الفصل الثلاثون
***********تجمدت أطرافها وانكمشت على حالها وهي تشعر بعبق أنفاسه داخلها.. دقيقه مرت وهو ينظر إلى جسدها الذي يرتجف من قربه
اشاح وجهه بعيداً عنها مُتمتماً بجمود
- اخرجي يا ياقوت
فرت من أمامه دون كلمه نحو الباب لتقبض على مقبضه فتجده يُفتح بسهوله معها.. دارت بعينيها نحوه لتجده مازال على وقفته وظهره مُقابل لها.. لتسرع في خطاها نحو الدرج فتعلقت عيناها بأعين مريم التي كانت تصعد لأعلى
رمقتها مريم بنظرات جامده.. فأبتسمت لها بأبتسامه تُداري خلفها ارتباكها ولكن مريم لم تُقابلها الا بأشاحت عيناها عنها زافرة أنفاسها بحنق تتوعد لها داخلها
اكملت خطاها لاسفل وهي تلتقط أنفاسها وقلبها يخفق بقوه من تلك المشاعر التي لم تعيشها من قبل
كل شئ كان جديداً عليها وماهي الا أنثى أرادت ان تنعم بحنان فقدته منذ طفولتها ولم يكن الحرمان الا بسبب انفصال الوالدين
تنهد حمزه وهو ينثر عطره بعد أن أنهى ارتداء ملابسه بملامح جامده كلما تذكر خوفها منه
سمع طرقات خافته علي باب غرفته... ليجد مريم تقف على أعتاب الغرفه تطوي ساعديها أمامها وتُطالعه بأبتسامه واسعه
- ايه الجمال ده ياسي بابا
ارتخت ملامحه سريعاً فور ان سمع صوت صغيرته فألتف نحوها يرمقها ضاحكاً
- كبرتي وبقيتي بكاشه
ابتسمت بسعاده واقتربت منه... ليسمع صوت شهاب خلفها يحثه على النزول
تعلقت مريم بذراع حمزة ليضحك شهاب
- انا مش عارف هتجوزك ازاي
زمت مريم شفتيها عبوساً.. فضحك حمزة علي تذمرها
- مش وقت الكلام ده ياشهاب.. مريم لسا قدامها مستقبلها
تراقصت ملامحها بسعاده وطالعت شهاب تُخرج له لسانها
وماكان من شهاب الا انه عبس بوجهه متذمراً مُخرجاً لها لسانه مثلما فعلت
....................................
تعلقت عين ناديه بشقيقها وفور ان وجدته يتقدم منها اشاحت عيناها بعيداً عنه تُداري حالها من نظراته الثاقبه
- ممكن افهم ايه اللي عملتي ده
تنحنحت ناديه بهدوء وألتفت نحوه بثبات ترسم فوق شفتيها ابتسامه واسعه
- انا عملت ايه ياحمزة
ارتكزت عيناه نحو ياقوت التي وقفت مع فؤاد زوج شقيقته يتحدثون ثم ألتقطت منه الهاتف بعد أن حادث أحدهما فأعطاها الهاتف
- عينك هتطلع عليها ومتابع كل خطواتها... مع ان سهل عليك تقربها منك
هتفت بها ناديه وطالعته بمكر تتفن فيه.. لتحتد نظراته نحوها
- ناديه بلاش شغل الستات ده
ضحكت بشقاوة رغم سنوات عمرها الأربعون وابتعدت عنه تشكر نفسها عما قدمته
تنهد بمقت وعيناه تُلاحقها في كل مكان ولكنه لا يستطع ان يتحرك نحوها.. ف قيود الواجب والعائله كانت في عرفه هي الأساس
اتجهت ياقوت لاحد الأماكن الجانبيه تتحدث مع صديقتها وهي لا تُصدق انها أخيراً أجابت عليها
- كده ياهناء... اتجوزتي والجواز اخدك مني.. حتى محولتيش تسألي عني
اغمضت هناء عيناها وهي تسمع عتاب صديقتها وتنظر لمراد الذي أعطاها ظهره بعدما ناولها الهاتف حتي تُحادث صديقتها
- متزعليش مني يا ياقوت حقك عليا
وخطت بقدميها نحو غرفتها لتأخذ حريتها في الحديث
- حاجات كتير حصلت معايا وكان غصب عني
ترقرقت الدموع في عينيها وهي تود ان تخرج كل ما يثقل على روحها من آلم... تمالكت حالها بصعوبه تعض على شفتيها
- هناء انتي فيكي حاجه... قلبي حاسس انك تعبانه
جالت عين هناء بالغرفه وهي لا تقوى على كتم حزنها
- لا انا كويسه يا ياقوت متخافيش... نسيت اباركلك ياحبيبتي متعرفيش انا فرحانه اد ايه ويوم الفرح هتلاقيني عندك
تعلقت عين ياقوت بحمزة الذي اخذ يقترب منها ببطئ
- هستناكي ياهناء اوعي تسبيني اليوم ده لوحدي وساعتها هعرف ايه اللي مخبياه عني
انتهت المكالمه... لتنظر هناء نحو الهاتف ثم غادرت غرفتها
وجدته يجلس على الاريكه يضع حاسوبه فوق ساقيه فوضعت الهاتف أمامه متمتمه
- شكرا
واستدارت بجسدها عائده لغرفتها ولكن وقفت متذكره امر العمل الذي قُبلت فيه وستبدء من الغد... ألتفت نحوه لتجده يحدق بها بصمت يود الحديث معها ولكن كبريائه يمنعه
- بكره هبدء اول يوم شغل
ولم تنتظر سماع رده واندفعت نحو غرفتها لتفزع من صوته
- هناء انا صابر عليكي وبقول حقها تزعل بس متزوديهاش
طالعته بهدوء تنظر إليه وجلست على فراشها
- اول مره اشوف ابن عم بيحاكم بنت عمه عشان عايزه تشتغل وتشوف مستقبلها
تجمدت ملامحه بضيق من نسيانها انها زوجته
- هناء افهمي كلامك كويس
ضاقت عيناها وانتفضت من فوق الفراش ترمقه بحقد
- انت اناني.. عارف يعني ايه اناني... انا مش عارفه ازاي كنت بحب واحد زيك
طعنت كلماتها رجولته وآلمه هيئتها وقبل ان يهتف بشئ... اقتربت منه تدفعه على صدره
- ياريتك فضلت مسافر ومرجعتش... يارتني ماحلمت بيك
اغمض عيناه وهو يسمعها ولأول مره يُدرك انه اكبر خاسر.
...................................
اطرقت ياقوت عيناها خجلاً عندما وجدته يقترب منها ولكن اوقفه في البدايه أحدهم يتحدث معه.. فركت يداها بتوتر تنتظر قدومه.. لتجد مريم تتعلق بذراعه ثم جذبته نحو العروسان والتجمع العائلي الخاص بهم وماكانت هي إلا الطرف المنبوذ
تجمدت عيناها على المشهد بآلم..
اقتربت منها ياسمين تزفر أنفاسها بملل
- ياقوت انا عايزه اروح..زهقت
طالعتها وهي لا تعرف من سيعود بهم الي بلدتهم.. نظرت حولها ونظرت لملامح شقيقتها المستاءه
- ياقوت اتصرفي... وشوفي حمزه خلينا نروح
خشت ان تذهب اليه ولكن إلحاح شقيقتها جعلها تخطو نحوه بخطوات مُرتبكه وكأنه ليس لها وليست له وإنما هي كالغريبه
تقدمت نحوه بتوتر ولكن وجدت مريم تقطع عليها الطريق وتقترب منها
الكل ظن انها تتحدث معها وتُرحب بها وستبدء بينهم صداقه.. اجادة الصغيره رسم ابتسامه واسعه فوق شفتيها حتى هي فرحت بقربها وبأبتسامتها الودوده وسيتجاوزوا ذلك الكره ويصبحوا عائله واحده ولكن كان خلف تلك الابتسامه قناعاً اخر ظهر مع لذعات لسانها
- لو رايحه ل بابا ياريت بلاش لانه مش فاضيلك
واشارت نحو شقيقها وحمزه وندى وناديه التي كانت تتابع الموقف وهي تتمنى ان تعتاد مريم علي ياقوت
- شايفه محدش فاضيلك ازاي...حتى الجو عندنا مش لايق عليكي
ألقت عباراتها ثم انصرفت تبتسم بفخر عما حققته... لتتعلق عين ياقوت بها ذهولاً غير مُصدقه ان فتاه بعمرها تتحدث وكأنها امرأه ماكره تعرف صب سمومها... بلعت غصتها بمراره وابتسمت حتى تُداري كسرتها
وفي دقائق كانت تسحب يد شقيقتها وتُغادر المكان لتنفض ياسمين يدها تسألها
- ياقوت ماتردي عليا هنروح ازاي
تنهدت بأنفاس مُثقله وهي تلتف حولها وكل ما تُريده ان تُغادر المكان لتنظر أمامها بخيبه... تهللت اسارير ياسمين وهي تجد حمزه يقترب منهم اما هي اشاحت عيناها عنه
شهقت وهو يجذبها من مرفقها دون كلمه مُعتذراً من شقيقتها
- ممكن افهم ليه سيبتي الحفله.. مع ان مريم طلبت منك تيجي تتصوري معانا وتباركي لشريف
اتسعت عيناها وكادت ان تهتف موضحه له انها لم تُخبرها بشئ هكذا إنما هي من اخبرتها ان تبتعد عنهم والا تزعجهم
- مش مضطريه تقبلي اي دعوه من عيلتي يا ياقوت مدام مش هتكوني مبسوطه.. واتمنى تحترميهم وتعامليهم كأنهم عيلتك
ألقى عبارته الاخيره وكأنه يُحذرها من الاساءه لعائلته .. فأبتلعت عبارات دفاعها عن نفسها... ف الاتهام قد سقط عليها واصبحت هي المُذنبه واتقنت الصغيره لعبتها وانتهى الأمر
- ممكن امشي عشان ترجع لعيلتك وميفتكروش اني باخدك منهم
رمقها بنظرة طويله اما هي كانت تقف تتمالك دموعها تعض باطن خدها كي لا تبكي امامه
......................................
قادها برفق نحو الفراش والسعاده كانت مرسومه فوق شفتيه
كل شئ تم سريعاً ولكن وقت ان يصبحوا معاً قد جاء
كانت خائفه وبقدر خوفها كانت سعيده
- مها
همس اسمها برقه وجلس جانبها ينظر لملامح وجهها الناعمه يشبع عيناه منها.. اغمضت عيناها بخجل... فأبتسم وهو يضمها اليه
- تعرفي انك جميله اوي
حررت جفونها من غلقهما وفتحت عيناها تسأله
- بجد انا جميله ياشريف... انا طالعه حلوه
تنهد وهو يشعر بالآلم اتجاهها.. يقسم انه سيفعل كل شئ حتى يعود لها بصرها اذا كان مُقدر لها وان لم يكن لن يتركها مهما حدث
- أنتي أجمل بنت شافتها عيوني.. ده انتي كتير عليا... الناس النهارده كانت بتشاور وتقول ازاي العروسه الحلوه ديه تتجوز الوحش ده
ابتسمت وهي تتذكر أحاديث البعض.. كيف العمياء تتزوج بمثله ولكنه لم ترغب ان تُخبره بما سمعته فقد اعتادت على أقوال البعض دون رحمه
- انا بحبك اوي ياشريف
ورفعت يدها نحو صدره تبحث عن دقات قلبه... لتستقر كفها على موضع قلبه
- انا حبيت ده... حبيت قلب شريف
لم يتمالك شريف نفسه يداه جالت على جسدها بعبث... ولكن مع لمساته كانت تتذكر أيد سالم التي كانت تعبث بجسدها
سقطت دموعها ويداها تدفعه عنها... فأبتعد عنها قلقاً
- مالك يا مها
انكمشت على نفسها وضمت جسدها بذراعيها تهتف بخوف
- متعملش زيه.. متعملش زيه
وانختمت ليلتهم بتلك الجمله التي جعلت عيناه تجحظ على وسعهما وكلام المرأة التي قادته لغرفتها ذلك اليوم يتردد في اذنيه
" طالع يتسحب على السلالم بليل... وبيتلفت حواليه وهو واد بتاع مزاج"
.................................
بدأت هناء عملها كموظفه استقبال في احد الفنادق الكبرى بمدينه الاسكندريه.. لم تطلب مساعده عمها الذي كان من الممكن أن يجد لها وظيفه افضل الا انها قررت أن تعتمد على حالها وتبدء المشوار وتخوض كل شئ بنفسها حتى تواجه حياتها القادمه
لم يعلم مراد بمكان عملها ورضخ لاصرارها بعدما انهارت أمامه تلك الليله
ابتسمت ابتسامه لطيفه عندما وقف أمامها احد نزلاء الفندق يطلب منها ان تستدعي له سياره أجره
كان المدير يُراقبها من بعيد ليتقدم منها فتوترت من وجوده وحصار نظراته عليها
- افندم يامستر خالد
تعلقت عين خالد بها ثم انصرف دون كلمه... فرفعت إحدى طرفي شفتيها مُستنكره فعلته
..................................
اتسعت عين ياقوت دون تصديق لتمسح يداها من الاتربه التي تعلقت بهما من أثر تنظيف المنزل
- سماح... انا مش مصدقه انك هنا
ضمتها سماح بأشتياق تُعاتبها
- معرفتش اوصل ليكي.. فقولت اجيلك بنفسي البلد..
طالعتها ياقوت بسعاده
- انتي رجعتي امتى من مهمتك
نظرت لها سماح ثم تعلقت عيناها بداخل المنزل مُتسائله
- أنتي هتسبيني واقفه على الباب يابنتي
ارتبكت ياقوت وهي تخشي ان تحرجها زوجه ابيها ولكن سناء تقدمت منهم
- مين يا ياقوت
عرفتها سماح عنها .. لتلقفها سناء بين ذراعيها مُرحبه بها
- اهلا ياحبيبتي نورتيني
ونظرت الي ياقوت تُعاتبها وترمي بسمومها
- كده تسيبي صاحبتك على الباب يا ياقوت... معلش ياحبيبتي اصل ياقوت مبتفهمش في الأصول
رمقت سماح صديقتها وتعبيرات وجهها التي اخذت تتغير مع عبارات سناء التي كانت كالبلسم أمامها
- اتفضلي يابنتي
ودفعت ياقوت من أمامها هاتفه
- روحي يلا يا ياقوت اعملي عصير
اتجهت أنظار ياقوت نحو صديقتها التي اخذتها سناء
تتنهد بيأس من أفعال زوجه ابيها.. ف اللطف لا يأتي الا مع الغرباء إنما معها لا تريها الا السواد... تُدفعها الثمن كل يوم من خدمه في البيت حتى تنام وهي لا تشعر بحالها
والكلمه التي اعتادت عليها هذه الأيام
" اعملي بلقمتك الايام ديه يابنت صباح..ولا انتي هتشوفي نفسك علينا من دلوقتي... يلا اه بكره تتجوزي وترجعلنا بشنطه هدومك وياخوفي ترجعلنا بعيل"
تلقى عباراتها كل ليله وهي تلوي شفتيها بتهكم.. وكأنها تنتظر فشل تلك الزيجه
اعدت اكواب العصير.. لتجد سماح قد اندمجت معها في الحديث
- اتفضلي يا سماح العصير... اتفضلي يامرات ابويا
تناولت سماح الكوب كما تناولت سناء وقبل ان تجلس هتفت بها
- ايه ده انتي هتقعدي يا ياقوت.. مش عيب كده قومي ادبحي دكر بط انتي وياسمين من فوق السطح واطبخي لصاحبتك. ورغم اعتراض سماح الا ان امر سناء قد تم وحشرت هي وشقيقتها في الدبح والتنضيف والطبخ حتى هلكت
.....................................
دبت سماح على معدتها وهي تجلس على الفراش الذي تحتويه الغرفه
- بس مرات ابوكي ديه ست كريمه اوي يابت يا ياقوت
فأبتمست ياقوت وهي تقترب منها لتهمس سماح
- شكلك انتي المفتريه
تنهدت ياقوت وهي تفكر ان صديقتها تظنها كاذبه ولكن سماح لم تكن سهله
- أنتي اللي طيبه ياسماح
ضحكت سماح وهي توكظها على ذراعها هاتفه
- أنتي اللي هابله وعلى نياتك
وارتمت سماح بين ذراعيها تحضنها بقوه
- انا مسافره لندن يا ياقوت
واغمضت عيناها مُتذكره تلك الليله التي جعلها سهيل تخضع لأمر الزواج ليتم الأمر واتضحت لها الحكايه ان سهيل يفعل ذلك من اجل حبيبة شقيقه التي تحبه هو وتسعى لتوقيعه لتناله ...اخبرها عن حاله شقيقه الصحيه وعجزه بعد أن أصابه الشلل وتلك المُخادعه التي يُحبها تسعي نحوه وتضعه كهدف وتتلاعب بشقيقه حتى تصل اليه... والحل اخبره به احد أصدقائه ان يتزوج زيجه مؤقته بشروط ومن فتاه بعيده عن عالمه حتى لا تزعجه ثانيه حينا ينفصل عنها ويمضي الأمر
وتفقد "جين" اللعينه الأمل به
دبر خطته واستجاب لافكار صديقه واقحمها هي بكل وقاحه لتتقبل الحكايه بعناد ورغبه في الانتقام منه على لعبته الدنيئه التي اقحمها بها دون أن يُفكر فيها
وخرج صوتها بثقل
- انا اتجوزت يا ياقوت!
لتبتعد عنها ياقوت فزعاً
- اتجوزتي ماهر
فضحكت سماح وهي تتذكر ماهر الذي ارسلت له صوره زواجها من سهيل
- ماهر ده خاين... لا انا اتجوزت سهيل نايف
لتنظر إليها ياقوت وهي لا تستعب الحكايه
- لاعب الكره... ازاي ده حصل
فزفرت سماح أنفاسها بقوه وشاكستها
- اهي اقدار... زيك كده مع حمزة الزهدي البعبع اللي كان بيرعبك
...................................
نظرت صفا الي الاسطبل الذي تعبئه القاذورات..فطالعت عنتر الذي وقف يرمقها بجمود
- هنفضل كتير كده... ما يلا ياختي ابدأي التنضيف
طالعته صفا بصمت ثم حملت الأدوات التي أعطاها لها... لتبدء في مهمتها باكيه واعين عنتر تُتابعها
ثم انصرف لغرفه مكتب فرات
- اي أوامر تانيه يافرات بيه
طالعه فرات بعدما مد ساقيه بتعب وارخي ظهره على مقعده
- كفايه عليها شغل لحد كده...
تنهد عنتر من صمودها
- ما تطردها يابيه من نفسك ونخلص
احتدت عين فرات... فأطرق عنتر عيناه ارضاً
- روح شوف شغلك
غادر عنتر.. لينهض من فوق مقعده تاركاً عصاه التي تشعره بعجزه... تحمل على قدميه وسار نحو الشرفه شارداً في مكالمه شقيقته تبكي له عن غضب عزيز عليها واهماله لها وأولادها منذ أن اختفت صفا تترجاه ان ينفيها بعيداً حتى لو لزم الامر وبعثها لبلد أخرى خارج مصر
..........................................
ضاقت عين شهاب بغضب وهو ينظر لندى التي رفضت الذهاب لحضور العرس في بلده ياقوت... فقد اقترح فؤاد عليهم أن يقيموا العرس في منزل شقيقه بعد أن حدث إعصار حينا طالبت ناديه ان يفعل شقيقها عرساً...
- ندي اعقلي كده وجهزي نفسك عشان نسافر... انا متحمل اعتراضك على جواز حمزه واقول معلش مهما كان اختها
واردف بضيق
- ما انتوا اهو حبيتوا مها... اشمعنا يا ياقوت
فصاحت به باكيه
- مش قادره ياشهاب سوسن مكنتش اختي بس.. دي امي.. مش قادره اتخيل انه هيبقى لواحده غيرها... احضر فرحه ازاي مش كفايه قبلنا
تجمدت ملامحه وهو يرمقها
- ديه اسمها انانيه... والمفروض تكوني ناضجه عن كده ياندي.. طب مريم ولسا صغيره مش فاهمه حاجه اما انتي... اخر كلام تجهزي لا الا هتصرف تصرف مش هيعجبك ياهانم
تركها بعد أن ضاقت أنفاسه من ذلك الجدال الذي صار محور حياتهم كلما اقترب موعد العرس
لتجلس فوق فراشها متنهده وبعد تفكير نهضت لتُرتب حاجتهم.. فالأمر قد انتهى
......................................
نظرت ياقوت لكل من سماح وياسمين وهناء الملتفون حولها بحب
ولم يتركوها ذلك اليوم... لم تسافر سماح رغم سفر سهيل لبدء تدريباته واقتراب موعد الدوري الانجليزي
أرادت ان تنهي متعلقاتها وتستعد للمواجها ونيل حقها منه بعد أن ظن أنها لقمه سهله المنال
اما هناء كانت تؤلمها تلك اللحظه ورغم اصرار ياقوت عليها ان تخبرها ان تحكي لها ما يُحزنها الا أنها لم ترغب في احزانها تلك الليله
تأملتها هناء بسعاده
- طالعه قمر يا ياقوت
فطالعت زينة وجهها مُتسائله
- المكياج مش تقيل شويه
لتنظر سماح لوجهها
- لا خالص... انا مش عارفه ليه مروحتش الكوافير ولا في صوت حتى اغاني ولا حاجه ده ولا كأننا في عزا
فتنهدت بآلم وهي تتذكر موت زوجه عم زوجه ابيها... فقلبت الدنيا عليها ولم ترغب بفعل عرس لها إلا أن والدها وقف لها ومع مساعده السيد مهاب ومحبته لها قرروا ان يفعلوا العرس في منزله
- متقلقيش ياسماح انا مجهزه البنات في بيتنا وهنرقص للصبح
هتفت هناء بسعاده وقد نست كل آلامها مع فرحة صديقتها
وفجأة شهقوا حينا دلفت زوجه ابيها فجأة مرتديه السواد.. لتظهر من خلفها ناديه المبتسمه ووالدتها التي سمح لها اخيراً زوجها ان تأتي لها كالأغراب فمنذ رفضها لابن شقيقه مره اخرى وازداد بغضه عليها وبغضه لم يأتي الا في صوره حرمانها من والدتها في لحظات حياتها التي لا تُنسى
...............................................
بدء العرس وقد كان كما اخبرتها هناء وقامت سماح بالواجب وما اعطا لهم الحريه ان العرس كان منفصلا.. ف النساء بالأعلى والرجاله بالأسفل في غرفه الضيافه الواسعه
رقصت هناء حتى قطعت أنفاسها ولم تنتبه لتقي التي ألتقطت لها بعض الصور وسجلت لها فيديو لرقصها مُقرره انها ستبعثهم لشقيقها حتى يرى زوجته
اما ندي جلست وبجانبها مها ومريم التي تنظر نحو ياقوت بغضب...رغم رغبه مها في التهليل مع الفتيات الا ان كلامهم عنها كان له تأثير.. اخبروها بعدم فرحتهم وإن ياقوت ماهي إلا فتاه لاعوب ساعدوها لتعمل ثم وضعت شباكها على حمزه الذي كان عازف عن الزواج
فرحت ياقوت من قلبها لأنها ستتخلص من آسر زوجه ابيها..فلم تجد في الزواج الا نيل حريتها رغم خوفها وما اراحها قليلا انها ستعيش بشقه خاصه بها بعيده عنهم وهذا ما تمنته ومع طمئنينه ناديه ومعاملتها الحسنه واخبار سلوى لها عن حنان حمزه مع زوجته الأولى وأبناء زوجته كانت تنفض مخاوفها وتتبع قلبها
وانتهى العرس أخيراً... وبدأت حياه جديده لها معه
....................................
دلفت للشقه الواسعه بخطوات مُرتبكه تطرق عيناها ارضاً تشعر بالنعاس والتعب... تقدم امامها ليضئ انوار المكان... لتظهر لها الشقه بأثاثها وجمالها العصري
أغلق الباب لتنتفض فأقترب منها يرفع ذقنها
- بصيلي يا ياقوت
رفعت عيناها نحوه خجلاً ليميل على جبينها يلثمه
- مبروك
حررت أنفاسها أخيراً فلم تعد تقوى على حبسها.. ليبتعد عنها
- مالك يا ياقوت
طالعته بتوتر وخرج صوتها مذبذاً
- مافيش
وألتفت حوله تسأله
- هو احنا مينفعش نفتح الباب
تجلجلت ضحكاته بقوه مُحركاً رأسه
- للأسف مينفعش يا ياقوت
ومازحها ومازال يضحك
- ممكن نتسرق
فعبست من ضحكاته واشاحت عيناها عنه.. تبحث عن مكان تخرج فيه حتى تلتقط أنفاسها... لتسقط عيناها نحو الشرفه فحملت فستانها وسارت تحت نظراته المتعجبه لفعلتها
وقف يتأملها كيف تستنشق الهواء ثم تزفره وتكرر فعلتها مره تلي الأخرى... طوى ساعديه امام صدره يُطالعها
الي ان ألتفت بجسدها لتجده يُحدق بها فتمتمت بخجل وهي تخفض عيناها حرجاً
- في حاجه... بتبصلي كده ليه
ابتسم وهو يقترب منها وألتقط كفوفها البارده
- في ان الجو بارد ويلا ادخلي عشان متبرديش
دلف بها من الشرفه... وأغلق الشرفه جيداً لينظر لها وهي تهرب بعينيها بعيدا عنه ولم تشعر الا وهو يضم وجهها بين كفوفه ثم حرر وجهها لتشهق وهي تجده يحملها بين ذراعيهيتبع بأذن الله
**********#للقدر_حكاية ❤️
#سيمو
بنعتدز عن التاخير بس سهام كانت و لازالت تعبانة
أنت تقرأ
للقدر حكاية (سهام صادق)
Romansaحكايات نسجها القدر... ولم يكن للعقل او القلب اي اختيار الحياه تسير بينا هكذا تقودنا لمصايرنا وأما يكون مصيرك سعاده او حزن يحطم القلب وبين هذا وهذا ما علينا الا الرضى بقلوب حامدة