أُخَيَّة لا تَتَنازَلي رَجاءً.
لا تتنازلي وتغريك الأموال والحسب والنسب والجمال، عن تركِ صاحِب الدين والزواج بمَن هو عادِيٌّ الدين بالنسبة إليه جزء من الحياة فقط، لا منظومة الحياة بأكملها.
أُخَيَّة، نَحتاج أطفالا عِظاماً في أمَّتِنا، يصنَعون المَجدَ غداً، ينصرون الأمة ويرفعون عنها الذُّل والهوان، فلِمَ تضعين أبناءَكِ بين يَدَيِّ من لا تُشغِل هذه الأمور اهتماماته ؟
هناك نوع من الرجال تجدينه طيبا، حنونا، يُحسِن لأهله، يصلي صلاته، يصوم، يقوم بواجباته فقط، بالنسبة إليه أن يكون أطفالُه مهَذَّبون وذوي أخلاق حسَنَة وناجحين في مسار حياتهم، فهذا كل ما يهم في الحياة؛ يريد أن يهنأ بحياة طيبة، هادئة، يسودها الدين ورضى الله نعم، ولكن لا يطمح لما هو أكثر من ذلك. هذا النوع من الرجال، فيهم خير كثير، ولو أن في أمتنا رجال كثر كهؤلاء لساد الخير بكَثرَة.
ولكن أنتِ .. أنتِ لا تريدين مجَرَّد متدَيِّنٍ فقط، أنتِ تريدين من يحمِل معك هَمَّ الأُمَّة، من يُساعِدُك على تربية أبنائِك على العقيدة الصحيحة، على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تريدين زوجا يسافِر بكِ لحضور دروس دينية، تريدين زوجا يطلُب العِلمَ وتتعاونين أنتِ وإياه على الدعوة ونشر الإسلام بين الناس، تريدين زوجاً يُشارِكُكِ طموح إدخالِ ولو شخص واحد للإسلام، الخ .. فرجُلٌ كهذا الذي ذَكَرت سيُلغي عَزيمَتَك، ورُبَّما كان عائِقاً بالنسبة لكِ، وإن كان خَيِّراً.
أنتِ تحملين طاقَة وعزيمَة تصنَع لنا أُمَّة، أمَّة كلُّها قوة وخَشيَة من الله فقط، فلِمَ تتنازَلين عن أحلامِك ؟
رسول الله صلى الله عليه وسلَّم حين قال : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " رواه الترمذي وغيره.
لم يَقُل إذا جاءَكم صاحِب الدين، إنما قال " من تَرضَون"، فلكل منا معايير يرضاها ومعايير لا يرضاها.
فمِنَّا من تكتَفي بمن يحافظ على الصلاة فقط، بالنسبة لها هو متدين وقد رضيت دينه وخلقه، ومنا من لا ترضى إلا بكريم القلبِ كثير الصَّدقات، ومنا من لا ترضى إلا بحافِظ كتاب الله جل جلاله، ومنا من لا ترضى إلا بمن يُمَعِّر وجهه من أجل الدَّعوة إلى الله، ومنا ومنا ومنا، الخ ..
فلِمَ تتنازَلين أختي ؟ والكلام مُوَجَّه إليك أيضا أيها الأخ الكريم، إن كنت رَجُلا يحمل هم الدين وهم الدعوة إلى الله وهم طلب العلم الخ .. فلا تتزوج من امرأة عادية، وتقول هي متدينة تصلي ومحجبة وخلوقة هذا كل ما يهم، نعم تَهُمُّنا هذه الأمور، ولكنها ستتذَمَّر دائِما من كثرة غيابِكَ عن البيت، إن كانت طموحك تحوي إلقاء الدروس على جَمعٍ من الناس، وستتذَمَّر ما إن قُلتَ لابنِكَ، يا بنَي إن أمرَك المدير بالقيام بما هو مُحَرَّم في شَرعِنا فلا تُطِع أمرَه وأطِع أمرَ الله واصدَع بالحَقِّ ولا تَخشَ غير الله فالرزق بيده عز وجل؛ ستتدَخَّل قائلة يا بُنَي لا تَلقِ بنفسك للتهلكة وحاول قدر الإمكان الحفاظ على مكانتك في الشركة. لا أطلب منك أن تقوم بشيء محرم، ولكن تعامل بسلاسة مع الأمر وحاول الخروج منه بأقل الأضرار".
هل فهمتم ما أرمي أليه ؟ هل فهمتم معنى "من ترضون" ؟ أنتَ تبني والطرفُ الآخَر يُدَمِّر ما بنَيتَ.
يا إخوة ويا أخوات، والله العظيم إنا نعيش غُربَة تعجِز الحروف عن وصفِها، غربة بين أهلنا وأقاربنا وذوينا، فلا تحكموا على أنفسكم أن تعيشوا هذه الغربة مع أزواجكم أيضا، لا تتزوجوا شخصا يرى تديُّنكم فيه نوع من المبالغة، إلا إن كنتم تحملون نفس الأفكار ونفس التوَجُّهات.
تَزَوَّجوا الأقوياء الذين يشبهونكم، الذين يحملون نفسَ طموحاتكم، فإن أنتم كنت أقويان، وأزواجُكُم أقوياء، خَلَّفتُم لهذه الأمة طِفلاً بِقُوَّة تحمِل قوة الأب وقوة الأم (إن شاء الله ذلك طبعاً، وحاشاه أن يخيب كل ذي نية حسنة فيه عز وجل).
أ تعرفون ما تحتاج إليه الأمة ؟ تحتاج أن يجتَمِع شمل الصادِقين، أن يكونوا قريبين من بعضهم البعض، فهذا حافِظ القرآن زوج طالبة العلم، وهذه الداعية صديقِة العالِمَة التي تبحث في العلم لنصرة الدين، وهذا زوج العالمة صديق أو أخ زوج الزوجة الصالحة المتفقهة التي تُرَبِّي أبناءها تربية حسنة، وما إلى ذلك.
نحتاج أن نلتَحِمَ ببعضِنا، أن يَشُدَّ بعضنا أزر بعض، أن نزداد قوَّة ببعضنا لا أن نتَّخِد رفقاء يُثَبِّطوننا عن الطريق. وبعدها فلنَتَكاثَر ما استَطعنا، ولنَصنع أطفال يشبهوننا وأكثر، ويحقِّقون آمالنا وطموحاتِنا، ولنحيي هذه الأمة من جديد.ستقولون، لا نَجِد من يشبهوننا، فنضطر للزواج بمن هو أقل من طموحاتنا فما العمل ؟ وهذا السؤال سيكون بالأكثر موجَّه من طرف الفتيات اللاتي سيقُلن أن حظوظ الزواج من شخص يوافق الطموح محصور في عدد الخطاب الذين يتقدمون للفَتات، فقد تجد شخصا يوافق طموحها ويحمل نفس أهدافها، لكنه لا يعلَم بوجودها فلا يأتي لخطبتها.
أولا كلامي فوق لا يعني أني أُعارِض القدر أبداً فكل واحِد منا سيتَزَوَّج من هو من نصيبه، وبيَدِنا أن نُزَيِّن هذا النصيب ونجعَلَه كما نُحِب ونتمنى. الدعاء يصنَع المعجزات، لا تتوقفوا عن الدعاء وإن كنتم لا تنوون الزواج في الوقت الحالي فادعوا الله أن يصلح أزواجكم أينما كانوا وأن يجعلهم كما يحب ويرضى وأن يرزقكم حياة في رضاه.
وبالنسبة للشباب فالأمر يتطلَّب بحثا وتنقيبا فقط، فهناك دور قرآن وجمعيات لطلب العِلمِ الخ .. وسُمعَة كل فتاة معروفة ولله الحمد، كما أن هذا الانترنت لم يدَع شخصاً إلا وعَرَّفَه وعَرَّف اهتماماته وجميع البصمات التي يضعها على الانترنيت، احيانا يكفي أن تبحث عن اسم الشخص على گوگل لتجد كل المعلومات عنه، ومع الدعاء والصدق في البحث وقوة العزيمة واليقين في الله، حاشى أن يخيب الله كل من سَعى.
أما بالنسبة للفتيات، فأقولها وأنا على علمٍ أن هناك الكثيرات اللاتي سيُخالِفنَني في هته النقطَة بالضبط. هناك طرق لتنالي ذلك الشاب الذي رأَيتِهِ على دين تَرضَينَه وهو لا يعلم بوجودكِ. أفصِحي عن الأمر لأُمِّك ودعيها تُخبِر أباك بالأمر وليُكَلِّمه أو ليَبحَث عن شخصٍ يعرِفُه لِيُكَلِّمَه، فأنت أكيد لن ينال إعجابك شاب رأيتِهِ مرة في حياتك أو شاب لا تعرفين عنه شيئا، إنما شاب ترينَه دائما ورأيتِ منه دينا يَسُرُّك، فأكيد هذا الذي ترينه أنتِ كثيرا سيكون أحد المحيطين بك يعرِفُه، إما صديقة لك أو صديق لأبك أو أو أو، فإن كنتِ متأَكدة من أخلاقِه ودينه عرضتِ عليه نفسِكِ مباشرة عن طريق الأب أو الشخص الذي يعرفه، وإن كنتِ، يظهر لك فيه الخير ولستِ متأكِّدَة إن كان يصلح فعلا أم لا، فتبعثين من يقترح عليه التعرف عليك، دون أن يخبره بأنك من بعتتيه، فمثلا يقول "هناك فتاة أعرفها على خلق ودين ما رأيك أن تتعرف عليها فربما تجد فيها الزوجة التي تبحث عنها" وهنا طبعا أقصد بالتَّعارُف الرؤية الشرعيةُ. ثم بعدها تدعين الله بتيسير الأمور إن كان فيه خيرا وتصلين استخارة والله لن يخيبك.
وبالنسبة لمسألة "غدا سيُعَيِّرُني بأني ذليلة وأني أنا من رغبت فيه لا هو" فأقول لك أختي، صاحِب الدين الحَقّ، لا يجرَح القوارير بكلام كهذا أبدا، صاحب الدين الحَقّ يعيش على "خيركم خيركم لأهله" وعلى "وعاشروهن بالمعروف"، فلا أظن أنَّك ستتنازلين وتأخدين خطوة جريئة كهذه من أجلِ شخصٍ رضيتِ خلقَه ودينه ويكون في الأخير من النوع الذي لا يتَّقِ الله فيك.فرجاءً، رجاءً لا تتنازَلوا في اختيار شريك عمركم، وتنازلوا من أجلِ الظَّفرِ بمن هو أو هي على دين ترضونه.
#مها_الدرقاوي
![](https://img.wattpad.com/cover/118825263-288-k907000.jpg)
أنت تقرأ
لأننا غاليات2 🌸
Tâm linhهذا الكتاب عبارة عن مجموعة كتابات قصيرة تعرفك على قيمتك عند ربك، على قيمة حجابك، صدقيني اقرئي كلماتي بصدق اقرئيها بقلبك قبل عينيك لن تندمي قسما بالله ستتغير حياتك من ضنك لراحة نفسية شاملة أنت غالية أحبك في الله و أتمنى من الله أن يجمعني معك تح...