه
ليستدير سهيل بجسده بمهاره تليق به
- لم أود اختيار شنعاء مثلك.. ولكن حظك الأسود
كادت ان تهتف بعبارات سبابها الا انها اتسعت عيناها وهي تسمع اخر شئ ظنت ان تسمعه
- سأعرض عليكي الزواج بمقابل مادي كبير وشهره يتمناها الكثير
.......................................
نظرت صفا الي المرأة التي تُشاركها الغرفه... ثم سألتها وهي ترطب شفتيها بلسانها
- هو انا عملتلك حاجه عشان تكرهيني
رمقتها المرأه بأستهزاء وهي تتذكر تحذير عنتر منها لا تعلم السبب ولكن تحذيره أقلقها
- ياريت كل واحد يخلي في حاله... لا صباح الخير ولا مساء الخير سامعه
اطرقت صفا عيناها وقد ظنت ان عنتر افش بسرها ثم عادت تنظر نحوها
- انا بس كنت عايزه...
وقبل تُكمل صفا عبارتها هتفت المرأة التي تُدعي صابرين
- استغفر الله العظيم... ما قولنا كل واحد يخلي في حاله... ده ايه الهم ده
اتجهت المرأة نحو دورة المياه الخاصه بالغرفه... فطالعتها صفا بآلم لم تعد تقوى عليه فالسجن كان ارحم عليها
سقطت دموعها وهي تتمنى العوده اليه
- ياريتني كنت فضلت في السجن... ليه سبتني ياحمزة
هوت بجسدها على الفراش الصغير بأرهاق ولم تشعر بنفسها الا وهي تسقط في سبات عميق
فقد ظن عنتر ان فرض الأعمال الشاقه عليها سيجعلها تعجز وتعترض ولكنه لا يعلم أن السجن علمها الكثير وأهم ما علمه لها
ان بروده جدران السجن كانت اهون عليها من الحريه
.......................................
عادت مها من المدرسه التي تعمل بها بعدما اوصلتها إحدى العاملات لباب المنزل وودعتها حزينه انها لن تراها ثانيه... فقد طردها مُدير المدرسه بعد أن ضجر من السرقه المُتكرره في آلات الموسيقى.. أخبرها انه تحمل وضعها كثيراً ولكن صبره قد نفذ.. فلن تتكفل الاداره دائما بالخسائر.
شهاده تقدير وشكر حصلت عليهم كمعلمه مثاليه وانتهى الأمر
فتحت لها شقيقتها الباب وقد أتت من عملها مُبكراً سعيده بعدما ذهب إليها سالم لمكان عملها وصالحها طالباً منها ان يسرعوا بأمر زواجهم فقد مل من كثرت المشاكل
احتضنتها ماجده بقوه تُخبرها بسعاده
- انا وسالم رجعنا لبعض يامها
تجمد جسدها بين ذراعي شقيقتها.. تتذكر حديث شقيقتها مع جارتهم... ابتعدت عن شقيقتها تُداري خلجات وجهها الحزين
- انا فرحانه عشان انتي مبسوطه ياماجده... اوعدك مش هضايقك تاني
مسحت ماجده على وجهها وقبلتها
- حبيبت اختك انتي... قوليلي عملتي ايه في المدرسه
اطرقت مها عيناها أرضاً وهي لا تعرف كيف تُخبرها بالأمر
- ادوني جواب شكر وفصلوني لان ظروفي متسمحش للعمل
ورفعت عيناها وقد لمعت مقلتاها بالدموع التي تُصارعها
- الآلات بتتسرق وده عبئ على المدرسه
قطبت ماجده حاجبيها بحنق
- لا انا مش هسكت انا لازم اعمل شكوى
تعلقت يد مها بذراع ماجده تسألها بأمل ان تنفي لها ما سمعته
- أنا هروح فين لما تتجوزي انتي وسالم ياماجده
تنهدت ماجدة بثقل وهي تنظر إليها
- مها متنفعيش تعيشي معايا بعد المشكله اللي حصلت مع سالم.. انا دورت علي حل والحمدلله لقيته ومش هتبعدي عني
أرتخت ملامح مها ونست حزنها ولكن كل شئ تلاشي سريعا
- الاوضه اللي فوق السطوح فاضيه... هكلم الست عدلات وأجرها منها وهي مش هترفض
واردفت بحماس وهي تحتوي وجهها بين كفيها
- هنضفهالك وافرشهالك... واهو منبعدش عن بعض غير وقت النوم والوقت اللي يكون في سالم موجود... ها ايه رأيك
ابتلعت مها غصتها التي وقفت عالقه في حلقها
- هترميني ياماجده فوق السطوح... انتي عارفه اني بخاف
وكان لماجده تفسير لكل ما تفعله
- هرميكي ايه ياعبيطه ده هما بس دورين بينا... هو انا اقدر ابعد عنك
عانقتها ماجده حتى تُشعر ضميرها بالراحه
- ده انتي اختي حبيبتي
.......................................
دلفت هناء حجرته كي تُرتبها.... تقوم بمهامها الزوجيه بأكمل وجه وبقلب قد كسره حلم تشبثت به لسنون... ليس لديها حل الا الصمت فلا اجابه يُخبرها بها الا انه ينظر إليها ويُغادر ثم يعود ليلاً
رفعت الوساده حتى تزيل شرشف الفراش لتتعلق عيناها بصوره
ألتقطت الصوره بفضول لترى اخر ما توقعته
مراد وفتاه متعلقه بعنقه تلثم خده بقبله تزم فيها شفتيها وهو يُحاوط خصرها بذراعيه
تجمدت يدها على الصوره كما تجمدت عيناها
- فضلتي بتدوري على الاجابه... عرفتيها خلاص
رفعت عيناها نحوه ومازالت ملامح الفتاه قابعه في مخيلتها
- مين ديه يامراد
هتفت بأرتجاف... فصمت وهو يتأمل ملامح وجهها وقد شعر بالشفقه عليها لما ستسمعه
- مراتي ياهناء!
........................................
عادت من منزل والدتها تجر خيبه جديده...تلك المره أصبح العريس مُطلقاً ولم يعد لديها حجه... عبدالله ابن شقيق زوج والدتها... شعرت وكأنه هو قدرها كما اسمعتها امها لتقنعها بالأمر
طرقت على باب منزل ابيها وهي تشعر بالضياع وإلحاح والدتها عليها ان تقبل حتي يصبح لها منزلا واطفالا
وجدت زوجه ابيها أمامها تحمل غداء والدها
- كويس انك جيتي.. خدي الاكل ودي لابوكي عشان يتغدى
ألقت الكيس عليها لتتلقاه
- خلي اي حد غيري... انا جايه تعبانه
طالعتها سناء بمقت
- ما انتي لابسه اه وجايه من عند امك...ولا جيتي عند ابوكي التعب جالك
زفرت انفاسها وعادت أدراجها للخارج نحو محل الفاكهه الخاص بوالدها
وعلى مقربه من محل والدها كانت ترى اخر شخص توقعت رؤيته
تعلقت عين حمزة بها من بدايه عبائتها السوداء المطرزه وحجابها الذي لم يعد مهندماً فوق رأسها لذلك الكيس الذي تمسكه بيدها والضمادة التي تضعها فوق جبهتها
تجمدت في وقفتها وقد دب الرعب بقلبها وارتجف جسدها وهي لا تفكر الا انه هنا من أجل أن يدفعها ثمن خساره صفقته
أرادت ان تهرب ولكن والدها أشار إليها بالتقدم وهو مُبتسم
ولم تكن ابتسامه والدها فقط إنما أيضاً ابتسامه السيد مهاب والد هناء صديقتها
وأصبحت تبحث عن اجابه ولكن لم ترى تفسيراً.. حمزة الزهدي هنا في محل والدها والسيد مهاب اي سبب ستُفكر فيه... فلا سبب تجده ولولا ابتسامه والدها لظنت السوء بالتأكيد
تقدمت منهم بقلق.. لتجد والدها يقترب منها فرحاً
- كويس ان سناء بعتتك انتي بالأكل
ونظر نحو حمزة الذي مازالت عيناه متعلقه بها
- حمزه بيه طلب ايدك للجواز يابنتي

يتبع بأذن الله
**********

#للقدر_حكاية ❤️

#سيمو

للقدر حكاية (سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن