نظر إلى سقف الغرفة بضيق شديد ..ألا يكفيه ان يبقيا معا طيلة النهار يتحدثان ويعملان ..والان يأتى إلى الغرفة ليعطيها كتابا ..
لماذا لم ينتظر حتى الصباح؟!
لقد اصبح وجودها تعذيبا ..
رمقها بنظرة جانبية ..كانت تقرأ بهمة ..وكأنها تقرأ لاجل اختبار ..
منذ متى تحب القراءة ؟؟! و أى قراءة ..ليست تلك الروايات الرومانسية التى لطالما كان يلمحها من نافذته تحتضنها وتتنهد ...
وانما كتاب عن علم الاجتماع عبر التاريخ ...
ومن قبل قرأت في الطبخ .....يتوقعها بالمرة القادمة تقرأ عن استخراج البترول من باطن الارض ..
التوى فمه في سخرية ...فلو كان اخبره احدهم من قبل ان علا قد تهتم بالطعام وطهيه ..او تهتم بعلوم الاجتماع ..او تفكر فى اتمام دراستها العليا لسخر منه هازئا ..
فهى لم تكن تعبأ عن تتعلم الطهى كالفتيات ..
كم من مرة سمع والدتها تطلب منها المساعدة فى الطهى .."كيف ستتزوجين اذن ان لم تجيدي الطهى ؟؟"
"لابد ان تتعلمى...حتى تطعمى زوجك واولادك".
وقتها لم يكن يهتم بجهلها ...فهو ليس محبا شرها للطعام ..
يكفيه ان يسد جوعه ..
ثم ...ثم انه يكفيه ان تكون له ..دوما ما فكر انه سيحل ذلك الامر ..سيأكلان بالمطاعم ..لا يهم كيف سياكلان .
يكفى ان يكونا معا .
لم يكن يهمه عدم اهتمامها بدراستها ...يكفى ان تنجح كل عام ..
لم يكن يهتم بأى من عيوبها الكثيرة ...فكما يقال عين المحب لا ترى إلا كل جميل ..
فقط لو لم تكذب ...فقط لو كانت اخبرته ..
كيف لم يلاحظ أن ابتعادها عنه بينما كان يحاول التقرب منها ليعترف بحبه المرة تلو الاخرى ان قلبها منشغل بآخر ..
كيف فسر ابتعادها خجلا ..أدبا ؟؟!
كيف لم يرى فى عيونها رفضا له ؟
نعم تغيرت ...
تغيرت فى كل شي ..
فاصبحت طاهية ماهرة ..
و قارئة نهمة ..
و ..و ليست له برافضة ...
مستجيبة ...مستجيبة ... ومرحبة ...و مشتاقة ...
يعرف ذلك جيدا ...
فمن قبل كانت رافضة ..كل إنش فيها كان يرفضه ...
جسدها كان يقولها .. كان يقول لا ...
واليوم ذات الجسد يطلبه ...يذوب تحت لمساته ..