الفصل (٤٩) ١

35.2K 952 52
                                    

الفصل التاسع والأربعين ( 1)
********************

لم تستعب مقصد عبارته الا عندما رفع كفها اليسري بمقت
- فين دبلة جوازنا
- ضاقت عليا
هتفت ببساطه عجيبه عليه استنكرها منها ولكن أسلوب اللامُبالاه الذي حدثتها عنه هناء لساعه كامله عبر الهاتف جعلها تُدرك ان هذا هو الحل حتى لا تقضي باقي عمرها مقهوره من سوء المعامله
حدق بجسدها بلمحة فاحصه مما جعلها ترتبك ولكن اخذت تهتف بقلبها
" اثبتي ياياقوت..انتي قررتي تبدئي اللعب معاه وتخرجي كسبانه.. مراد متغيرش مع هناء غير لما بدأت تحرمه من حبها"
كانت غارقه في بث الثبات لقلبها لم تشعر بقرب أنفاسه ولا بيداه التي اتخذت طريقهما فوق ذراعيها.. نسي حنقه من ذلك الذي حادثه وبقي شوقه لها هو المسيطر
- ياقوت
صوته الهامس بأسمها ذبذب قلبها.. ولكن الطريق الذي اتخذتهما يداه جعلها تنتفض من آسرها تستعب وضعهما
ابتعدت عنه تحت نظراته المصدومه يراها كيف انتفضت منه تُدراي عنه ماعراه من جسدها.. ازدردت لعابها وهي تتحاشي النظر اليه
- مين اللي كان بيتصل
كان يلعن نفسه عن لحظه الضعف التي اصابته أمامها.. لم يكن يوماً رغبته تقوده.. فعاش سنوات مع سوسن اقترابه منها كان محدوداً وهي من كانت تُطالبه او تظهر له لوعتها
اما الان هو الراغب والعاشق ولكن طعنتها له بكلماته ووصفها لعلاقتهم جعله يشعر وكأنه حيواناً يبحث عن غرائزه
فاق من شروده وهو يراها تلتقط هاتفها من فوق الفراش لترى هوية المتصل.. عاد لجموده ولكن بصورة مهزوزه
- مردتيش ياهانم فين دبلتك ومين هاشم ده
ألتفت بجسدها حتى تخفي لمعة عيناها فهاهي نصائح سماح أيضا تُثمر بالنفع.. افادها تجمعهم ثلاثتهم حتى لو كان ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي
- قولتلك ان وزني زاد... وهاشم ده مديري الجديد وافتكر ان قولتلك اسمه
هتفت بعبارات واثقه ولكن لم تستطع النظر بعينيه فظلت على نفس وضيعتها
- تخنتي خسي.. او قوليلي اشتريلك دبله غيرها مش استنى واحد يقول على مراتي انسه
ألتفت نحوه واتسعت عيناها ذهولا عما تسمعه فلأول مره تكتشف به ذلك الطبع وماكان الطبع الا غيره كانت خامده مع زوجة هادئه مطيعه
- أنتي بتبصيلي كده
- مستغرباك... انا عمري ماكنت محور حياتك.. على فكره ان قالعه الدبله من شهرين
توقف الكلام على طرف شفتيه وتحولت ثورته نحوها لصمت فمنذ متي كان يُلاحظ تفاصيل بها
....................................
وضعت رؤى الكأس المملوء بالخمر أمام مريم التي جلست تفرك يدها متوتره تنظر حولها بخشية
- خدي اشربي وفكيها يابنتي.. متخافيش كده هو حد مهتم بيكي
وكلما ارتسم الحزن على ملامح مريم من تلك العباره التي تجعله تشعر ان لا اهميه لها بين عائلتها كما تظن كانت عين رؤى تتراقص طرباً.. دفعت مريم الكأس عنها حانقة
- قولتلك مش هشرب يارؤي انا جيت معاكي عشان اتبسط..أما شرب لاء
- براحتك
هتفت بها رؤى حانقه ونهضت من جوارها لتلصق بجسد فارس الذي جلس يُركز انظاره نحو مريم وسريعا ما اندمج مع لمسات رؤى البارعه فوق بشرة صدره
جلست مريم تتأمل رؤى الخبيره في جذب أعين الرجال
أما هي لا ترى أحدا مشدوهاً بها.. فهى بجسد طفولي وتقويم تضعه فوق أسنانها رغبة في ان تجعل أسنانها بأفضل صوره ومازالت تعقد شعرها بضفيرة خلف ظهرها
- أنتي بقيتي تصاحبي أطفال يارؤي
خرج ذلك الصوت من أحد الجالسين وبحانبه إحدى الفتيات وكأن الباقية كانوا ينتظرون شئ كهذا فنفجروا ضاحكين
- انا مش طفله واحترم نفسك يااسمك ايه انت
ضحك وليد الذي كان مُتلذذاً بأغضابها وعيناه مُركزه على ملابسها الطفوليه
- روحي ياشاطره بيتكم اشربي اللبن ونامي وخلي ماما تحكيلك حدوته
سخريته جعلت الجميع ينفجر ضاحكاً الا شخص واحداً كان يُتابع كل شئ بأهتمام
وفجأة شهق الجميع ووقف وليد مصدوما من فعلتها بعد أن اسكبت كأسه المثلج بوجهه وركضت بعدها خارج الملهي
....................................
أحاط جسدها بذراعيه دافناً رأسه بعنقه الرطب يستتشق عبيرها بعشق حقيقي ولدته حياتهم معاً... حبها الكبير له اتي بالنفع بعدما كسرت جميع حواجزه.. ندي تحملته بكل عجرفته واستهتاره الي ان أصبحت مرساه ولم يعد يرى امرأة أخرى حتى حبه القديم نساه معها... أعطته كل شئ يرغب به أي رجلا زوجة تُدلله تُشاغبه تتثامر معه تتقبل صمته وغضبه بهدوء الي ان يعود إليها لتكون موطنه
وقد اتي اليوم ان يبرهن لها أنه حقاً كاملاً بها ومعها
- الجميل سرحان في ايه
تمتم عبارته وهو يُقبل عنقها قبلات متفرقه يبثها شوقه الذي لم يطفئ بعد
- بدئوا يسألوني حملك ليه اتأخر... الكل بقى يسألني ياشهاب
تآلم قلبه ويسمع نبرتها الحزينه فضمها نحوه اكثر
- هتكوني ياحببتي أجمل ام.. بس ربنا عايزنا نصبر شويه.. انتي سمعتي كلام اخر دكتور روحناله قالك مافيش حاجه بتقف قدام قدرة الله
أدارت جسدها نحوه فلم يتحمل رؤية دموعها
- انا بحبك اوي ياشهاب...كنت فاكره اني بعاند قدري لما فضلت ادور حواليك عشان اتجوزك.. بس انا بحمد ربنا انك كنت أجمل قدر ليا
لم يعرف أي يبكي على رؤيتها ضعيفه أمامه بقلب ممزوج ام يبتسم على ما تسمعه اياه مع دموعها التي تنساب على وجنتيها
- يعنى انتى حتى لما تسمعيني كلام حلو بتعيطي... انتي تركبتك ايه
وابتعد عنها حتى يرسم على ملامحه العبوس ويُكمل مزاحه
- لا انا محتاج اغيرك.. او ارجعك لحمزه ويجوني واحده تاني فرفوشه
امتقت حديثه وفي ثواني معدوده كانت تتعلق بعنقه وتقفز فوق ظهره
- عاوز تغيرني ياشهاب... وقول ياصبح
ضحك حتى دمعت عيناه.. زوجته الرقيقه انقلبت الي ما سعي له بكلماته وهاهي ندي الشرسه تنهال من خصلات شعره تقطيعاً
- ايدك يامفتريه.. انا عارف انك غيرانه من شعري من زمان.. وكمان بتعضي.. ماشي ياندي استحملي الهزار بقى
- بلاش هزارك
وقبل ان تُكمل باقي عبارتها صرخت متآلمه بعدما ألقاها فوق الفراش بقوة
- ده هزار ده ياشهاب.. اتعامل معايا على اساس اني أنثى
اعجبته الكلمه التي خرجت من بين شفتيها مُتألمه من أثر دفعته.. ليقفز نحوها فتصطدم رؤسهم وعاد تصرخ ثانيه وهي تضع كفها فوق جبهتها
- متهزرش معايا تاني... انا كنت قاعده مع نفسي بكلم النجوم
- شوفي سبحان الله الليله بتقلب ديما معانا بعد الهييح نكد مع هطل.. بس على مين هقلبها من اول وجديد
ولم تكد تنهض حتى تفر منه
- رايحه فين.. ما انا مش جايبك افسحك لله وللوطن
- وقح
وضاعت مع طوفان مشاعره.. وخمد الآلم مع الطوفان
..................................
أغلق الملف الذي أمامه وعقله مشغولا بها... لم يعتد منها تلك القوة وتمرد المشاعر الذي اعتادت عليها.. نفخ أنفاسه بقوه مُردداً لحاله
- بعدهالك ياياقوت عايزه توصليني لايه
قطع حبل أفكاره طرقة خافته على باب غرفة مكتبه ثم دلوف سيلين بملامحها الباهته وملابسها السوداء..اعتدل في جلسته مُشيراً إليها بأشفاق
- تعالي ياسيلين
اقتربت من بخطي حزينه وجلست على المقعد المقابل لمقعده.. فنهض ليجلس على المقعد المقابل لها
- البقاء لله... مش عارفه اقولك ايه حقيقي.. ربنا يصبركم
اجتمعت الدموع في عين سيلين التي لم تجف على شقيقتها التي ماتت امام مرئ عينيها في حادث
- انا جيت اقدم استقالتي يافندم
- ليه ياسيلين
قالها حمزه مذهولا ف سيلين المُحبه لعملها لأقصى درجة جاءت اليه اليوم تُخبره بهذا القرار
- معدش ليا شغف بالحياه... النجاح والجري في الدنيا كل ده سراب
- انا مقدر حزنك ياسيلين لكن هي ديه سنه الحياه.. الفراق صعب لكن الموت هو الحقيقه الوحيده في حياتنا اللي نسينها وكلنا هنلاحق بعض
تعلم بصدق كلمه يقولها ولكن حزنها على شقيقتها أبهت كل شئ امام عينيها
- انا هعتبرك في اجازه مفتوحه ووقت ما تحبي ترجعي لمكتبك مكان محفوظ
وثب من فوق المقعد ليتجه نحو مقعده خلف مكتبه واعين سيلين كانت عليه فلم تعرف بماذا ستُجيب عليه ولكن تقديره لحزنها جعل تقديره داخل قلبها يزداد
- شكرا يافندم
اماء له برأسه وقد عاد الي شخصيته ذو الملامح الجامده التي لا توحي بما خلف ذلك القناع.. فنهضت منسحبه ولكنها وقفت في منتصف الغرفه لتلتف نحوه
- خلي بالك من مريم ومن تصرفاتها.. سنها ده محتاجكم جنبها
وعندما سمع اسم صغيرته هب واقفاً
- مالها مريم يا سيلين
رأته فزعه عليها وكأنه ابيها الحقيقي.. هتفت داخله وهي تتذكر رغبة الصغيره في ان تجعلها تقترب منه وتفرق بينه وبين زوجته ارتبكت من نظراته وألحاحه في السؤال
- مقصدش اقلقك يافندم... بس حضرتك عارف السن ده ومريم طيبه وممكن حد يستغل سذاجتها
جاهدت بكل الطرق حتى تنهي ذلك الحوار وبالفعل تمكنت من انهاءه لتنصرف من غرفة مكتبه وهي تشعر بالراحه انها لفتت نظره نحوها
عاد لمكان جلوسه ينظر إلى الأوراق التي أمامه وقلبه شارد في حديث سيلين.. ألتقط هاتفه سريعا يبعث على رقم صغيرته ليُهاتفها حتى يرتاح قلبه... فهو يفهمها من كلامها وعيناها ولم يعرف ان الصغيره قد تخطت مرحله الطفوله والدلال المفرط لا يفعل شئ إلا الافساد
................................
وقفت فاديه في شرفة غرفتها التي تحتلها في منزل شقيقها تنظر بجمود نحو صفا الجالسه بالحديقة تتأمل ما أمامها بشرود
جزت على أسنانها بغل متمتمه بحقد
- اتمسكني واعملي نفسك ضعيفه ومكسورة الجناح لحد ما اكسرلك رقابتك من علي وش الدنيا
كان الحقد يملئ قلبها ف كرهها لصفا من زمن فات وانتهى... كم ليله كانت تسمع اسمها وزوجها نائم بين احضانها
أظلمت عيناها بحقد دفين
- اخدتي جوزي واخويا..انا لأنتي ياصفا
انفتحت بوابه المنزل لتتعلق عين فاديه بالسياره الاتيه.. توقفت السياره ليخرج منها مكرم فقطبت عيناها مُتسائله
- مكرم
تقدم مكرم منها بخطي هادئه عندما انتبه لمكان جلوسها
كان فرات يتابعها ولكن عند قدوم مكرم تصلب جسده وتجمدت عيناه وهو يتذكر رغبة مكرم بالزواج منها وثورته حينا علم انها زوجته
- صفا
انتبهت صفا على صوت من يُناديها.. لم تنسى صوته ابدا مهما ألتفت نحوه ببطئ فوقعت عيناه عليها وعلى الرجفة والخوف اللذان باتوا في عينيها
كلامها طعن قلبه في مقتل وهو يسمعها تهتف بحسره
- لو لسا عايز تنتقم مني... ف متقلقش الزمن اخد لمنال حقها
- انا عرفت الحقيقه ياصفا... عرفت انك مش بنت عدنان
خرج صوتها متآلماً وهي تتذكر حقيقه والدها ووالدتها وكيف أنكرت عائلتها الحقيقيه نسبها لهم فهم نسوا انهم يوما كان منهم هؤلاء
- ما انا برضوه بنت واحد من رجالته... وامي كانت رقاصه
اقترب منها اكرم وقد اصابته عباراتها
- أنتي ملكيش ذنب ياصفا
واردف بثبوت بعد أن حسم قراره
- انا مستعد أقف قدام الدنيا كلها عشانك.. حتى لو كان مين الشخص ده
- حتى لو كنت انا يامكرم
تجمدت عيناها نحو فرات الواقف بثقه دون عكازه... وألتف مكرم نحوه بثقه مهزوزه
......................................
أشار بيده لهم بالانصراف بعد أن وضع خطة الموسم الحالي في الازياء التي ستعرضها شركته... كل فرد جمع أوراقه ونهض ليُتابع عمله... سقطت احد الأوراق منها ولحظها سقطت الورقه كانت نفس اللحظه التي نهض فيها هاشم من فوق مقعده
ارتبكت فنظر لها مُبتسما وانحني بسلالسة دون كبر وتعجرف
- اتفضلي
رغماً عنها ابتسمت وألتقطت الورقه منه
- شكرا يافندم
تأملها هاشم وهو يتذكر مكالمته بها امس ثم انغلاق الخط
- اتصلت بيكي امبارح عشان تبعتيلي بعض تصاميمك اللي فرجتيني عليها لكن...
وقبل ان يُتبع عبارته بتوضيح تمتمت مُعتذرة
- اسفه يافندم
فسأل مستفهماً وهو يُجمع أوراقه
- هو ده رقم تليفونك ولا انا غلطت في الاتصال
فأسرعت بالتوضيح
- لا رقمي..بس حصل سوء فهم
فلمعت عيناه وهو يتذكر صوت ذلك الرجل الذي اجابه
- يبقى اللي رد عليا اخوكي
وقبل ان تصحح له الأمر.. كان حمزه يدلف لغرفة مكتبه بعد أن رحبت به سكرتيرة هاشم
ليبتسم هاشم فور رؤية حمزة غير مصدقاً انه يراه بعد تلك السنوات

يتبع بأذن الله
*********

#للقدر_حكاية ❤️

#سيمو

للقدر حكاية (سهام صادق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن