عليكَ/كِ أن تعرف/ي أنه أغلب من يسيرون على طريق الله يُعانون مما تُعانيه أنت، أغلب أغلب الملتزمين يُعانون من قلة وجود الصحبة الصالحة، ومن أن وسطهم ليس وسطا متدينا، وبالتالي نخوض في الدنيا معهم حتى ننسى ديننا.. لكن الأساس ألا نغفل كليا، وأن نعود بعد كل ذنب إلى الله سبحانه..
فلا تظن، أخي أو أختي، أنك الوحيد الذي يعيش هذه الحال، ولا تظنني انا من أعظك أني أفضل منك حالا، بل تُصيبني الانتكاسة كما تُصيبك، وأذنب كما تُذنب، وأغفل كما تغفل، وأصلي دون خشوع كما تصلي أنت أيضا دون خشوع.. كل هذا نفعله جميعاً، ولكن بنسب متفاوتة.. والمهم والاساس هو أننا نعود بعد كل ذنب..
ففي الحديث :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الإيمان يخلُق (أي يَبْلى) كما يخلُق الثوب، فجددوا إيمانكم”. وفي رواية: “إن الإيمان ليخلُق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم”. رواه الإمام أحمد والطبراني في الكبير والحاكم، وأشار السيوطي لحسنه.
وفي الآية
﴿رَّبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا فِی نُفُوسِكُمۡۚ إِن تَكُونُوا۟ صَـٰلِحِینَ فَإِنَّهُۥ كَانَ لِلۡأَوَّ ٰبِینَ غَفُورࣰا﴾ [الإسراء ٢٥]
﴿وَوَهَبۡنَا لِدَاوُۥدَ سُلَیۡمَـٰنَۚ نِعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥۤ أَوَّابٌ﴾ [ص ٣٠]
﴿مَّنۡ خَشِیَ ٱلرَّحۡمَـٰنَ بِٱلۡغَیۡبِ وَجَاۤءَ بِقَلۡبࣲ مُّنِیبٍ﴾ [ق ٣٣]
﴿إِنَّ إِبۡرَ ٰهِیمَ لَحَلِیمٌ أَوَّ ٰهࣱ مُّنِیبࣱ﴾ [هود ٧٥]المنيب والأواب، هو كثيرُ الرجوع إلى الله، لم تُذكر في الآيات أن العبد الصالح، أو نعم العبد، هو من لا يذنب أبدا، لأن هذا مستحيل، ولكنه من يُذنب ثم يعود بعد كل ذنب إلى مولاه..
وأذكرك وأذكر نفسي بهذا، حتى لا يُصيبك اليأس من نفسك، وتظن بربك ظن السوء، وحتى لا تمتنع عن الرجوع إلى مولاك بعد كل مرة.. فحالك كحال باقي البشر.
هذا، وتذكر أنه، كما أنه سبحان غفور رحيم، أنه في نفس الوقت شديد العقاب، وتذكر أن الموت قد ينتابك في أية لحظة وربما تكون اللحظة التي أنت فيها قائم على الذنب..
وأنه حتى وإن استَبعَدنا الموت، فإن الله قريب، وبصير وسميع عليم، مُطَّلع على أحوالك كلها وتصرفاتك كلها، فالأولى أن يصيبك الحياء من نظرة الله إليك قبل أن يصيبك الخوف من الموت.. وهذا لم نبدأ به كلنا، أي أنه نعم قد تكون نفسك حيية منه سبحانه، لكن عليك أن تقوي هذا الحياء بالتعرف على الله بأسمائه وصفاته وقوته ورحمته وجبروته وواسع ملكه وشديد عقابه الخ... حين تتعرف على الله ستشعر أنك لا شيء، وستستحيي أن تصيب الذنب والبصير ينظر إليك، كما قال الأعرابي "أوَكان ينظر إلي حين كنت أعصيه؟"..
وبعد كل هذا، اعلم أن كل ذنب تصيبه، تُنكث به نكثة سوداء في قلبك، ونكثة عن نكثة حتى يَسوَد القلب كليا، فلا تعود تشعر حتى ببأس في ذنبك، أو بعذاب ضمير بعد كل ذنب تصيبه.. وهذه تكون هي رأس المصائب، لأن القلب الحي قد يتدارك الحال في أية لحظة بعد فضله سبحانه، أما القلب الميت فتعمى بصيرته ولا يرى في الذنب بأسا فيزداد انغماسا فيه.. نعوذ بالله من هذا...
فخف على قلبك!بالنسبة للصحبة الصالحة، تستطيع أن تُنشئ حسابا على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك مثلا، وتضيف فيه أناس طيبون متمسكون بدين الله، سيُعينونك على الثبات، وسيعوضونك عن الفراغ الذي تجده في الواقع (شخصيا، كل الصحبة الصالحة التي أملك من مواقع التواصل.)، من خلال متابعة منشوراتهم، او الكلام عبر الرسائل؛ أو مثلا تستطيع متبعة صفحات دينية تُحفز وتقوي الإيمان..
كما تستطيع أن تلتحق بدور القرآن وحلقات الذكر، ابحث في مدينتك أو حيك عن مسجد يحفظون فيه القرآن، أو جمعية تُنظم دروس وعظ، احضر معهم، ولو دون أن تحفظ، فقط ليُصيبك أجر مجلس الذكر، مرة عن مرة ستنشأ علاقات بينك وبين الحاضرين وقد تتطور العلاقة حتى تصبح صحبة.. ( تستطيع أن تطلب من شخص معين التعرف عليه ^^ عادي جداً، الأمر لا فيه عيب ولا فيه أي إحراج، يكفي أن تتقدم نحوه ببابتسامة عريضة وتخبره بإعجابك به أو بشخصيته وتطلب التعرف عليه.. وقد جربتها مرات وهي فعالة).
المهم ألا تبقى دون صحبة صالحة، ولو عن بعد فقط، فبها تشتد العزيمة ويقوى الإيمان..
فإن كان هذا نداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف بنا نحن؟
﴿وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَیۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِیدُ زِینَةَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطࣰا﴾ [الكهف ٢٨]
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: ﴿واصْبِرْ﴾ يا محمد ﴿نَفْسَكَ مَعَ﴾ أصحابك ﴿الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ بذكرهم إياه بالتسبيح والتحميد والتهليل والدعاء والأعمال الصالحة من الصلوات المفروضة وغيرها ﴿يُرِيدُونَ﴾ بفعلهم ذلك ﴿وَجْهَهُ﴾ لا يريدون عرضا من عرض الدنيا. - جامع البيان لابن جرير الطبري-
-تتمة-
فادع الله أن يرزقك ويمن عليك بصحبة صالحة، وأدِم البحث حتى تجد من تشد به عضك.
أما بالنسبة لمُحيطك، فالحل سهل، هو أنه عوض أن تبقى أنت المتأثر، تُصبح أنت المُؤثر، بالدعوة إلى الله في مُحيطك، ستصبح لك حصانة من التأثر بهم، وزد على ذلك هُم سيوقرونك ويحترمونك بحيث لا يعودون يقدرون إتيان الذنب أمامك، وبالتالي فلا تصرفات تؤثر عليك لتتأثر بها..
لأنه مثلا، أنتم في جلسة فتقوم أنت وتحدثهم عن حرمة الموسيقى مثلا، او حُرمة الغيبة والنميمة، من الطبيعي أنه لن يتجرأ أحد على الخوض في النميمة في تلك اللحظة.. وهكذا.. وصحيح أنها لا تنجح المسألة من الخطوة الأولى، لكن مع ثباتك وإعادة التذكير مرة عن مرة، سيفهمون أنه لا مجال للتراجع عندك، وبالتالي سيحترمون مبادئك، لأنهم إن لم يفعلوا سيأتيهم منك إنكار وهم ليسوا مستعدين لسماع بلبلاتك ^^
وأخيرا، نصيحتي ألا تخوض أصلا، وأن تتفادى المجالس ما أمكن.. لا أقول لك اعتزل الناس كليا، لكن المجلس الذي لن تنتَفع منه، أو الذي لا تنفَع فيه سيكون في الغالب مجلس لغو، والواجب تفاديه..
ولو أنك تصاحب الكتب وأخبار الصحابة والتابعين والسلف الصالحة لنعمت بثبات عجيب..
وزد على ذلك، القيام في الثلث الأخير من الليل، وأعمال الخفاء، هذه كلها ترسخ جذور التقوى في قلب المرء.
نسأل الله أن يوفقك ويثبتك على دينه.
أنت تقرأ
لأننا غاليات2 🌸
Spiritualهذا الكتاب عبارة عن مجموعة كتابات قصيرة تعرفك على قيمتك عند ربك، على قيمة حجابك، صدقيني اقرئي كلماتي بصدق اقرئيها بقلبك قبل عينيك لن تندمي قسما بالله ستتغير حياتك من ضنك لراحة نفسية شاملة أنت غالية أحبك في الله و أتمنى من الله أن يجمعني معك تح...