الفصل (٦٧)

44.6K 1K 110
                                    

الفصل السابع والستون
**************

صراخها كان يصل إلى رجاله الواقفين بالأسفل ينظرون الي بعضهم بنظرات ذات مغزي ثم تتبعها نظرات جامده اعتادوا عليها فالأمر بالنسبه لهم شئ اعتادوا عليه وبالطبع رئيسهم لن يخرج من الغرفه ويتركها بعد أن يقضي متعته
- لا اريد اخراسك بطريقتي حلوتي... اجعليني امتعك بين ذراعي
هتف مارتن عبارته وهو يزيل حزام بنطاله وعيناه تتعلق بحركتها فوق الفراش... تُعجبه بشراستها
- لو قربت مني هموتك
كانت ترتجف وتهتف بصراخ ولكن ما بيدها شئ إلا هذا... مقيده بالاصداف وهو يقق يتلذذ بصراخها وعجزها
ازداد صرخها وهتافها بأسم زوجها فما زاده الا غضبً
- قولت اخرسي... سأخذ مااريده واتركك
اقترابه منها وشعورها ان اليوم يوم هلاكها جعلها تترجاه
- ارجوك سيبني امشي... متعملش فيا حاجه.. انت كنت زعلان على اختك لما قالولك ان مراد اتجوزها بعد ما اغتصبها بس ده كدب
صرخ بها بقوه وهو يتذكر شقيقته التي ظل لاعوام يبحث عنها
- زوجك هو السبب بما حدث لها... ولا تذكريني به.. احاول ان انسى انكي زوجته وابنة عمه
ثم هتف بقوه وهو ينظر في عينيها الممتلئه بدموع عجزها
- انا اكره العرب والمسلمين واحتقر مبادئكم
كان حديثه كالنقيض لا تفمهمه.. يتشارك مع العرب في صفقات ويتحدث بأريحيه وسط جلساتهم ويستوطن موطنهم بمشاريعه وداخله كل هذا الكره
- ثرثرنا كثيرا حلوتي... هيا لنبدء
رغم ان قواها قد خارت من الصراخ الا انها جاهدت ضعفها ولكن تلك المره بضراوة تعجبها... سالت الدماء من معصميها بسبب الاصداف... احتلت عيناه البروده ثم رفع كفيه عاليا ليصفق
- تعجبني شراستك... اتركي بعض من قوتك للمقاومه وانتي بين ذراعي
انحدرت دموعها وهي لا ترى اي بريق من الخلاص
- انت عايز ايه سيبني امشي... مراد تعالا خدني
ضحك وهو يتلذذ في رؤيتها هكذا... فقد اعتاد على تلك النظرات من معذبينه.. اتجه نحو احد الادراج يبحث عن شئ.. وعندما سقطت عيناها على ما ألتقطته يداه.. ارتجف قلبها
فصراخها كان النجده الوحيده لها لعلا احد يسمعها وينجدها
- تركتك تثرثري كما شأتي وطائرتي غدا ولم يعد الوقت بوسعنا
- انا معملتش ليك حاجه عشان تعمل فيا كده...
قطب حاجبيه بمكر
- فعلتي الكثير حلوتي ...
انتظرت ان تعرف ماذا فعلت.. ومن دون أن تشعر كان يُكمم فمها مُصرحاً
- جعلتني احب عربيه مسلمه وهذا شئ شنيع بالنسبه لي.. ارأيتي ما فعلتيه
تعالت صوت أنفاسها وانهمرت دموعها بغزاره من ذلك المصير الذي لا تُصدق انها كانت ستقع فيه يوماً.. ربت فوق خدها ببطئ واعين فاحصه
- عذابك يُطفئ من نيراني...
واردف مُتهكماً ولكنها الحقيقه في قانونهم كرجال مافيا
- في قانونا اذا وقعنا في الحب نقتل... ارأيتي كيف احبك
لا صوت صار يخرج منها ولا حركه إنما سكون... شارده في خيالاتها القديمه وكيف كنت تضحك عليها ياقوت وهي تجلىّ الأطباق وهي جالسه تنظر لاظافرها المُطليه تُخبرها عما قرأته في إحدى الروايات وكيف يحدث للمرء مهما بلغت قوته وقسوة قلبه عندما يقع صريع الحب... ولكن اليوم أدركت ان الحب لا يستوطن القلوب المظلومه
- ليله وسأنتهي من هوسك حلوتي
همس بها وهو يميل نحوها وقد تجمد جسدها وهي تنظر إلى هلاكها بأعين شارده
............................
دلفت السيده سلوى لمنزلها بعد يوم مُتعب ومرهق في الملجأ الذي تديره.. اليوم كان حفل الطفوله وك كل عام تفعله للأطفال وتجلب الهدايا لهم حتى تشعرهم بطفولتهم كما اعتادت
وجدت يدي زوجها الحانيه تمسد اكتافها يسألها عن يومها
- هلكانه يامهاب.. بس الحمدلله فرحت الاولاد واتبسطوا.. ابقى اشكرلي صحيح حمزه على مساهمته رغم اني كنت فاكره انه هينسي بسبب المشاكل اللي هو فيها
اماء برأسه .. مُتذكرا بدايه بناء الملجأ الذي بناه عبدالله والد سوسن وبعدها كانت سوسن تتكفل بالمال والتبرعات.. وبعد موتها اكمل حمزه اهتمامه بالأمر
- ربنا يباركلي فيكي وفي ولادنا ياسلوي...
تآوهت بعد أن بدأت عضلات كتفها المُتيبسة تسترخي
- انا أديت الفلوس الصبح وانا رايحه الملجأ لعم محروس زي ماقولتلي قولتله ديه هديه منك لبنته عشان جوازها والراجل فرح اوي... وفضل يدعيلك
ابتسم مهاب وهو يُحاوطها بذراعه
- الحمدلله... ربنا يجعل دعاء الناس لينا من حظ ولادنا كمان
النغزة التي كانت تتجاهلها وقلقها على هناء منذ الصباح عادت اليها ثانيه
- مهاب انا قلقانه على هناء.. كلمتني الصبح وقالتلي ادعي لمراد وقفلت علطول حتى مطمنتنيش على تحاليلها... بنتي فيها حاجه يامهاب
ضحك على قلق زوجته ولولا تحكم العمل بها لكانت دوماً لدي ابنتهم
- ياسلوي ياحببتي انتي عارفه انهم في ازمه الشركه دلوقتي وطبيعي قلقك... بس احب اطمنك ان الموضوع اتحل النهارده وزمان بنتك بتحتفل هي وجوزها بالمناسبه ديه
وغمز لها بعينيه
- ما تيجي نحتفل احنا كمان
دفعته عنها وهي تنهض من جواره
- والله انت راجل فايق
ضحك وهو يُطالعها وهي تتجه نحو غرفتهما
- وانا اللي تعبان وعملك الاكله اللي بتحبيها ياسلوي
عادت اليه بعد أن فكت حجابها تطبع قبلة فوق خده
- ربنا مايحرمني منك يامهاب
...............................
هبط مارتن الدرج يُرتب قميصه حانقاً... فبعد ان كان على وشك لمسها ونيلها أتى أحد رجاله يطرق الباب يُخبره بخوف ان أحدهم ينتظره لأمر هام... ذراعه الأيمن لا يستطيع أن لا يستجيب له
وخاصه ان هناك صفقه تتم في الوقت الراهن
فور ان دلف لغرفه مكتبه.. هب الرجل واقفاً
- تلك الجماعه التي قتلت جاكي قتلتها لأنها شقيقتك سيدي فقد بحثوا في سجلات الميتم الذي تربيت به انت وهي ووصلوا إليها قبلنا... لم تكن جماعه مسلمه التي قتلتها كما أخبرك
" ألبرت" ألبرت لم يكن الا رجلا منهم ويكره مراد
.. عداوه قديمه بينهم قبل أن يعود مراد وعائلته لمصر
معلومات هتف بها رجله دون أن يلتقط أنفاسه... احتقن وجهه وهو يسمع ما يُخبره به ساعده الايمن... وعندما تذكر تلك القابعه بالأعلى فاقده الوعي من هول ما جعلها تعيشه
تسارعت دقات قلبه وفي ثواني كان يُلقي كل شئ من فوق مكتبه مما ادهش رجله
..............................
وضعت ياسمين يدها على قلبها وهي تلتقط أنفاسها تنظر إلى شقيقتها وهي تُرضع الصغيرين
- اربع رجاله في مكتب جوزك انما ايه ياياقوت... زي الرجاله اللي بنشوفهم محوطين رئيس الجمهورية
وما ان لبثت ان هتفت عبارتها الاخيره.. ادت التحيه العسكريه
فضحكت ياقوت علي طريقتها
- فكرتيني بيوم كده.. كانت ردت فعلي زيك بس مش بالهبل ده اكيد
طالعتها ياسمين مُتعجبه
- يوم ايه
شردت ياقوت في ذلك اليوم الذي ذهبت فيه كموظفه لشركة الحراسات الخاصه... سردت لشقيقتها ما حدث لتضحك ياسمين
- ياكسفتك ساعتها
لمعت عيناها وهي تتذكر لحظه صراخها بعد أن دُهست قدمها
- هي فعلا كانت كسفه بس مش من الواقفين من حمزه... حمزه في شغله ليه هيبه فظيعه...ف تخيلي بقي قدام صاحب الشركه بتصرخي زي الهابله ومش عايزه اقولك حمزه مكنش بيطيقني كان بيتلكك ليا على اي غلطه.. إنما شهاب كان مدير طيب وهادي
عادت الذكريات لها عندما كانت مُجرد موظفه وليس ضمن تلك العائله... استمعت ياسمين لها بأنصات واستمتاع وتنهدت بعدها براحه
- الحمدلله اني بقيت اخت مراته وبقي الواحد عنده وسطه
ضحكت الشقيقتان لتنظر ياسمين نحو الصغيران وتحمل أحدهم بين ذراعيها
- شبه حمزه اوي ياياقوت... لا حقيقي انا لازم اتجوز راجل أمور ماهي العيال بتطلع شبه الابهات دلوقتي
واتبعت حديثها بمرح
- وقال ايه الرجاله بتدور تتجوز ست حلوه.. لا ده احنا المفروض اللي ندور نتجوز رجاله حلوه عشان نضمن الإنتاج
لم تستطع ياقوت تمالك ضحكاتها... فضحكت تلك المره بصوت عالي
- أنتي من ساعه ما اشتغلتي وهي فلتت منك خالص
- مين ديه اللي فلتت
اخرجت لها ياقوت لسانها مازحه
- عقلك ياحلوه
كلتاهما كانت السعاده تغمرهم من أجل بعضهم... ياقوت كانت سعيده وهي ترى شقيقتها هكذا، وياسمين كانت سعادتها اكبر وهي تري شقيقتها تعيش عمرها وحياتها دون خوف من المجهول ومن مصير كانت ديما والدتها تُخبرها به
" انها لن تفلح بحياتها وستعيش عمرها من بيت لآخر ولا احد سيطيقها"
- بقولك ايه ياياقوت ماتروحي تُخطبيلي واحد من اللي تحت
قالتها ياسمين بمرح وهي تُقبل وجنتي الصغيرين.. لتوكظها ياقوت فوق كتفها وتنهض من جانبها
- هروح أعملهم الرضعه بتاعتهم وانتي حاولي تنيميهم مش هما اللي ينيموكي
وكان هذا بالفعل مايحدث تسقط ياسمين غافيه وهم يظلوا مستيقظين
هبطت ياقوت الدرج تسمع صوت زوجها الحازم وتشعر بالقلق
قطبت حاجبيها وهي تتجه نحو المطبخ
- هو في ايه
................................
عيناه جالت بأنحاء الغرفه بعد ان غادر رجله المخلص.. شقيقته قتلت بسببه هو.. هو من كان السبب وليس ماوصل اليه.. يعلم انه ينضم لعالم قذر مُقرف تُغطيه تجارته ومشاريعه الاقتصاديه
تنهدت بأنفاس مُثقله وهي يتذكر يوم انفصلت يداه عن شقيقته
بعد أن تبنتها احدي العائلات.. ظل يركض خلفهم الي ان انغلقت بوابه الملجأ وسقط هو فوق الوحل باكياً.. كان كبيراً بعض الشئ عكس جاكي التي لم تكن تتخطى عامها الثالث
أظلمت عيناه بظلمه قاتمه وقسوة لولاها لم يكن يصل إلى ماوصل اليه
لمعت عيناه وهو يلتقط حقيبتها المُلقيه فوق الطاوله وعلى مايبدو ان احد رجاله في مكتبه.. وثب واقفا واتجها نحوها بفضول لا يعرف سببه
داخلها كان يوجد ظرف من هيئته عرف انه فحص طبي.. اخرج الفحص لتقع عيناه على مافيه
" هناء حامل.."
.........................
تعلقت عيناها بغرفة مكتبه مُتعجبه من كم الاتصالات التي يتلقاها وحديثه الذي لا تفهمه... والقهوه التي تدلف بها الخادمه من حين لاخر.. شعرت ان هناك خطب ما
وظنت ان الامر مُتعلق بقضيه مريم.. فقررت ان تذهب اليه لتطمئن...
كان يقف وسط مكتبه يتحدث بالهاتف بصوت امر وجامد
أنهى المكالمه ليزفر أنفاسه بأرهاق ورغم تعب جسده والصداع الذي ينهش رأسه الا انه جالس يحل مشكله مراد واختفاء هناء بعلاقاته
- حمزه
هتفت اسمه وفركت يداها تخشي ان يصب غضبه عليها.. اكثر من عام متزوجه منه ولم يكن بينهم مواقف تظهر طبيعه شخصيتهم بوضوح
عنصر مهم كانت تفقده حياتهم ليس وضعها في حياته وسط عائلته وليس انه يريدها الجزء الدافئ يُزيل عنه أعباء الحياه
كل هذا كان في طرف والطرف الآخر
" ف أين هي مواقفهم معهم.. تجربتهم لردود افعالهم... الجذب والشد ثم اللين.. العتاب حتي لو كان بكلمات مُبهمه.. التمرد والخضوع"
الصمت وحده هو من كان يُكلل حياتهم
ألتف اليه ينظر نحوها فهتفت
- هو في حاجه حصلت في قضيه مريم
تنهد وذهب ليلتقط علبه سجائره التي أصبح يُدخنها بكثره
- لا ياياقوت... مشكله تانيه بحاول احلها
لم يرغب في احزانها بأمر صديقتها.. فقد وعد مراد ان رجاله سيجدوها
اقتربت منه وردت فعل غريبه منها تلقاها وهي تأخذ علبه السجائر والسيجاره التي كان للتو سيضعها بين شفتيه ثم قذفهم في السله الصغيره بين الأوراق الممزقه
- كفايه شرب سجاير..مش هي السجاير اللي هتحل المشكله
- ايه اللي عملتيه ده ياياقوت
احتدت عيناه من موقفها لتنظر اليه بتصميم
- بطل سجاير.. انت مكنتش بتشربها كتير
لم تُعجبه نبرة حديثها لم يعتاد منها الا على الوداعه والهدوء.. صحيح هو يسعى لإرضاءها وتعويضها ولكن لا أحد يضع لحمزه الزهدي شروطً ويجعله يسير عليها.. هو يفعل ما يُريد وقتما يرغب
- ياقوت ياريت اللي اتعمل ده ميتكررش تاني... لما اعوز ابطل سجاير انا هبطلها
واتجه نحو مكتبه يخرج من احد الادراج علبه سجائر أخرى
أخذها العند وسارت خلفه تلتقط منه العلبه
- مش هتشرب سجاير ياحمزه
- يااااقوت.. انا عندي صداع هيموتني ومش عايز كلام كتير
رنين هاتفه جعله يسرع في ألتقاطه ثم الحديث بكلام مُبهم لا تفهمه.. عيناه كانت عالقة بما تفعله بغضب وهي تُفرغ درج مكتبه من عُلب السجائر بل وتُفرغ السجائر من العُلب ودهسها بيديها
أنهى حديثه بالهاتف بعدما انهت ماتفعله لينظر اليها
- بتتحديني ياياقوت
- لاا مش بتحداك.. انا خايفه عليك.. انت مش شايف منظرك
نظرت عيناها كانت حانيه مثل صوتها.. ثم انتقلت يدها نحو خده تمسده.. لم تفعل ذلك دلالا او مكراً حتى تجعله يلين انما شئ داخلها كان يتحرك بوجع وهي تراه بتلك الهيئه وجه مرهق جسده قد فقد بعض الوزن سجائر يُدخنها بشراهة وطعام قليل يتناوله
- حاضر ياياقوت هحاول ابطلها
ابتسمت وهي تراه يستجيب لما ارادت وقد لانت ملامحه وصوته
- توعدني
- حاضر
وبرفق ضمها اليه يمسد فوق ظهرها
- حضنك بيخفف عني هموم كتير.. لكن انا استاهل ادوق طعم حرمانه منك.. بحبك ياياقوت
واصبحت تلك الكلمه هي النعيم بالنسبه لها
.............................
فتحت عيناها بعد برهة من اغمائها لتجد نفسها كما هي ب ملابسها ومازلت مُقيده..ظلت تحُاول مراراً في فك قيدها ولكن محاولاتها تنتهي بالفشل
زفرت أنفاسها وهي تكاد تبكي..لتنفتح الغرفه فيرتجف قلبها
رمق خوفها واقترب منها فهتفت بصياح
- لااا ارجوك سيبني
يداه اتخذت طريقهما الي فك قيدها وتحريرها.. تعجبت من صنيعه لتنظر اليه غير مُصدقه انه حررها
ولكن شعرت بالخوف ليأخذها لمكان اخر
- احد رجالي ينتظرك بالأسفل هناء...سيأخذك الي زوجك
هتف عبارته وادار جسده بعيداً عن مرء عينيها.. اغمض عيناه بقوه وهو يشعر بخطواتها الراكضه
ليقف امام الشرفه وهو يراها تصعد السياره مع سائقه
- كنت اتمنى تذوق مذاقك حلوتي
همس عبارته وهو يرى السياره تخرج من البوابه الحديديه شارداً في ذكريات الماضي وصوت والدته تصرخ بأن يرحمها الواقف هي وجنينها ثم طعنه تشق بطنها وهو يضم شقيقته لحضنه في الخزانه يبكي بصمت وهو يضع كفه الصغير فوق فم شقيقته كما أخبرته والدته
...........................
مع ظهور اول خيوط النهار كان مراد يدلف شقته يلعن مارتن ويتوعد له.. يبعثر محتويات الغرفه ليعثر اخيراً على سلاحه الذي قد نسي أين اخفاه
رنين هاتفه بأسم شهاب الذي سبقه الي المكان المنشود الذي يقيم فيه مارتن ورجاله جعله يُسرع في خطواته نحو باب الشقه ليقف متجمداً وهو يرى هناء الواقفه أمامه تستند بصعوبه فوق الجدار ووجهها شاحب وخدها مجروح
تمتمت اسمه " مراد"
اسرع في ألتقطها بذراعيه قبل أن يسقط جسدها أرضاً
- انا اسف ياهناء كل اللي حصلك بسببي انا
...........................
وضعت الخادمه أمامها الطعام تهتف برجاء
- ياست هانم كلي متجبيش ليا الكلام.. البيه منبه علينا على اكلك وتاخدي العلاج
طالعتها صفا بأعين باهته تشيح عيناها عنها... تُخبرها بصمتها انها لن تأكل
أرادت الخادمه اعطاء الامل لها
- البيه معاه رجاله تحت باين عليهم ناس من الشرطه.. وقالوا للبيه ميقلقش البيه الصغير هيرجع لحضنكم
لمعت عين صفا ونهضت من فوق الفراش راكضه للاسفل حتى تطمئن بنفسها.. رغم تعب جسدها الا ان الأمل اعطي لها دفعاً قوياً.. رمقتها الخادمه وهي تُغادر الغرفه تنظر للاطباق التي لم تمسها مُتنهده بقله حيله
- قلب الأم... مستنيه اي امل
كان الأمل يخترق فؤادها وهي تتجه نحو غرفه مكتبه ولكن صوت أحدهم وهو يخبره ان يضع كل الاحتمالات امام نصب عينيه حتى لا يأمل
دفعت باب الغرفه تنظر لزوجها والواقفين.. تعلقت عيناه بها فنهض سريعا ناحيتها
- صفا
وصرخ بالخدم
- صفا ايه اللي نزلك من اوضتك
أنظار الواقفين انخفضت بأشفاق.. فهيئة صفا كانت مأسفه
- فين ابني يافرات... قولتي انك هتجبهولي... فين ابني
صرخت به تضربه فوق صدره
- انا ابني ذنبه ايه تبقى انت ابوه... اكيد اللي عمل كده بيكرهك.. انت انسان مكروه وظالم
اهانته أمام من يقف هو أمامهم بهيبته يأمرهم ويخشوه
اطبق فوق شفتيه بقوه وقبض على يديه وهو يسمع صراخها ويتحمل ضرباتها الضعيفه يتركها تُخرج كل بها وهو يقف صامت
الايام دارت وأصبح فرات النويري ينزف قلبه قهراً.. يُصارع آلامه بل ودموعه المُتحجره
هي لا تعلم أن ذلك الطفل كان املاً وتغيراً له... عاش يظن انه لن يصبح ابً ولن يسمع تلك الكلمه وعندما بات المستحيل حقيقه
ضاع كل شئ
سقطت تحت قدميه بعدما احاطتها الظلمه ليصرخ بأسمها
- صفا
حملها وخرج من الغرفه سريعاً يهتف بعنتر الذي كان يقف يُطالع كل شئ مُشفقاً على حال سيده الذي كان يحسده انه كالحجر لا يهزه شئ
- عنتر هات دكتور بسرعه
..........................
- يافرات بيه المدام اللي بتعمله ده غلط عليها.. وادويتها لازم تاخدها وتاكل كويس.. لاما ترجع المستشفى من تاني
تنهد فرات وهو لا يعرف ما عليه فعله... شكر الطبيب فأنصرف الآخر بعد أن اعطاها حقنه مهدئه واوصي بعلاجها وطعامها والراحه النفسيه
اقترب من فراشها وجلس جوارها يمسد فوق وجنتها
- بتعملي فيا كده ليه ياصفا... عايزه تروحي انتي كمان مش كفايه عليا هو
ومن دون شعور منه سقطت دموع عجزه لتسقط فوق خدها
بملمسها الدافئ.. كانت تشعر به وهي بين اليقظه والغفوة
لينهض بعدها من جانبها يمحي آثار ضعفه بعنف ليعود الي قوته امام رجاله
...........................
دلف لمنزلهم المُتهالك يهتف بعلو بأسم زوجته
- بت ياورده انتي يابت
أتت ناحيته راكضه
- وطي صوتك عايز ايه من زفته انا ماصدقت انيم الواد
أعطاها عبوة اللبن زافراً أنفاسه
- طب خدي ياختي اللبن اه
ألتقطت عبوه اللبن منه تديرها بين يديها
- علبه واحده ياراجل.. طب وفين الحفاضات
- نعم ياختي حفاضات أيه كمان
امتقع وجهها من طرقعته لكفيه ببعضهم
- قوم هات باقي الحاجات.. عشان تعرف تخطف عيال تاني
كاد ان يجلس فوق الاريكه المُتهالكه الا انها جذبت يده تدفعه نحو الباب
أغلقت الباب بوجهه بعدما أملت عليه ما يجلبه
ضرب كفوهم ببعضهم حانقاً
- انا كان مالي ومال الليله ديه كلها...
انتهى من شراء كل شئ.. وألتقطت أنفه تلك الرائحه الشهيه
اقترب من مصدرها يسأل البائع
- بكام كيلو الكفته
تمتم البائع بسعرها ليخرج له المال... ووقف ينتظر أخذها يضرب فوق معدته هاتفاً بها
- هتدلعي النهارده كفته مشويه.. ياريت يطمر بس في البت ورده
انتهى البائع من شويها ووضعها في الطبق ثم الكيس ليناوله له
فلوي سيد شفتيه مُستنكراً
- متلفها في ورقه جورنال... الواحد ياعم ساكن جوه حاره عايزني اتفضح
تمتم الرجل بضيق
- خده اه الجورنال ولفها... ورايا زباين تانيه
ألتقط سيد ورق الجريده منه حانقاً ليبدء في لف الكيس.. ولكن يده توقفت عندما وقعت عيناه على احد العناوين
" اختطاف طفل رضيع من......"
لم يُكمل سيد قراءه المكتوب وانصرف مهرولاً لبيته
................................
دلف غرفتهما يحمل فوق كتفه سترته لا يقوي على فتح عيناه فقد كانت ليله امس ليله عصيبه عليه بأحداثها
ليقف مفزوعاً من هيئتها الباكيه
- مالك ياندي
ارتفعت عيناها نحوه وكحل عيناها قد جعلها وجهها بشعاً
- اتجوزت عليا ياشهاب.. مراتك كانت حامل
- اتجوزت ايه وحامل ايه... قومي ياندي من علي السرير وجبيلي اي لقمه أكلها
تعالت شهقتها وهي تُطالع ملامحه
- اتجوزت عليا عشان ماليش حد.. صح ياشهاب
دفعها من فوق الفراش حانقاً
- مش عايز اتهبب اكل حاجه... بصي يابنت الحلال لما اصحى نبقى نشوف حكايه الجواز ديه
وقفت مذهوله من بروده حديثه... هي تبكي طيله الليل حتى ظهيرة اليوم التالي وهو يُحادثها ببرود بل ويغفو
- طلقني ياشهاب... طلقني عشان انت خاين
فتح نصف عينه يرمقها
- حاضر لما اصحى هبقي اطلقك
- شهاب انت بجد هطلقني
وعادت لبكائها ثانيه.. لا تُنكر انها أضعف من ان تسمع تلك الكلمه وتنطقها.. شهاب هو عالمها كله... عاشت فترة طفولتها ومراهقتها ونضجها وهي تحبه... اختنقت وهي ترى حياتها من دونه
واقتربت منه تدفعه فوق صدره بقوه
- شهاب اقوم اصحى.. طلقني ونام ياخاين
- شكلي كده مش هعرف انام
قبض على كفيها وجذبها اليه لتسقط فوق الفراش جانبه يضمها نحوه
- العاقل اللي لما بيتجوز مره ياحببتي مبيفكرش يعدها تاني.. وانا الحمد لله بكامل قوايا العقليه... فأتخمدي جانبي عشان انتي ليكي ليله طويله هنتحاسب تاني فيها على غباءك وهبلك مع الناس
واردف متوعداً
- هعيد تربيتك من اول وجديد ياندي... مبقاش انا شهاب الا ما ربيتك
- اتجوزت عليا ياشهاب
هتفت بما يدور بعقلها غير منتبها لحديثه.. ليضمها اليه وهو يغفو
- مش انا الراجل اللي يتجوز على مراته من وراها ياندي... يوم ما هعوز اعملها هخليكي تختاري العروسه
قالها وهو يعلم أن جنونها سيزداد وقبل ان تفتح شفتيها بالعويل والوعيد... كان يُسكتها بطريقته الخاصه
وبعد وقت كانت تدفن رأسها بصدره تسأله
- انت بتعمل فيا كده ليه.. شهاب انا بحبك انت لو سبتني ممكن اموت
زاد من ضمها اليه يحتويها بحنانه ورجولته
- زي ما انا بحافظ على حبنا وحياتنا ياندي حافظي انتي كمان عليهم
وكان لكلامه الف معنى ومعنى
............................
تعلقت اعين السيده سميره ب سماح الراقده فوق الفراش تُطالع سقف حجرتها بشرود... عادت سماح لنفس المكان ونفس البنايه والحجره والفراش وكأنها كانت في رحله وسط أحلامها
- هتفضلي كده ياسماح
ابتلعت لعابها وهي تنظر للسيده سميره عندما رأت الشفقه في عينيها.. ارتعشت شفتيها
- مش مكتوبلي افضل قويه... كل راجل دخل حياتي كسرني
- بس سهيل مكسركيش يابنتي... ده بيحبك
سقطت دموعها وفي لحظه كانت صوت شهقاتها تعلو
- انا كنت مجرد دور في حياته... كنت في حياه ماهر دور وكانت في حياته هو كمان دور
وانحدرت دموعها بضعف
- بس انا حبيت سهيل..
ودبت فوق قلبها
- انا حاسه اني بموت
لتسقط دموع سميره على رؤيتها بهذا الضعف... سماح القويه المتمرده عادت مهزومه مكلولة ... غمرتها سميره بين ذراعيها بأمومه تبكي علي حالها
- كان مستخبيلك فين ده يابنتي
............................
وقفت تتأمل المرسم الذي اعده لها بأنبهار غير مُصدقه انه فعل ذلك من أجلها... تلك الغرفه لم تكن تظن انها إليها ولم تذهب حتى لرؤيه ما بها
- انت عملت كده عشاني
ابتسم وهو يرى فرحتها
- اكيد ياياقوت... وقبل كمان ما ننقل الفيلا... كانت من ضمن خططي
أشارت نحو حالها
- يعنى معملتش كده عشان تعوضني
غمرها بذراعيه ومازالت عيناها عالقه بالغرفه
- لو كنتي دورتي على مفتاح الاوضه ديه كنتي هتعرفي الاجابه
عيناها ارتفعت نحو عيناه لتتعلق بهما
- ياقوت انا مكنتش ناسيكي اوي كده... يمكن كنت..
وقبل ان يُكمل باقي عبارته وضعت يدها فوق شفتيه
- حمزه انا مبسوطه اوي...هرجع اشتغل صح
ضحك وهو ينظر في عينيها التي طلما كانت سحره
- اكيد ياياقوت.. بس أدهم وعبدالله يكبروا شويه عشان يشبعوا من حنانك ولا انتي ايه رأيك
اماءت برأسها وقبل ان تنطق بشئ كان يفعل ما يتوق اليه بشده
انحبست أنفاسهم.. ليبتعد عنها يضع جبهته فوق خاصتها
أراد العوده لذلك المذاق ولكن رنين هاتفه جعله يتنهد ليخرج الهاتف من جيب سرواله ناظراً لرقم المشفى والخوف يدب في اوصاله
............................
نظرت فاديه لاولادها الملتفيان نحو صفا.. كانت تبعثهم إليها حتى تُشعل نيران قلبها على طفلها المفقود ولكن صفا كانت تضم أبنائها لحضنها بحنان تتمنى ان تشم رائحه طفله فيهم
أسئلة الصغار نحو متى سيعود ابن خالهم ومن خطفه كانت فاديه تُحفظها لهم وما كان من صفا الا البكاء تُخبرهم ان يدعوا الله ان يأتي ويكبر بينهم
والصغيران بالفعل كانوا يدعوا ويتمنوا عودته ويكبروا سويا ويصبحوا أصدقاء
اغلقت فاديه باب الغرفه خلفها حانقه من سماع دعوات أولادها
جلست فوق الفراش تمسد فوق بطنها بقلق
- ياترى عزيز هيفرح
وتلاشي قلقها لتحتل السعاده ملامحها
- اكيد طبعا هيفرح
رن هاتفها اخيرا لتلقط الهاتف من فوق الفراش
- مش قولت يافاديه نخف الاتصال ما بينا.. انتي عايزانى اروح في داهيه
ثم اردف دون أن يترك لها مجال للحديث
- قوليلي الوضع عندكم ايه
وضحك بشماته هاتفاً
- قلبي عند اخوكي... عشت وشوفت فرات النويري عاجز ومش عارف يلاقي ابنه
- عزيز انا حامل
ليسقط بعدها الهاتف وفرات يدلف الغرفه غالقً الباب خلفه

يتبع بأذن الله ( واقتربت النهايه 😉)
***********

#للقدر_حكاية ❤️

#سيمو

للقدر حكاية (سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن