الفصل (٥١)١

33.7K 836 59
                                    

الفصل الواحد والخمسون ( 1 )
*********************

عجزت عيناها عن الرؤيه ولكن لم تعجز عن ذرف دموع القهر والعجز.. انشقاق صوت بلوزتها ويداه التي اخذت تمتد لما خلفها جعلها تُدرك الهلاك.. قاومت بأستماته تضرب بيديها ما تصل اليه منه ولم يكن يفعل الا الضحك
- وانتي فاكره انك كده هتعرفي تخلصي مني
كبل يداها بعدما استنفز جهداً كبيراً معها ومال نحو جانب خدها الأيمن مُقترباً بأنفاسه من اذنها
- مش هتعرفي تقاومي فأستسلمي لمصيرك.. انتي لا شايفه ولا عارفه حتى تصرخي
قتلتها كلماته فجاهدت في إخراج صوتها ولكن تلك اللاصقه كانت تُعجزها ..دفن وجهه بعنقها ويداه اخذت تُلامس فخديها بشهوة.. انتفضت من نيران لمساته تُدافع اكثر عن نفسها ولكن الآلم اخذ يشتد أسفل بطنها.. تعالت ضربات قلبها وكأنها تلتقط أنفاسها الاخيره
تحركت شفتيها استنجاداً بأسمه تميل برأسها يميناً ويساراً بنعف حتى تتفادي قبلاته اللعينه
اغمضت عيناه رغم الظلام بهما ودعت بقلب يرتجف خوفا من تلك النهايه... فهل اغلقت الحياه ابوابها ثانية بوجهها ام هناك فرج قادم
صرخة سالم القويه وتوقف يداه العابثه من فوق جسدها جعلها تفتح عيناها ولكن هاهو العجز يعود إليها وهي لا تعرف ماذا يحدث
- اه ياكلب ياحقير... انا اقتلتك عشان اخلص الناس من واحد زيك
هتفت بها ماجده بجنون وعيناها كانت لا ترى شئ إلا الدماء المتدفق بغزارة من رأس سالم
دقائق مرت ومازالت واقفه في مكانها يداها ترتجف تنظر عما صنعت ولكن سريعا ما أدركت الوضع واسرعت نحو شقيقتها تدفع سالم من فوقها
- قومي يامها... احنا لازم نهرب من هنا
همهمات مكتومه خرجت من شفتي مها فأنتبهت ماجده لها ونظرت نحو يداها المكبله لتُحرر شفتها اولا فصرخت متأوه
- فين شريف ياماجده
احتدت أعين ماجده ولم تعد ترى شئ أمامها الا الهرب بشقيقتها
- انسى شريف خلاص
وسرحت في حياتهم السابقه لتجد ان حياتهم لم تُخرب الا بوجود الرجال ... أظلمت عيناها بظلمة قاتمه لتسرع نحو الخزانه تُفتش عن المال وصيغتها التي احتفظت بها بعيدا عن سالم
- شريف ياماجده... انا عايزه شريف
ألتفت ماجده نحوها تصرخ بها
- قولت انسى شريف خلاص... احنا هنمشي من هنا
لم تتحمل مها اكثر من ذلك فآلم بطنها اشتد عليها... ألتقطت أعين ماجده الدماء التي تسيل منها لتُسرع نحوها كالمجنونه
- لا الطفل ده مش لازم يموت هو اللي هيبقى لينا...
ولم تشعر مها بعدها الا بالظلام وشفتاها تنطق بأسم واحد فقط " شريف "
.............................
صرخت صفا حتى نبح صوتها وتجمع كل من بالمنزل... كانت تنظر إليه وهو غارق بدمائه بين ذراعيها.. الصدمه شلت فاديه التي بهتت عيناها.. ف الرصاصه أصابت شقيقها وكأن القدر يُعاندها
- سامحيني ياصفا
نطق اسمها بصعوبه ولكن تحامل علي نفسه وهو يشعر بأقتراب الموت
- ربنا اخدلك حقك مني... اوعي تهربي بأبني ياصفا.. احكيلوا عني.. قوليله اني استنيته سنين طويله
هتف عبارته بأنفاس مُتقطعه حتى سكنت أنفاسه.. فصرخت فاديه بالحرس الذي تشتت بعضهم
- اطلبوا الإسعاف بسرعه
.................................
دلفوا للمطعم سويا ولكن تلك المره كان يضمها نحوه يلف ذراعه فوق خصرها ومريم تتعلق بذراعه تنظر نحو ذراعه الآخر حانقه والبغض يشتعل داخلها
ازاح المقعد لكل منهما مبتسما يُمازحهم
- برنسيساتي الحلوين
ابتسمت ياقوت وقد تنحي من عقلها كل شئ...وكأن حنانه وعدله بينها وبين مريم يُنسيها اي آلم
رمقت مريم ياقوت المُبتسمه فتعلقت عين ياقوت بها ولكن تلك المره لم تتلاشى ابتسامتها... أرادت ان تتبع مكر النساء أمام مريم ولكن شئ داخلها كان يُذكرها بحياتها السابقه..فلا تتحمل ان تُذيق أحدا آلماً
اتي النادل بترحيب فحمزه من رواد هذا المطعم دوما
- أهلا حمزه بيه
اماء حمزه برأسه وتعلقت عيناه بالسيدتان الجالستان معه
- هتطلبوا ايه
- نفس الاكل اللي هتطلبوا يابابا
اجابه مريم سريعا فهى اعتادت ان تفعل كل شئ يفعله حمزه حتى الطعام تُحب ما يحبه... تضعه أمام نصب عيناها ابً وقدوة ورجل أحلامها تخبر اصدقائها انها لن تتزوج الا من يشبه اباها ناسيه حقيقه نسبها اليه
- وانتي ياحببتي
ابتسمت برقه اضاءت ملامح وجهها المُنير فحملها اتي معه تورد وانفتاح بشرتها.. وكأن طفليها أرادوا ان تصبح امهما جميله في أعين والدهما
- زي ما هتطلبوا
أملي النادل اسماء بعض الوجبات...لتتسع عيناها مُتذكره الكلمه التي كررها اليوم لمرتان...ابتسم وهو يرى ردت فعلها التي أتت مُتأخره تلك المره نحو الكلمه...فألتمعت عيناه وهو يرى بعينيه ما يُسعدها
بهتت ملامح مريم ولم تنتبه لنظراتهم فكانت عيناها مُركزه نحو سيلين التي دلفت للمطعم مع احدي رفيقاتها التي اصطحبتها اليوم للخارج حتى تُخرج من بؤرة احزانها... ازدردت لعابها خشية ان تفضح سيلين امرها
اطرقت مريم عيناها نحو الطاوله تُفكر فيما سيحدث اذا علم حمزه بما كانت تُخطط له.. انتبهت سيلين إليهم فنهضت تسير بخطواتها نحوهم.. وقفت تصافحهم وعيناها مثبته نحو مريم التي تهرب من نظراتها
- مبسوط اني شوفتك هنا ياسيلين...
تمتم بها حمزه فأماءت برأسها والاسي مسيطر على ملامحها
- بحاول اخرج من حزني يافندم
وتعلقت عيناها ب ياقوت التي تمتمت على الفور
- ربنا يصبرك
- شكرا
هتفت بها سيلين تقديرا لها وعادت عيناها تتركز نحو مريم التي تتحاشا النظر إليها
- ازيك يامريم
رمقتها مريم وهتفت بتعلثم لم يخفى عن سيلين
- الحمدلله
ونهضت من فوق مقعدها متمتمه وهي تهرب من نظرات سيلين
- هروح الحمام عن اذنكم
تعجبت ياقوت من ردت فعل مريم ولكن لم تُعلق ... عادت سيلين لطاولتها فكانت نظرات رفيقتها تُرافقها مُتسائله عن هوية الجالس
- ده حمزه الزهدي مش كده
اماءت برأسها وهي تعود النظر اليه لتجده يُهندم لزوجته حجابها ويبتسم... نغزها قلبها فرؤيتها لهذا الرجل تشعرها انها خسرت فارسها الذي حلمت به طويلا خرج صوت رفيقتها بأعجاب
- يابختها... انا سمعت انها بنت عاديه
واردفت وهي ترتشف من كأس الماء
- الدنيا فعلا حظوظ
نفضت سيلين أفكارها وحديث رفيقتها وعادت لعزلتها وحزنها وتجاوزت محور حديثهم مُتمتمه
- خلينا نشوف هنطلب ايه
................................
تأملته وهو يعدل لها حجابها الذي انزاح قليلا من فوق رأسها فظهرت بعض خصلاتها... كل يوم تتأكد تماما ان زوجها شخصيه مشفره مشاعره لم ولن تفهمها يوما.. تذكرت امر الاسهم التي صكها بأسمها وساعدها عدم وجود مريم لتفتح اخيرا الحديث معه
- ليه كتبت الاسهم بأسمي
تعلقت عيناه بها ثم اشاحهما بعيدا عنها
- عشان تنجحي يا ياقوت
- بس ديه فلوسك
ألتف نحوها ثانية ينظر لها فاحصا لملامحها
- وايه الفرق انتي مراتي... فلوسي هي فلوسك
واردف وهو لا يُحيد نظراته عنها
- يمكن ده يكون إثبات اني مش متجوزك لمتعتي ولا لوقت محدد
- انت ليه كده
هتفت عبارتها وهي تشعر وكأنه يمتلكها على هواه
- بتعمل كده عشان ترجعني لقفصك تاني مش كده
ابتسم بلطف يخفى ضيقه مما نطقت به بغباء.. لطم موضع عقلها بخفه
- ده اللي العقل بيوصله ليكي ب غباء ياياقوت
كادت ترد عن وصفه لها بالغباء الا انه هتف عبارته
- بالعكس انا عايزك تلاقي نفسك وتوصلي لحلمك... عايز مراتي تبقى ناجحه مش فاكره نفسها انها مجرد متعه بالنسبه لجوزها
ألتمعت عيناها وهي تسمعه بصمت فالحديث اعجبها وجعلها تشعر بنشوة العزه
- يعنى مش عايز تدخلني قفصك من تاني ياحمزه الزهدي
ضحك بخفه وهو يتأملها
- لا عايزك في قفصي بس مش عصفوره عايزك أسد ياحببتي
كانت المره الثلاثه التي يتوقف عقلها ويخفق قلبها نحو تلك الكلمه
تقدمت منهم مريم ونظرت نحو سيلين بقلق ثم إليهم
- مالك يامريم انتي تعبانه
- هو احنا ممكن نروح يابابا او نروح مكان تاني
وكأن اليوم لا يُريد ان يسير بسلام ليأتيه اتصالا وتبدلت ملامحه ناهيا ذلك الغداء الذي لم يُكتب لهم
..............................
انتهى الاجتماع الكارثي بالنسبه لها... خالد ونغم سويا في ذلك الاجتماع وزوجها المُبجل يجعلها تحضره معهما
انصرف الموظفون فنهضت هي الأخرى حتى تهرب من نظرات خالد التي لا تعرف تفسيراً لها
- رايحه فين يا استاذه
خاطبها مراد بعملية وهو يزيل نظارته الطبيه من فوق عينيه ثم اخذ يدلكهما بأرهاق
- رايحه شغلي يافندم
- اتفضلي مكانك عشان في كلام لازم نخلصه
تسألت نغم وهي ترمق هناء بنظرات فاحصه تمنت داخلها ان تكون علاقتهم قد خربتها بتلك الحقيقه التي أخبرته بها
- في ايه يامراد... ايه الموضوع المهم اللي كنت عايزنا فيه انا وخالد
كان خالد يجلس فوق مقعده ببرود لا يعطي اي اشاره تُعبر عن نواياه ولا تلك المشاعر التي تغزو قلبه
- المبلغ المطلوب كام ياسيد خالد عشان عقد هناء ينتهي من عندك
ارتبكت هناء وهي تُطالع خالد الذي اعتدل في جلوسه وكأنه تفاجئ من أخبارها له
- عقد ايه مش فاهم
ادعي الغباء لينظر مراد نحو هناء التي اتسعت عيناها مصدومه
- العشرين الف جنيه يافندم ولا انت نسيت
ضحك وهو ينظر لمراد
- معقول يامراد هطلب كده من المدام بتاعتك... ده كان قبل ما اعرف انها مراتك... فحبيت انفذ الإجراءات القانونيه
صعقت هناء مما يقوله فهو كان يعلم بأنها زوجته قبل أن يُطالبها بالمبلغ هتفت بضيق تُدافع عن نفسها ونظرات نغم تدور بينهم ولكنها تعلم بأن خالد يكذب
- انت بتكدب يامستر خالد أو يمكن زي ما بتقول انك ناسي
- مش معقول بتهان من المدام وبتوصفني اني كداب... اظاهر ان المدام من كتر كدبها مش عارفه تكدب في ايه ولا ايه
واردف وهو يرمقها بنظرات حاده
- مدام حضرتك للأسف يابشمهندس مراد كانت معشمه واحد من الموظفين بالجواز ومرتبه معاه كل حاجه واظاهر كان بينهم علاقه جسديه ...
واتبع عبارته اسفً عما تفوه به
- انا مكنتش حابب ابلغك بس الظروف حكمت يمكن المدام عايزه تتعالج من الانفصام
فجر قنبلته لينهض بعدها وخطوات نغم تتبعه بسعاده
- مراد كل ده كدب صدقني
................................
حدقت فاديه بغرفة العمليات التي دلف لها شقيقها بقلب منقبض.. ستكون هي في النهايه قاتله شقيقها دارت في الرواق بملامح باهته الي ان وقعت عيناها على صفا التي وقفت ترتكز بجسدها فوق الحائط وملابسها مُلطخه بدماء فرات
تقدمت منها بغضب أرادت ان تفرغه بها
- امشي من هنا ياوش الفقر... يارد السجون
دفعتها بقوه جعلتها تسقط فوق ارضيه المشفى تتأوه بخفوت
- ابعدي عنها
صوت مكرم صدح بعدما رأي المشهد وأسرع بخطواته نحو صفا يمد لها يده
- صفا قومي انتي كويسه
- فرات يامكرم.. انا اللي كنت هموت مش هو... ليه لازم اعيش طول حياتي وانا شايله ذنب في رقبتي... هيموت بدالي
بكت ولحظة سقوطه تمر أمام عينيها وصوت فاديه يعلو بالمكان
- انا لازم اطلب البوليس انتي السبب في موت اخويا... اكيد اجرتي حد يقتله
..............................
اندفع حمزه داخل الشقه يبحث بعينيه عن شريف
- شريف فهمني حصل ايه... وفين مراتك
- مش عارف... مش عارف
واردف يمسح على وجهه ومازال لا يستعب شئ مما حدث
- سالم الكلب بين الحيا والموت... والجيران شافوا ماجده وهي بتسند مها وركبة سيارة أجره كانت مستنياها... مها كانت بتنزف
لطم الحائط بكفه بقوه
- انا هتجنن اختفت فين... مرحتش الفيلا
- هتلاقيها ياشريف يمكن هي دلوقتي في المستشفى واختها مش عارفه تتصل بحد فينا
- قلبي حاسس اني فقدتها
تمتم بها شريف ليأتي احد زملائه من خلفه
- لقينا الكاميرا ديه متعلقه باين ان المجني عليه كان بيصور
................................
خرج الطبيب بعد وقت قد طال من غرفه العمليات والعرق يتصبب من فوق جبهته... نظر نحوهم فنهضت فاديه من فوق مقعدها وتأهبت صفا لسماع ما تخشاه وهي تُغمض عيناها تتمنى داخلها الا يموت
تعلقت نظرات الطبيب بهم يُخبرهم بأسف
- المريض دخل في غيبوبه مش عارفين هيفوق منها امتى للأسف
لتتجمد عين صفا اما فاديه تهاوت فوق مقعدها لترفع عيناها لتجد احد الضباط المكلف بالقضيه يتحدث مع والد مكرم
كان الضابط على وشك الرحيل فنهضت تلحقه
- استنى ياحضرت الظابط ولا مش عايز تاخد حق اخويا
طالعها الضابط بشفقه مُعتذراً مشفقاً علي حالتها
- انا شايفه ان الوضع دلوقتي مش تمام يافندم... وحق فرات بيه هيرجع اكيد وهنعرف مين اللي الضرب النار
- القاتل موجود بينا
صرخت بها فاديه... لتدور بعينيها بين الجميع
- القاتله معانا اهي... لعبتها صح وخدعت اخويا
اتجهت يداها نحو صفا تُكمل صراخها الذي جعل الجميع ينظر إلى ما تتفوه به بصدمه
- اخويا بين الحيا والموت وهي قاعده بينا... هي القاتله ومعايا الدليل

يتبع بأذن الله
********

#للقدر_حكاية ❤️

#سيمو

للقدر حكاية (سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن