ظُلم

198 9 21
                                    


في أحد الليالي الباردة كانت تجلِسُ مطأطئةً رأسها في غرفةٍ قريبة للعتمة ببابها المؤصد و هيَ تهزّ قدميها باستمرار على أمل التخفيف من توتّرها

لم تعلَم لمَ تمّ استدعاؤها أو حتى سبب قدومها قسرًا لمكانٍ يكره الجميع التواجد فيه

أخذت تراقب عقارب الساعة أمامها بعيناها الترابيّتان الواسعتين حتى صرخت بنفاد صبرها
"أكملتُ ساعةً بجلوسي هنا هل لأحدكم أن يُنهي الأمرَ لُطفًا؟"
و لكن لم يكُن أسلوبها نابعًا من لُطفٍ على عكس زعمها، فهي تُصبحُ وحشًا عندما تُقيّد بأحدهم، تكره الانتظار أشدّ الكره، و لا تُطيقُ منحَ أحدهم وقتها الثمين قسرًا

فُتِح باب الحجرة ليدخل المحقق الأنيق بسترته الرمادية وربطة عُنقه البيضاء ببروده المعتاد
"توقّعتُكِ أكثر صبرًا آنسة فيوليت"

حدّقت به لبرهة لتأخذ نظرةً شاملة لمظهره الخارجي قبلَ أن تواجه ما بداخله، كان طويلَ القامة، عريض المنكبين،عيناه السوداوتان تعكسُ سواد شعره الكثيف، و له بشرةٌ حنطيّة أقربُ للبياض

بدأ جذّابًا في نظرها على عكسِ حكمها السابق قبل دخوله، ولكن ذلك لا يغطي شعورها بعدمِ الارتياحِ من قربه، فتلكَ الهالة الي تحوطُ به كافيةٌ لجعل كلّ من حوله يشعر بالخطر على نفسه خوفًا من شرّه رغم كونه حليف الخير

صرّت على أسنانها بعنف لتحاول كبت ما تبقى من صبرها
"وَ هل أنت بحاجةٍ لأكثر من ساعة لتُراقبني بصمت؟"
كانت تعلمُ جيدًا بأن هذه المرآة الزجاجية العتمة أمامها تُشكّل نافذةً مطلّةً عليها من الجهة المقابلة لها ، فقط كما يجدرُ بأن يكون في أي غرفة للتحقيق

ابتسمَ بخفّة ليجلسَ في الجهة المقابلة لها بعدَ أن ألقى بحقيبته السوداء على الطاولة
"حسنًا، من أينَ نبدأ؟"

لم تفهم لمَ عليها أن تجيب سؤالًا مُبهمًا كهذا أو لمَ عليها تضييع وقتها بتلميحاتٍ لا نهاية لها من قبله
"ابدأ من أقصرِ طريقٍ يؤدي للنهاية من فضلك"

"ما رأيكِ بأقصرِ طريقٍ يؤدي للحقيقة؟"
قال محاولًا استفزاز سريعة الانفعال أمامه ولكنّها خانت توقّعاته وابتسمت بالمقابل دون إجابته

سألَ بهدوءٍ كاسر بطريقة أغاضتها نوعًا ما بصوته المنخفض الأجهش
"أتسمحين لي بالتعريف عن نفسي أولًا؟"

كانَ متمرّسًا للعبته المفضلة في حرق أعصابِ من يحدّث، بل كانَ مؤمنًا بأنّ الحقيقة دائمًا ما تظهر عند الغضب ..

"المحقق كريس كيفين .. سررت بمعرفتك"
زفرت بعمق بعد سماعه لتجيب بقلة حيلة مع ابتسامةٍ مزيّفة مجارية له
"وأنا كذلك"
وَ لم تكن بحاجة للكشف عن اسمها أمام محقّقٍ استدعاها

ضحايا هيلتونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن