لَكِنَّك رغم ذلك لـازلت تحتَلّ جزء من تفكيـري

1K 82 10
                                    

جَدَبني فيكَ خُلُقُكَـ وانضِباطُكَ في الصلـاة، وجَعَلتُكـ نَصبَ عَيْنـاي حيـن عَلِمتُ امتِناعَكَـ عن مصافحة النِّـساء ومُصاحَبَتهم.
ظَننتُكَـ مثلي، تضعف أحياناً لكنَّكـ لـا تتجاوَز الحَدّ المعلوم، فبدَأتَ تحتَلُّ عَاطِفَتي شيئا فشيئا، وبدأتُ أتعَلَّق بكَ مع كُلِّ موقِفٍ أخلـاقِيِّ لكَ أمام عيناي أكثَر فأكثَر، لَـا مُتَناسِين دَور الشيطان الذي يَبُثُّكَـ في منامي كل ليلَة تقريبـاً وشُعـوري بـإعجابِكَـ بي الذي كَشَـفتَ البُرقُعَ عنه بِتَصَرُّفاتِكَـ الرجولِيَّـة العَامِرَة بالـاحتِرامِ مَعي، كرِسالَة غَيْـر مُباشِرَة، أريدُكِـ لَكِنَّكِـ مُحَرَّمة عليّ فَلَن أقتَرِبـ ومَهمـا التَقَـتـ طُرُقنا فإنِّـي سأُعامِلُكِـ بتَحَفُّظ مهما صَعُبَ علي الـأمر.
بدأتُ أتَعَمَّقـ شيئا فشيئا، بحثت عنك ومع كل معلومَة أجِدُها كنت أزداد إعجاباً وانبِهاراً، بضَميرٍ مرتاحٍ لـا يَعذِلُني لـأني لـا أنا كلَّمتُكَـ ولـا أنا صاحَبتُكَـ، مجرد شعور بدأ يسكُن صدري في صَمت.
حتى استَفَقتُ على رنين آيَة أيقَضَتني من غَفلَتي، "قل للمومِناتِ يَغضُضنَ من أبصارِهِن ويحفَظن فروجَهن"، فعلِمتُ أن تَرَبُّصي بِكَ وإن كان من بَعيـد فهو مُخالِفٌ للـآية تلك، وعَلمتُ أنني بِخُطايَ العريضَة لـا أزداد إلَّـا تعلُّقـاً بعبدٍ ضعيـفٍ وأبتَعِد وأُقَلِّصُ من مِقدار حُبي لخَـالِقي، وعَلِمتُ أن إشـاراتكَـ وإشاراتي مُحَرَّمَة وإن لم تكُن كلـاماً واضِحاً، فمَفعولُهـٰا كمَـفعول الكَلـٰام بل أكثَر، فحَظَرتُكَـ ومَحقتُكَـ من طريقـي.
حضَرتُك من كل مَوقِع تواصُل يَمُدُّني بأية معلومة عنكَـ وإن كنتَ أصلـاً لـا تنتَمي لِقائِمة أصدَقـائي، وألغَيتُ مُرورِي مِن كُلِّ طريق تَخطـو فيـه رِجلَيـكَـ، وصادَفني الحَظ أننا كنا في إجـازَة فلَم ألمحكَـ طوال الفترة تلكَ، فنَسيـتُكَ في ظرفِ شَهرٍ أو أقَل.
وبَعدَها قَرَّرتُ اختِبـار نفسي وقوَّتي، أن تكون صفحَتُكَـ متاحَة لي ولـا أدخُلَ إليها، وأن تَمُرَّ أمامي فلـا أشعُرَ بشيء، وفِعلـاً نجَحت في الـأولَى، لَكِني رَسَبتُ وبِشِدَّة في الثـانِيَة، فانتَظَرتُـ إنهَـاءَكَـ لِـغَرَضِكَـ في المكـٰان الذي يَجمَعُنا والذي يُرغِمُني أن أراكَـ من حيـنٍ إلى حيـن صُدفَةً، لـأني وإن شِئتُ أن أختَبَرَ نفسي ما كُنتُ لَـأبُثَّ نفسي في طَريقِـكَـ بكُل حيـاءٍ مُنعَدِم، وأنهَيتَهُ فِعلـاً لَكَنَ حُضورَك في عَقلي لَـم ينتَهي.
دَعَوتُ الله كثيـراً أن يُعَجِّل بِوَصلِكَـ إن كان لي فيـكَ خيرا، وأن يُخرِجَك من قَلبي وعَقلي إن لَم تَكُن من نصيبي، مَعَ إصراري على عَدَم ذِكرِ اسمِكَ كي لـا أُرَسِّخَه في عقلي، لَكِنَّكَ ما ازدَدتَـ إلَّـا ثَباتاً، وَغَدَوتُ كلمـا صادَفَني تعليـق لك على منشور لـإحدى "صديقـاتِنا المُشتَرَكات" اهتَزَّ قلبي وتَعَجَّل خَفَقـانه وبدأت يداي تَرتَعِد كأنَّكَـ واقِفٌ صَوبَ رأسي.
ثُمّ فكَّرتُ وتَفَكَّرتُ، وَجَدتُك تقيم علـاقات صَداقَة مع الفَتِيـاتِ وأنـا التي لَن تَرضى يَومـاً بِزَوجٍ ذي صَديـقات، لِمَ كنتُ أتَجـاوَز عن هذا وأُصِرُّ على إعجـابي ؟
كنتُ أتَغابى حِفاظاً على صِحَّة عاطِفَتي، لَكِنَّني لم أعُد أقبَل غابـائي السـابِقَ وصِرتُ اليَوم أكثر حَزمـاً، لَكِنَّك رغم ذلك لـازلت تحتَلّ جزء من تفكيـري، كُلَّمـا دعوتُ ازدَدتُ تعلُّقـا، وإني والله احتَرتُ في أمرِي.
فاللهم نَجـاةً مِن سِجنِ القَلبِ ومَوتِه عِندَ تعلُّقِهِ بغَيرِك.
اللهم إني أصُدُّه بكل قوتي فلـا تجعَل له نصيبـاً من قَلبي وهو غَير حِلٌّ لي.
اللهُم إني لـا أرجو ولـا أبتَغي ساكَنـاً لقلبي سِواكَـ فـأجِرني من تعلُّق قلبي بغيرِكـ.
اللهم إني حاوَلتُ فأعِنِّـي، فإمَّـا عفـافٌ بِهِ وإمَّـا فَرَجٌّ مِنهُ.
اللهم قوَّة وثَبـٰات.
اللهُم إن كـانَت فِتنَة وستزول فثَبِتني كي أتخَطَّـاها ونَجِّني من عَواقِبِها.

لأننا غاليات2 🌸حيث تعيش القصص. اكتشف الآن